قضايا

لم يبدع حتى الفطاحل في الشرق الاوسط !

emad aliلا يمكن انكار وجود العقول الكبيرة الممتلئة والغزيرة بالعلم في منطقتنا، ولا يمكن ان نضع الوضع السياسي والدكتاتوريات المنتشرة المسيطرة، والواقع الاقتصادي الاجتماعي الخاص كاهم الاسباب المحصورة المؤثرة في عدم تطور العقل الشرقي وبروزه وابداعه في اي مجال او اختصاص كان في هذا العصر .

لقد مررنا بمراحل كان العقل الشرقي حرا والظروف اتاحت امامه الانتاج في كافة المواضيع التي تخص الانسان ومجتمعه وما يعيش . ولكن تخلفه عن ركب الاخرين جاء لاسباب وعوامل ذاتية عديدة عدا ما ذكرته من قبل، ومنها التي اريد ان اقصر الكلام عنه هنا هو الغريزة المكبوتة ودورها في منع الابداع وتسببه في التخلف في هذه المنطقة بالذات .

لو اعدنا النظر في تاريخ هذه المنطقة لعرفنا بان الحرية الكبيرة لما يخص حياة الانسان كانت افضل من قبل من حيث المساحة والتوفر في ما يخص ما يمس جوانبه الغريزية والعقلانية والفكرية واوجدت من خلال التفسيرات والتعقيدات نوافذ عديدة لاشباع الغرائز من نوافذ اسموها شرعية . اي لم تكن هناك ما يضغط على الفرد من حيث ضغوطات غرائزهم بالشكل الموجود والتعقيدات التي حصلت عليه بعد تدخل مصالح المجتهدين وصراعاتهم . فالدين لم يكن ممتنعا عن اشباع الفرد بوسائل وتشريعات سهلة ممكنة التحقيق ولم تكن امامها قوانين واعراف معقدة ضاغطة مانعة بشكل مطلق كما اوصلوها الى مانحن موجودون من الحال بالقيود المصطنعة جراء العادات والتقاليد والمتاهات والتشويهات التي احدثوها في مسار الحياة بطريق الدين وافرزاته وتداعياته وطقوسه وبعض من شعيرته .

من اية ناحية غريزية انسانية ندخل نجد انها تعقدت بمرور الزمن؛ الغذاء والشراب لم يصل الى حد منع اي نوع مما يشتهيه الانسان بهذا الشكل وما يرافق التوصيات على منعه من العقوبات والتخويف بحيث وضع القيود على العقول في التجرا على التمتع الاجسام بها وبه يمكن حصول الارتخاء العقلي كعامل هام للابداع كما هو المعروف . اما الجنس وما رافقه وكانه جرم او ذنب للفرد الذي يمتلكه وريثيا دون ان يكون له اليد فيه، تعقد الامر من خلال انتشار الدين ودخل زاوية وكانه جريمة وليس غريزة طبيعية نشات من خلال التكوين الجسمي للاحياء كافة ومنهم الانسان، والاعقد ما في الانسان مما وصلت اليه الحال، وفي بعض الاماكن وكانه جريمة ترتكب من قبل من يستجيب لغريزته، وان كان وفق التشريعات والطقوس المتبعة ويتبع باكبر سرية ولا يمكن حتى الافصاح عنه باي شكل كان . هذا ناهيك عن ما يريح النفس وما يهم الصحة النفسية والجسمية من السفر والترحال وتوفر المستلزمات سواء نتيجة بعض قيود الافكار والعقائد او عدم توفر الامكانية المادية لاجراء اللازم وتحقيق ما يهم النفس من تلك الغرائز البسيطة التي لا تضر باحد لو تعمقنا في جوهرها لا بل الاستجابة لها تضمن الصحة والسلامة الجسمية والعقلية والنفسية .

طالما كانت الغرائز المتنفذة المسيطرة على فكر وعقلية الانسان وعدم توفرها بالشكل الذي يسمح ان يلتفت الفرد الى امور عقلانية غير مسيرة، فان خطوات التقدم العقلاني لم توجد متوفرة امام حتى العاقل الغريز المعلومات والفطحل كما يعرف في هذه المنطقة . لذلك نجد العقلاء والمفكرين والجهابذة والفطاحل اكثر عرضة للجنون في منطقة الشرق الاوسط، لخلط بين الانعزال العقلاني وضغوطات الغرائز التي تجبر العقل على التفكير في امور يمكن ان يتناقض فيها العقل مع الغريزة، نتيجة عراقيل المجتمع وموانع الساحة الاجتماعية التي اسسها التاريخ والطور الاجتماعي خلال العصور والتي يعيش في ثناياها العالم او المفكر الشرقي .

ان الظروف الصعبة المعرقلة للحياة الطبيعية في المراحل التاريخية الغابرة، فرضت العديد من السمات التي تعتبر خير ومحفز امام من يريد الابداع ومنها الزهد والامتناع على التمتع بالشهوات وا لغرائز، وعن هذا الذي يعتبر خداع للذات، تمكن البعض من النفوذ من الموانع الطبيعية الغريزية التي اختلطت بالموانع الاجتماعية، وربما ابدع البعض في شان ما لفترة ما ولكن دون جدوى في التواصل والاستمرارية في المسيرة . طالما كان الكبت المختلف الانواع،و منها الجنسي وحتى الشهواني المتعدد الشكل والغرض، فان دوافع الابداع لها لا يمكن ان ينجح في دفع الفرد نحو الامام ولا يمكن ان نتوقع ان ينتج ماهو المفيد للانسانية . ولو قيٌمنا ما كان عليه العلماء الاسبقين من هذه المنطقة من المجتمعات وسماته في عصورهم، لبيٌنا ان التخلف الذي حصل في كافة الاطر الخاصة في الوضع الاجتماعي، وهذا قد واكب معه التخلف الفكري العقلاني العلمي الفلسفي، وطالما تعقدت ظروف معيشة الانسان وعاش بين مجموعة من الاغلال والمكبلات لاصبح محصورا في مساحة صغيرة من التفكير ويمتنع ذاتيا من الخروج منها وبالتالي لا يمكنه الابداع في اي مجال يهمه . فهل الطاقة التي يمتكلها الشباب، ان كانت تُدار وتستثمر في مكانها الصحيح ويُمنع عن اشباع الغريزة الطافحة له وهو وسط مجالات عدة مكبوتة وممنوعة عن اداء ما تريده وتلهث به وتدفعه الغريزة اليه . وانت تطلب منه الابداع في تخصصه وهو مشغول مربوط بغرائزه المخلتفة . ان اول عامل لما يوفر الطريق امام نجاح الشاب والانسان بشكل عام الى الابداع هو اشباع غرائزه وعدم منعه باي طرق كان ديني او اجتماعي، وهذا ما اتجه ونفذه الغرب ويسير عليه في وضعه الاجتماعي منذ عصر النهضة، ولم يمنع عن شعبه ما يضم من الغرائز الطبيعية وما تتطلبه وتدفعه اليه، وهذا هو العامل الموضوعي الاساسي القوي في تخلف العقل الفرد الشرقي وامتناعه عن الابداع في اي مجال كان . واول الاسباب في هذا الكبت الغريزي هو العامل الديني والطقوس والعراقيل والضوابط والمصالح المختلفة للمسيطرين على مسيرة الوضع الاجتماعي في الشرق بشكل عام .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم