قضايا

صلاحيات رئيس الجمهوري في اصدار العفو الخاص .. حدود الصلاحية مقيدة

ahmad fadilalmamoriمما لاشك فيه أن اهمية العفو  الخاص تنبع من اهميته في تدارك لحالات ومستجدات ضرورية عند صدور أحكام قضائية باتة وتخريج قانوني لهذه الحالات الانسانية  أو الاجتماعية  أو السياسية وعندما نعرج على النص القانوني الذي جاءت بها المادة( 154)من قانون العقوبات رقم 111لسنة 1969 , 1– العفو الخاص يصدر بمرسوم جمهوري ويترتب عليه سقوط العقوبة المحكوم بها نهائيا كلها أو بعضها أو ابدالها بعقوبة أخف منها من العقوبات المقررة قانونا. عندما نأخذ هذا النص القانوني الذي اعتمدت عليه السلطة التنفيذية ورفع توصية من رئيس مجلس الوزراء العراقي الى رئيس الجمهورية بشمول المحكوم المجرم (محمد الدايني) بالعفو الخاص, وحسب ما جاء بالمرسوم الجمهوري رقم (28) بتاريخ 17/3/2016, جاء مخالفاً للدستور والقانون والمقيد لصلاحية وحرية رئيس الجمهورية في أصادر هكذا عفو للأسباب الاتية :- أولا أن الدستور العراقي لسنة 2005 جاء واضحا في المادة (73)منه باستثناء العفو الخاص من الجرائم الدولية ,وجرائم الارهاب ,وجرائم الفساد المالي والاداري مما شكل هذا تجاوز على صلاحيات رئيس الجمهورية المقيد بحكم الدستور ويعتبر حامي له وهي حقوق كل الشعب العراقي كما جاء في نص المادة (67)من الدستور ويمثل سيادة البلاد ويسهر على  ضمان الالتزام بالدستور, وأن الاحكام التي تمثل حكم الشعب والتي اكتسبت القرارات الحكم البات بموجب المادة (128) من الدستور تصدر القوانين والاحكام القضائية باسم الشعب .

وعندما نأخذ الشق الثاني من المادة (154)- 2 – لا يترتب على العفو الخاص سقوط العقوبات التبعية والتكميلية ولا الآثار الجزائية الأخرى ولا التدابير الاحترازية ولا يكون له أثر على ما سبق تنفيذه من العقوبات وكل ذلك ما لم ينص مرسوم العفو على خلاف ذلك. وقد جاء قرار العفو الخاص الاخير مبهم غير واضح المعالم ومضلل لا صحاب الاختصاص والرأي العام وايراد مفردات تتضمن هذا القرار11/نشر/جنح/2013 ولم يتضمن القرار الحكم او نوع العقوبة أو المدة المتبقية وهذا خلاف القانون حيث جاء مطلق ولا يمكن القبول بهذه الصفة لأنه يعمم لهذه الحالة وهي سابقة في المراسيم الجمهورية المعيبة كأنها أرادة ملكية مطلقة لا تخضع لدستور يمثل ارادة الشعب المستفتي عليه  والنافذ ,أن المتهم المجرم محمد الدايني والذي حكم سابقاً بتاريخ24/1/2010 بجرائم إرهابية ,بعد رفع الحصانة البرلمانية بحكم القانون وفق المادة (63)/ثانياً /ب ,بعد خضوعه لمحكمة عراقية توفرت فيها كل وسائل الدفاع المشروعة من محامين ومشتكين وحضور الاصحاب الحق الشخصي وشهود الدفاع وتم الحكم عليه وفق الادلة والاعترافات القانونية  المعمول بها في العراق ,ولكن ارتباطات هذا المجرم مع جهات خارجية وتوفير حماية دولية من قبل الاتحاد الاوربي الذي أراد التدخل في عمل القضاء العراقي  والضغط من بعض الاطراف السياسية التي صورت أن هذه التهم سياسية والمحاكمة دون ضمانات أو اجراءات قانونية عادلة كما تزعم هذه القوى التي تتباكى على حقوق القاتل المجرم دون النظر الى حقوق الضحية واهلهم وهي مرتبطة  بجهات دولية و يمثلون مكونات سياسية ومشاركين في الحكومة ,أن العفو الخاص الذي مثل خرق وتجاوز على حدود الصلاحية المحدودة وليست شاملة كما يتصور البعض وغرضها معالجة حالات معينة وعدم التمادي على المبادئ الدستورية ومثل هذا العفو جريمة بحق الانسانية لأنه لم يشمل تنازل ذو المجنى عليه أو موقفهم على الرغم من أن هذا يعتبر تجاوز وتدخل في عمل السلطة القضائية التي هي سلطة مستقلة لا سلطان عليها لغير القانون حسب ما جاء بنص المادة (88) من الدستور, ويحق لكل مواطن من أهل الضحايا أو عضو مجلس نواب من رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية ضد رئيس الجمهورية بخصوص انتهاك الدستور وفق المادة (61)/سادساً/ب.

أن هذا القرار المجحف بحق المجنى عليهم واهل الضحايا الثلاثون الذين قتلوا بدم بارد وترويع لمواطني الدجيل وهم ضحية عمل ارهابي وأجرامي وحشي جبان ومثل تعدي لحقوق الشعب العراقي و تعميق الانقسام المجتمعي الطائفي وأن هذا القرار لا يساعد في تهدئة الاوضاع السياسية أو الاجتماعية كما يصوره دعاة السياسة ,لأنها اصبحت ميزة استخدام العفو الخاص انتقائية وتجردت من عملها الانساني وتجاوز حدود ومضمون القانون والدستور وشكلت ظلم بحق الابرياء من المجنى عليهم والمدعين بالحق الشخصي وكل المظلومين وهم لم يتنازلوا أو يعفوا عن القاتل من فعل هذا المجرم المدان بحكم القانون وشرع الله كما جاء في محكم كتابه بسم الله الرحمن الرحيم {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة179 صدق الله العظيم ,ولا يتصور أي شخص أن الظلم لا يدوم ولكن هذه حقوق الانسان التي يجب الحفاظ عليها والا كانت هناك فوضى عارمة , وكان هناك من يطالب بشمول كل المجرمين  المتهمين أو المحكومين  بجرائم الارهاب ,أن يشملهم بالعفو الخاص أو  بالعفو العام مما يولد ضياع حقوق الالف من ابناء الشعب العراقي الذين اغتيلوا وقتلوا بجرائم يندى لها جبين الانسانية دون ذنب سوى الايمان بالله والمذهب والعراق والذي لا يعرفون سواهم .

أن قرار العفو الخاص الاخير رقم (28) شكل وصمة عار بتاريخ رئيس الجمهورية د. محمد فؤاد معصوم بخرقه للدستور وعدم أمانته لحقوق الشعب العراقي بعد ان تجاوز رئيس مجلس الوزراء د. حيدر العبادي لهذا الحق المقيد بالقانون والشرع مما شكل سابقة خطيرة ,وعلى أصحاب الاختصاص التحرك ونقض القرار من خلال ممثلي الشعب الامناء على حقوقه وفضح كل ممارسات الساسة الداعمين للإرهاب والتجاوز على حقوق الانسان والشعب العراقي . 

 

المحامي أحمد المعموري 

في المثقف اليوم