قضايا

ثقافة نفسية (182): الشره العصبي

qassim salihyالشره العصبي او زيادة الشهية العصبي (Bulimia Nervosa ) حالة مرضية تتصف بالافراط في تناول الطعام.يحصل فيها أن الافراد الذين يعانون من الشره العصبي يستمرون في تناول الطعام بنهم شديد لمدة طويلة برغم انهم لا يشعرون بالجوع، ولا يتوقفون الا بعد ان تكون كل انواع الطعام قد استهلكت.

وتحصل في هذا الاضطراب مفارقتان، الأولى: ان الغالبية العظمى منهم يودون ويريدون ان يتوقفوا اثناء تناولهم للاكل بشراهه، ولكنهم لا يستطيعون او لا يقدرون على ذلك.والثانية:برغم ان الفرد يشعر براحة نفسية اثناء تناوله الأكل بشراهه، فأنه ما ان ينتهي فأن شعوره يتحول الى الاشمئزاز والذنب والتقدير المنخفض للذات بل وحتى كراهيتها.

ويرى بعض الباحثين ان الأكل بنهم وشراهه الى حد التخمه هو استجابة لتجربة انفعالية او عاطفية شديدة كالفشل في الحب وليس نتيجة لشهية قوية. والملاحظ ان اضطراب الشره العصبي شائع بين الآناث الشابات اللواتي يرين ان حظهن في الحب (أسود ومصخّم)، والزوجات اللواتي يعانين من مشاكل اسرية (ويطلعن قهرن بالأكل).

ويحصل، في حالة الفتاة بشكل خاص، انها تعيش حالتين متضادتين : دافع يجبرها على الأكل بشراهه، وخوفها الشديد من السمنة. ولأنها لا تستطيع منع نفسها من الأكل فانها تلجأ الى التقيوء المتعمد او تفريغ او اخراج محتويات المعدة بتناول الملينات او المسهلات او مدرات البول او تناول عقاقير انقاص الوزن بل وحتى استخدام الحقن الشرجية.

والشره العصبي ليس مرض العصر كما يسميه البعض.فقديما كان يطلق عليه (بوليميا Bolimia ) وهي كلمة يونانية الاصل تعني (الثور الجائع) لأن الشخص الذي يعاني منه يأكل مثل الثور الجائع وينغمس في التمتع بتناول الأكل بأسلوب لا يمكن التحكم فيه او كبح جماحه.

وحديثا، عرّفته الجمعية الامريكية للطب النفسي بأنه تناول كميات ضخمة من الطعام اكثر مما يمكن ان يأكله معظم الافراد عادة، ويحدث ذلك بفترة قصيرة جدا (اقل من ساعتين عادة) وبسرعة شديدة، يشعر الفرد خلالها بأنه مجبر ولا يتمكن من التحكم بسلوك الأكل لديه.والذي يحصل، انه ما ان تنتهي فترة الشراهه هذه فان الفرد يشعر بتعب جسمي والآم في المعدة وغثيان يليها الأحساس بالخجل والاكتئاب والنفور من الذات او التقزز منها.

ولعلاج هذا الاضطراب طريقتان، الاولى العلاج الدوائي باعطاء المصاب ادوية تمنع او تسد شهيته للأكل، واخرى مضادات للاكتئاب.غير ان دورها يكون بسيطا بالغالب. والطريقة الثانية هي العلاجات النفسية وأفضلها العلاج المعرفي السلوكي الذي يعد من اهم الاستراتيجيات العلاجية الفعالة .. ويكون على مراحل، تبدأ بمراقبة المرضى لسلوكهم المتعلق بتناول الطعام وطرق التخلص منه بعد تناوله وتحديد نمط الاكل المنتظم وابلاغهم بالنتائج السلبية للتقيوء الاصطناعي، ثم تنتقل الى تعديل المعتقدات والاتجاهات ذات العلاقة باستمرار وتطور الحالة، حيث يركز هذا العلاج على تغيير وتعديل المعتقدات والاتجاهات الخاطئة التي توجد لدى مرضى الشره العصبي .. تنتهي بمراقبة التقدم وتثبيت المزيد من التدريب المعرفي والتركيز على استعمال اساليب منع الانتكاسة.ويشير المعالجون النفسيون الى ان العلاج المعرفي السلوكي اثبت فاعليته ونجاحه بنسبة 90% من المرضى بعد ثلاثة شهور من بدء العلاج.

وثمة ملاحظة ميدانية هي زيادة الوزن لدى عدد كبير من العراقيين، فاذا كان عذر النساء انهن (يطلعن قهرهن بالأكل )من ظلم الرجال، فما تبرير الرجال لزيادة وزنهم؟ .. اكيد بينكم من يقول:من قهر نسوانهم!

 

أ.د.قاسم حسين صالح

 

في المثقف اليوم