قضايا

ملاحظات حول الادب العربي في روسيا

مقاطع من كلمة اوليغ بافيكين – مسؤول العلاقات الخارجية في اتحاد ادباء روسيا، والتي القاها في ندوة مع ادباء الكويت قبل سنة ونيٌف، ونظن انها تستحق التأمل المعمق من قبل القراء في بلداننا العربية .

ض.ن.

 

...تم اصدار 601 عنوانا لكتب حول الادب العربي في الاتحاد السوفيتي حسب الاحصاءات الرسمية التي نشرت في شهر يناير / كانون الثاني لعام 1987 وذلك خلال كل فترة السلطة السوفيتية، وبلغ العدد الاجمالي المطبوع لتلك الكتب 40 مليون و934 الف نسخة، وتم اصدارها ب 38 لغة من لغات الشعوب السوفيتية، ومن بين هذه الكتب 96 اصدارا للادب الكلاسيكي و المعاصر من مصر وعدد نسخها 3 مليون و942 الف نسخة، ومن الجزائر 52 اصدارا لمؤلفين جزائريين وعدد نسخها 2 مليون و 905 الف نسخة، ومن لبنان 29 اصدارا وعدد نسخها 732 الف، ومن سوريا 33 اصدارا وعدد نسخها مليون 442 الف، ومن العراق 25 اصدارا وعدد النسخ 705 الف ...الخ

كان اتحاد الادباء السوفيت يمتلك  علاقات متينة وراسخة ومتنوعة مع ادباء البلدان العربية، وفي الفترة من 1986 الى 1990 زار الاتحاد السوفيتي اكثر من 300 كاتبا من البلدان العربية، ومن الممكن القول ايضا ان نفس العدد تقريبا من الشعراء والكتٌاب والنقاد  ومن جميع جمهوريات الاتحاد السوفيتي قد قاموا بزيارات لمختلف البلدان العربية، وكذلك قام العشرات من الادباء العرب بزيارة المصايف في الاتحاد السوفيتي والتقوا بزملائهم السوفيت وقرأوا اشعارهم ونتاجاتهم امام الادباء والقراء السوفيت وفي مختلف جمهوريات الاتحاد السوفيت واصبحوا اصدقاء لهم مدى الحياة، ونحن نتذكر تلك الامسيات الابداعية الرائعة لمحمود درويش وسميح القاسم وسعدي يوسف ومعين بسيسو وغيرهم في قاعات مليئة بالمستمعين في موسكو ولينينغراد ومدن اخرى، ونتذكر المؤتمرات الادبية والندوات الابداعية حول اكثر القضايا حيوية في الاداب .

في عام 1991 لم يعد الاتحاد السوفيتي موجودا، وتوقف كذلك نشاط اتحاد الادباء السوفيت .

في عام 1996 قام اول وفد روسي للادباء برئاسة الاديب الروسي فاسيلي بيلوف بزيارة سوريا ووقع اتفاقية تعاون مع ادباء سوريا، اما اليوم، فان اتحاد ادباء روسيا يمتلك اتفاقيات تعاون متعددة مع ادباء مصر والاردن وتونس وليبيا والمغرب والسودان والعراق والامارات العربية والبحرين وفلسطين .. وفي 6 سبتمبر / ايلول من عام 2014 وقٌع السيد طلال الرميضي – السكرتير العام لرابطة الادباء الكويتيين اتفاقية تعاون مع اتحاد ادباء روسيا .

في عام 1997 اعلن اتحاد ادباء روسيا – وبحضور مجموعة من سفراء البلدان العربية – عن تاسيس مجلس للعلاقات مع الادباء العرب، وقد ضمٌ هذا المجلس اكثر الادباء الروس شهرة وبعض المستشرقين الكبار والشخصيات  العربية الثقافية المعروفة في موسكو، والذين أصدروا مجلات دورية .

في عام 1998 احتفلنا – سوية مع الادباء المصريين – بالذكرى المئوية لتوفيق الحكيم، واقمنا مؤتمرا عالميا بهذه المناسبة واصدرنا مؤلفاته المختارة، ومن المناسب الاشارة هنا، الى ان روايته المشهورة – (عودة الروح) كانت قد صدرت بالروسية في نهاية سنوات الثلاثينات من القرن العشرين، اما مسرحيته – (السلطان الحائر) فقد تم عرضها في نهاية الثمانينات على خشبة المسرح الدرامي في ضواحي موسكو .

في اعوام 1999-2000 وبمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد بوشكين، احتفلنا وبشكل مهيب في جامعتي القاهرة وحلوان،  واقمنا – وبالتعون مع الاتحاد العام للادباء العرب – عدة احتفالات شعرية في خمس مدن كبيرة في سوريا .

تم تنظيم مهرجانات عربية – روسية ادبية وشعرية في ربيع عام 1998 بمدينة بيتيغورسك – مكرٌسة للشاعر الروسي الكبير ليرمنتوف، وكذلك للاحتفال بمئوية الشاعر ميخائيل ايساكوفسكي في يناير / كانون الثاني من عام 2000، وفي مدينة اوفا عاصمة بشكيريا احتفلنا في خريف عام 2001 بالذكرى ال 210 على ميلاد الكاتب اكساكوف، وفي مارت / آذار من عام 2002 التقينا في الاحتفالات بيوم الشعر، وساهم الادباء والشعراء العرب باعتبارهم ضيوف شرف في المؤتمر الثاني عشر لاتحاد ادباء روسيا، وكانت هناك بالطبع لقاءات اخرى هنا وهناك، الا ان الحدث البارز في كل هذه اللقاءات الادبية العربية – الروسية يمكن ان تكون تلك الرحلة الى داغستان في ايلول 2013 للاحتفال بالذكرى التسعينية لشاعر الشرق الكبير رسول حمزاتوف، والتي شارك فيها البروفيسور العراقي في الادب الروسي ضياء نافع والاديب المصري والصحفي والمترجم احمد الخميسي والاديب الجزائري عمر ازرج .

ان الاجتماع الدوري للمكتب الدائم لاتحاد ادباء اسيا وافريقيا الذي جرى بموسكو وبدعوة من اتحاد ادباء روسيا يمكن – وبكل ثقة – ان نسميه نجاحا حقيقيا للعلاقات الادبية الروسية – العربية وتعميق الارتباطات الثقافية بينهما . في هذه الدورة، التي تم افتتاحها في 3 ايلول / سبتمبر من عام 2014 في اتحاد ادباء روسيا، ساهم 23 كاتبا من بلدان اسيا وافريقيا، بما فيهم قادة ورؤساء اتحادات ادباء مصر والهند والعراق والاردن والكاميرون وكينيا والمغرب ونيجبريا وناميبيا وعمان وباكستان والسودان وتونس واوغندا . كان الموضوع الرئيسي لهذه الدورة هو – (ادباء اسيا وافريقيا امام تحديات العالم المعاصر)، هذا الموضوع الذي تهتم به شعوب القارتين، والتي يسكن فيهما 65 % من سكان العالم، اما موضوع الطاولة المستديرة لتلك الدورة فقد جاء بمقترح من اتحاد ادباء الاردن وهو – (طريق الحرير للادب العالمي)، وقد تم مناقشته سوية مع ادباء روسيا في جلسة مشتركة  بتاريخ 4 ايلول / سبتمبر في هيئة تحرير جريدة (ليتيراتورنايا غازيتا ) (الصحيفة الادبية) الروسية، هذا، وقد زار ممثلو ادباء اسيا وافريقيا متحف وبيت تولستوي في ياسنايا بوليانا  وتعرفوا على اعمال المعرض السابع والعشرين الدولي للكتاب الذي تم افتتاحه بموسكو .

اما موضوع الترجمات المشتركة للادب العربي،فقد تمت محاولة مع الاتحاد العام للادباء العرب على اصدار سلسلة بعنوان – (افضل مئة رواية عربية في القرن العشرين)، وفي اطار هذا المشروع تم – وخلال سنة – في روسيا ترجمة 20 رواية من الروايات العربية وحتى تم نشر واحدة منها وهي رواية ( قنديل ام هاشم) ليحيى حقي ضمن اصدارات (المجلة – الرواية للقرن الحادي والعشرين).

من المشاريع الاكثر نجاحا في هذا المجال هو ما تم انجازه بشأن اصدار انطولوجيا الادب السعودي في اطار مشروع التعاون الروسي – السعودي المشترك، والذي ساهمت بتنفيذه شخصيا مع  السيد وكيل وزارة الثقافة السعودي السابق، هذا الاصدار الذي تم ترجمته بشكل رائع، الا ان استقالته من منصبه، على ما يبدو، قد أدٌى الى حفظ هذا الانجاز ومنذ عام 2001 في السفارة السعودية، ولم يستطع القارئ الروسي ان يتعرف عليه...

ان تحقيق كل هذه المشاريع، والتي لم يسبق لها ان حدثت في تاريخ علاقاتنا الثقافية والادبية قد اصطدمت بمشاكل جدٌية، اذ يوجد في روسيا مترجمون بخبرة عالية وكفاءة، لكن لا توجد – ومع الاسف – سياسة ثابتة ودائمة في مجال نشر الكتب، وانما تسود علاقات السوق، ولهذا فقد طرحت – وبشكل حاد – قضية التمويل، وانطلاقا من هذه الوضعية، فاننا نأمل بمساندة الزملاء العرب وتفهمهم لذلك، ونحن على ثقة بان الجهود المشتركة وروح التفاهم المتبادل  هي التي يمكن لها تجد الحلول الناجعة للكثير من المشاكل في اجواء التعاون الثقافي والادبي.

ان تعميق التعاون الثقافي والادبي وتعزيز جسور هذا التعاون سيؤدي ليس فقط الى بناء الصرح العلمي الثقافي لبلداننا، وانما الى تعزيزحوار الحضارات في العالم بشكل عام ....

 

بقلم اوليغ بافيكين

ترجمة أ.د. ضياء نافع

 

في المثقف اليوم