قضايا

الفهم السيكولوجي للارهاب

الكتاب والمفكرون الذين درسوا ظاهرة الارهاب، "الذي اصبح وباء وشرا مستطيرا يهدد العالم كله"، والذين دبجوا مقالات طويلة على صفحات الجرائد، ومواقع التواصل الاجتماعي، لم يتجاوزوا المعالجة السطحية الظاهرية الشكلانية لهذه الظاهرة . عالجوا مايطفوا على السطح من هذه الظاهرة الكارثية المدمرة. فاحيانا يعزونها الى عوامل الفقر، وقلة ذات اليد، ولكننا واجهنا في حياتنا اناسا واجهو ظروفا صعبة، وعاشوا فقرا مدقعا، ولكن ايديهم العفيفة لم تتلوث بدرهم من مال حرام، انا لاانفي ان يكون الفقر عاملا مهما في بروز هذه الظاهرة، ولكنه يمثل العامل الظاهر، ولايمثل العامل الاعمق الذي يشكل اساس الظاهرة.

   بعضهم يرجع الظاهرة الى  تدني مستوى التعليم، الذي يجعل مجاميع تائهة من الشباب تبحث عن امل كاذب، تنخرط في هذه التيارات المتطرفة، وانا لاانفي تاثير هذا العامل ودوره في تشكل هذه الظاهرة، ولكنه ليس العامل الحاسم، لابد ان نغوص ونعمل حفرا جيولوجيا نفسيا في اعماق النفس، لانها هي منشا الخير والشر، الفجور والتقوى، يقول الله تعالى في القران الكريم : " ونفس وماسواها فالهمها فجورها وتقواها "، اذن : " الفجور والتقوى مركوزان في اعماق النفس كاستعدادات قابلة للتفجر باتجاه الخير والشر، ومن هنا ارتكب قابيل جريمته ضد اخيه هابيل، ولم تكن هناك عوامل فقر، او تدني مستوى تعليم، ولامؤثرات بيئية مجتمعية، لان المجتمع لم يتشكل بعد . وهما عاشا نفس الظروف، ونفس البيت، ونفس الاب والام، وعلمهما ابوهما ادم، الذي علمه الله تعالى الاسماء كلها .

   الاستعدادات موجودة، والصاعق الذي يفجرها باتجاه الخير او الشر هو " الارادة الانسانية"، يقول تعالى : " قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها" .

اذن العوامل السيكولوجية القابعة في اعماق النفس هي الاساس في تشكل بنية الارهاب، كل الشباب الضائع، الذي يعاني اظطرابات نفسية، ويعاني من ازمات حادة، والتي شكلت كل مكونات العنف والتطرف في شخصياتهم، وجدت فيهم الحركات التكفيرية المتطرفة بغيتها المنشودة، ووظفتهم لتحقيق اهدافها المشبوهة . 

  ولو كان الفقر وتدني مستوى التعليم هما العاملان الحاسمان في بروز هذه الظاهرة، فلماذا يلتحق بهذه العصابات الخارجة على القانون شباب من اوربا، عاشوا حياة مرفهة، وترعرعوا في دول ومجتمعات تحترم القانون، وتؤمن بتعددية الافكار والاراء، ويمتلكون مستوى تعليميا مقبولا ؟؟؟، لماذا تلتحق امراة اوربية بلجيكية بلغت من العمر 38 عاما لتنفذ عملية انتحارية في العراق ضد الامريكان عام 2005م ؟؟؟!!!، ولماذا ينفذ شاب استرالي لم يتجاوز عمره ثمانية عشر عاما، عملية انتحارية ضد الجيش العراقي سنة 2015 م ؟؟؟!!

 ينبغي ان يدرس الارهاب دراسة سيكولوجية تنفذ الى اعماق النفس لتكشف ماتختزنه بداخلها من عقد وامراض وازمات واظطرابات، فاذا شخصت المشكلة بدقة سهل ايجاد الحل لها.

 

زعيم الخيرالله

 

في المثقف اليوم