قضايا

القيم بين الماضي والحاضر

akeel alabodكنت اتحدث مع قريب بقي محافظا على قيم الماضي وارثه، كان بحرقة يشكو عن اختلال الموازنة في نظام العلاقات الاجتماعية، في زمن سقطت فيه مقولة الاخوة، والابوة، والبنوة، والأمومة، بعد ان ابتعد الاخ عن اخيه، والابن عن ابيه، وآلام عن ابنها.

فذات يوم سألني صديق جاء معزيا بوفاة قريب يخصني،  ليسألني عن رقم هاتف اخي، الذي ابتعد منشغلا مع زوجته منذ اكثر من عشرة سنين،

الى درجة أصبحت فيها لم اكترث برقم هاتفه الذي حذفته عن باقي الارقام إكراما لمعنى الرقم الهاتفي الذي يعد بالنسبة لي مفردة لها طقوس ولها كرامة، كونها تشير الى ان هنالك صلة بينك وبين فلان من الناس بغض النظر عن نوع العلاقة وصنفها، خاصة عندما ينشغل الانسان بزوجته وأولاده على حساب علاقته بأهله وأقرب أقربائه. لهذا تراني اسقطت رقمه كما باقي أصدقاء شغلتهم الحياة كما شغلت هذا القريب الذي لم يعد يهمني بشيء.

المهم رحت أواسي قريبي الذي كان يتحدث بحرقة عن طبيعة العلاقات وتغيرها باتجاه الانحراف والجفاء والهجر، ناهيك عن تفشي او تسيد لغة الجشع، والطمع، حيث وصلت الامور الى ان يهدد الاحفاد أعمامهم طمعا، اوظنا منهم بتجاوز عمهم على ملكية ابيهم.

كان ردي هو ان اتجه بالرأي الى عدم أشغال مشاعري، وعقلي، وحسي بهكذا نمط من العلاقات، كون ذكرهم يعد استهلاكا، وكونهم بحد ذاتهم داء بجب التحرر منه، خاصة بعد الوصول الى مرحلة الياس، ولم يعد المجال بعد كافيا  لتغييرهم، فهؤلاء تجردوا عن القيم التي خلفها الماضون أولئك الذين رحلوا عنا بأخلاقهم وقيمهم ووفائهم.

 هم لم يموتوا لان القيم التي آمنوا بها وعملوا لأجلها بقيت معهم لم تمت، اما هؤلاء فقد انصرفوا لإجهاض القيم، والمبادئ، النبيلة التي كرس الآباء حياتهم لأجلها، لذلك صار علينا ان نذكرهم نصلي لاجلهم كل يوم عرفانا منا بالجميل، لقد تركوا لنا الحدائق والنخيل، بينما انصرف المتهافتون من الأقرباء والأقربين لاحراقها، حتى تفشت لغة الشر والعدوان ليس بين ذاك وذاك، بل بين هذا من الاخوة وهذا من الاخوة ايضا.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم