قضايا

المشروعات التخطيطية والعمرانية التي حققتها أسطنبول لإنقاذ مركزها التاريخي

hashem mosawiقامت بلدية إستانبول الكبرى، وجمعية السياحة والسيارات (Automobile and Touring Club)، بعدد من المشروعات التخطيطية والمعمارية التي كان لها دور إيجابي في إنقاذ مركز مدينة إستانبول التاريخي، وحماية نسيجه العمراني، وللتعرف إلى تلك المشروعات، نستعرض أهمها وفق الترتيب الآتي:

 

• مشروع دراسة الحركة المرورية:

تعد قضية المواصلات أحد أهم القضايا التي تواجهها مراكز المدن التقليدية، لما تسببه من اختناقات مرورية، وتلوث بيئي ناتج عن دخان المركبات، وقد شهد مركز مدينة إستانبول في السنوات الأخيرة تدهوراً ملحوظاً، بسبب دخول السيارات والمركبات وحافلات النقل العام إلى مركز المدينة.

وانطلاقاً من حرص بلدية مدينة إستانبول الكبرى في الحفاظ على النسيج العمراني لمركز المدينة قامت بدراسة شاملة لشبكة شوارع مدينة إستانبول بشكل عام، إضافة إلى الشوارع الواقعة ضمن النسيج العمراني لمركز المدينة، لإيجاد الحلول المناسبة في قضية تخفيف الاختناقات المرورية داخل وخارج مركز المدينة التاريخي، وفي عام 1994م قامت البلدية بمنع حركة مرور المركبات عن شارع عالم دار – أردو (Alemdar – Ordu)، الذي يعد الشريان النابض والمار من مركز المدينة التاريخي، وهو يربط بين أهم المناطق الواقعة في مركز المدينة، مثل: أمين أنو – السلطان أحمد – بيازيد – أك ساراي، (Eminonu – Sultan Ahmet – Bayazit - Aksaray)، وتم رصفه بالحجارة، وخصص الشارع لمرور قطارات حديثة تسير على السكة الحديدية، تعمل على الطاقة الكهربائية، ويصل طول خط القطار إلى 12 كم، يربط بين منطقتي: أمين أنو – زيتنبورنو (Eminonu – Zeytiburnu)، وبهذه الطريقة تم الاستغناء وبشكل كامل عن حافلات النقل العام الأخرى.

وقد تم تنفيذ المواقف بشكل مدروس، من ناحية ارتفاع منسوبها بما يتناسب مع منسوب القطارات، ومما يسهل الحركة في صعود ونزول النساء والأطفال والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، علماً أن لجميع المواقف منحدرات وحواجز ودرابزينات، إضافة إلى أماكن للجلوس، ولوحات إرشادية توضح طول خط القطارات وعدد وأسماء المواقف، مما يسهل حركة التنقل للسكان أو السياح.

 

أهداف المشروع:

يهدف المشروع إلى عدد من النقاط الآتية:

1- عدم السماح بدخول المركبات إلى مركز المدينة التاريخي، لتفادي الأضرار الفيزيائية على المباني التاريخية القديمة، ولتخفيف الضجيج وتلوث الهواء الناتج عن المركبات، للمساهمة في خلق جو مناسب للسائح والزائر خلال تجواله داخل مركز المدينة التاريخي.

2- حل قضية النقل العام، بواسطة مركبات كهربائية تسير على سكة الحديد، ولها مواقف محددة.

3- توحيد اتجاهات السير في الشوارع الفرعية الضيقة، لتجنب الاختناقات المرورية.

4- تأمين مواقف للسيارات في محيط المدينة التاريخي، وخاصة عند أطراف المناطق التاريخية مثل المتاحف (متحف طوب قابي سراي) والمساجد، لوقوف الحافلات المخصصة للسياح، ومواقف لسيارات الأجرة.

5- تصميم وتنفيذ المخططات المرورية ضمن نطاق مخطط تنظيمي شامل لمركز المدينة التاريخي ولأطرافه.

 

• مشروع تطوير ميدان السلطان أحمد وشارع عالم دار:

يعد ميدان السلطان أحمد أحد أهم ميادين مدينة إستانبول، والواقع في مركز نصف الجزيرة التاريخية، ويشكل نواة مهمة، إذ يحيط بهذا الميدان متحف أياصوفيا، وقصر طوب قابي سراي، وجامع السلطان أحمد، الذي يحيط به فناء خارجي رحيب من ثلاث جهات، ويقع المسجد في وسط المجمّع الذي يحتوي كذلك على ضريح السلطان أحمد، ومدرسة، ودار للمرق، ومستشفى، وحمام، وسوق، وقيسارية، وصهريج ياراباطان، والمسرح البيزنطي، والسبيل الألماني، وغيرهم من المباني التاريخية التي تعد جميعها نقاط جذب وتدفق سياحي شديد وعلى مدار السنة، إضافة إلى تدفق سكان المدينة، وفي شمال الميدان تقع جادة عالم دار وهناك منطقة السيركجي وحديقة غولهانة التاريخية، وتجتمع هذه التكوينات ضمن نسيج عمراني متكامل وبشكل متجانس وفريد.

 

أهداف المشروع:

يهدف المشروع إلى الحفاظ على الطابع التاريخي للمنطقة من خلال:

1- الربط بين العناصر التاريخية الواقعة في مركز المدينة من خلال توفير طرق مخصصة للمشاة فقط ومرصوفة بالحجارة، دون دخول السيارات أو المركبات الأخرى.

2- توثيق ودراسة واجهات المباني المطلة على ميدان السلطان أحمد بشكل عام، وعلى شارع عالم دار بشكل خاص، والقيام يترميم البعض منها، لتكون جميع المباني متناسقة فيما بينها، دون اللجوء إلى استخدام مواد بناء تتنافى مع النسيج العمراني التاريخي لمركز المدينة، من حيث اللون والشكل.

3- تطوير الساحات المحيطة بالمناطق التاريخية، وجعلها مناطق جذب واستراحة للزائر والسائح، وذلك من خلال توفير العناصر الجمالية من مسطحات خضراء ومائية، وتأمين ممرات إضافية للمشاة، إضافة إلى توفير المرافق العامة مثل الأكشاك والحمامات، وتحديد المواقع المناسبة لها.

4- توفير العناصر التأثيثية مثل أماكن الجلوس، ووحدات الإنارة، بما يتماشى مع النسيج التاريخي لمركز مدينة إستانبول، وتأمين اللوحات الإرشادية التي تساهم في سهولة حركة السياح في المنطقة التاريخية.

5- دراسة المسطحات الخضراء، وجعلها أماكن راحة واستجمام، إضافة إلى الاستفادة منها في تنظيم الحفلات والمهرجانات.

 

د.هاشم عبود الموسوي

 

في المثقف اليوم