قضايا

من هم النخبة في العراق؟

emad aliفي المجتمع المبني على القيم الراسمالية والتمييز الطبقي، صحيح جدا ان تكون النخبة هي المقررة او لها اليد العليا في اصدار القرارات، وهي القوة البشرية الناتجة او المنبثقة من خلال عملية طويلة عريضة من رحم المجتمع ومن الفكر وا لمنهجية التي يقيم عليها المجتمع الراسمالي بشكل خاص وبعد مخاض حقيقي تاريخي سليم . اما المجتمعات الدينية التقليدية التي يمكن ان تماثل الراسمالية من جوانب عدة ايضا في تاثير بعض المسماة بالنخبة على مجريات الامور، وهي واساسا لا يمكن تعريفها بذلك حقيقة، نتيجة لوجود ما تسمى بنخب غدرا وزورا وهي ليست لها مؤهلات ان تكون عقلياتها وسلوكها او ولادتها بشكل طبيعي ومفيد وقيادي في المجتمع، بحيث يمكننا ان نصنفها ضمن النخبة الحقيقية، كما نراهم على اشكال وانواع في مجتمعاتنا، ويمكن ان نضم الجاه الاجتماعي الى النخبة في اكثر الاحيان، والاساس الذي بُنى عليه الجاه الموجود الان كم هو هش ومزيف . الا ان المجتمع المبني على القيم الانسانية الحقيقية الصحيحة المستندة على المساواة والمعتمدة على تدابير وادراة البلد من خلال ما تنظمه وتديره عصارة العقل الجمعي المجتمعي المضمون في نظام الحكم الاشتراكي، ومن ثم الشيوعي الحقيقي، فان الجميع متساون امام القانون وعليهم الواجبات ولهم الحقوق، وفي النهاية تكون مستوياتهم متقاربة من حيث الثقافة والعلم والمعرفة ومن الناحية المادية المعيشية ايضا. فكيفية ادارة المجتمع واضحة في مثل هذا النظام المبني على مبدا المشاركة والحقوق التي يجب ان تكون مكفولة من قبل السلطة او النخبة ذاتها المشاركة باي شكل كان مباشر من خلال السلطة او غير مباشر من خلال النتاجات التي تدعم وتدفع الى الحكم الرشيد او النظام الاشتراكي في نهايته، وتسيير بتعاون الجميعاو الاكثرية وهي النخبة، وتكون هذه الاكثرية من ضمن مجموع الشعب التي يمكن ان نسميهم النخبة؛ اي الاكثرية حاملة للمؤهلات التي تدعمها في ان تتعامل مع متطلبات المجتمع الذي يبرزها . وليس المال والجاه والرتبة العسكرية كما في امريكا والدول الراسمالية.

ان اخذنا العراق في المرحلة الحالية، فاننا نجد حتى تعريف النخبة لا يمكن تحديده بناءا على ما هو عليه المجتمع، فان الاسس المالية التي تعتبر من قبل النظام الراسمالي اساسا وقيمة مهمة لمن يُعتبر نخبة ضمن المجتمع، لا يمكن تطبيقه على المجتمع العراقي المبني على الفرص السانحة طارئة التي يستغلها البعض، ويغفلها الاخر وان كان حاملا لاكثر سمات النخبوية ومميزاتها . فهل من المعقول ان نحسب من اثرى على حساب التغييرات التي حصلت في البلد وانتهز فرصة الفساد المستشري وامتلك اموالا طائلة ان يكون ضمن النخبة التي يجب ان يعتبر لهم في امور البلد، ام انهم على العكس من حثالى البلد . فهل من المعقول ان نعتبر من حصل على اعلى الشهادات بمجرد انضمامه الى حزب معين ودعمه له دون ان يكون له عطاءات علمية معتبرة ان يُحتسب على النخبة . اهل يمكن ان نحسب من صنف ضمن العلماء واُغدق بشهادات وهدايا منذ زمن البعث ان يكون نخبويا ويجب ااستشارته في امور الدولة وما يهم المواطن . اهل يمكن ان نعتبر من يعتبرون المثقفين المزيفين، ممن ليس لديهم المؤهلات الثقافية من اي صنف كان، ولا يمكن تميزهم مع حتى الاميين في شؤون المجتمع العامة، ان يعتبروا ضمن النخبة . اهل من المعقول من اية ناحية كانت ان ندعي الطبقة السياسية التي التي نصبت نفسها عل الشعب بامتيازات ودعم خارجي كان ام داخلي عشائري قبلي ديني مذهبي وابتعدت عن عموم الشعب وهم من الحلقة الحزبية الدينية المذهبية اصحاب التوجهات والرؤى الضيقة التي تسيطر على زمام الامور في البلد بانهم من النخبة، وهي التي اوصلت الحال الى هذا الحضيض .

ان كانت بروز النخبة نتاج لعملية مخاض طويلة من المجتمع وسماتها يمكن ان تستفرد بها وهي تورثه من سمات الشعب في مرحلته، فان المجتمع العراقي ليس على حال يمكن ان يُبرز نخبة مميزة قادرة على الحكم السليم وان تفيد المجتمع العراقي وتدفعه الى التقدم والوصول الى المبتغاة .

و عليه، لا يمكن ان نميز ونصنف مجموعة معينة من كافة التوجهات او المهن والثقافات ضمن النخبة، وفق تعريفها والحقيقي وجوهرها الذي يقع عليها الواجبات الاكثر اهمية في المجتمعات . اننا لم نجد نخبة حقيقية يمكن ان يُشار اليها من بعيد، لاننا عبرنا مرحلة ضيم وتشويه لمكونات الشعب من قبل اعتى دكتاتورية وشوهت معها جوهر ومضمون العلمي المنهجي الحقيقي لما يمكن ان نعتبرهم النخبة ونعتمد عليهم في اداء الواجبات الملقاة على عاتق النخبة المطلوبة، وبعد التحرير ازدادت الطين بلة في التخبط والخلط لمكونات المجتمع وحتى تراجعه اكثر عما كان عليه .

اذاً، يمكن ان نصرح بان المجتمع العراقي بلا نخبة حقيقية، او ان نخبها الحقيقية بعدما اصابتهم الويلات تواروا عن الانظار وهم منعكفون ومعتزلون نتيجة تصادمهم مع الواقع المرير .

 

في المثقف اليوم