قضايا

ايهما يدير السياسة جيدا العلم ام الدين

emad aliلا نريد ان ندخل من الجانب الفلسفي والاختلافات الجوهرية بين العلم والدين بشكل كامل وشامل وانما نريد ان نوضح كيفية ادارة العلم او الدين للسياسة وايهما افضل وانسب وانجح من حيث مصلحة الناس وحياتهم العامة والخاصة. ان كانت المعرفة المبنية على العلم اي العقلانية في العمل والنظر الى الحياة وفق ضوابط علمية بعيدة عن كل ما لم يمت بالواقع الملموس والعمل التجريبي بشيء، او المعرفة المبنية وفق ضوابط دينية مستندة على الميتافيزيقيا والنصوص الجامدة التي لا تغيير في محتواها وا مكنونها ومعانيها، فاننا نكون بين اختيار ماهو الحقيقي الصحيح الملائم المفيد والمزيف المضلل المؤقت .

العِلمانية او العَلمانية اي الحياتية وما موجود في حياة الانسان بما تستند على اسس علمية ملموسة تتعامل مع الموجود بما تحصل عليه في النتيجة وليس في الامر مكان اخر غير الحاضر او المكان الذي نعيش . فبه يتعامل الحامل للخلفية العلمانية او النظرة العلمانية الى الحياة بما يمكن ان يحصل عليه وفق منظوره العلمي الواقعي بعيدا عن الخيالات والتاجيل المقنع للامر والحاضر والموضوع للخيال بما يمكن ان يؤثر على النفس فقط بعيدا عن الحقيقة وبمعنى تضليل الذات من حيث النظرة والعقلية والفعل ايضا .

هناك عوامل تجعل ايمان الفرد باي منهما قبل الاخر، الخلفية والبيئة والمستوى الثقافي والمعرفي والظروف النفسية الحياتية التي تحيط به منذ ولادته . فان اسهل الطرق التي لا يتعب ولا يحتاج الى جهد عقلي وعضلي هو الاستناد على الدين في ادارة البلد او السياسة ، لكون الحجج حاضرة لتغطية النقص والاقناع قائم على التضليل واليوتوبيا . اما الاستناد على العلم والمرعفة العلمية فتحتاج الى جهد مضني وحجج مقنعة ومحاربة الحاضر الموجود المضلل والممانع للحقيقة .

اذا كانت الفلسفة حلقة الوصل بين العلم والدين في عالم غير مكشوف المكامن، فاننا لا يمكن ان نجنب انفسنا من الخوض فيها من اجل بيان الحقيقة في اكثر الاحيان وان كان الخوض لا يفيد السياسة المعتمدة على العلمانية في واقعنا بشيء . فنجد ان الفلاسفة يخلطون دائما في امر اليقين مع الشك في جميع المواضيع ومنها ما نعني هنا في السياسة وكيفية التعامل مع الحياة والاسس التي يجب ان نختار كي نحصل على النتيجة المرجوة وهي دائما حياة افضل للانسان بعيدا عن بعض المباديء الاساسية المتوارثة التي تفرض نفسها عليها نتيجة التعايش وما تكتسبه الافراد من مسيرة حياتهم العامة وما يختص به اي منهم الذي يختلف به عن الاخر بشكل ما، اي، وان اعتبرنا الفلسفة علما او بحثا عن الصحيح بطرق وعقلية علمية يمكن ان يقابلها البحث بطرق دينية خيالية معتمدا في اكثر الاحيان على الاقناع الذات بنصوص حاضرة موجودة في المقدسات بعيدا عن المنطق .

فان العلمانية التي نلمسها اليوم في الدول المتقدمة من حيث ادارة البلد سياسيا جاءت نتيجة التقدم الحاصل في العقلية المعتمدة على العلم والمعرفة بخلفية وضوابط علمية سواء بمرور الزمن او بالاحتكاكات للدول العلمانية مع البعض، وبعد تاريخ دموي مرير احتوى على سيطرة الخيال والميتافيزيقيا وما افرز على حياة الناس .

اليوم ونحن في شرق مليء بالافكار والفلسفات المتراكمة تاريخيا نتيجة التقلبات التي حصلت دون انتقال الى مراحل متقدمة يمكن ان تبدا فيها خطوة الاستناد على سكة العلمانية الديموقراطية الحقيقية في السياسة وادارة البلاد بعد محاولات عدة منذ مدة، امامنا طرق مختلفة كي نخطو بشكل صحيح وبنجاح دون رجعة، اما ان نقلد الغرب والعالم العلماني المتقدم خطوة بخطوة مستندين على الاسس ذاتها دون قيد او شرط، او نعتبر للاختلافات الجوهرية المادية والمعنوية الموجودة لتجنب الافرازات السلبية في اتباع العلمانية في السياسة نتيجة عدم تكامل العصارة العقلية المستوعبة للعلم دون اي شيء اخر ، او نخلط مابين الحالتين بما يهم كل مكان الذي له خصوصياته التي تختلف بدورها عن الاخر القريب منه ايضا في هذا الشرق المليء بالتناقضات .

وهنا يبرز من يدير السياسة، اي الشخصيات والخلفيات التي تحملها وكيف تتعامل مع الواقع وباية عقلية، ان كانت خلفيتها علمانية ودون اي اعتبار لاي شيء اخر فاننا ربما ندخل مطبات ومتاهات لما نجد من السدود نتيجة هذا الوعي العام الموجود والثقافة السائدة التي لا تناسب العلمانية الصرفة او الخلفية العلمانية الحاكمة المجردة من اي مؤثر اخر موجود نتيجة تراكمات التاريخ وافرازاته، وهنا يبرز الاحتياج الى قوة عادلة او ثورة علمية للتنمية البشرية التي هي الاساس لاتباع العلمانية في الحياة، ان تلائمت علمانية الشكل بوجود نقص فيها مع العقلية العامة للمجتمع والوضع الاجتماعي السائد فانه سيطيل من الوصول الى العلمانية الحقيقية الخالية من غبار الخيال والخلفية الدينية البحتة . اذا، السياسة التي تُدار بعقلية وخلفية علمانية صرفة وان كانت هناك احتمالات لتاثرها بالموجود فانها تقصر الطريق للوصل الى مصافي الدول العلمانية الاخرى في وقت ما . وعصارة الفكر الذي نبني عليها الراي الذي يفرض علينا ان نقول بان العلمانية هي الافضل في ادارة السياسة مستندة على اعتماد الحقائق وهو الطريق الصحيح وان كانت موحشة نتيجة عدم بلوغها من قبل الكثيرين .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم