قضايا

قوانين خلق الانسان في القرآن (5): لماذا الشبيه ولم يكن السيد المسيح نفسه؟

غالبية الناس كانوا يعتقدون ان السيد المسيح (ع) ابنا لله تبارك وتعالى حتى ان تهمة السيد المسيح التي قدم بها إلى المحكمة كانت

ادعاء السيد المسيح انه ابن الله والسؤال الذي وجهه رئيس المحكمة الى السيد المسيح:

أأنت ابن الله!؟ فاجابهم: انتم تقولون اني انا هو

هل انت المسيح ابن الله؟ فاجاب يسوع: (انت قلت. وانا اقول لكم: سترون بعد اليوم ابن الانسان جالسا على يمين الله القدير واتيا على سحب السماء!) فشق رئيس الكهنه ثيابه وقال: تجديف انحتاج بعد إلى شهود؟ ها انتم سمعتم تجديفه، فما رايكم؟ فاجابوه: يستوجب الموت) - الانجيل المقدس العهد الجديد ط4 دار الكتاب المقدس في الشرق الاوسط / 1993 لوقا ص143، متي، ص56 ا،

وبهذا ثبت رئيس الكهنه التهمة على السيد المسيح، علما ان السيد المسيح لم يقل انه ابن الله بل قال انتم تقولون: ولو عدنا للحوار الذي دار بين السيدة العذراء وبين الملاك نجد ان الملاك سماه لها وقال تسميه: يسوع

(وابن الله العلي القدير يدعى) وهاهو ادعاء ابن الله جاء كاتهام من قبل اعداء المسيح ( وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ )المائدة 116

وهكذا تاصلت فكرة السيد المسيح ابن الله في قلوب الناس بعد ان انتشر الخبر بين الناس ان السيد المسيح ادعى ذلك في المحكمة، وابن الله تعني اكتساب صفة الالوهيه للسيد المسيح، لذا جائت حالة الصلب والدفن كتحصيل حاصل لدفع الشبهه من قلوب الناس .هذه هي العلة التي غابت عن الرازي وغيره، وانا دونت في يوما ما راي نسب الى الرازي ولم ادون المصدر في حينه وحاولت بعد ذلك البحث عن المصدر فلم اجده لذا ساذكر الراي على علاته من غير ماانسبه الى الرازي . الراي يقول: ان احد الطلبه سال استاذه .. هل يعقل ان قصة صلب السيد المسيح ودفنه لاصحة لها على الرغم من تواترها؟

والقران يقول: (وقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ)

فاجاب الاستاذ: حادثة الصلب والقيامة تسلمناها بالتواتر من اجدادنا منذ الفين سنة تقريبا فلو شككنا في هذا التواتر فهذا يفتح باب التشكيك في كل ماتسلمناه في باب التواتر عن اجدادنا، ويوجب الطعن في نبوة موسى وعيسى ومحمد) انتهى

اقول: هناك خلط حدث للقائلين بهذا الراي فالقران ثبت الحادثة ولم ينفيها بمقتضى قوله: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ

والأنجيل ثبت حادثة الشبيه ايضا حيث جاء في الانجيل

(فقال بعض اهالي اورشليم هذا الذي يريدون أن يقتلوه؟ هاهو يتكلم جهارا ولايقولون له شيئا فهل أقتنع الرؤساء انه المسيح؟ لاكننا نعرف من اين جاء هذا الرجل واما المسيح فلايعرف احد حين يجيء من اين جاء) يوحنا ص163 بقوله

من هنا كان لابد من موت السيد المسيح ودفنه وذلك لدفع شبهة صفة الالوهية التي الصقت به من قبل رؤوساء المعبد كون هم الذين اشاعوا عليه هذه الصفة لان السيد المسيح .. اخذ يسحب البساط من تحت اقدامهم ..تدريجيا .. وهو يعلن عن اوضاعهم جهارا في الاسواق ويقول:

• (الويل لكم يامعلمي الشريعة والفريسيون المراؤون: تأكلون بيوت الأرامل وانتم تظهرون انكم تطيلون الصلاة، سينالكم اشد العذاب) ......

(الويل لكم يامعلمي الشريعة استوليتم على مفاتيح المعرفة، فلا انتم دخلتم ولاتركتم الداخلين يدخلون ).....

(الويل لكم يامعلمي الشريعة والفريسيون المراؤون: انتم كالقبور المبيضة ظاهرها جميل وباطنها ممتلئ بعظام الموتى وبكل فساد وانتم كذلك..)نفس المصدر

• وهذه هي الاسباب التي هيئها الله تبارك وتعالى الى اليهود كي تكون حجة لغرض اعدامه لان في اعدام المسيح مصلحة لدفع الشبهة التي الصقت به عليه السلام

• لكن ذلك لم يحدث للسيد المسيح. لماذا ؟

جوابي: ان القوانين السماوية التي سنها الله تبارك وتعالى للانسان تقول ان هناك حياة واحدة يعيشها الانسان على الارض ولاتوجد عودة للحياة ثانية تستمر لنفس العمر الزمني الاول الذي عاشه على الارض

• (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)

• لم .. نلمس ان الله تبارك وتعالى قد خرق قوانينه التي خلق بها الخلق وعاد خلق نبي من الانبياء بعد موته ودفنه وبنفس مراحل النشأتين نشأة عالم الرحم ونشأة عالم الدنيا، وكون المخطط الالهي يقتضي أن يكون السيد المسيح مخلص ومنقذ للبشرية حسب العقيدة النصرانية ويظهر كمنقذ في الجانب الغربي من الكرة الارضية مع الامام المهدي حسب العقيدة الاسلامية بمعنى لابد وان تستمر حياته طبقا لقوانين السماء، وكون الله تبارك وتعالى اجرى الاسباب بمسبباتها وعللها التي خلق بها الكون والوقت ليس وقت تبديل الخلق

• (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ...)

لهذا فان موت المسيح سيتقاطع مع قوانينه تبارك وتعالى لذا اقتضت الحكمة ان تجري الاسباب على الشبيه كون ذلك لايتقاطع مع العلل الكونية للخلق ويبقى المنقذ حيا يرزق شانه شان الخضر والمهدي .

جاء في رسالة يوحنا

(انه تم ربط الشبيه على الصليب وتثبيت يديه بالمسامير وكذلك قدميه وانهالوا عليه بالضرب حتى اغمي عليه وكانت عادتهم ان تكسر سيقان المعدوم قبل ان ينزل من الصليب.. حيث طلب اليهود من بيلاطس ذلك لكنهم وجدوه ميتا فكسروا فقط سيقان اللصوص اللذين اعدموا معه ومن ثم نقل ليدفن وكانت مقابرهم في حينه عباره عن مغاره يغلق بابها بحجر كبير ولايهال التراب عليه) رسالة يوحنا ص185

هذا النوع من الموت يسمى موت الاغماء، وخلال التاريخ الطبي هناك الكثير ممن نقلوا الى المستشفيات على اساس انهم اموات وبعد المعاينة السريرية توهم الاطباء في موتهم وهم في الحقيقة احياء وعادت لهم الحياة بعد ذلك وهناك تقارير طبية في اوربا توصي بدفن الميت بعد ثلاثة ايام لاحتمال عودة الحياة له بعد هذه الفترة كون احيانا تكون اجهزة الكشف عاجزه عن تشخيص موته الحقيقي وحسب فهمي هذه هي الفترة التي قال فيها السيد المسيح الى تلاميذه ان ابن الانسان سيقوم من بين الاموات بعد ثلاثة ايام وقد حدث لي ذلك فعلا حيث كنت في مدينة الطب وكان هناك شاب جاء ليستلم والدة ابيه التي وضعت جثتها في الثلاجة وبعد ان تم سحب الجثة لغرض التعرف عليها شاهد الشاب حركة اصابع قدمها واظن انها كانت من سكنة بغداد الجديدة وعادت لها الحياة.

واشار الانجيل نفسه الى هذا النوع من الموت

(جاء رجل من رؤساء المجمع فلما راى يسوع وقع على قدميه وتوسل اليه كثيرا بقوله، ابنتي الصغيرة على فراش الموت وبينما يسوع يتكلم وصل رجال من دار رئيس المجمع يقولون (ماتت ابنتك) فلاحاجة الى ازعاج المعلم، فتجاهل يسوع كلامهم وقال الى رئيس المجمع (لاتخف) فدخل وقال لهم

(لماذا تضجون وتبكون) ما ماتت الصبية لكنها نائمة، فدخل وأخذ بيدها وقال (ياصبية اقول لكي قومي فقامت ) متا ص13

ورد سؤال على ماتقدم مفاده:

• ان موت الصبية كان موتا حقيقيا والا اذا كان موت اغماء لم تكن معجزة ولا فخر لعيسى (ع) في استنهاض الصبية من النوم ؟ سنعود لجواب السؤال

اما الاسلام فنظر إلى الابعد في هذا النوع من الموت، وذلك ما اكدته الرواية التي تقول إن: (الميت يسمع وقع اقدام اهله في الايام الثلاث الاولى) وذلك بعد موته الحقيقي وليس موت الاغماء .

يرى العلماء .. ان اول ما يموت في جسم الانسان هو ( المخ) كعضو اولي ومن ثم بقية اعضاء الجسم، وانا أرى عكس ذلك تماما مستدلا بالرواية .. اقول: بعد ان اكتشفت الخارطة الجينية للخلية وظهر ان الكروموسومات هي عبارة عن ملاين من الدوائر الالكترونية المطبوع فيها معلومات الفطرة والتي تطبع فيها ايضا المعلومات المكتسبة للانسان خلال حياته، في هذه الدوائر توجد الملاين من (الكونديسرات الخازنة) للطاقة كون الدوائر الالكترونية لاتخلوا من هذه المتسعات فهي العصب الاساس في عمل الدوائر الالكترونية وهذه الطاقة المخزونة هي التي ستكون المجهز الرئيسي للدوائر اللاكترونية في المخ بعد موت المصدر الرئيسي الذي يولد الطاقه في الخليه من هنا اقول.. تبقى دوائر المخ تعمل لحين نفاذ الطاقة المخزونة خلال ثلاثة ايام بعد الموت الحقيقي وليس الاغماء .

فاذا كان الميت لايعي ولايسمع،فما الغاية من التلقين؟

وبهذا فالميت يستلم العلم ويتعلم حتى بعد موته

• (اطلبوا العلم من المهد الى اللحد)

وهذا دليل على ان الموت الحقيقي لم يبدا بعد خروج الروح من الانسان بل تستمر حياته الى اللحد وحادثة تكليم رسول الله حاضره لاموات معركة احد وعليه فالعله والمعلول وان لم اصبها فهي موجوده لكنها غائبه عن علماء الدين الموحدين وليس المسلمين فقط .كما هو غياب العله في القول الذي يقوله بعض الموحدين من المسيحين بالاعتقاد ان الله تجسد في جسد السيد المسيح متخذا منه ثوبا بشريا .

حيث قالوا ان الروح التي حلت في جسد السيد المسيح هي روح القدس والروح القدس هي ذات الله، وعليه فان روح السيد المسيح التي حلت في مريم تحتلف عن الروح البشريه لذلك قالوا في التجسيد كمخرج لهذا المفهوم وقالوا ان السيد المسيح عليه السلام مولود وليس مخلوق .

اما المسلمين فقالوا ان التجسيد يعني التحديد وبالتالي تجسيد الله في جسد المسيح يعني له ابعاد وكل شئ له ابعاد يعني مخلوق وعليه فان السيد المسيح مخلوق ومولود وهذا هو جوهر الخلاف، واعتقد ان كل خلافهم هو خلاف فلسفي بعيد كل البعد عن الواقع العلمي، فاذا توصلنا الى الفهم الحقيقي للروح ستحل اشكالات وعقد كثيره لمجاهيل كثيره بين الموحدين من جانب وغير الموحدين من جانب اخر. وان شاء الله سنتكلم عن الروح بنفس المنهجية في بحوث لاحقة

وعودة للسؤال السابق في موت الصبية انه كان موتا حقيقا والا اذا كان موت اغماء لم تكن معجزة ولا فخر لعيسى (ع) في استنهاض الصبية من هذا النوم؟

 

كونوا معنا في الحلقة القادمة السادسة بعون الله

 

جبار علوان الحلفي

في المثقف اليوم