قضايا

تعريف الاستغلال الجنسي للأطفال وفقا للآليات الدولية غير التقليدية

mohamad thamerيتناول هذا المقال تعريف الاستغلال الجنسي للأطفال وفق الآليات الدولية غير التقليدية ووفق المؤتمرات الدولية التي عُقدت لهذا الغرض. وسندرسها تباعا:

أولا ـ تعريف الاستغلال الجنسي للأطفال وفق الآليات غير التقليدية:

يندرج الاستغلال الجنسي للأطفال ضمن الآليات غير التقليدية وهي : ـ الآليات المنشئة بموجب ولايات ليست منبثقة عن معاهدات ولكن من قرارات أجهزة الأمم المتحدة التشريعية ذات الصلة مثل لجنة حقوق الإنسان أو لجنة حقوق الطفل أو الجمعية العامة وقد تنشأ الآليات غير التقليدية هيئات خبراء مثل اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وتتألف هذه الآليات في العادة من خبير مستقل أو فريق عمل ويطلق عليها أحيانا بالإجراءات الخاصة التي تشمل:

1 ـ المقررون الخاصون والممثلون الخاصون والمبعوثون الخاصون والخبراء المستقلون والفرق العامة المخصصة لموضوعات معينة أو بلدان معينة وهو ما يطلق عليه أحيانا بالإجراءات العاجلة .

2 ـ إجراء الشكاوى 1503 .

وقد أنشئت ولاية المقرر الخاص المعني بمسألة بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية في عام 1990 للتحقيق في حالة الأطفال الذين يواجهون الاستغلال الجنسي في جميع أنحاء العالم وتلق المعلومات بشأنها ويمكن للمقرر الخاص عن حالات فردية ان يسترعي انتباه الحكومات المعنية بشأنها كما يقوم المقرر الخاص بعمل توصيات الى الحكومات والمنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة وغيرهم من أعضاء المجتمع المدني .

ومن مراجعة التقارير التي قدمتها السيدة نجاة معلا مجيد[1] المقررة الخاصة المعنية بمسألة بيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلال الأطفال في المواد الإباحية . يتبين أن المقررة لا تستخدم تعريفا محددا بل يتبين أنها تقر بتعدد المصطلحات المستخدمة لتعريف الاستغلال الجنسي للأطفال وخصوصا استخدام الأطفال في المواد الإباحية ومن هذه المصطلحات استغلال الأطفال في أنتاج المواد الإباحية والميل الجنسي للأطفال والمواد الإباحية المستغلة للأطفال والمواد الإباحية المتعلقة بالأحداث والمواد الإباحية القائمة على التشبه بالأطفال والمواد الإباحية القائمة على المحاكاة والمواد الإباحية المنتجة بالحاسوب لإنتاج المواد الإباحية والاعتداء الجنسي عبر شبكة الانترنت واستغلال الأطفال في أثارة الشهوة الجنسية مع اعتراف المقررة بأن استغلال الأطفال في المواد الإباحية على شبكة الانترنيت هو شكل من أشكال الاستغلال الجنسي للأطفال وليس هو الاستغلال الجنسي للأطفال ذاته [2] ولكن تقارير المقررة الخاصة تفرق بين نوعين من السلوك الجنسي الفاضح وهو المصطلح الذي ورد في الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 9 من اتفاقية مجلس أوربا بشأن الجريمة الاليكترونية [3] النوع الأول هو السلوك الجنسي الفاضح والمقصود به أي مواد إباحية تصور بطريقة مرتبة قاصرا يسلك سلوكا جنسيا فاضحا , وأطلقت المقررة عليه المواد الإباحية الشديدة والنوع الثاني المواد الإباحية الخفيفة هو أي صور مغرية لقاصرين عراة تركز على أعضائهم الجنسية .[4]

أما الفريق المعني بالاتجار بالأشخاص فأنه وعلى الرغم من أنه أدرج المعنى المقصود من الاستغلال ضمن ما أسماه بالتدابير المناسبة ألا أنه لم يعرف الاستغلال الجنسي للأطفال وأقر الفريق بأن برتوكول الأمم المتحدة الخاص بمكافحة الاتجار بالأشخاص يعرف مصطلح الاتجار بالأشخاص لكنه لا يعرف مصطلح الاستغلال الجنسي حيث ورد بشأن تعريف الاستغلال في المادة 3 ( أ) من هذا البروتوكول (يشمل الاستغلال كحد أدنى استغلال دعارة الغير أو أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء) ويذكر الفريق بأن المادة 14 من البروتوكول أحالت بصدد تعريف الاستغلال الى صكوك دولية أخرى بالرغم من الحاجة الماسة لتعريف الاستغلال التي يعترف بها الفريق في أطار تنفيذ البروتوكول وحث الدول على أدراج تعريف واضح لجميع أشكال الاستغلال في تشريعاتها أو في قانون السوابق القضائية دون الالتفات الى الموافقة الصحيحة أو الغرض من الاستغلال .[5]

ويقر الفريق بأن بروتوكول الاتجار بالأشخاص لم يعرف عن قصد مصطلحي الاستغلال الجنسي أو استغلال دعارة الغير لكي يترك المجال مفتوحا أمام الدول للتصديق على البروتوكول وفق ما تراه ملائما لسيادتها الداخلية ازاء البغاء , وتناول البروتوكول موضوع استغلال بغاء الغير في سياق الاتجار بالأشخاص فقط ويقر الفريق بأن البروتوكول لا يلزم الدول الاطراف بتجريم البغاء ولكنه يلزم الدول بالامتثال لأحكام البروتوكول وفق قوانينها الداخلية سواء أكانت تبيح البغاء قانونا أم تنظمه رقابيا أم تتسامح بشأنه أم تجرمه .[6]

ويميل الفريق الى (القانون النموذجي لمكافحة الاتجار بالأشخاص) الذي أعده مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الذي عرف الاستغلال الجنسي بأنه (الحصول على منافع مادية أو أي منافع أخرى من خلال توريط شخص في الدعارة أو البغاء أو في أي صورة من صور الاستعباد الجنسي أو في تقديم أي أنواع أخرى من الخدمات الجنسية بما في ذلك المشاهد الإباحية أو أنتاج المواد الإباحية) مفرقا بينه وبين استغلال دعارة الغير التي عرفها بأنها (الحصول على نحو غير مشروع على منفعة مالية أو أي منفعة مادية أخرى من دعارة شخص أخر) وقد أضيفت عبارة (غير مشروع )) للتأكد من أن الفعل يجب أن يكون غير مشرع وفقا للقانون الداخلي لتلك الدولة .[7] وبناء على التعريفين فأن الاستغلال الجنسي للأطفال يشمل أنتاج المواد الإباحية والإيذاء الجنسي عبر الانترنيت والسياحة الجنسية أذا ما حدث في أي واقعة معينة أن كان هناك أيضا فعل تجسيد أو نقل للأطفال ورافق ذلك وسائل تهديد باستخدام القوة أو الاحتيال أو استغلال حالة ضعف وما شابه ذلك .[8]

 

الاستاذ الدكتور محمد ثامر

...................

[1]-المقررة الخاصة الحالية هي السيدة مود دي بور- بوكتشيو، تم تعيينها في آذار/مارس 2014، بموجب القرار 25/6 الصادر عن مجلس حقوق الإنسان، لمدة ثلاث سنوات.

[2] ـ فعلى الصعيد العالمي، تتكاثر المواقع الإباحية التي تستغل الأطفال : فقد أحُصي 480000 موقع في عام 2004 مقابل 261653 في عام 2001 ويحتمل أن أكثر من 750000 متصيد للجنس موصول بشبكة الانترنيت بصفة دائمة . وفي 19 نيسان / ابريل 2009 أحصى المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين في الولايات المتحدة 592044 موقعا للمواد الإباحية المستغلة للأطفال من أصل ما مجموعة 681275 موقعا، وذلك منذ إنشائه في عام 1998 . وأحصت مؤسسة رصد شبكة الانترنيت، التي يوجد مقرها في المملكة المتحدة، 34871 بلاغا في عام 2007 وتعلق 2755 منها بنطاقات للانترنت تضمنت صورا لانتهاكات جنسية للأطفال ( نسبة 70 في المائة منها ذات صبغة تجارية و 20 في المائة ذات صبغة غير تجارية ) و33947 بلاغا في عام 2007 تعلق 1536 منها بنطاقات للانترنت تضمنت انتهاكات جنسية للأطفال ( منها 74 في المائة ذات صبغة تجارية و 26 في المائة ذات صبغة غير تجارية تم تخزينها أو تبادلها ) .

[3] ـ أنظر . – C E T s No . 185

[4] ـ تقرير مقدم من السيدة نجاة معلا مجيد، المقررة الخاصة المعنية بمسألة بيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلال الأطفال في المواد الإباحية، مجلس حقوق الإنسان، الجمعية العامة، الدورة الثانية عشر، 2009، ص8 .

[5] ـ الفريق العامل المعني بالاتجار بالأشخاص، تحليل المفاهيم الأساسية الواردة في بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، فينا، 2010، ص5 .

[6] ـأنظر الملاحظات التفسيرية

( A / 55 / 383 / Addi ) الفقرة 64 .

[7] ـ         - Trafficking in Human Beings and peace Support operations , Trainers guide , united Nations International Crime and Justice Research Institute , P 153 .

كان الهدف من وراء أعداد القانون النموذجي لمكافحة الاتجار بالأشخاص هو تقديم المساعدة الى الدول في تنفيذ الأحكام الواردة في بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية . ولا ينحصر القانون النموذجي في تجريم الاتجار بالأشخاص والأفعال المرتبطة بذلك، بل يشمل أيضا مختلف جوانب المساعدة المقدمة للضحايا، وكذلك إرساء أسس التعاون بين مختلف سلطات الدولة والمنظمات غير الحكومية . ويصاحب كل حكم من أحكام القانون النموذجي تعليق مفصل يتيح للمشرعين، حسب الاقتضاء، عدة خيارات ومصادر قانونية وأمثلة . لتفاصيل اكثر يمكن الاطلاع على الموقع التالي اخر زيارة 22-1-2015.

http : // www . unodc . org / documents / human – trafficking / Model – Law – against – TIP . pdf .

[8] ـ الفريق العامل المعني بالاتجار بالأشخاص , أشكال الاستغلال التي لم تذكر صراحة في بروتوكول الاتجار بالأشخاص ولكنها نشأت في السياقات والممارسات الوطنية والإقليمية أو الدولية , الدورة الخامسة , فينا، 2013 , ص4 .

في المثقف اليوم