قضايا

المرأة الدَّاعِيَة.. نحو ربيعٍ دَعَوي

eljya ayshشرف لكل بلد مسلم أن تخرج من رحمه امرأة تقوم بالعمل الدعوي (أي داعية إسلامية) وترشد الناس وتدعوهم إلى إصلاح أنفسهم، لما تتمتع به من قدرة في التأثير في الآخر، لقد لعبت النساء في العصور الإسلامية أدواراً بارزة في نشر الدعوة الإسلامية، بدءًا من السيدة خديجة زوج الرسول (ص)، أما في عصرنا الحاضر فالأمر بات معقدا، ويتطلب داعيات مثقفات واعيات..، ولما كان مصطلح "الداعية " يجمع بين التذكير والتأنيث، فالداعية الإسلامية مفهوم جديد أحدثته قدرة المرأة على التقرب من الآخر عن طريق النصح والإرشاد، وتصحيح العقيدة ، ففي العالم الإسلامي أسماء كثيرة لنساء طلقن الحياة وشهوتها وتفرغن للدعوة الإسلامية، وأخريات كن يمارسن السياسة ومغرياتها، ثم ما لبثن أن يطلقنها أيضا، فعشن حياة روحية متكاملة، مثلما حدث مع الداعية الإسلامية عائشة ربيع، والدكتورة عبلة الكحلاوي والداعية استشهاد حسن البنّا..، وزينب الغزالي التي تحولت من منادية لتحرر المرأة إلى داعية إسلامية، وهي كلها أسماء مصرية، فضلن السير في طريق الدعوة.

ومن سوريا نقرأ عن الدكتورة لينة الحمصي، وهي من الوجوه البارزة في مجال الدعوة النسائية، حيث ذاع صيتها في كل البلاد الإسلامية من خلال برنامجها الاجتماعي "همسات" على قناة الرسالة الفضائية، ومن السعودية نجد الداعية سهيلة زين العابدين، ونورة السعد ، بل في السعودية هناك من أجيزت لهن "الفتوى" من قبل الشيخ ابن عثيمين ، مثل الداعية الدكتورة أسماء الرويشد، والدكتورة رقية المحارب، ولو تعمقنا في البحث، لوجدنا أسماء عديدة من النساء، كن يلهثن وراء الجاه والسلطان، ثم فجأة أصبحن باحثات عن الحقيقة،  فكانت الدعوة الإسلامية نقطة تحول في حياتهن، فماذا عن الجزائر؟، إن مساجدنا طبعا وإن كانت تغص بالمرشدات الدينيات، فهن ما زلن لم يبلغن مستوى الداعية الإسلامية بعد، مثلما خطته بعض الدول العربية التي عملت على تكوين  القيادات الدعوية  الفاعلة ،و فتحت لها آفاق لإعداد مشاريع دعوية تخدم بها الأمّة، لأن للداعية سواء كان رجلا أو امرأة  مواصفات وقواعد وجب الالتزام بها مثل قوّة الخطاب الديني، وطريقة الإقناع ، وأن يكون لها تنوع علمي، ومواصفات أخرى مثل الهمّة والأمانة والنصرة للإسلام.

لقد عالج الدكتور رمضان فوزي مسألة الدعوة في كتابه بعنوان:"شيزوفرينيا الدعاة" مظاهر الازدواجية والانفصام لدى الدعاة والعاملين في مجال الدعوة إلى الله، إذ يقول أن أفق الداعية أحيانا يضيق، أي أن دعوته تقتصر على المسجد فقط أو العلماء، وقال أن الدعوة تكون بالتشجيع لا بالتيئيس، وبالترغيب لا بالترهيب، وبالرفق لا بالغلظة، وأن التخطيط وترتيب الأولويات هو أصله دعوة، فلا تسير الدعوة بدونه، وهذا الفهم الصحيح لا يتأتى إلا بمتابعة الواقع، كما يجب ان يكون الداعية متفتحا يتواصل مع الجميع ويحاورهم، وبالصحبة يتسع الأفق وينجح الداعية وتنتشر الدعوة، والسؤال الذي يمكن طرحه والجزائر تتوفر على جامعة إسلامية تعد الأولى في إفريقيا، وهي جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، وتخرج على يديها إطارات نسوية في الشريعة والدعوة ، لكن للأسف لا توجد ولا امرأة حملت على عاتقها هذه الرسالة النبيلة،  بعضهن في قبة البرلمان، لكنهن  آثرن العمل السياسي على الدعوة في سبيل الله، لاسيما ونحن اليوم بالذات في حاجة ماسّة إلى "داعيات" يملأن الساحة الدعوية بخطابهن الديني.

ربما وبحكم الظروف التي عاشتها الجزائر أثناء العشرية السوداء، وما صحبها من تقتيل وعنف واعتقالات واغتيالات، من الصعوبة بما كان أن تتقبل المرأة هذه المُهمّة أو هذه الرسالة الصعبة، لأن الجزائر لها نظامها الخاص، والمجتمع الجزائري له خصوصياته الخاصة يجعلها تفتقر إلى الحصانة الدعوية، في ظل الصراع الطائفي، وانتشار الفكر المذهبي والفكر التطرفي والإرهاب، تحولت فيه المرأة إلى عنصر انتحاري..، إن دور الداعية هو تفعيل الذات المسلمة، وهو مشروع إنقاذ أمّة، ومن يدخل هذه الدائرة هم فقط أهل الثقة التي تحركهم الغيرة على الأمّة ، وليس الطامعين في الكراسي والمناصب، ولكي نبلغ الذروة في العطاء،  نحن اليوم في حاجة إلى"ربيع دعوي"، يحمل خطابا دينيا معتدلا وسطيا، لا يميل لا يمينا ولا شمالا، يكون على يديه طوق نجاة المرأة التي أصبحت لقمة سائغة لكل من يريد العبث بها والنظر إليها وهي تتخبط في اختياراتها.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم