قضايا

النساء هن الأوائل في العراق

amira-albaldawiعندما يحكم الاحباط والالم حلقاته ويشعر الناس باليأس من تحسن الاحوال وتغيرها .. يبادر البعض عادة ليفتحوا ابواب الامل لأدخال حزمة من الضوء لتنير الدروب المظلمة .. وقد حصل هذا مرارا في السنوات الاخيرة التي امتلأت بالمحبطات والمنغصات والآلام .. ولكن هذه المرة من فتح باب الامل والاشراقة ورسم الابتسامة والفرحة وجعل الناس مشدودة الى شاشات التلفاز هن شابات عراقيات بعمر الورد هؤلاء اللائي تفوقن في زمن داعش وحبس المرأة واختطافها واغتصابها وسبيها وبيعها ..في عصر التراجع والنكوص والخيبة الذي نشأ عن تمكن عصابة ارهابيين قتلة مجرمين مارقين من الدين والاخلاق والقيم الانسانية .. في عصر استهدفت فيه المرأة النازحة والثكلى والارملة واليتيمة والاسيرة والمعنفة بمختلف اشكال العنف والانتهاكات لحقوقها، تنطلق اقباس من اشعة ملونة جميلة من شاباتنا الواعدات ليعتلين قمة النجاح ويبهرن العالم بحصولهن على الدرجات النهائية في امتحانات البكالوريا لنيل شهادة السادس الاعدادي للعام الدراسي 2014-2015 وليرفدن جامعات العراق بدماء حيوية جديدة .. فقد كان (6) فقط من الطلاب الأوائل على العراق ومن كافة المحافظات قد حصلوا على الدرجات النهائية (100%) في كافة المواد هن الطالبات (الأناث) الشابات المتألقات، اما العشرة الاوائل من كافة محافظات العراق الذين تراوحت معدلاتهم مابين (100% - 99،14% ) والذين بلغ عددهم (179) طالبة وطالب فقد بلغ عدد الشابات من بينهم (144) اي مايعادل (88%)، ومن بين الاوائل في المحافظات العراقية الزراعية التي تشكل غالبية مساحتها مناطق ريفية (القادسية، واسط، المثنى، بابل) بلغت نسبة الاوائل من الشابات (78%) وذلك مؤشر ذو حدين ايجابيين، الاول: ان تعليم النساء في الارياف لم يعد هدفا لمحو الامية بل انه تعدى ذلك ليكون مشاركة فاعلة في مسيرة التنمية، والثاني: ان المجتمع الريفي لم يعد عائقا في وجه تعليم الفتيات وتفوقهن ولم تعد الذكورية هي الحاكمة في تلك المجتمعات التي يغلب عليها نظام العشيرة، فللفتاة فرصتها المتكافئة في التعليم وقد اثبتت جدارتها وتفوقت على اقرانها الذكور الذين غالبا ماتغريهم فرص العمل السريعة المدرة للمال. ان تقدم الفتيات الشابات في مجال التعليم يعني الفرص المتاحة في الاختيار الحر، والمشاركة في سوق العمل وفي الشؤون العامة. ولكن لو ندرس الدوافع والاسباب لكل هذا التفوق الذي لم يسبق له نظير في ظل اسوأ ظروف مرت على النساء هذا العام وفي ظل اسوأ ظروف مرت على الطلاب اثناء الامتحانات من انقطاع مستمر في الكهرباء وارتفاع درجات الحرارة لصيف هذا العام بشكل كبير وفي ظل ضعف الاهتمام وتوفير الظروف المناسبة في قاعات الامتحانات بسبب ضغف الامكانيات وقلة التخصيصات ، لماذا لم يصيب المرأة في العراق اليأس والقنوط فالشابة المتفوقة لم تنجح بمفردها بل نجحت امها واخواتها وكل من ساعدنها من بنات جنسها فلماذا لم يبعثن رسائل اللوم والتأنيب للمجتمع الذي لم ينصفها؟، لماذا أصرت على ان تقول نحن هاهنا لاتزلزلنا الزلازل ولاتثنينا الصعوبات؟ بل أكدت على ان تلك الظروف مصادر القوة والمثابرة وانها تبعث برسالة الى اصحاب القرار مفادها : هل مازلتم تعتقدون ان النساء غير كفوءات وانهن لايصلحن ان يكن في اعلى المناصب؟ وأن لايستثنون النساء من المشاركة في البرامج والاستراتيجيات الاصلاحية وخلق الحلول لأزمات البلاد المتصاعدة

 

د.عامرة البلداوي

 

في المثقف اليوم