قضايا

ما بين القرآن الاصلي والمزيف

emad aliاعلنت السعودية ان شاحنة محملة بسبعين الف نسخة مخالفة من القرآن قد دخلت المملكة لتوزيعها على الحجاج، وكيفما كان ومهما كان الغرض من ذلك هذا ليس بموضوعنا لان المال والاعمال والتجارة اصبحت فوق كل الاعتبارات والربح والخسارة تجاوزت كل المقدسات، وهناك من يعتقد بان الدين قد برز اساسا على قاعدة الربح والخسارة من بداية انبثاقه على الرغم من فيه من الفكر والفلسفة والايديولوجيا التي تبرر ما يامر به. وهذه ليست اول مرة ان تنسخ القران بما اقحمت فيه من الايات والكلمات المخالفة حسب البعض وانها الحقيقية غير مخالفة وفق امجموعة او مذهب او فرع اخر من المسلمين . ومنها قد انسحبت من المدارس بعدما اكتشف امرها وما فيها ولكن لم تنقطع النسخ المزيفة او ما تسمى المخالفة للتعاليم والمضمون الذي يؤمن به طرف ومخالف لراي اطراف اخرى تعتقد العكس او تجد نسخة ناقصة واخرى كاملة المحتوى التي جاءت منذ عهد الخليفة عثمان، وطبعت منها وهي قليلة كانت ام كثيرة .

المعلوم ان القران قد طبع في الهند وباكستان ولبنان ومصر والسودان قبل ان يُطبع في السعودية اصلا وقبل ان يُطبع بهذا العدد المبالغ به في السنوات الاخيرة لاسباب عديدة ومنها للتغطية على ما طبع وبمحتويات مزيفة في السنوات الماضية كما تدي السلطات السعودية الدينية والسياسية . ان كان القران قد جمع في عهد الخليفة عثمان واضيف اليه الكثير بعد مئات السنين، وقد حصلت تغييرات بعد طبعها من ترك ونسيان واستغفال، هذا ان لم يكن مقصودا وانما نتاج النسيان والخطا الذي يصيب الانسان السوي، وليس هناك من كائن لا يخطا، واليوم نرى النسخ بالملايين وفيها ما فيها من المخالفات والاخطاء والتغييرات، عدا ما عليه من الاراء في مضمون العديد من اياته وهل انها منسوخة ام لا، وفق المذاهب والفروع التي لا تؤمن ببعضها وعلى العكس من الاخرين الذين يعتبرون ما موجود في القران جاء من اساسه منذ عهد رسول الاسلام محمد وهو لوح محفوظ وكماجمع في عهد الخليفة عثمان، بينما يؤمن الاخرون بان هناك ما اضيف الي محتواه لتسيير امور وادعاءات نابعة من توجهاتهم وعقائدهم، وكما تواردت الى عصرنا اراء بان النقل والنسخ والطبع قد احدث فيه من التغييرات التي لم تكن موجودة اصلا في القران الاصلي وليس كل قران اصيل وقد ادخل كما للكتب القيمة الاخرى وحتى في الشؤون الاخرى امور اخرى دخيلة ليس لها صلة بالاصلي، ومنها الملايين التي تدوالتها الناس في عهودهم المختلفة، اي حصلت في كينونة هذه النسخ المتتالية الطبع ومحتواها وتفصيلاتها التغييرات متتالية، الى ان وصل الى اليوم الذي نجد التزييف بمئات الالاف من نسخه ويوزع ويُقرا دون ان يعلم احد بما الكثيرة المختلفة فيها، من حيث الايات التي تعتبر من قبل البعض مستنسخة ومن قبل الاخرين اصيلة وهي التي عليها النقاشات والخلافات والاختلاف في الراي .

هذا الامر يدل على ان التغيير قد اصاب حتى فحوى ومحتوى وتركيبة اقدس الكتب وفما بالك بالتفسيرات والشروحات التي وضعها المهتمون والعلماء وفق عقلياتهم وارائهم وتوجهاتهم وما يؤمنون به منذ الخلافة ومن ثم المذاهب والعارفون والملمون بالدين الاسلامي، وهذا ينطبق ايضا على ما قبله من الدين المسيحي وبافرعه وكتبه المتعددة وقبله ايضا الدين اليهودي بمصحفه المختلفة المحتويات ايضا .

من هنا يجب ان نقول بان الخلافات وحتى التحديات والنقاشات الحادة والتلاسنات والاحتكاكات والحروب التي حدثت لاسباب بسيطة جدا حول حرف او كلمة او جملة في الكتب المقدسة ليست الا لاسباب واهية ومن خلق الفوضى التي كانت تهيمن على عقول والادعاءات والمعتنقات التي سار عليه الاولون والتقفها الاخرون وكانه من عمل خير السلف . اليس هذا ما يدل ان الزمن يؤثر على كل شيء حتى على اقدس الاشياء ومنها الكتب التي لا تقبل التغيير وقد حدثت فيها التغييرات، وان دلت على شيء فانما تدل على انها من فعل العامل المؤثر الهام الذي لا يمكن تجنبه وهو الزمن يؤثر ويؤدي الى حصول التغيير في كل شيء بمروره وحتى التغيير من معنى ومدلول مفهوم ومضمون التغيير ذاته . اي نحن الانسان نسير على الارض وفق مسيرة حياتية متغيرة تفرض نفسها ان رضينا ام رفضنا، وهذا ما يفرض نفسه بنسب مختلفة لمواضيع ومفاهيم مختلفة، ولكن لا يمكن ابعاد اي شيء يمكن ان يُدعى غير قابل للتغيير من التغيير، وعليه يجب ان يتقبل الجميع التغيير وفق ما يتطلبه العصر وما تفرضه متطلبات الحياة المختلفة من عهد لاخر مهما طال او قُصر او من زمن لاخر، نتيجة ما يستجد ويؤثر على الجميع وعلى كل شيء جمادا كان ام انسانا .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم