قضايا

الأخلاق التطبيقية في الفقه العراقي .. البيوتيقا عند المفكر محمد صادق الصدر(1)

raheem alsaidiهي الغرابة في إن أهم مؤلف إسلامي كتب في الأخلاق التطبيقية للمفكر العراقي محمد صادق الصدر وهو فقه الموضوعات الحديثة إنما ينتمي للفقه الإسلامي وليس للقانون او الفلسفة او سواها ([2])، وأهميته تكمن بالإضافة الى ابتكاراته الافتراضية واستدلاله الفقهي وانه مشتق من القران، يمثل بابا واسعا من تنظيرات الفكر البيواتيقي .ويمكنني القول ان ذلك الكتاب بالاضافة الى فقه الفضاء وما وراءالفقه يمثل ما بعد الحداثة الفقهية إذا ما أخذنا بالاعتبار ان مفهوم الأخلاق التطبيقية يمثل ما يمكننا وصفه بـ (فقه الفلسفة) فهو ينحو نحو مناقشة الجزئيات التي لها تماس وتداخل بحياة الأفراد سيما البدني منها .

والأخلاق التطبيقية موضوعة جديدة ربما صنعها الكساد الفكري أو التطور التكنولوجي والإداري وهي تهتم بمسائل ومآزق أخلاقية ترتبط بالطب والاقتصاد و السياسة والتعليم والإعلام والعديد من المفاصل الحضارية التي تنتج عند تشغيلها أو احتكاكها معوقات أو تحديات تقود إلى ضرورة إعطاء إجابة أخلاقية أو مناقشة تلك الإجابات .

والقول انها بدأت حديثا اصطلاحا ولغة واحتكاكا بالتطور الحضاري هو قول سليم، إلا إننا نقارب الأفكار في الماضي والحاضر بالاعتماد على الفكرة أكثر من الاصطلاح فإذا تناول السابقون أفكارا هي ذاتها أو مقاربة لها في الوقت المعاصر فان ذلك يستدعي وصف تحليل تلك المقارنة لسببين الأول هو مقاربة للأفكار ومعرفة ضعفها أو قوتها والثاني تحريك الأفكار المعاصرة لاستنهاض الأفكار المختلفة الأخرى، ولا يخفى أيضا ان المسالة برمتها تخضع للبحث العلمي الذي يحاول الوصول إلى نتيجة السلب أو الإيجاب على حد سواء .

ان النموذج الذي يمكن تناوله هو تنظيرات المفكر محمد صادق الصدر في فقه المسائل الحديثة ([3]) وجوانبه البيولوجية المتشعبة وأيضا التنظيرات (الفكرفقهية) المهمة المتعلقة بفقه الفضاء والذي يشكل سابقة في الفقه الحديث وهو مؤلف يتصل بجانب مهم من الأخلاق التطبيقية وهو (البيئة) والمتداخل مع غيره من العلوم ويتحدث عن احتمالات العيش هناك والتعامل مع الأموال والقوانين وفق تغير البيئة والجاذبية والزواج من المخلوقات الفضائية وطرق التكافل الاجتماعي واكل المواد السامة بعد تحويلها والعقوبات للقتل أو القتل الخطأ والتعامل الأمم الأخرى .. الخ وكل ذلك يستند إلى العقل ونجد مساحة أخرى لفكر الصدر تتوزع في ما وراء الفقه وحقوق الإنسان وفقه المجتمع حتى انه كتب في القانون الإسلامي من زاوية المنهج والأسس، وكل هذا يعطي الانطباع الهام لريادة هذا الرجل للأخلاق التطبيقية وللفكر البيواتيقي في العراق والعالم الإسلامي بالحديث في فقه الموضوعات الحديثة وللتطبيق الفعلي الواقعي للأخلاق التطبيقية، لا مجرد التنظير (مع عدم مناقشته المصطلح )، كما برع سابقا في الفكر المستقبلي وفلسفة التاريخ، ذلك لأنه ينظر بشكل افتراضي يستند إلى العقل ويقترب كثيرا من الواقع التطبيقي للناس (بحكم الفقه) ويفترض وفق خيال خصب جدا وبمعونة الاستقراء المنطقي الكثير من الافتراضات التي يجد لها الحلول فيما بعد .

فأخلاقيات الطب والأحياء مثلا أو كما يوصف بالبيوإتيقية، تعمل على توظيف وتحليل وتفسير ومقارنة وتأويل وافتراض العديد من الأسئلة المتعلقة بذات الجانب فالجينات الوراثية والقتل الرحيم وأبحاث الخلايا الجذعية وتأجير الأرحام والحيامن والهندسة الوراثية والاستنساخ البشري وغيرها من الأفكار تعد المادة الأساسية في الأخلاق التطبيقية في المجال البيوتيقي، وهكذا يمكن القياس على الجوانب الأخرى في القانون والبيئة والتكنولوجيا والأعلام والاقتصاد وسواه .

لقد ربط المفكر الصدر الثاني الفقه (القانون الديني) بالأخلاق فهو يقول ان التعاليم الفقهية شرعت لإيجاد النظام العادل على الفرد والمجتمع والعدل هو جزء من الأخلاق لان القضية الرئيسية الكبرى هي إدراك حسن العدل وقبح الظلم، كما ان كتابه ما وراء الفقه يشترك بموضوعات عديدة منها الفيزياء الفلكية وعلم النفس والاقتصاد والسياسة والاجتماع وكل هذه تلتقي بالتفسير والفقه والنحو ...الخ [4]. وهو يشير الى موسوعية مهمة لا تعتمد على القانون والفقه فحسب .

وباستعراض لأهم كتب المفكر الصدر وهو فقه الموضوعات الحديثة [5] وسبر أغوار المواضيع التي تشير إلى جهد بيواتيقي أو دلالات تخص الأخلاق التطبيقية، نجد بأنه:

 

أولا ناقش التقنية الحياتية والهندسة الوراثية والبواتيقا من قبيل:

1.التلقيح الصناعي في الحيوان جائز وتقييد التلقيح البشري بعدد من القيود .وفي هذا الموضوع نجد استفاضة كبيرة وتفريعات عديدة عنده .

2.جواز تكاثر الأنعام بالماكنة ودون المرور بالرحم .

3. عدم إباحة التلقيح بين الإنسان والحيوان .

4.قبول إيجاد دم صناعي كدم الإنسان أو الحيوان وهو عنده طاهر [6] .

5.اباحة بيع بويضة المرأة للاستفادة بالتلقيح، إلا ان الإشكال هو في كون غرض المرأة الأخرى انتساب الجنين لها وهو ما لا يجوز إلا إذا نسب الجنين إلى الأخرى وهنا يجوز إذا الرحم المستأجرة مرفوض، لا يجوز تأسيس بنك للمياه الجنسية الذكرية والأنثوية [7].

6.إذا ثبت بالأجهزة الحديثة ان الجنين مشوه تشويهاً لا يمكن معه ان يعيش أو ان يتعامل مع الناس، جاز إسقاطه [8].

7.تفصيل حول حدود التلقيح الاصطناعي وتنوعاته واختلاف قوانينه [9] .

8.حرمة تبديل جنس الإنسان [10] .

9.وفي الشريعة الإسلامية ﻻ ﻳﺤــﻖ ﻟﻤــﺮﻳﺾ (اﻟﺘﺮاﻧــﺴﻜﺲ) ﺗﻐﻴﻴــﺮ ﺟﻨــﺴﻪ ولاﺑــﺪ ﻣــﻦ العلاج اﻟﻨﻔـــــــــــــــــﺴﻲ وقد وردت آﻳـﺎت ﻋﺪﻳـﺪة ﺗﺒـﻴﻦ أن ﺗــﺼﻮﻳﺮ الإنسان ﻋﻠـﻰ ﺻـﻮرﺗﻪ ﻣــﻦ ذﻛـﺮ أو أﻧﺜـى ﻫــﻮ أﻣــﺮ ﷲ ﺗﻌــﺎﻟﻰ ﻣﺜــﻞ ﻗﻮﻟــﻪ ﺗﻌــﺎﻟﻰ: ﴿ ﻳــﺎ أَﻳـﻬــﺎ اﻟﻨﱠــﺎس إﻧــﺎ خلقناكم ﻣــﻦ ذﻛــﺮ وأُﻧﺜــﻰ ٤٥﴾ ... وﻗﻮﻟﻪ: ﴿ ﻟﻠﻪ ﻣﻠﻚ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﻳﺨﻠﻖ ﻣﺎ ﻳﺸﺎء ﻳـﻬﺐ ﻟﻤﻦ ﻳﺸﺎء إﻧﺎﺛﺎ وﻳـﻬﺐ ﻟﻤـﻦ ﻳﺸﺎء اﻟﺬﻛﻮر،وﻳﺴﺘﺪل ﺑﺎﻵﻳﺎت أن ﺗﻐﻴﻴـﺮ اﻟﺠـﻨﺲ ﻻ ﻳﺠـﻮز ﺷـﺮﻋﺎ إﻻ إذا ﺗﻮاﻓﺮت ﺷﺮوط اﻟﻀﺮورة ﻓﻬﻨﺎ ﻳﻜـﻮن ﺗﻐﻴﻴـﺮ اﻟﺠـﻨﺲ ﻣﺒـﺎح ﻋﻤـﻼ ﻟﻠﻘﺎﻋـﺪة اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ اﻟﻀﺮورات ﺗﺒﻴﺢ اﻟﻤﺤﻈﻮرات وﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﺠﻨﺲ ﻟﻤﺠﺮد دواﻋﻲ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻓﻴﻪ وﻗﻮع ﺑﺎﻟﺮذﻳﻠﺔ واﻟﺤـﺮام [12] .

10.أفكار حول التلقيح الصناعي للحيوان الذي لا يعارضه على ان ينتج حيوانا من نفس النوع أو عرفا من نفس النوع بأوصافه مع كون التلقيح بين نفس الصنف ( أي مأكول اللحم ) [13].

11.البت بقضية الجنين فان أمه هي من ولدته (تثبيت قاعدة المكان التي تستند إلى النص القرآني ( إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم)، ومع افتراضه ان آلة معينة هي من حملت الجنين أو حيوان حامل للطـــفل ( وهي مخيلة وافتراض فقهي رائع وخلاق ) فان الجنين سيتبع صاحب الحويمن والبويضة [14].

12.من أجمل الافتراضات هو افتراضه وجود بويضة أو حويمن من نبات أو جماد أو سائل غير حيواني [15]

ومجمل الحديث السابق هو عن جزئيات تخص سلوك الإنسان فوضعت لها قواعد تحد من شتاته ورغباته ونزوعه وبالتالي فان الجزئيات تلك تمثل الجواب أو الأجوبة لأسئلة يمكننا افتراضها، وعند وصف قواعد السلوكيات الإنسانية أو تقنيين الفعل الإنساني وفق الشريعة مثل بلوغ الأنثى أو الطقوس العبادية فان ذلك يعني انها قضية لا توصف بالعامة مثل حدثينا عن قطعه بعدم جواز أكل الإنسان مثلا . . ومن المسائل الفقهية القانونية الأخلاقية التطبيقية التي تناولها أيضا:

1.تفريعات فقه قانونية حول الخنثى [16] .

2.علاج أخطاء المحارم [17]

3.أحكام وحقوق والتعامل مع ذوي الرأسين [18] .

4.حول الطبيعة وقانون (من أحيا أرضا فهي له) ومناقشة حيازة الماء مع الأرض، والماء والنار والزرع هي مباحات لا يجوز منع الغير عنها [19] .

5.يرفض مفهوم الزواج بالجمادات عرفا وشرعا وقانونا كما لو كان آلة أو إنسان آلي أو غيره [20].

اما الآراء الخاصة بالفضاء والبيئة من أخلاقيات تكنولوجيا الفضاء، فانه بعد تطور تكنولوجيا الفضاء وتزايد الاهتمام بالفضاء والدراسات الفضائية، طرحت مسألة القواعد الأخلاقية بتساؤلات أهمها: إلى متى سيستمر استغلال الفضاء حكرا على دول معينة دون غيرها خاصة وأن احتكار تكنولوجيا الفضاء هو هيمنة على الإعلام وتوجيه للرأي العام العالمي؟ وهل سيأتي زمان يقسم فيه الفضاء إلى مناطق نفوذ ويسطر بالحدود كما حصل بالنسبة للبر والبحر؟ وهل يمكن أن نعثر على ظروف ملائمة للحياة خارج الغلاف الجوي؟ وهل بوسع للإنسان أن يعيش في كوكب آخر غير الأرض؟ هل يستطيع أن يحمل معه خارج الأرض العناصر الضرورية للحياة لآماد طويلة؟ وهل هناك كائنات حية أو عاقلة قد تفوقنا ذكاء خارج الأرض [21] .

ويلاحظ انها أفكار بيئية فقط غير شاملة للقانون وتفرعاته أو لجوانب أخلاقية تتصل بالإنسان ونشاطه الموجه إلى الآخر أو الطبيعة، وعند قراءة الأفكار التي طرحها المفكر الصدر ستبين مدى أهمية ما طرحه بعده فكرا تطبيقيا، أخلاقيا،إنسانيا، عالميا و شموليا .

و لا يمكن عقد مقارنه بأي حال من الأحوال بين المنهج الشامل المدروس والذي وضعه المفكر الشهيد الصدر من حيث المعالجة والإحاطة مع الفقرات البسيطة التي لا تفي بالغرض، وعلى مفكري الأخلاق التطبيقية والدول الفضائية الفهم بأنها سجلت ودونت مفردات ساذجة ضعيفة المحتوى، ويمكن القول ان من أهم مميزات النتف القليلة التي وردت عن دول العالم الفضائي ووصفت عن طريق الخطأ بأنها قوانين هي ما يلي:ـ

1.قصور المعالجة الكميه المشاكل التي تطرأ على رواد الفضاء وعلاقتهم الاجتماعية والعملية .

2.عدم تطرقها لقوانين تخص الإلزام الأخلاقي والعقائدي لرواد الفضاء .

3.ضيق الأفق والخيال والطموح، فمع ان هذه الدول وصلت إلى الفضاء قبل عقود عديدة إلا إنها لم تجرؤ على مناقشة النظام الاقتصادي والاجتماعي والقضائي والتجاري والصحي والأخلاقي بشكل قوانين شامله وثابتة، بالإمكان حدوثها في زمن ما .

4.يلاحظ ان القوانين المتواضعة لدول العالم أفرزت مفهوماً بركماتياً نفعي يبنى على اكتشاف الفضاء واستخدام موارده ونجد مصداقية هذه الحقيقة في اللفظة الاستعمارية التي يرددها الغرب والتي تسمى (غزو الفضاء) .

5.عدم التزام الدول الفضائية حتى بالقوانين البسيطة التي سنتها ولهذا فان أمريكا عمدت إلى تهميش هذه القوانين بالعمل ببرنامج حرب النجوم والذي لم يطبق فيما بعد .

6.ان أسس القوانين الفضائية التي بحثها الغرب تركز على عنصرية معينة للجنس البشري ولم تتطرق هذه القوانين ولو بالاحتمال إلى وجود مخلوقات في الفضاء بل انهم في قوانينهم لم يتطرقوا إلى احتمالية وجود الماء في الفضاء مع ان ذلك (وجود الماء) أصبح اقرب للحقيقة في الفضاء [22].

7.تتميز هذه القوانين بعدم شموليتها .

8.عدم احترامها الملكية الخاصة، وعدم التطرق في لوائحهم لها .

اما ما طرحه المفكر الصدر فكان شموليا تحدث عن:

الفضاء وقوانينه واعتبار الأرض هي مرجع القوانين وهو يتعامل مع الكواكب الأخرى بافتراض ان بها سكانا .

يتحدث عن السكن في القمر الصناعي أو الكواكب وما يتبع ذلك من سلوكيات عبادية وعملية حياتية منها التعامل بتحديد الاتجاهات والوزن والأموال وسواها [23]. ولان المسالة تخص سلوك الفرد فان التخيل الفقهي للأسئلة خضعت لضرورة تصورية تحضيرا لعلاج سلوك مستقبلي أو تنبوئي افتراضي، وتعلقت بعلاج الطقوس العبادية للفرد .

ويشكل خياله العلمي [24] صورة مهمة للعقل المنتج الخلاق والذي يخرج من الفكر الكلاسيكي إلى الفكر المنتج المبتكر فهو أيضا يشدد على:

جواز مناكحة المخلوقات الأخرى بشرط العقل والبلوغ ونفي البهيمية والإمكان وتخالف الجنس (ويلاحظ عليه هنا إمكانيته في الاستقراء الخص بالاحتمالات الفقهية) .

حقوق الملكية الفردية لمخلوقات الفضاء .

يفترض ان لا ولاية أو قيمومة ستكون على الطفل الذي يصبح اكبر من والده الذي صعد على صاروخ سريع حدث فيه انقلاب للزمن بحسب النظرية النسبية .

الحيوانات الفضائية المختلفة عن الأرض بأنواعها وأيضا المزروعات لا تجب فيها الزكاة .

الحيوانات أو النباتات المصنعة كيميائيا يتوجب عليها الزكاة .

إذا حصل نمو عقلي ونفسي مبكر للشاب أو الشابة من مرحلة الطفولة بسرعة مثل تفاصيل البلوغ والجواب نعم [25] .

جواز التلقيح الصناعي بين المتزوجين من خلقين مختلفين .

يعتبر ما في الكواكب والنجوم الأخرى من مواد منقولة وغير منقولة مأكولة وغير مأكولة، هي من المباحات العامة وتدخل في ملك من يحوزها [26].

أخيرا يمكن القول ان كتاب فقه الفضاء يهتم بالمعالجة الفقهية للشأن الفضائي ولكنه في وجهه الآخر يُعد تنظيراً فكرياً قانونيا يعالج مسألة حيوية في الوقت الحاضر ويُعطي تصوراته المفيدة طالما ان المعنيين بالفضاء أهملوا القوانين الجادة لهذا المسلك . ومن تنوعات الكتاب الفكرية هو عدم فصل الفكر عن الحكم الشرعي بل استخدم الفكر لتبيان الحكم الشرعي وقام بإعلاء شأن الفكر والفكرة بالاستدلال الفقهي الناجح .والكتاب بمجمله عبارة عن فتح في التأسيس المعرفي والفكري والعلمي والفقهي لربطه بين الدين والعلم والفقه من جهة وبين التنظير والتطبيق والتجديد والابتكار النوعي وسد النقص من جهة أخرى .

كما ان كتاب فقه الفضاء هو نوع من أنواع الحداثة العلمية وأسلوب جديد لما يمكن ان نسميه (الفكر الفقهي) أو (فكر الفقه) لترويضه للفقه بواسطة الفكر ولطرحه احتماليات فكرية مبنية على الاستدلال الفقهي، ولعل من المهم الإشارة إلى ذلك التقابل المتمثل بالحداثة الفقهية المتفائلة في كتاب فقه الفضاء وإشارته إلى المستقبل بشكل طموح متفائل يقابله فكر لنفس المفكر يوحي بنهاية التاريخ أو قل بالحتمية المحتملة في كل حين لظهور المصلح الأخير وبداية التاريخ الإصلاحي النهائي ونهاية تاريخ الظلم العالمي،مما قد يتصوره البعض بالتفكير التشائمي .

ان ثقة الكاتب غيبت الحذر الذي يمكن ان نفترضه في التناول العام للمباحث المهمة (الفقه قانونية المتعلقة بالفضاء) ولم تكن هناك خشية من الوقوع في الخطأ،فقد جاءت المباحث متصلة متسلسلة تتقدم باتجاه ثابت ومتنوع تفسر كل الاحتمالات والمشاكل التي يمكن افتراضها .

وهناك جملة من مفردات التجديدية الأخرى بالإضافة إلى البواتيقا طرحت في الكتاب وشكلت تنظيرا في مجال الأخلاق التطبيقية واتسمت بالشمولية منها:

1ـ مناقشة المفكر الشهيد للقبلة من سطح القمر واعتبار ان كل الأرض قبلة[27] .

2ـ إثبات حق ملكية مواد الفضاء لمن يحوزها[28] وهي مسألة تعني حق الاكتشاف .

3ـ احترام الملكية الخاصة لسكان الكواكب العاقلة إن وجدت[29] .

4ـ طرح مفهوم التكافل الاجتماعي في الفضاء[30] .

5ـ الحفاظ على الثروة الحيوانية في الفضاء[31] .

6ـ الاهتمام بالإدارة والنظام القضائي[32] .

7ـ الاهتمام بالبيئة الفضائية[33] .

8ـ فروع أخرى تعالج الاهتمام بالاقتصاد وطرق التعامل التجاري .

 

الدكتور رحيم الساعدي

..............................

[1]- المقال جاء هنا للذكرى السنوية الميلادية لاغتيال واستشهاد ذلك المصلح المفكر على يد طاغية العراق .

[2]- طبعا بالإضافة إلى كتب مهمة ضمن هذا المجال وهي فقه الفضاء وما وراء الفقه ( ذلك الجهد العلمي الكبير والمهم جدا والذي لم تستخرج كنوزه بعد ) وفقه العشائر وحقوق الإنسان .

[3] - في هذه القضية أنني أدعو مستقبلا إلى الاشتغال بهذا الجانب الفلسفي في العراق وفق البحث عن التراث الإسلامي أو البحث في الفكر الفقهي لدينا سيما طلبة الحوزات العلمية (وبإمكانهم دراسته في مبحث علل الشرائع أو الفقه أو الأصول ) أو المباحث الطبية الفقهية لتكون – مستقبلا - عاملا لتحريك الجمود الذي يغلف الحوزات العلمية بعدم الالتفات إلى المختلف من الجوانب الفكرية والاستفادة منها . كما ان لمشتغلي الفلسفة في العراق الدور المهم في البحث في التاريخ الفلسفي الإسلامي أو المعاصر لاكتشاف الفكر التطبيقي في الأخلاق أم في غيره .

[4] - السيد محمد الصدر، فقه الأخلاق، ج1، هيئة تراث السيد الشهيد الصدر،ج1،دار ومكتبة البصائر، 2012م-1433هـ، بيروت، ص15-17.

[5] - لاحظ محمد الصدر فقه، الموضوعات الحديثة، تقديم و جمع وتصنيف علي سميسم، 1428،ص12 ومقدمة علي سميسم التي كتبت في 1416هـ وقال ان فصول الكتاب تهتم بعلوم الحياة والفسلجة والهندسة الوراثية وعلم البيئة وعلم الأمراض والاجتماع والقانون وايضا ص25 من ان بقية محاور الكتاب إنما هي تفرعات دقيقة جدا وخاصة بسلوك الفرد المتداخل مع القضية الطبية أو الفسلجية أو الطبيعية بإطار قانوني ( الفقه هنا هو الحدود التي تمثل كل ما هو قانوني ).

[6] - محمد الصدر فقه، الموضوعات الحديثة، تقديم و جمع وتصنيف علي سميسم، 1428،ص25 .

[7] - المصدر السابق،ص290

[8] - المصدر السابق،مسالة 805

[9] - المصدر السابق،ص451

[10] - المصدر السابق،مسالة1133

[11] - المصدر السابق،مسالة (1199).

[12] - د . ﻃﺎرق ﺣﺴﻦ ﻛﺴﺎر، ﻣﺸﺮوﻋﻴﺔ اﻟﺘﺤﻮل اﻟﺠﻨﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ذي ﻗﺎر - ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب - ﻗﺴﻢ ﻋﻠﻮم اﻟﻘﺮآن، مجلة كلية العلوم الانسانية جامعة ذي قار مج 5 عدد 1، 2015م،ص2010 .

[13] - المصدر السابق،ص144

[14] - المصدر السابق،ص32

[15] - المصدر السابق، ص35

[16] - المصدر السابق، ص45

[17] - المصدر السابق، ص55

[18] - المصدر السابق، ص62 . وهي مسالة فقه قانونية ففعلهما مشترك في حين انهما واحد من زاوية الكتلة او الحجم .

[19] - المصدر السابق،ص65-70

[20]- المصدر السابق،ص174

[21] - د. عمر بوفتاس، الأخلاقيات التطبيقية ومسألة القيم، مجلة الاحياء،الرابطة المحمدية،المغرب، http://www.alihyaa.ma

[22]- هذه الملاحظات كتبت في 2006م ضمن مشروع القانون الجديد للفضاء او دستور الفضاء الجديد وكان مشتقا من تنظيرات المفكر الصدر وهو بحث منجز صيغ بشكل فقرات دستورية تخص قوانين الفضاء وتنظيمه وقد ترجمت بعضها لغرض تقديمها بمثابة قانون افتراضي ليقدم لوكالات الفضاء العالمية للاستفادة منه بمثابة دستور تنتفع به الامام التي تتردد على الفضاء او تلك التي تبني المستعمرات .

[23]- المصدر السابق،ص183

[24] - المصدر السابق،ص212

[25] - المصدر السابق،ص 236

[26] - المصدر السابق، مسالة 1201

[27]ـ السيد محمد الصدر، فقهُ الفضاء، ط1، قم المقدسة، 1426،، ص26 .

[28]ـ المصدر السابق، ص11 .

[29]ـ المصدر السابق، ص31 .

[30]ـ المصدر السابق، ص55 .

[31]ـ المصدر السابق، ص65 .

[32]ـ المصدر السابق، ص87 .

[33]ـ المصدر السابق، ص61 .

في المثقف اليوم