قضايا

السلوك بين العرض والطلب!!

هل أن السلوك البشري يخضع لقوانين العرض والطلب؟!!

وفقا للمنهج الرأسمالي كل نشاط بشري (بزنز)، يتحدد بمعايير الربح والخسارة، ولا توجد قيمة أخرى ترسم معالم التفاعل ما بين المخلوقات، وخصوصا ما بين الأمم والشعوب أو ما نسميه بالسياسات.

فالسياسة والحرب (بزنز)، ويمكن وضع الجوهر في أغلفة متنوعة ومتعددة الألوان والأشكال، لتمرير الغايات والأهداف والتطلعات (البزنزية).

والدول القوية كالتجار الكبار أو تجار الجملة الذين يبحثون عن أسواق لبضائعهم، وبساهمون في توفير وخلق الأسواق لكي يزداد الطلب وتنتعش تجارتهم.

ولكي تخلق سوقا لبضاعتك عليك أن تعمل على إيجاد العوامل الكفيلة بتنمية الطلب، فإذا كنت تريد بيع سلاح، عليك أن تجتهد في خلق التفاعلات الكفيلة بتسويقه، وزيادة الطلب عليه، وإن كنت تريد أن تبيع ماءً عليك أن توهم الناس بأن الماء المتوفر في بيوتهم لا يصلح للشرب، ويصيبهم بالأمراض وبما لاتحمد عقباه من الأخطار.

ويلعب الإعلام دورا كبيرا في التسويق وزيادة الطلب على أية مادة، كما يحصل في الإعلانات عن البضائع وغيرها.

وضمن هذا الإطار يكون السلوك البشري المتفاعل ما بين المجتمعات، فإذا زاد الطلب يزيد الإنتاج والإستثمار في السوق المُستهدفة، ولا يمكن لبضاعة أن تُباع إن لم تكن مطلوبة، من فرد أو جماعة أو مجتمع، والبضائع تنوّعت وتطورت، وصناعة الأسواق لأية بضاعة في أقصى قدراته الإحتهادية والإبداعية.

والسياسة سلوك وكذلك الحرب، وما يرتبط بهما مما نسميه مؤامرات وخيانات وفساد وغيرها الكثير، لا يمكنه أن يحقق مآربه إن لم تكن أسواقه على درجة عالية من الطلب، وما يجري في مجتمعات عديدة من تداعيات وويلات، سببه وجود قِوى قادرة على التسويق وتنمية الطلب والإمعان بالإستثمار فيه وتطويره.

فالفاسدون يتكاثرون لأن سوق الفساد رائجة، والآخرون يستثمرون فيها لتحقيق أعلى ربحية ممكنة، فهذا يخسر وهذا يربح، ولا يوجد ربح متكافئ، وإنما مقابل كل رابح هناك خاسر، ومقابل كل ثري هناك مئات وآلاف الفقراء.

فالقول بأن هذه القوى تتآمر وتلك تستعدي وتتدخل في الشؤون الداخلية، نابع من تقديرات عمياء، لأن أية قوة يمكنها التأثير بقوة أخرى حالما تجد فرصة أو منفذا (سوقا) لتمرير إرادتها، وما أن تجد لها موضع قدم حتى تنطلق منه لتنمية قدرتها على تقرير مصير المجتمع الذي نفذت إليه، ولكي تتنامى إستثماراتها تحتاج لسوق وباعة ومروجين وإعلاميين من المجتمع المُستهدف، وبدون ذلك لا يمكنها أن تثبت وتدوم.

وبعض المجتمعات عبارة عن أسواق مفتوحة للترويج لأية بضاعة مهما كان نوعها، لأن فيها من الإستعدادات الكامنة لتسويق ما يساهم في تحقيق البيع الأوفر لأفسد البضائع القادمة إليها.

وفي هذه المجتمعات للصراعات أسواق وطلب، وللفساد والمحسوبية والغش والرشوة والربا، وللعمالة والخيانة والعدوانية والطائفية والفئوية، وما دامت فيها أسواق وآليات تسويق نشطة لهذه البضائع، فأن عليها أن تلوم نفسها، وتبتعد عن بهتان الشمّاعة!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم