قضايا

مصدر التعصب من الثقافة الذاتية والعقل الجمعي

emad aliبعد تحريم المكة من القتل والقتال من اجل المصالح الخاصة والعامة لاهلها فقط في اشهر الحرم  وموسم الحج، نتيجة الغزارة من الاموال التي امطرت عليهم من خلال التجارة  التي وفرت الفرصة السانحة لتثبيت خصوصيتهم وجلبت لهم الخير والبركة بعد فتح الاسواق امام الحجاج في حينه (بالمناسبة ، بداية نشوء الاسلام حج الكفار ايضا مع المسلمين الى بيت الله حتى السنة التاسعة من الهجرة)، وكما يقول راي اخر ان الحج هو نتيجة او ولادة طبيعية لتلك المصلحة التي تمسك بها سكان مكة من القريش خاصة والجيمع على العلم ان الحج هو طقس وثني ومن ثم تغير شكلا ومضمونا بعض الشيء . اصبحت الثقافة العامة لاهل قريش في مستوى فرضت عليهم احساسا بانهم افضل من غيرهم لما ابدعوا فيه من فرض ارادتهم وعقليتهم العالية!! ولذلك فرضوا الكثير من الامور على الاخرين واستثنوا نفسهم منه، وحتى الطقوس الدينية من الحج واداء المناسك اعفوا نفسهم منها وفرضوا ادائها على الاخرين، وعظموا من نفسهم ورفعوا من انفتهم وكسبوا من الامتيازات التي لم تتوفر فرصة لغيرهم من الحصول عليها . وبذلك نشات التعصب القبلي بينهم بداية ومن ثم انتشر بعد الفتوحات . هذا كتاريخ اسلامي وكيف انتشرت ثقافتهم الى الاخرين، فلنتخيل هذا التعصب بين القومية ذاتها ولكن بين القبائل ونقارنه مع التعصب الاتي بين القوميات والاعراق وكيف فرضوا ما لديهم من النظرات على الاخرين من خلال القوة المفرطة وما رافقها من السلب والنهب والقتل والسبي وفرض الجزية والفدية واستباحوا كل ما وقع بين ايديهم من امور الدنيا وحللوها باسم الدين الاسلامي وتعاليمه وصدق الاخرون بهم فكرا وعقيدة . ان التسميات والنعوت التي فرضها الاسلام على غيرهم فرض التعصب آليا على اهل الدين وبدوافع متعددة اهمها المصالح المادية، وثبتوا ذلك في كيانهم وعقلهم الباطن وتوارثوه جيلا بعد اخر على الرغم من تخلفهم الكبير من كافة نواحي الحياة، ونشاهده لحد اليوم .

نتكلم عن هذا لاننا نعتقد جازمين بان التعصب العرقي والديني نشا بشكل خاص من الجزيرة العربية ومن خلال الدين الاسلامي بشكل خاص، او لنكن اكثر حيادية، نقول عظموا من امر التعصب بشكل غير مسبوق وخلطوا التعصب الديني والعرقي في بودقة واحدة ومزجوها وكبرت مساحتها نتيجة ربط الدين الاسلامي باصله العربي والبقية تابعة لها شاءت ام ابت رغما على انفهم من خلال الممارسات الدينية التي فرضت عنوة في بداياتها لحين توارثها الاجيال من بعد وبقت هي السائدة ليومنا هذا .

اقول هذا ولم ادخل في اماكن التعصب الاخرى في بقاع العالم لان تاريخ ومساحة والزمن الذي طال فيه التعصب العرقي العربي الديني اكثر من غيره طوال تاريخ البشرية واثر سلبيا على الاعراق والقوميات الاخرى كان من خلال الدين الاسلامي الذي اصبح مصدرا كبيرا للتعصب وا لانانية التي فرضت العقل الجمعي المتكون من الدين الذي كان دنيويا واخرويا ثقافة عامة ضيقة الافق غير انسانية الدوافع جاءت من ظروف قاحلة ماديا ومعنويا او ثقافيا وانسانيا وفرضوه غصبا وعنوة على الاخرين بالقوة عند امتلاكهم لها وبالترغيب عند ضعفهم .

اقول هنا ما يؤيد الكلام هذا وما يفعله اهل المكة خلال الحج لحد الان وهو عدم اداء الصفا والمروة وغيرها من المناسك التي تؤديها الحاجون الاخرون لكونهم من اهل الدار وما يباح لهم ليس لغيرهم الكلام فيه، ونسال هل هم عند الله الاعلى ام الاسلام الذي جاء لمصلحة فئة وعقلية جزيرية جائعة تسمح بمثل هكذا افعال متناقضة متفاوتة وحتى في الدين قبل الامور الاجتماعية .

نعم انه المصدر الرئيسي للتعصب ولازالت الناس تتمسك بما يفرضه من خلال الضعف الفكري العقلاني وعدم التعمق في امور الحياة وما فيها واتخاذ اسهل الطرق في مسيرتهم، وهكذا تمدد التعصب بتمسك الناس بدوافعه ومصادره . ونقول هنا طالما بقي الدين فارضا تعاليمه الدينية والدنيوية على المتمسكين به، وانه سيبقي التعصب غالبا على كل الامور في حياة الناس مهما ادعى البعض خلاف ذلك، واكثره سلبا على الجميع هو  التعاليم المبالغة فيها في الدين الاسلامي والتوجهات المتبعة في ثنايا اداء مناسكه المتعددة والمتطرفة في اداءها .

وكلما استوضحت منابع التعصب بجراة وعقلانية وصدق ومندون خوف ومستندين على الحقيقة كلما قصرت فترة التعصب المميت والذي تشق به حياة الناس وممارساتهم اليومية وتتضايق به نفسيتهم وتبتعد السعادة عنهم .

ان العلاقة الجدلية بين الثقافة الذاتية الاتية من المصادر المختلفة مع الثقافة العامة وما ينبثق منها العقل الجمعي المجتمعي هي العامل الحاسم في فرض التعصب او التخفيف منه في اي زمان ومكان كان . وان جفت المصادر مجرد بتوضيح مصارده وسلبياته وكيفية مجيئه، ومعرفة الناس بكيفية نشوءه وتوارثه من خلال مزج الدين مع العرق وبدوافع مصلحية شخصية كانت ام قومية، فانهم سوف يقتنعون بالحقيقة المخفية ويُرفع الستار عن الحقيقة المغطاة بالدين واكثرهم تعصبا وسلبيا هو الخاتم الاديان وعرّابه .

 

عماد علي

  

في المثقف اليوم