قضايا

هجرة الشباب بلا أرقام

amira-albaldawiماسبب هجرة الشباب العراقيين؟ سؤال يدور على الالسن، وفي جلسات الحوار بين المثقفين والناشطين والسياسيين وغيرهم، ويأتي الجواب سريعا لكنه ليس جوابا واحدا انما هو اجوبة متعددة تختلف بأختلاف المتحاورين، فلم تكن الاسباب الاقتصادية والبطالة الأكثر شيوعا، كما لم يكن الوضع الامني هو المبرر الاوحد، في حين هناك من يذكر ان الاسباب نفسية تعود الى انسداد الافق بوجه الشباب واحباطهم وخوفهم من المجهول او القتل او التهديد او عدم الاستقرار؟ خلاصة القول ان العراق لم يعد البيئة المناسبة للعيش الآمن بحسب كثير من الآراء. وفي كل الاحوال لأجل تحديد الاسباب لابد اولا من معرفة خارطة الهجرة ومتابعتها وتحديثها بأستمرار، من هم المهاجرين؟ هل هم النازحين داخليا ضاقت بهم السبل ووجدوا ان الهجرة الحل الافضل والبديل الاكثر قبولا عن الانتحار شنقا كما حدث من قبل رجلين في موقعين مختلفين للنازحين ؟ هل هم عاطلين عن العمل ؟ هل هم ممن سحقهم الفقر ولم يعد لديهم أمل في تحسين الاوضاع خاصة وان العراق بعد ان خفض بشق الانفس نسبة الفقر من 22،9% الى 19% في نهاية 2013 عاد الفقر لترتفع نسبته الى 23% مطلع هذا العام بسبب النزوح واسباب اخرى، وكأننا عدنا ادراجنا وربما نتراجع اكثر في قابل الايام. هل هم باحثين عن عيش أفضل؟ هل هم مقاتلين أو جنود كما تذكر بعض التقارير الخبرية بأنهم فروا من أطالة أمد المعركة والنتائج غير واضحة في آفاقهم؟ كل هذه الاسئلة وأكثر تجيب عليها الأحصائيات، ولكننا بلد بلا أرقام !!! فما زال العراق لم يعلن تحليلا للنازحين داخليا، مانمتلكه مجرد أعداد للعوائل النازحة واعداد الافراد و هذا ماتوفره وزارة الهجرة حيث تطلق تقرير نصف شهري لمتابعة تغير اعداد النازحين وحركتهم في كافة محافظات العراق . في حين يتطلب العمل بعد مرور أكثر من سنة على بدء موجات النزوح ان تتوفر أحصائية بأعداد (النساء، الشباب، الاطفال، المعاقين .. الخ) . قامت وزارة التخطيط بعمل مسح مهم للنازحين ووضعت في استمارة النازحين كل البيانات المطلوبة عن (الجنس، العمر، العمل، الانتهاكات، الاحتياجات، المساعدات المستلمة، الوضع التعليمي، الصحي، الاجتماعي .. وغيرها من اسئلة شاملة) الا ان اقليم كردستان لم يسمح بأجراء المسح من قبل وزارة التخطيط الاتحادية، فما قيمة اي مسح اذا لم يكن شاملا لكل النازحين !!! هاقد انعكست العلاقات المتوترة بين المركز والاقليم على مصلحة وطنية مهمة في تقديم الاحصائيات الشافية والوافية الى المجتمع الدولي لضمان حقوق النازحين وتقديم المساعدات الاغاثية لهم واعمار مناطقهم وتحقيق المصالحة بينهم وضمان العودة الآمنة الى محافظاتهم . ولأننا بدون ارقام فلايمكننا تحديد نسب الشباب المهاجرين، وكيف ستنعكس هجرتهم على البيئة العراقية (الاجتماعية، والاقتصادية) !! ولنتساءل من هي الجهة التي توفر أحصائيات حول الشباب المهاجرين هل هي وزارة الهجرة؟ أم المفوضية العليا لحقوق الانسان؟ من يتابع هذا الملف في العراق؟ ..ان التقارير التي تصلنا حول اعداد المهاجرين العراقيين من قبل منظمات دولية تحصل عليها من خلال التعاون بين الدول التي يهاجر اليها شبابنا وخاصة دول اوربا حيث يتبادلون البيانات ويوفرون معلومات عن العدد والجنس والعمل والتعليم والمحافظة وغيرها، لماذا العراق وخاصة وزارة الخارجية لاتحصل على هذه البيانات وتعلن خارطة الهجرة واسبابها .. لأن الحلول مرهونة بالبيانات وبغيرها سنبقى ندور في فلك اجراءات ترقيعية تستنزف المزيد من فلذات اكبادنا

 

د. عامرة البلداوي

 

في المثقف اليوم