قضايا

حرب الإبادة الجماعية الفرنسية ضد الشعب الجزائري إبان الليل الاستعماري الطويل (3)

خلق الظروف الملائمة من قبل الإدارة الفرنسية لإبادتنا

بداية نقول بأنه في عهد الجنرال كلوزيل 1835 و 1836 تحول سهل متيجة وبالقوة إلى وطن حقيقي للمعمرين وهذا من بعد أن طردوا سكانه منه نحو المجهول ليلقوا حتفهم المحتوم فيه وهذا العمل يدخل في باب تهيئة الظروف الملائمة لتكون إبادة حقيقية لا مفر منها واستمرت هذه السياسة في كل شبر يستولون عليه من الأراضي الجزائرية وهذا طوال القرن التاسع عشر . وفي مقابل هذا فقد تم تقديم كافة التسهيلات للأوروبيين كتلك المقدمة في العام 1868 للمستوطنين بدفع فرنك واحد مقابل كل هكتار ولمدة 50 سنة .

وهذه السياسة أي تهيئة الظروف المؤدية لإبادة الجزائريين هي في حقيقتها سياسة دولة وهذا ما نستنتجه من أقوال ألكسي دو طوكفيل والذي يقول في العام 1841: " لقد سمعت أحياناً في فرنسا أناساً أحترمهم يقولون بأنه من السيئ أن يتم حرق المحاصيل، وأن يقع تفريغ مطامير القمح وأن يلقى القبض على الرجال غير المسلحين، وأيضاً على النساء والأطفال . وأنا لا أوافق هؤلاء السادة على مثل هذا الكلام، وأرى أن مثل هذه الأعمال المؤسفة ضرورية لشعب يرغب في شنّ حرب ضد العرب بهدف جبرهم على الرضوخ له " 66 وهو نفسه من يعتقد بأن واجب الحرب يسمح للفرنسيين بتخريب الجزائر وبتدمير المحاصيل الزراعية وقت الحصاد أو الجني وهذا في كل الأوقات وبواسطة الهجمات التي تهدف إلى إلقاء القبض على الرجال والاستيلاء على قطعان الحيوانات . نعم إن قوانين الحرب تسمح لهم بذلك تلك القوانين التي فصلوها هم على مقاسهم ولخدمة مصالحهم الخاصة .

نعم لقد عمل المستعمر الغازي على تجريد كل القبائل من محاصيلها الزراعية ومن ماشيتها وما ملكت أيديها وجعلها متوقفة في معاشها على ما تجود به إدارة بيجو وأصدر أوامره بإباحة الحرائق وإتلاف الأرزاق 67 وهنا تهيأت الظروف لظهور شبح المجاعات والتي بدورها ستبيد الجزائريين إبادة جماعية . فمجاعة 1867 نجد بأن المسؤول الأول والأخير عنها هو الاستعمار الفرنسي وذلك من خلال سياسته الإجرامية والممثلة في حرقه للحرث والنسل وإتيانه على الحبوب المخزنة في المطامير وتدميره للأجنة والبساتين مما جعل الفلاحين عرضة للقحط وفريسة الجفاف لمدة عشرات السنين 68 وبعد هذا هناك من يتحدث وبكل وقاحة على أنه لم تكن هناك نية لإبادة الجزائريين والحقيقة هي أن كل فرنسا الاستعمارية ومهما اختلفت توجهاتها السياسية قد كانت سياسة الإبادة الجماعية هي سياستها الرسمية وهذا طوال وجودها بالجزائر .

 

 

سياسة الأرض المحروقة ومسؤوليتها عن الإبادة الجماعية للجزائريين

لقد جاء في تقرير أحد القادة العسكريين الفرنسيين ما يلي: "أننا دمرنا تدميرا كاملا جميع القرى و الأشجار و الحقول و الخسائر التي ألحقها فرقتنا بأولئك السكان لا تقدر، إذا تساءل البعض، هل كان عملنا خيرا أو شرا؟ فإني أجيبهم بأن هذه هي الطريقة الوحيدة لإخضاع السكان و حملهم على الرحيل... " أما المؤرخ فونتي فيقول: " حول المدن الساحلية التي احتللناها فر الأهالي منها في الفترة الأولى من الاحتلال فترة فتاكة ودامية أرغمنا العرب على الجلاء من أراضيهم " 69 أي أنهم استخدموا سياسة الإبادة لكل ما هو جزائري بشريا كان أم ماديا أو معنويا لا لشيء سوى لحمل السكان على الرحيل وترك ديارهم ووطنهم أي أن ما حدث ولا زال يحدث للهنود الحمر في أمريكا أعيد القيام به مرة أخرى في الجزائر لماذا لأن أي إجراء آخر كاحترام قوانين الحرب وكما قال الجنرال بيجو سوف يؤخر عملية احتلال الجزائر 70 . ولذا فأقصر الطرق هي إبادة الجزائريين وانتهي الأمر وهي نفس الحجج التي استند لها سانت أرنو في إبادته للجزائريين فهو يرى بأن: " مراعاة القواعد الإنسانية تجعل الحرب في إفريقيا تمتد إلى ما لا نهاية " . . 71

ومن مظاهر سياسة الأرض المحروقة ما يخبرنا به مونتانياك من أن الجنرال لاموريسيير يهاجم العرب ويأخذ منهم كل شيء، نساء وأطفالا ومواش. يخطف النساء، يحتفظ يبعضهن رهائن والبعض الآخر يستبدلهن بالخيول، والباقي تباع في المزاد كالحيوانات، أما الجميلات منهن فنصيب للضباط " 72 وفي ذات السياق قال الجنرال كانروبير ِ Canrobertبأن جنودهم ينفذون هذا التدمير بحماس، إن التأثير الكارثي لهذا العمل البربري والتخريب العميق للأخلاق الذي يبث في قلوب جنودنا وهم يذبحون ويغتصبون وينهب كل واحد منهم لصالحه الشخصي . وهذا ما يؤكده الكونت دو هيريسون في كتابه مطاردة الإنسان حيث يخبرنا بأن الأراضي الإفريقية ويقصد هنا الجزائر ما هي إلا مزرعة يستغلها كل واحد لمصلحته الخاصة 73 . أما النقيب لافاي Lafaye فيقول: " لقد أحرقنا قرى لقبيلة بني سنوس، لم يتراجع جنودنا أمام قتل العجائز والنساء والأطفال . إن أكثر الأعمال وحشية هو أن النساء يقتلن بعد أن يغتصبن، وكان هؤلاء العرب لا يملكون شيئا يدافعون به عن أنفسهم " ونفس الأمر يتكرر أينما حل الجيش الفرنسي الغازي فالسكان العزل يتركون قراهم تحت رحمة الغازي لأنهم لا يملكون شيئا يدافعون به عن أنفسهم ولمعرفة المزيد عن هذه الأعمال الهمجية أنظر كتاب بالفرنسية LA CHASSE A L’HOMME GUERRES D’ALGÉRIE PAR LE COMTE D’HÉRISSON 74 .

كما يخبرنا فرحات عباس في كتابه ليل الاستعمار بأن الفرنسيين: " في أكثر من أربعين سنة أي من 1830 إلى 1871 قتلوا وأحرقوا الزرع والضرع ... حتى كادت تصبح قاعا صفصفا " 75 ولأجل هذا فالجيش الفرنسي في الجزائر قد تحول إلى قطاع طرق لا أكثر ولا أقل من هذا . وهذا ما جاء على لسان دو كرو DUCROT والذي يقول بأن: " ما نهب في رزايا واحدة حمولة 2000 بغل " وفي نفس السياق يخبرنا صاحب كتاب مطاردة الإنسان بأن أفضل رزية هي رزية أولاد نايل حيث نهبوا فيها 25 ألف رأس من الأغنام و600 جمل محمل بالغنائم وكما مَـرَّ معنا هذا الأمر أعلاه 76 أما النقيب لافاي lafay فيقول: " كان الضباط يخيرون الفلاحين بين أن يقدموا لهم الأكل أو الإبادة، كنا نخيم قرب القرية، يعطيهم الجنرال مهلة لإعداد الطعام أو الموت، كنا نوجه سلاحنا نحو القرية وننتظر، ثم نراهم يتوجهون لنا ببيضهم الطازج، وخرافهم السمينة، ودجاجاتهم الجميلة، وبعسلهم الحلو جدا للمذاق. " . وللتعرف أكثر عن الأسلوب الذي كان الجيش الفرنسي يمون به كتائبه في الجزائر راجع كتاب مطاردة الإنسان السابق الذكر ص 77 .

ونحن هنا نقدم فقط أمثلة عن تلك الممارسات الشنيعة والتي تمت في إطار سياسة الأرض المحروقة والرامية إلى إبادة الجزائريين فمثلا ففي يوم 26 نوفمبر 1830 أصدر الضابط ترولير l'officier Trulir أمرا إلى وحداته العسكرية بتقتيل كل سكان البليدة الآمنة والبالغ عددهم الألفين مواطن من دون تميز بين الطفل والشيخ ولا المرأة ولا الرجل والهدف من هذه الجرائم واضح وهو هدف واحد ووحيد ويتمثل في تفريغ الأرض من السكان بهدف الاستيلاء عليها وتوطين المعمرين وهكذا تنتقل ملكيتها من الجزائريين إلى الغزاة المستوطنين . 78  

ولذلك فإن سياسة الأرض المحروقة والتي اتبعها كل القادة الفرنسيين أيام الحكم العسكري للجزائر 1830 – 1870 والتي كانت نتيجتها واحدة ووحيدة ألا وهي الإبادة الجماعية للجزائريين خاصة إذا ما تزاوجت مع سياسة مصادرة الأراضي والتي هي المصدر الوحيد لإنتاج الغذاء في الجزائر ويبرز هذا في مجاعات 1866 و 1868 والتي راح ضحيتها وحسب التقديرات حوالي نصف مليون جزائري وهذا أمام مسمع ومرأى سلطات الاحتلال والتي لم تعمل أبدا على نجدة الأهالي لأن هذا ما كانت تهدف إليه بغية تفريغ الجزائر من سكانها وهذا لكي يحل محلهم المستوطنون الأوروبيون علما بان خسارة نصف مليون من السكان الجزائريين هو رقم كبير جدا إذا ما علمنا بأن عدد سكان الجزائر في تلك السنوات لم يكن يتجاوز الثلاثة ملايين نسمة.

ولقد وحاولت فرنسا إبادة اقتصاد الجزائر الخاص بحيث يساعد ذلك في تدمير الجزائر حضاريا وسكانيا وٕإنسانيا، وذلك بتطبيق مخطط إجرامي لإحراق الغابات والمزارع والحقول وتخريب القرى والمدن وردم العيون والآبار بحيث أنه لم يمر أقل من أربعين عاما على الاحتلال حتى وقعت مجاعة وقحط ويبس في الزرع وغلاء في الأسعار وانتشار لوباء الكوليرا الذي أدى إلى إبادة قبائل بتمامها فمثلا قبيلة أولاد يحي بن طالب فقدت364 أسرة من مجموع سكانها 10.211 نسمة ليصبح عددها 4.325 نسمة 79 وبعد هذا يتحدثون عن الدور الإيجابي للغزو الفرنسي للجزائر !؟ .

ولم تكن هذه العمليات الإجرامية قاصرة فقط على منطقة الشمال الجزائري فأينما حل الاستعمار حلت معه سياسة الإبادة الجماعية الإجرامية كما هو الحال في واحة الزعاطشة 1849 والتي أبيدت عن آخرها . وإذا ما نحن اتجهنا صوب منطقة الواحات الشمالية فنفس الجريمة والمشهد يتكرران فها هو العقيد بان pein يقول عما حدث في مدينة الأغواط في العام 1852: " الشوارع والأزقة، والميادين، كانت كلها تغص بالجثث . إن الإحصائيات التي أقيمت بعد الاستيلاء على المدينة وحسب معلومات استقيناها من مصادر موثوقة، أكدت أن عدد القتلى من النساء والأطفال 2300 قتيل، أما عدد الجرحى فلا يكاد يذكر لسبب بسيط هو أن جنودنا كانوا يهجمون على المنازل ويقتلون كل من وجدوه بلا شفقة ولا رحمة." أنظر كتاب 80 .

أما العقيد فوري foreyفيقول: " انطلقت من مليانة سبعة طوابير بهدف التخريب، واختطاف أكبر عدد ممكن من قطعان الغنم، وعلى الأخص النساء والأطفال، لأن الوالي العام الجنرال بيجو كان يريد بإرسالهم إلى فرنسا أن يلقي الفزع في قلوب السكان، واختطفنا في هذه الحملة ما يزيد على ثلاثة ألاف من رؤوس الغنم، وأشعلنا النار في ما يزيد على عشرة من القرى الكبرى، وقطنا واحرقنا أكثر من عشرة ألاف من أشجار الزيتون التين وغيرها... " 81 والنتيجة الحتمية لهذه الأعمال الوحشية هي إبادة الجزائريين فمن لم يقتل برصاص هؤلاء الغزاة وبسيوفهم وبخناجرهم فحتما سيقتله الجوع والربد والثلج خاصة وأنهم يختارون موعد تلك الرزايا عندما يقترب موعد فصل الشتاء وهكذا يباد الأهالي من دون طلقة رصاص وحدة منهم . أما سانت أرنو فيقول: " إنك تركتني في قبيلة البراز حرقتهم كلهم واتيت على الاخضر واليابس واليوم فانني في قبيلة بني شويد فأتيت فيها على الزرع والضرع " 82 إلى أن يقول: " إننا نحطم ونحرق، ونخرب الديار والأشجار أما المعارك فإنها لا توجد أو قلما توجد" 83 .

نعود ونقول بأنهم قد عملوا على خلق كافة الظروف المؤدية إلى إبادتنا وبصورة جماعية ونحن هنا نستشهد بما جاء في كتاب أمريكا والإبادات الجماعية من أن العمل بالسخرة والتجويع الإجباري والترحيل الجماعي وتقويض معنويات الضحايا تشحذ أنياب الأوبئة وتزيدها فتكا 84 وكلها أدوات استخدمتها فرنسا في حربها ضد الجزائر . كما أن فرحات عباس يخبرنا في كتابه ليل الاستعمار بأن فاران Varanصاحب كتاب هل تصبح الجزائر فرنسية يقول: " يجب علينا أن نستولي شيئا فشيئا بدون هوادة ولا شفقة على جميع مراتعهم ومراعيهم ونثقل كواهلهم بضرائب مرهقة حتى تتعذر عليهم الحياة فلا يجدون ما يسدون به رمقهم " 85 وهذا النص لا يترك مجالا للشك من أنهم فعلا قد أنزلوا مخطط إبادتنا إلى أرض الواقع فالعسكر وسيلتهم السيف والرصاص الحي والساسة ورجال الاقتصاد وسيلتهم التجويع وحرماننا من مصادر رزقنا التي تضمن استمرار بقائنا في الزمن . وهكذا يلتقي الكل في هدف واحد ألا وهو إبادة الجزائريين . ومن بعد مصادرة واغتصاب أراضينا جاء الدور على الغابات والتي كانت هي الأخرى مراعي لثرواتنا الحيوانية فقد تم منعنا من الدخول إليها من بعد أن حجزتها الدولة الفرنسية فتفاقمت حالة السكان المجاورين لتلك الغابات وهذا من جراء هذه القوانين الجائرة والمجحفة ولم يبق للعرب إلا الأراضي الجبلية القحطاء ورمال الصحراء الجدباء 86

علما بأن الجزائريون قد كانوا يضنون بأنهم سوف يتخلصون من الجزائريين وبصورة نهائية لما يطردونهم إلى المناطق الجبلية القاحلة وإلى هوامش الصحراء ولكن من سوء حظ الجزائريين أيضا أن تلك المناطق قد أصبحت خزانا لا ينضب من الثروات سواء تمثلت الحلفاء أو منتجات الثروة الغابية المختلفة أو في مناجم الرخام كما هو الحال في بلاد زواوة أي بلاد القبائل وسكيكدة والذي كثيرا ما زيّــن البيوت الرومانية قديما وجاء الدور ليجد مكانه في بيوت الفرنسيين مرة أخرى . مما سيجعل اللعنة تلاحق الجزائريين أينما حلوا وذلك في صورة تلك القوانين الجائرة والمجحفة والصادرة بحقهم .

نعم إن غاباتنا قد أصبحت هي الأخرى ملكا للدولة الفرنسية وعند الدخول إليها نصبح معتدين على أملاك الدولة كما نصبح لصوصا يجب معاقبتنا لأننا انتهكنا حرمة القانون . وسهولنا هي الأخرى اغتصبت منا لتمنح لشذاذ الآفاق ومددنا طرنا منها ليسكنها الغرباء فإلي أين نتجه يا ترى؟ لم يبق أمام الجزائريين سوى الموت جوعا ورصاصة الرحمة التي ينتظرونها لتطلق عليهم . نعم إن فرنسا قد شنت علينا حربا عوانا لغصب ببلادنا ونهب ممتلكاتنا وسلب خيراتنا وتحدوها هنا فكرة إجرامية ألا وهي إبادة شعبنا ألم يقل الملك لويس فيليب Louis-Philippe سنة 1835 لا يهمنا أن نطلق مائة رصاصة في إفريقيا إذ لا تسمع أوروبا صدى تلك الرصاصات . 87 ونحن هنا لسنا مع ما يقوله فرحات عباس أو ضد تصريحات فراسوا هولاند وإنما نحن نحتكم إلى الوثائق وإلى الأحداث التاريخية ولا يهنا تصريح هذا أو ذاك من ساسة فرنسا في إطار حملاتهم الانتخابية وتصارعهم على السلطة سواء كانوا في جهة اليمن أو اليسار فهمهم فقط هو تقديم الحقيقة قربانا على هيكل تلك المصالح وتقبر خلف ضباب كثيف من الأكاذيب والادعاءات المزيفة والمضللة ولذلك فالفيصل بيننا وبينهم ما حدث وأرشيفهم وليس تصاريحهم نعم إن التاريخ يصنعه الساسة والعسكر ولكن الذي يكتبه هم المؤرخون .

 

نماذج من عمليات الإبادة الجماعية الفرنسية في الجزائر

يخبرنا شيخ المؤرخين الجزائريين السيد أبو القاسم سعد الله بأن عملية إبادة سكان الجزائر وتفريغها من أهلها قد بدأت منذ اللحظة الأولى لسقوط مدينة الجزائر بيدهم حيث قاموا بترحيل كل من له علاقة بالأتراك نحو آسيا الصغرى وحلوا هم محلهم في الثكنات العسكرية ونفس الأمر حدث مع الأبراج وفيلات الأتراك التي طردوهم منها وسكنوها هم 88 وكلامه هذا لا يجانب الصواب أبدا فهم بالفعل قد بدؤوا في عملية إبادة الجزائريين وقضيتهم قد أصبحت مسألة وقت وفقط وهذا ما نستنتجه من قول أحدهم من أن مسالة العرب قبرت نهائيا، ولم يبقى لهم سوى الموت أو الهجرة أو قبول الخدمة عند أسيادهم، هل يستيقظون قبل أن تطلق عليهم رصاصة الرحمة؟ 89 .

نعم لقد بدؤوا في إطلاق رصاص الرحمة علينا فلقد جاء في كتاب جرائم فرنسا في الجزائر ما يلي: " اكتسبت الحرب التي شنها الجنرال بيجو ضد الشعب الجزائري بالطابع الإجرامي والعنف إلى حد أن سكان الجزائر تناقص حسب تقرير احد الضباط الفرنسيين من 4 ملايين إلى ثلاثة ملايين نسمة في مدى سبع سنوات بل إن حمدان بن عثمان خوجة صاحب كتاب المرآة يقول في تقريره هذا وكما هو معلوم للعام وللخاص من أن سكان الجزائر قد تناقصوا من عشرة ملايين إلى ثلاثة ملايين نسمة .

ولقد حرصت الدولة الفرنسية وكما يقال وهذا منذ سنة 1830 على تطبيق وصايا جنرالاتها الفاتحين الذين أجمعوا على أنه من أجل السيطرة على هذه البلاد لابد من إبادة أهلها الأصليين . ولذلك فقد كانوا يتخذون كل الإجراءات الصارمة للإطاحة بالقبيلة المنوي تدميرها بقوات كبيرة، بحيث يكون الهرب مستحيلا لأي مخلوق، والسكان الآمنون لا يدركون الخطر المحدق بهم، إلا عندما يسمعون قرع الطبول التي تضرب نغمة مؤذية للسمع وبعد ذلك تحدث المفاجأة التي لا يوجد لها مثيلا إلا فيما نعرفه من قصص إبادة الهنود الحمر" 90 . نعم لقد كانوا يقتلوننا بكل قسوة ووحشية لأنهم كانوا مقتنعين بذلك فها هو الرائد الرائد مونتانياك يعترف بجرائمه لكونه كان مقتنعا بأن العرب ما فوق الخمس عشرة سنة يجب أن يعدموا أفضل من إيداعهم السجن بغض النظر عن عرقهم وجنسهم لأن هذه هي الطريقة المثلي لمحاربة العرب وإخضاعهم لأن العرب لا يخضعون إلا للقوة 91 . ولهذا فقد اقترفوا وكما يقول ديريسون Derezon: " جرائم يذوب لوحشيتها الصخر، وكثيرا ما حكمنا بالإعدام … ونفذنا ذلك رميا بالرصاص " نعم وهل ننتظر منه أن يكون أكثر نبلا من نابليون الثالث والذي قال 100 رصاصة أوروبا لا تسمع صداها أو من ترومان الرئيس الأمريكي والذي محا هورشيما من الوجود معها ناكازاكي Nagasaki اليابانيتين؟ .   

ونبقى دوما مع هذه الاعترافات الشيطانية والخاصة بسياسة الإبادة الجماعية للجزائريين فها هو الضابط ليو Léo كتب في العام 1843 عن الأعمال الوحشية بمنطقة شرشال بقوله: " لقد هدمت كثيرا من الدواوير وأزيلت من الوجود قرى بكاملها بعد إشعال النيران فيها وقطعت عدة آلاف من أشجار التين والزيتون وغيرها " 92 أما الرائد ويستي westée فيقول: " إن الدواوير التي أحرقت والمحاصيل الزراعية التي أتلفت، لا تكاد تصدق، فلم يكن يرى من الجانبين من الطابور سوى النيران " 93 .

وتلك الإبادة قد شملت الرجال كما شملت النساء أيضا فقبيلة العوفية قد أبادها الجنرال ورفيقو بكاملها وكان عدد أفرادها 12000 جزائري نعم أبادها عن بكرة أبيها وأقام معرضا بباب عزون وكان الناس يتفرجون على حلى النساء ثابتة في سواعدهن المقطوعة وآذانهم المبتورة 94 وهذه هي الحرب المشروعة والتي يتحدث عنها السيد فرانسو هولاند نعم إنه: " هكذا تتم عملية الحرب مع العرب فيجب أولا وقبل كل شيء قتل كل رجالهم من سن 15 سنة فما فوق والاستيلاء على النساء والأطفال ثم إرسالهم إلى جزر الماركيز أو إلى أية جهة أخرى وبكلمة مختصرة إفناء كل ما من شأنه أن يزحف تحت أقدامنا كالكلاب " 95 .

نعم إنه وأينما حل الفرنسيون تحل معهم لعنة حرب الإبادة في حق الجزائريين فها هي مدينة البليدة ستكون هي الأخرى مسرحا لجريمة حرب إبادة جديدة هذه الجريمة والتي وصفها حمدان بن عثمان خوجة بالقول قام: " الجنود الفرنسيون بأعمال وحشية في المدينة وأحدثوا مجزرة رهيبة، لم ينج فيها رجال ولا نساء ولا أطفال هناك من يذكر أنه تم تقطيع بعض الرضع من صدور أمهاتهم. ووقع نهب في كل مكان ولم يستثنى حتى الجزائريين الذين فروا إلى هذه المدينة لينجوا من ظلم الحكومة الفرنسية وليجدوا وسائل تمكنهم من العيش، إنني هنا بكل نزاهة ولا أروي وقائع الأحداث إلا كما جرت. وهكذا فإن عددا كبير ممن لم يكونوا يفكرون في خيانة الفرنسيين، ولا حتى في معاداتهم، قد وقع تقتيلهم في هذه الظروف " 96 وجريمة البليدة هذه قد وقعت ضد السكان العزل وهذا على إثر مهاجمة المقاومة الوطنية للحامية الفرنسية بها . نعم إنه في يوم 26 نوفمبر 1830 قد أقدم الضابط ترو لير troulaireعلى إصدار أمر إلى وحداته العسكرية بمحاصرة بلدة البليدة الآمنة وأقدمت على تقتيل جميع سكانها البالغ عددهم قرابة الألفين مواطن97 .

وإذا ما نحن اتجهنا صوب منطقة جبال الظهرة فإننا نجد جريمة أخرى لا يمكن لنا توصيفها هل هي أكثر جرما من الجرائم السابقة أو أقل منهم جرما لأن كل جريمة يمكن أن تعتبر هي الأكثر وحشية ولا يمكن أبدا المفاضلة بين تلك الجرائم نعم ها نحن نلتقي مرة أخرى مع عمليات القتل الوحشي لقبيلة أولاد رياح في الكهف المسمى ب: " غار الفراشيش وعددها أكثر من 1000 شخص رجالا ونساء وأطفالا وشيوخا مع حيواناتهم، فحاصرهم بيليسيه وجنوده بالغار من جميع الجهات وطالب القبيلة بالاستسلام فردت عليه بإطلاق النار، فأعطى الأوامر لجنوده بتكديس الحطب أمام مدخل المغارة، وإشعاله فهلك كل أفراد القبيلة المقدرين كما ذكرنا بحوالي 1000 شخص " 98 . ولقد وتوالت هذه العملية يومين كاملين 17 و 18 جوان، وقبل طلوع نهار اليوم الثاني بنحو ساعة وقع انفجار كبير داخل المغارة فقضى على من تبقى على قيد الحياة . 99

ثم ها هو العقيد بان pein يكرر نفس المشهد في مدينة الاغواط سنة 1852 يحدثنا بان بنفسه فيقول: " لقد كانت مذبحة شنيعة حقا، كانت المساكن والخيام التي في ساحة المدينة والشوارع والأزقة، والميادين، كانت كلها تغص بالجثث . إن الإحصائيات التي أقيمت بعد الاستيلاء على المدينة وحسب معلومات استقيناها من مصادر موثوقة، أكدت أن عدد القتلى من النساء والأطفال 2300 قتيل، أما عدد الجرحى فلا يكاد يذكر لسبب بسيط هو أن جنودنا كانوا يهجمون على المنازل ويقتلون كل من وجدوه بلا شفقة ولا رحمة: " 100 .

نعم لقد أبيد ثلثي سكان الأغواط في ما اصطلح عليه بعام " الخلية " في ديسمبر 1852 حيث أنه وعندما سقطت المدينة في 04 ديسمبر من نفس العام فقد أباد الفرنسيون 2500 شهيد من مجموع 3500 كانوا يسكنون المدينة مع استخدام مادة الكلوروفورم كسلاح كيميائي ضد المدينة 101 . وإن لم تكن هذه إبادة جماعية فماذا تكون يا ترى؟؟؟ . وماذا عن عام الشكاير أي الأكياس بتعبير الجزائريين والتي ألبسها الجيش الفرنسي لمن بقي حيا من سكان الأغواط من بعد تلك المجزرة الرهيبة ثم حقنوهم بالغاز وأشعلوا فيهم النار أحياء أليست هذه جرائم تفوق في بشاعتها تلك التي اقترفها النازيون في أعدائهم؟ .

ونحن هنا لا نتقول على هؤلاء الغزاة فهم من قالوا لقد قتلنا رجالا يحملون رخص المرور التي أعطيناها لهم، كما أننا ذبحنا كثيرا من الجزائريين تشبه عارضة، لقد أبدنا قبائل بأكملها تبين بعد أنها بريئة، لقد حاكمنا رجالا يقدسهم السكان الجزائريون لا لشيء إلا لأنهم تجرءوا على التعرض لبغضنا، وقد وجدنا القضاة الذين حكموا عليهم، والرجال المتدينين الذين نفذوا عليهم أحكام الإعدام، لقد كنا أكثر وحشية من السكان الذين جئنا لتمدينهم 102 .

ولقد حدثت تلك الفظائع لأن فرنسا كانت تريد أن تجعل من الجزائر قطعة غربية وهذا لا يتأتى إلا بإحلال شعب مكان الشعب الجزائري فيها . خاصة وأن كل الفرنسيين في بداية الاحتلال كانوا شبه متفقين حول هذه النقطة فها هو منظر الاستعمار الفرنسي في الجزائر أرموند فيكتورهان A.V.Hain قد وجه في العام 1832 نداءا إلى الفرنسيين بالجزائر يخبرهم فيه باستحالة إدماج السكان الأصليين ولذلك فهو يرى بأنه عمل مشروع طردهم إلى الصحراء، أو إبادتهم، في حالة المقاومة 103 . وما دام الجزائريون سيقاومون الاحتلال وكتحصيل حاصل فالفرنسيون سوف يبيدونهم أو على الأقل سيحاولون إبادتهم وهذا ما حدث فعلا . وعندما لم يستطيعوا إبادتهم فقد طردوهم وكما خططوا لذلك إلى المناطق الجبلية الجرداء وإلى المناطق الصحراوية آملين في أن تكمل الظروف الطبيعية القاسية ما عجزوا هم عن فعله وتنجزه بالنيابة عنهم أو على الأقل تحد من زيادتهم السكانية مما يضمن عدم الاختلال السكاني لصالح الجزائريين . وإن لم تُـجْـد هذه الحلول فيجب نفي الشعب الجزائري إلى الجزر البعيدة والنائية مثل جزر الماركيزÎles Marquises في المحيط الهادى ولكن هذا الحل لم يكن ممكن عمليا لما يحتاجه من إمكانات مادية وبشرية ضخمة . ولذلك فإن الحل الممكن بيدهم هو إبادة الشعب الجزائري هنا بالجزائر وذلك عن طريق ابتلائه بكل ما يؤدي إلى إبادته . والأسلحة هنا هي الفقر والجوع والمرض وهؤلاء هم الحلفاء الأقوياء للنظام الاستعماري في الجزائر والذين قد تم تسليطهم على الشعب الجزائري والنتيجة كما رأيناها سابقا في عدد ضحايا تلك المجاعات الغير مسبوق في الجزائر .

ونتيجة لكل ما سبق فق تناقص عدد الجزائريين فقد كانوا في العام 1830 والإحصاءات هنا مختلفة فمنها من يعطينا رقم 4 ملايين نسمة ومنهم من يعطينا رقم 10 ملايين نسمة ليصبح العدد 2.5 مليون فقط في العام 1885 ترى أين ذهب الفارق بين هذه الأرقام ولئن كان حمدان بن عثمان خوجة صادقا في تقديراته فتكون فرنسا وخلال 50 عاما قد أبادت 7.5 مليون نسمة من سكان الجزائر ووسائلها هنا هي الرزايا ومطاردة الإنسان كما يخبرنا بذلك الكونت ديريسون والذي يذكر في كتابه مطاردة الإنسان المذكور أعلاه فيخبرنا بأنهم قد أتوا:" ببرميل مملوء ة أذانا غنمناها أزواجا من الأسرى " 104 . في كل غزوة يأتون بهذا الكم الهائل من أزواج الآذان في البراميل وكل برميل كم فيه من أذن وكم رزية قاموا بها وعليها فكم هو مجموع ضحاياهم من الجزائريين في حرب إبادتهم هذه؟ .

ليس فقط القرن التاسع عشر والذي يسميه عباس فرحات بقرن الأحزان من مارست فيه فرنسا الاستعمارية سياسة الإبادة الجماعية ضد الجزائريين بل هناك عدة مناسبات كانت تتجدد فيها هذه السياسة ولعل أبرزها إقحام الجزائريين في حروب فرنسا التي لا تعنيهم ووضعهم في الصفوف الأولى لينالوا مصيرهم المحتوم كما هو الحال في الحربين العالميتين الأولى والثانية . وخلال فترة ح ع 2 ونتيجة لظروف الحرب فقد أبيد الجزائريون حتى أن هناك منازل قد أفرغت من سكانها نتيجة للثالوث الأسود وعلى رأسه الجوع والمرض فها هو طبيب فرنسي زار الجزائر في 1945 ويدعى جورج توماس George Thomas كتب يقول كنت في الجزائر سنة 1945 وقت المجاعة ... عندما كان الآلاف يموتون جوعا ... كما شاهدت القمع ورأيت 200 شخص يموتون من داء الملا ريا في غرداية . وكم مثلهم أو قل أضعافهم يا دكتور قد سقطوا في المناطق المختلفة في الجزائر العميقة ولم يكن هناك شهود عليهم فلفهم رداء النسيان الرهيب وسقطوا من ذاكرتنا الفردية والجماعية لتعيش فرنسا الحرية وعصر الأنوار؟ .

ولما انتهت الحرب الكونية الثانية حصد الرصاص الفرنسي أكثر من 45 ألف شهيد في ظرف أسبوعين وهذا في مجازر 8 ماي 1945 وهذه قد كانت محاولة لإبادة الجزائريين لأن كفة الميزان الديمغرافي قد مالت وبصورة نهائية لصالح الجزائريين وهذا ما أرعب ويرعب المستوطنين فأوعز لهم عقلهم المريض اللجوء إلى الحل الأخير على طريقة النازيين . نعم لقد قتلوا وفي ظرف أسبوعين وأثناء مجازر 08 ماي 1945 أكثر من 45 ألف شهيد كأقل تقدير هذا في ظرف أسبوعين . ولكن العمليات العسكرية في الجزائر قد استمرت ولمدة تتجاوز الأربعين عاما أي من العام 1830 وإلى العام 1871 تاريخ نهاية مقاومة الشيخ المقراني وعليه فمن حقنا أن نتساءل كم من الجزائريين أبادت فرنسا طوال تلك الفترة الزمنية والتي حدث ما حدث فيها في لحظة غفلة من الزمن .

وبالموازاة مع حرب الإبادة هذه والجارية على قدم وساق ضد الجزائريين فإن تيارا آخر مضادا من الهجرة الأوروبية يسيل باتجاهها كالسيل الجارف على اعتبار أن احتلال الجزائر فرنسيا ولكن استيطانها أوروبيا وهذا وكما هو معلوم للجميع ولذلك فقد تدفق الأوروبيون على الجزائر ومنذ اللحظة الأولى لعملية الغزو والهدف كان واضحا هو أن تصبح الجزائر وكما قال الجنرال بيجو سان دومنع جديدة وللعلم فإن سان دومنغ هي مستعمرة إسبانية ثم فرنسية تقع في البحر الكاريبي كما أننا كلنا نعلم كيف كاد سكانها من الهنود الحمر أن ينقرضوا لصالح الرجل الأبيض المستوطن وهذا بفعل الحروب التي شنها الأوروبيون عليهم وبفعل العمل القسري وسياسة التجويع والتعذيب وكلها أساليب استخدمها الاستعمار الفرنسي في الجزائر وكما أدت إلى إبادة سكان سان دومنع فسوف يكون لها نفس الأثر في الجزائر أيضا . كما صرح الجنرال كلوزيل للمعمرين في 10 أوت 1835 قائلا : " لكم أن تؤسسوا من المزارع ما تشاءون، ولكم أن تستولوا عليها في المناطق التي نحتلها وكونوا على يقين بأننا سنحميكم بكل ما نملك من قوة وبالصبر والمثابرة سوف يعيش هنا شعب جديد، وسوف يكبر ويزيد بأسرع مما كبر وزاد الشعب الذي عبر المحيط الأطلسي واستقر في أمريكا من بضعة قرون " 105 .

ولأجل تحقيق تلك الغايات السابقة وعلى رأسها جعل الجزائر فرنسية فقد بدأ الاحتلال في توطين شذاذ الآفاق ممن أكبتهم السفن القادمة من مارسيليا واسبانيا والذين هم لا ذمة ولا ضمير لهم وإنما هم بلاء مستطير متكالبين على بيع العقارات تكالب الجياع على القصاع 106 نعم لقد تطور الاستيطان الأوروبي فمثلا في العام 1843 وصل إلى الجزائر 14 ألف و137 مهاجرا وكانوا خليط من الفرنسيين والألمان ولإرلنديين والسويسريين 107 . ليتضاعف عدد المعمرين وبسرعة ليصل فيما بين العامين 1839 / 1850 تعداد 497 63 معمر ثم إلى عدد 641 675 بين سنتي 1921 و 1929 108 . وليصبح عددهم عشر سكان الجزائر في العام 1962 حوالي المليون معمر . علما بأن عدد المستوطنات الفرنسية في الجزائر قد بلغت هي الأخرى عدد 150 مستوطنة في العام عام 1850 وليرتفع العدد إلى 207 مستوطنة في العام 1880 وفي عام 1920 وصل العدد إلى 217 مستوطنة . 109 .

ولقد كان: " إعمار الجزائر ديموغرافيا بفرنسيين أصليين، كان هذا غير ممكن بالعدد المطلوب بسبب العجز الديموغرافي الفرنسي المزمن . مما دفع فرنسا الاستعمارية تبني سياسة الاستيطان الأوروبي الواسع للجزائر والذي يتمثل في الإسبان والبرتغاليين و المالطيين " 110 . وهذا لكون سياسة التقتيل والنفي الجماعي والتي مارستهما فرنسا وعلى نطاق واسع قد تركا مناطق شاسعة من الجزائر خالية من السكان ولذلك عجزت فرنسا عن تعميرها بالفرنسيين الأقحاح فاستعانت في هذا بباقي الجنسيات الأوروبية الأخرى لتغطية العجز السكاني الخاص بالاستيطان في الجزائر وهذا لكون فرنسا في بداية احتلالها للجزائر كانت تعرف عجزا في حيويتها السكانية وحتى ألمانيا وبريطانيا لم تحافظا على وفرة الزيادات السكانية ولو كان الأمر عكس هذا لغمرتا الجزائر بسيل من الأوروبيين ويقول هنرى فابرود Henri Faberod صاحب كتاب الجزائر الفرنسية بأنه لم حدث ذلك لكان في الجزائر اليوم 7 أو 8 ملايين على أقل تقدير في الجزائر مقابلين 3 ملايين أو أربعة ملايين من المسلمين ويعقب فرحات عباس عن هذا الكلام بقوله نعم لو كانت لفرنسا حيوية تناسلية قوية لتحقق حلم بيجو ولأصبحت جريمة الاستعمار جريمة تامة كاملة 111 .

وبعد هذا نقول بأن معالم سياسة الإبادة الجماعية لا تظهر فقط في قتل الرجال وإنما هي قبائل بكاملها أبيدت وأعراش كاملة محيت من الوجود ناهيك عن بقر نساء الحوامل وجرائم النفي والتشريد وهذا يذكرنا بطرد قبائل هنود الشيروكي Cherokees إلى غرب نهر المسيسبي وهناك هلكوا جميعا وإبادة سكان سهول متيجة توازي إبادة هنود الشمال الشرقي الأمريكي والذي أصبح خالصا للمستوطنين ونفس المصير لاقاه سكان المناطق السهلية الأخرى . وسياسة صيد الرؤوس والتي طبقت في الجزائر لهي مستوحاة من سياسة صيد رؤوس الهنود الحمر في الو م أ كشعب وخاصة تلك التي تمت ممارستها ضد شعب السانتي والقاطن في منطقة البراري العظمى .

وما زاد من فظاعة حرب الإبادة تلك والتي نشتها علينا الاستعمار الفرنسي وجعل من القرن التاسع عشر قرنا عصيبا جدا على الجزائريين هو تلك النوعية الرديئة للجنود الفرنسيين العاملين في الجزائر والذين لا علاقة لهم بالحرب ولا بقوانينها لأنهم من حثالة المجتمع ومن وصعاليكه فها هو القبطان كلير clair يخبرنا بأنه: " لا بد من الاعتراف بأنني كثيرا ما واجهت صعوبات مع الجنود الذين تتألبف منهم سريتي فأصل هؤلاء الجنود كما لا يخفى عليكم من السجون ومن حثالات الجيش " 112 وما يصدق على الجيش وجنوده يصدق أيضا على المعمرين المدنيين وعلى رأسهم المالطيين والذين يصفهم كافينياك بأنهم كانوا: " خنازير تمشي على قدمين قد انغمسوا في النخاسة والوحل " 113 ولذلك فليس مستغربا أبدا ما قاموا به في الجزائر من أعمال نافسوا بها قطعان الضباع في البراري .

وما زاد كذلك من بشاعة حرب الإبادة ضد الجزائريين هو طبيعة الجنود الفرنسيين العاملين في الجزائر فهم من حثالة وسفلة المجتمع والذين كون منهم الفرنسيون فرقة عسكرية تسمى فرقة باريسlégion de paris والتي لم يكن فيلق من اللصوص . وتكفي هذه الفقرة والتي تقتبسها من كتاب ليل الاستعمار لعباس فرحات لنتعرف عن قرب عن طبيعة هؤلاء المعمرين والذين هم أكثر وحشية وهمجية من جيشهم الحامي لهم فهم وحين تتعالى أصواتهم الداعية إلى الفتك بالمسلمين وتنذرهم بالويل والثبور وعائم الأمور فكأننا نسمع زئير الأسود والضباع النهمة الجائعة تطوف حول معسكراتنا " . 114

كما يجب علينا أن نعرف وضعهم الاجتماعي فالمؤكد أنهم لم يكونوا من علية القوم ومن طبقاته المحترمة وإنما الأمر المؤكد هو أن ما يجمع بينهم جميعا هو الفقر والحاجة وفي مقابل هذه الرغبة في تكوين الثروات على حساب الجزائريين وهذا ما يخبرنا به عباس فرحات وهذا حينما يتحدث عن تلك الجماهير الغفيرة والتي أكبتها السفن القادمة من مارسيليا واسبانيا وإيطاليا والذين هم لا ذمة ولا ضمير فانتشروا كالبلاء المستطير 115 وماذا كنا ننتظر من همج تلك هي طبائعهم ومن بدو باريس كما يصفون غير الذي فعلوه في الجزائر من أعمال يستحى حتى البرابرة من فعلها لأن معمري الجزائر كانوا في غالبيتهم من اللصوص والمنحرفين 116 والذي يتصفح الانترنيت يجد بأنه وفي العام 2001 قد صدر كتاب بعنوان " الجزائر 1955 - 1957 " من قبل أحد الجنرالات الفرنسيين العاملين في الجزائر تحدث فيه عن جرائم الإبادة التي ارتكبها الجيش الفرنسي العامل في الجزائر إلى حد وصف نفسه بالقاتل ووصف زملائه في الخدمة بعصابة القتلة ولكننا نتحفظ على الحديث عن هذا الكتاب لأننا لم نستطع الحصول عليه بعد في السوق الجزائرية .

نعم يا سادتي الكرام فمثل هذه الاعترافات ليست بالجديدة علينا . كما أن أعمال اللصوصية هي الأخرى التي مارسها الفرنسيون في الجزائر ليست هي الأخرى جديدة فهي عرف وتقليد تعارف عليهما المستعمر الغازي ومنذ اللحظة الأولي والتي دخل فيها مدينة الجزائر العاصمة ونهبتها وعاد يحمل المسروقات بتعبير أو القاسم سعد الله والتي يسميه هؤلاء اللصوص تحفا فها هو الكولونيل دي مونتي Colonel de Monteيذهب إلى أبعد من هذا فيقول: " ما أشد سذاجة من يصدق ما يدعيه المختلقون للبلاغات الكاذبة فيزعمون أنهم عظماء لأنهم احرقوا الغلة وسرقوا الغنم وطاردوا واختطفوا السكان العزل " 117 وهذه كلها أعمال لصوص جبناء لا جيش يحمل لواء المدنية والحضارة في الشواطئ الإفريقية .

ولكنه والحق يقال بأن هناك بعض الفرنسيين ممن كانوا يرفضون أن ترتكب تلك الفظائع باسم فرنسا ولكن أصواتهم كانت غير مسموعة لأن العصر كان عصر انتصار فرنسا الاستعمارية على حساب فرنسا عصر الأنوار وعلينا أن ننتظر أكثر من قرن من الزمن حتى يفلس الفكر الاستعماري وتميل كفة الميزان لصالح فرنسا الجمهورية كما يسميها عباس فرحات فمثلا اللجنة الإفريقية في العام 1834

قد كتبت تقريرا يدين الساسة الفرنسية في الجزائر ووثقت لحالة الظلم الواقع على الجزائريين ولتلك الجرائم الممارسة في حقهم ولكن موجة أنصار الاستعمار الشامل للجزائر كانت أعلى وأقوى منهم في تلك المرحلة التاريخية .

 

وماذا عن الإبادة الحضارية لشعبنا؟

والغزاة لم يكفهم ما سبق ذكره فها هم قد رؤوا في هوية الشعب الجزائري خطرا يهدد وجودهم في المستقبل ولذلك فقد شنوا حربا شعواء على كل ما هو جزائري بهدف إطفائه والقضاء عليه وإبادته فالروح الوطنية التي كانت تغذي مقاومة الشعب الجزائري اعتبروها مجرد تعصبا يجب القضاء عليه والأمير عبد القادر عندهم ليس أكثر من مرابط Marabout أي رجل دين متعصب أراد فقط أن يخلف الأتراك في حكم الجزائر . ولهذا فقد عمدوا إلى محاربة هوية الشعب الجزائري تحت راية محاربة التعصب ونسوا بأن الجزائريين يدافعون عن أرضهم وعرضهم ضد التعصب الاستعماري البغيض والذي يرى أن كل شيء عداه هو خطيئة يجب القضاء عليها وهذا هو عين التعصب . ولو نجح الفرنسيون في عملية إبادة الهوية الحضارية للشعب الجزائري لتحولت الجزائر إلى استراليا جديدة وإلى مكسيك جديدة ولبقي المستعمر فيها وإلى الأبد كما هو حال مقاطعات فيما وراء البحار مثل مايوت Mayotte وغويانا الفرنسية Guyane française لأن الإبادة الحضارية أخطر بكثير من الإبادة المادية للأشخاص وما دام قد بقي فردا واحدا من الشعب حي فهذا يعني أن أمته ككل لن تباد أما أن يبقي الشعب وتباد الهوية فهذا يعني فناء الأمة ككل وإلى الأبد ولكانت الجزائر قد تحولت إلى أندلس جديدة لكون النظام الاستعماري كان يرى في نفسه الوريث الشرعي لروما القديمة ولهذا وكما أبادت روما القرطاجيين ففرنسا يجب أن تبيد الجزائريين وهذا حتى يتحقق السلم الفرنسي كما تحقق السلم الروماني قديما على أطلال قرطاج . كما أن فرنسا هي البنت الكبرى للكنيسة الكاثوليكية وهذه الأخيرة قد أبادت هويات العديد من الشعوب المختلفة عنها مثل أتباع دوناتوس Donatus Magnus في شمال إفريقيا ومعهم أتباع آريوس Arius والهوية الأندلسية ومجموعة الكاثار Cathars ومحاولة إبادتها للبروتستانت ولكنها فشلت وإبادة هويات بأكملها في العالم الجديد . ففرنسا ابنتها الكبرى هي الأخرى قد سارت على نفس خطاها في الجزائر المستعمرة وإنه لأمر عجيب أن تتحالف العلمانية مع الكنسية في الجزائر لأجل تحقيق الأهداف الاستعمارية القذرة بها والمتمثلة في محو الجزائر من الوجود وإلى الأبد وهكذا تصبح الجزائر أرضا خالية بالمفهوم الاستعماري ويكمل هو جريمته فيها ومن دون شهود عليها وهنا نصبح بتعبير فرحات عباس جريمة كاملة .

وتجسدت معالم الإبادة الحضارية للجزائر في تغيير هوية الجزائر من دولة عربية بربرية مسلمة إلى محاولة جعلها فرنسية غربية المعالم لا عن طريق الاتفاق والرضا من قبل أهلها وإنما بواسطة الاضطهاد والإكراه وأعمال التخريب والتدمير كما هو الحال في عملية تهديم المنازل والمساجد والمدارس والزوايا وحتى المقابر طالتها عمليات التخريب والهدم ولتظهر على أنقاضها الكنائس والفنادق والساحات العامة والثكنات خدمة لمصالحهم الاقتصادية والعسكرية . ويخبرنا أبو القاسم سعد الله في ج 1 من أن الفرنسيين قد عمدوا إلى تغيير أسماء الأبواب والشوارع والمؤسسات وهذا بإعطائها أسماء رومانية وأوروبية ودينية مسيحية وتاريخية ومنها شارع شارل الخامس Charles Quint شارع دوكينdoquin   rueشارع كليبر Kleber rue كما طال التغيير أسماء الأبواب أيضا فباب المرسي أصبح باب فرنسا وهكذا بدأ وجه مدينة الجزائر يتحول من الطابع الشرقي إلي الطابع الغربي . كما عمد الفرنسيون إلى إدخال عاداتهم وتقاليدهم فأصبحت الجزائر تحتوى على الكباريهات والمقاهي ومحافل الماسونية والمراقص والكحوليات 118 وللتوسع أكثر راجع ابو القاسم سعد الله ج 1 الفصل الخاص بطمس معالم المدن والتدخل في القيم الوطنية الصفحة 60 وما بعدها.

إضافة إلى ما سبق نجد عمليات الفرنسة ومسخ الهوية الوطنية والتي استمرت لمدة أكثر من قرن من الزمن ضمن عمل دءوب يسعى لأجل تدمير الهوية الوطنية الجزائرية وكلها تدخل ضمن جريمة الإبادة الجماعية حسب القانون الدولي . ومنها أيضا نقل أعضاء من جماعة عرقية وثقافية إلى جماعة أخرى رغما عن إرادتهم كما حصل في عمليات التنصير المختلفة للشعب الجزائر 1500 طفل مع لافيجري وهذا يدخل في خانة الإبادة اللامادية والمجرمة في القانون الدولي . ولقد مارستها فرنسا على نطاق واسع وبكل ما أوتيت من قوة بغية إبادة الشعب الجزائري معنويا . ومعها أيضا جريمة منع الأطفال الجزائريين من التحدث بلغتهم في المدارس الفرنسية وهي تدخل في باب الإبادة الثقافية للشعب الجزائري والرامية إلى تغيير معالم المجموعة البشرية دينيا ولغويا وهذا ما أقدمت عليه فرنسا من خلال سياسة التنصير والفرنسة لأنهم وحسبها لن يصبحوا وكما هو معلوم للعام والخاص فرنسيين أي إبادة جنسهم وهويتهم وثقافتهم ويصبحوا فرنسيين عرقيا وإثنيا إلا إذا أصبحوا مسيحيين . أما موقفهم من اللغة العربية فهو يحتاج إلى دراسة قائمة بذاتها ويكفي القول بأن الاستعمار اعتبرها لغة أجنبية في الجزائر ولذلك فقد عمل بكل ما يملك لأجل طمسها ومحوها من الجزائر وإحلال الفرنسية كلغة للجزائريين محلها .

كما أن فرنسا قد مارست نوعا آخرا من الإبادة الناعمة وهذا عبر انتهاجها لسياسة النفي الفردي والجماعي إلى الجزر البعيدة والنائية مثل غوادالوب وسانت مارغريت Saint Margaret وغيرهما من جرر المحيط الهادي وكل هذا يؤدي إلى تفريغ وبصورة تدريجية للجزائر من سكانها ويخبرنا أبو القاسم سعد الله في كتابة تاريخ الحركة الوطنية الجزء الأول بأن جزيرة سانت مارغريت لوحدها في العامين ما بين 1841 و 1843 قد استقبلت حوالي 80 شخصية من الزعامات المحلية ومع بعضهم طبعا أهاليهم ومواليهم أما الذين أرسلوا إلى الجزر النائية في المحيط الهادي وأمريكا اللاتينية أو سجون فرنسا الأخرى فلعله أكبر من أن يحصيه كومبيوتر في الوقت الحالي 119

ولهذا فإن الهجرة قد أفرغت المدن الجزائرية خاصة من كثير من سكانها فمدينة قسنطينة مثلا قد خسرت عشر سكانها في الفترة ما بين 1837 و 1845 120 أما مدينة بجاية فلم يبق بها ثلاث عائلات عربية وهذا بعد 13 سنة من احتلالها أي في العام 1846 121 أما الباقي فأبيد أو أرغم على الرحيل منها وإلى الأبد والمتبقي طريدا وشريدا ونفس المأساة تتكرر مع سكان باقي الأنحاء الجزائرية الأخرى فسكان الغرب أي وهران وتلمسان ومعسكر قد هاجروا صوب المغرب الأقصى أما سكان العاصمة والمدية وقسنطينة وعنابة وبجاية فقد هاجروا نحو تونس والمشرق العربي حتى أنه قد ظهرت دعوات لهجرة الجزائر وبصورة جماعية ما دام الكافر قد تغلب عليها ومع سياسة النفي والقتل الجماعي والذي رافق عمليات احتلال مدينة قسنطينة مثلا والاستيلاء على عاصمة الأمير عبد القادر الزمالة فإن عدد سكان الجزائر قد انخفض في الفترة ما بين سنتي 1840 و 1848 ب 10 ٪ من مجموع سكانها 122 وبعد هذا يأتي السيد فرانسوا هولاند ويقول لنا بأنه لم تكن هناك عمليات إبادة في الجزائر أية إهانة واحتقار لذاكرة أمتنا ولأرواح شهدائنا وعلى رأسهم ألأمير عبد القادر والشيخ المقراني ولالا فاطمة نسومر والعربي بن بن امهيدي ومصطفي بن بولعيد أكبر من هذه .

 

أخيرا لما لم يبدونا؟

ولمن يتساءل بالقول ولما لم يبدونا عن بكرة أبينا؟ الجواب هنا لا يستحق الكثير من التفكير ونقطة انطلاق إجابتنا عن هذا السؤال ستكون مع عباس فرحات وكتابه ليل الاستعمار والذي جاء فيه بأن: " الاستعمار الفرنسي جعل نصب أعينه هدفا واحدا وهو تأهيل الجزائر وتعميرها بسكان أوروبيين يحلون محل الجزائريين ولكن مساعيه في هذا الميدان أخفقت كل الإخفاق نعم فإن إصرار الشعب الجزائري العنيد على البقاء فوق أرض الإباء والأجداد أحبط كل مساعي الاستعمار الرامية إلى تعمير بلادنا بجيش عرمرم من الأوروبيين " 123 وهذا الرأي يشاطره فيه السفاح كافينياك والذي أقر هو الآخر باستحالة إبادة الجزائريين أو تشريدهم في الفيافي والقفار . 124 نعم إن الجزائر ليست مزرعة في أمريكا كما توهم الفرنسيون ولا أهلها مجموعة من الهنود الحمر تكفي فقط فرقة عسكرية وحيدة لتبديد شملهم بتعبير المؤرخ الكبير أبو القاسم سعد الله . نعم إن الجزائر كان يسكنها شعب يختلف عن الهنود الحمر من حيث كونه لم يكن شعبا متخلفا بل كان شعبا يطاول الشعب الفرنسي في عدة جوانب وهو لا يقل عنه شجاعة إن لم يكن يتفوق عليه في هذا الجانب وكنا شعبا وبشهادتهم قويا ومحاربا فها هو الماريشال بيجو يقول بأن: " العرب وهو هنا يقصد الجزائريين كلهم أهل حرب وبأس وكلهم فرسان مغاور يتقنون أينما إتقان امتطاء صهوات الخيل ولكل واحد منهم فرس وبندقية وكلهم يخوضون غمار الحرب من الشيخ الهرم البالغ من العمر ثمانين سنة إلى الطفل البالغ 15 سنة " 125 . كما أننا لم نكن أبد بالمتخلفين وإنما خاننا فقط ميزان القوة والذي رجح لصالح الفرنسيين بفضل الثورة الصناعية ولا شيء أكثر من هذا مطلقا . ثم إن دين الشعب الجزائري دين لا يقهر أبدا وأعطى للشعب الجزائري قوة معنوية دافعة حالت دون ذوبانهم في الغازي أو القبول بالأمر الواقع والذي فرضه بقوة الحديد والنار نعم لقد تم هزمنا عسكريا ولكن نفسيا فتلك مسألة أخرى فالمستعمر لم يحقق نصرا نفسيا على الشعب الجزائر مطلقا وعندما يكتسب هذا الأخير القوة المادية فسوف يغير مجرى التاريخ وإلى الأبد . كما أن هناك سبب آخر لعدم إبادتنا يتمثل في كون المحتل في كثير من الأحيان كان مهتما بأعمال السلب وبجمع الغنائم وعدم امتلاكه القوة الكافية لانجاز هذه المهمة الذرة كما هو الحال مع سانت أرنوا والذي يخبرنا بأن أولا سعيد قد تركوا نسائهم وأولادهم في الأدغال وكان بإمكانه أن يبدهم ولكن لم يكن معي العدد الكافي من الجنود 126 وبعدها يتحدث السيد هولاند عن عدم وجود نية لإبادتنا وهم لو كانت لهم القوة الازمة لتنفيذ هذه الجريمة لما توانوا لحظة واحدة في تنفيذها .

 

كما أنهم قد أبقوا على من بقي منا وهذا لنكون خدما لهم في بيوتهم وحراسا لمزارعهم ولوحداتهم الإنتاجية ولأعمال السخرة لكي يبنوا منازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم وليعبدوا الطرقات الضامنة لسهولة تنقلهم ولرفاهيتهم وأخيرا لنكون جنودا ندافع عن مصالحهم الأنانية إذا ما تهددها خطر وهذا الكلام ليس من عندنا وإنما هو ما كان من ممارساتهم اليومية والموثقة في مراسيمهم وقراراتهم الصادرة في حق الجزائريين 127 . كما أنهم لم يبدونا ليس حبا فينا ولا لأن ضميرهم قد أنبهم فالذي أباد قبيلة بأكملها يمكنه أن يبد شعبا وأمة بكاملهما ولا لرهافة إحساسهم فهم لا ذمة ولا ضمير لهم . ولا لمبادئ الثورة الفرنسية الكبرى والتي خانوها وإنما صعوبة إبادتنا كانت تكمن في وضعهم لخطة منافية للرشد السياسي والمتمثلة في إبادة العرب وإقصائهم من بلادهم وهذا ليس كلامنا نحن وإنما هو كلام المنظر الاستعماري بريفوس بارادول Brhiphus Baradol في كتابه فرنسا الجديدة ننقله عن عباس 128 .

وما حال دون إبادتنا أيضا هو أن القتل لم يكن كاملا وأن النهب والتخريب قد مورس بقدر غير كاف وكانت النية مبيتة لإبادتنا جميعا فها هم هؤلاء المستعمرين يعلنونها وبصراحة من أنهم لم ينتهوا منا بعد وأنه كان من الواجب عليهم إفنائنا جميعا مثل الهنود الحمر 129 خاصة وأن وجودنا في الجزائر قد أصبح يتعارض مع عظمة ومصلحة فرنسا كما يقولون ولذلك وجب إبادتنا لتفسح الطريق أمام تلك العظمة أو نصبح أعضاء في الآلة العسكرية المجسدة لتلك العظمة أو نركع تحت أقدامهم كالكلاب بحسب تعبيرهم ولهذا فقد اختاروا حلا وسط فكل من يعترض طريقهم مصيره الإبادة وأما من يرضخ ويركع كالكلب من قياد وبشاغوات وبني وي وي فلا بأس من الإبقاء على حياته ليس حبا فيه وإنما لأن مصالحهم تقتضي أنصاف عبيد أو قل عبيد في وضع غير قانوني يسهرون على خدمة تلك المصالح ولقيادة ما تبقي من القطيع خدمة لأسيادهم . وكلما توسع الفرنسيون في الجزائر جنوبا إلا واكتشفوا أهمية المناطق الجديدة اقتصاديا فاحتلال واحة الزعاطشة وبسكرة سوف يفتح طريق التجارة نوح الجنوب وسوف يغيرها أيضا نحو الجزائر العاصمة أي التجارة الصحراوية بدلا من تونس ونفس الأمر مع تجارة الشطر الغربي من الجزائر بدلا من المغرب الأقصى ستكون وجهتها هي الأخرى الجزائر العاصمة المحتلة ولذلك شاهدنا إبادة سكان الأغواط فيما يعرف بعام الخلية 1852 وهكذا هي إرادة الأقوى إبادة كل من يقف حسبهم في وجه أطماعهم التوسعية .

نعم لقد فشلت سياسة الإبادة الجماعية الفرنسية في الجزائر ولو جزئيا لكون المهاجرين الأوائل كانوا: " شديدي الجشع حريصين على الإثراء السريع والعودة إلى فرنسا وأوروبا بعد ذلك " 130 ولذا فهم لم يحفلوا بإبادة كل السكان ونجا من نجا وخاصة أولئك الذين فروا إلى الجبال وإلى المناطق النائية . والتي منها سيعوض الجزائريون خسائرهم البشرية والتي مستهم خلال تلك العمليات العسكرية الوحشية وهذه القوة البشرية هي من سوف يهد معبد اللصوص الذي أقامته فرنسا الاستعمارية في بلادنا وظل قائما ولو إلى عام 1962 .

وفي الأخير نقول بأنه يجب على فرنسا أن تعترف بجرائم حرب إبادتها للجزائريين حتى تـُـطوي صفحة ذلك الماضي الأليم وإلى الأبد وتقام علاقات على قواعد وأسس متينة بعيدا عن منطق المجاملات والكذب والنفاق السياسي . فالذين أبادتهم فرنسا هم آباؤنا وأجدادنا وإخوتنا وأعمامنا وأخوالنا وجداتنا وأمهاتنا وعماتنا وخالاتنا وزوجاتنا وبناتنا جميعا ومحال أن تجد بيتا في الجزائر لم ترق فرنسا منه دما فكيف يريدون منا أن نبني علاقة أخوة إنسانية وعلاقة حسن جوار وهم لا يعترفون بأنهم هم من قتلوا وأبادوا أهالينا .

 

خلف الله سمير بن امهيدي / الطارف / الجزائر

.................

الهوامش

- 01 منير العكش أمريكا والإبادات الجماعية الطبعة الأولى رياض الريس للكتب والنشر بيروت لبنان 2002 ص 15

- 02 سعدي بريان جرائم فرنسا في الجزائر من الجنرال بوجو إلى الجنرال أوساريس دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع 2005 ص 23

- 03 يحي بوعزيز سياسة التسلط الاستعماري والحركة الوطنية الجزائرية 1830 – 1954 ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 2007 ص 7              

- 04 نفس المرجع ص 21

- 05 عبد الحميد زوزو ثورة الاوراس 1879 المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر 1986 ص 50 / 51

06 - مصطفي الشرف الجزائر الأمة والمجتمع تعريب حنفي بن عيسى دار القصبة للنشر الجزائر 2007 ص 285     - 07 نفس المرجع ص 312     - 08 نفس المرجع ص 302

- 09 فرحات عباس ليل الاستعمار ترجمة أبو بكر رحال وزارة الثقافة الجزائر 2009 ص 78

- 10 نفس المرجع ص 79

- 11 مصطفى الأشرف المرجع السابق ص 114 - 12 نفس المرجع ص 107

- 13 نفس المرجع ص، ص 107 و 108   - 14 نفس المرجع ص 343

- 15 أبو القاسم سعد الله الحركة الوطنية الجزائرية الجزء الأول الطبعة الرابعة دار الغرب الإسلامي بيروت لبنان 1992 ص 66 - 16 نفس المرجع ص 108   - 17 نفس المرجع ص 228

- 18 السعيد بورنان شخصيات بارزة في كفاح الجزائر1830-1962 رواد المقاومة الوطنية في القرن 19 ط2 دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع الجزائر 2004 ص 24

- 19 مصطفى الأشرف المرجع السابق ص 107   - 20 نفس المرجع ص 294

- 21 السعيد بورنان المرجع السابق ص 24

- 22 عاشور مرزاقة جرائم فرنسا في الجزائر -الإبادة الجماعية- أنموذجا (1849-1830) مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر تخصص تاريخ معاصر السنة الجامعية 2013 – 2014 ص 36

23   - LE COMTE D’HÉRISSON LA CHASSE A L’HOMME GUERRES D’ALGÉRIE النسخة الإلكترونية من موقع http://www.algerie-ancienne.com   ص 17

- 24 Marc FERRO Le Livre noir de la colonisation XVIe-XXIe siècle de l'extermination à la repentance Robert Laffont Paris 2003 ص 491

- 25 موسوعة ويكبيديا

- 26 فرحات عباس ليل الاستعمار المرجع السابق ص 100

- 27 أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص 73

- 28 مصطفى الاشرف المرجع السابق ص 415

- 29 قيس محمد الرعود جريمة الإبادة الجماعية في القانون الدولي دار وائل للنشر ط 1 عمان   2010 ص 27

- 30 يوسف حسن يوسف الجريمة الدولية المنظمة في القانون الدولي مكتبة الوفاء القانونية ط 1 الإسكندرية 2011 ص 114

- 31 عباس محمد الصغیر فرحات عباس من الجزائر الفرنسية إلى الجزائر الجزائرية ( 1927 (1963- مذكرة مقدمة لنیل شھادة الماجستیر في تاریخ الحركة الوطنیة جامعة منتوري قسنطینة كلیة العلوم الإنسانیة والعلوم الإجتماعیة السنة الجامعیة 2007/2006 ص 71

- 32 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 20   - 33 نفس المرجع ص 73

- 34 نفس المرجع ص 75

- 35 مصطفى الأشرف المرجع السابق ص 307   - 36 نفس المرجع ص 304

- 37 أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص 47

- 38 سعدي بريان جرائم فرنسا في الجزائر من الجنرال بوجو إلى الجنرال أوساريس دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع 2005 ص 22

- 39 إيمان علي إسماعيل مقال بعنوان " لم نرتكب جرائم في الجزائر ولن نعتذر للجزائريين " جريدة النهار الجديد الجزائرية ليوم الإربعاء 22 أفريل 2015  

- 40 بوحسون العربي التاريخ والأنثروبولوجيا أي علاقة؟ دراسة في الأنثروبولوجيا الاستعمارية دورية كان التاريخية العدد الثاني والعشرون ديسمبر 2013 ص، ص 152 / 156

- 41 موسوعة ويكبيديا

- 42 أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص 36

- 43 سعدي بزيان جرائم فرنسا في الجزائر المرجع السابق ص 19 - 44 نفس المرجع ص 20

- 45 نفس المرجع ص 21

- 46 LE COMTE D’HÉRISSON المرجع السابق ص 134

- 47 مصطفى الأشرف المرجع السابق ص 109

- 48 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 78

- 49 سعدي بزيان جرائم فرنسا في الجزائر المرجع السابق ص 23

- 50 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 105 و 117

- 51 منير العكش المرجع السابق ص 90

- 52 منير العكش المرجع السابق ص 79

- 53 سفر التكوين 1: 26 53

- 54 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 30 و 31

- 55 LE COMTE D’HÉRISSON المرجع السابق ص 25

- 56 جيرار لكلرك الأنثروبولوجيا والاستعمار ترجمة جور كتورة الطبعة الثالثة المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع لبنان 1990 ص 20   - 57 نفس المرجع ص 157

- 58 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 105

- 59 سعيد بورنان المرجع السابق ص 32

- 60 التوراة سفر الخروج 23: 23   - 61 إنجيل متى 10: 34 و 35

- 62 إنجيل لوقا 18: 27

- 63 مصطفى الأشرف المرجع السابق ص 342     - 64 نفس المرجع ص 353

- 65 نفس المرج ص، ص 353 و 354

- 66 سعدي بزيان جرائم فرنسا المرجع السابق ص 19

- 67 أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص 228

- 68 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 101   - 69 نفس المرجع ص 87

- 70 مصطفى الأشرف المرجع السابق ص 110   - 71 نفس المرجع ص 113

- 72 نفس المرجع ص 334

- 73 LE COMTE D’HÉRISSON المرجع السابق ص 18 - 74 نفس المرجع ص 135

- 75 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 86

- 76 LE COMTE D’HÉRISSON المرجع السابق ص 134 - 77 نفس المرجع ص 76

- 78 أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص 43

- 79 عاشور مرزاقة المرجع السابق ص 31

- 80 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 82

- 81 مصطفى الاشرف المرجع السابق ص 108

- 82 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 61 و 62 - 83 نفس المرجع ص 80

- 84 منير العكش ص 28

- 85 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 73 - 86 نفس المرجع ص 93

- 87 نفس المرجع ص 75

- 88 أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص 67

- 89 محمد علي دبوز نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة ج1 ط1 المطبعة التعاونية الجزائر 1965 ص10

- 90 مذكرات العقيد أسكوت من إقامته في زمالة الأمير عبد القادر1841 ترجمة وتعليق إسماعيل العربي الشركة الوطنية للنشر والإشهار الجزائر 1981 ص 91

- 91 مصطفى الأشرف المرجع السابق ص 109   - 92 نفس المرجع ص 110

- 93 نفس المرجع ص 80

- 94 عمورة عمار موجز في تاريخ الجزائر ط 1 دار ريحانة للنشر والتوزيع الجزائر 2002 ص 117

- 95 سعدي بزيان المرجع السابق ص 21

- 96 حمدان بن عثمان خوجة المرآة، تقديم وتعريب وتحقيق محمد العربي الزبيري تصدير عبد العزيز بوتفليقة منشورات الجزائر 2006 ص 216

-97 أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص 163

- 98 سعدي بزيان المرجع السابق ص 16

- 99 السعيد بورنان المرجع السابق ص 24   - 100 نفس المرجع 30

- 101 فيلم على اليوتوب " عام الخلية: فيلم وثائقي حول الإبادة الجماعية التي ارتكبتها فرنسا في ولاية الأغواط سنة 1852 "

- 102 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 90

- 103 الطاهر عمري إشكالية الفهم كزاوية لكتابة تاريخ الاستعمار الفرنسي بالجزائر مقال منشور بمنتدى طلبة جامعة بسكرة 13 ديسمبر 2010

- 104 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 82

- 105 عمورة عمار المرجع السابق ص 118

- 106 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 93   - 107 نفس المرجع ص 177

- 108 عمورة عمار المرجع السابق ص 119

- 109 موسوعة ويكبيديا

- 110 عباس محمد الصغير المرجع السابق ص 71

- 111 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 106 و 107

- 112 مصطفى الاشرف المرجع السابق ص 111   - 113 نفس المرجع ص 294

- 114 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 100   - 115 نفس المرجع ص 93

- 116 يحي بوعزيز المرجع السابق ص 8

- 117 مصطفى الاشرف المرجع السابق ص 342

- 118 أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص 64 و 65   - 119 نفس المرجع ص 233

- 120 نفس المرجع ص 252

- 121 مصطفى الاشرف المرجع السابق ص 218

- 122 أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص 250 و 251

- 123 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 16

- 124 مصطفى الاشرف المرجع السابق ص 294

- 125 عباس فرحات ليل الاستعمار المرجع السابق ص 60  

- 126 نفس المرجع ص 82   - 127 نفس المرجع ص 110 - 128 نفس المرجع ص 71

- 129 - فرحات عباس الجزائر من المستعمرة إلى الإقليم الشباب الجزائري ترجمة أحمد منور

منشورات وزارة الثقافة 2007 ص 121

- 130 يحي بوعزيز المرجع السابق ص8

 

قائمة المراجع

- أبو القاسم سعد الله الحركة الوطنية الجزائرية الجزء الأول الطبعة الرابعة دار الغرب الإسلامي بيروت لبنان 1992

- إيمان علي إسماعيل مقال لم نرتكب جرائم في الجزائر ولن نعتذر للجزائريين جريدة النهار الجديد ليوم الاربعاء 22 أفريل 2015

- الطاهر عمري إشكالية الفهم كزاوية لكتابة تاريخ الاستعمار الفرنسي بالجزائر مقال منشور بمنتدى طلبة جامعة بسكرة 13 ديسمبر 2010

- إنجيل لوقا

- السعيد بورنان شخصيات بارزة في كفاح الجزائر1830-1962 رواد المقاومة الوطنية في القرن 19، ط2 دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع الجزائر 2004

- بوحسون العربي التاريخ والأنثروبولوجيا أي علاقة؟ دراسة في الأنثروبولوجيا الاستعمارية دورية كان التاريخية العدد الثاني والعشرون ديسمبر 2013

- جيرار لكلرك الأنثروبولوجيا والاستعمار ترجمة جور كتورة الطبعة الثالثة المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع لبنان 1990

- موسوعة ويكبيديا

- حمدان بن عثمان خوجة المرآة تقديم وتعريب وتحقيق محمد العربي الزبيري تصدير عبد العزيز بوتفليقة منشورات الجزائر 2006

- يوسف حسن يوسف الجريمة الدولية المنظمة في القانون الدولي مكتبة الوفاء القانونية ط 1 الإسكندرية 2011

- يحي بوعزيز سياسة التسلط الاستعماري والحركة الوطنية الجزائرية 1830 – 1954 ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 2007

- محمد علي دبوز نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة ج1 ط1 المطبعة التعاونية، الجزائر 1965

- منير العكش أمريكا والإبادات الجماعية الطبعة الأولى رياض الريس للكتب والنشر بيروت لبنان 2002

- مصطفي الشرف الجزائر الأمة والمجتمع تعريب حنفي بن عيسى دار القصبة للنشر الجزائر 2007

- مذكرات العقيد أسكوت من إقامته في زمالة الأمير عبد القادر1841 ترجمة وتعليق إسماعيل العربي الشركة الوطنية للنشر والإشهار الجزائر 1981

- سعدي بزيان جرائم فرنسا في الجزائر من الجنرال بيجو إلى الجنرال أوساريس دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع 2005

- سفر التكوين

- عباس محمد الصغیر فرحات عباس من الجزائر الفرنسية إلى الجزائر الجزائرية ( 1927 (1963- مذكرة مقدمة لنیل شھادة الماجستیر في تاریخ الحركة الوطنیة جامعة منتوري قسنطینة كلیة العلوم الإنسانیة والعلوم الإجتماعیة السنة الجامعیة 2007/2006

- عاشور مرزاقة جرائم فرنسا في الجزائر -الإبادة الجماعية- أنموذجا (1849-1830) مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر تخصص تاريخ معاصر السنة الجامعية 2013 – 2014

- عبد الحميد زوزو ثورة الأوراس 1879 المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر 1986

- عمورة عمار موجز في تاريخ الجزائر ط 1 دار ريحانة للنشر والتوزيع الجزائر 2002

- فرحات عباس ليل الاستعمار ترجمة أبو بكر رحال وزارة الثقافة الجزائر 2009

- فرحات عباس الجزائر من المستعمرة إلى الإقليم الشباب الجزائري ترجمة أحمد منور منشورات وزارة الثقافة 2007

- فيلم على اليوتوب " عام الخلية: فيلم وثائقي حول الإبادة الجماعية التي ارتكبتها فرنسا في ولاية الأغواط سنة 1852 "

- قيس محمد الرعود جريمة الإبادة الجماعية في القانون الدولي دار وائل للنشر ط 1 عمان 2010

 - LE COMTE D’HÉRISSON LA CHASSE A L’HOMME GUERRES D’ALGÉRIE النسخة الإلكترونية من موقع http://www.algerie-ancienne.com

- Marc FERRO Le Livre noir de la colonisation XVIe-XXIe siècle de l'extermination à la repentance Robert Laffont Paris 2003

 

 

في المثقف اليوم