قضايا

ارتفاع مخيف لظاهرة "الشيخوخة" في الجزائر

eljya ayshهل الشيخوخة "حتمية" أم حالة "مرضية" يمكن معالجتها؟

( المرأة الجزائرية لها قابلية الإنجاب كلّ سنة حفاظا على زوجها)

 كشف تقرير صادر عن الديوان الوطني للإحصاءات أن ظاهرة الشيخوخة في الجزائر بدأت تعرف ارتفاعا في السنتين الأخيرتين، حيث بلغ  عدد الأشخاص  البالغين  سن الـ: 80 سنة وصل إلى حدود 511 ألف شخصا، في حين بلغ عدد الذين بلغوا سن الـ: 60  إلى حدود  03 مليون و484 ألف شخصا ، في سنة 2015 ،و ذلك بنسبة تقارب 09 بالمائة  لكلا العمرين ، فيما تشير أرقام أن الجزائر ستسجل نسبة 20 بالمائة من الشيخوخة في حدود عام 2030

يجمع خبراء في علم النفس والاجتماع على أن ظاهرة الشيخوخة تنتج من عدة تأثيرات في وقت واحد، منها تأثير العوامل النفسية، الغذائية والاجتماعية، لكن السائد في المجتمعات هو اعتبار السنة الخامسة والستين من العمر مؤشر لبداية الشيخوخة، وهو يعتبر سن اعتزال الخدمة أو الإحالة على التقاعد، (المعاش عند المشارقة) وهي دليل على دخول المرء مرحلة كبر السن، والإحالة على التقاعد تفسح المجال أمام الشباب لإيجاد فرص العمل، وبناء حياتهم، ويطلق على هذه المرحلة اسم "العمر الثالث" le troisième âge ،  وهي مرحلة طبيعية في حياة الإنسان، ومن علامات الشيخوخة تغير لون الشعر ، أي ظهور الشيب، وظهور التجاعيد، سقوط الأسنان في بعض الأحيان والإصابة بالأمراض المزمنة، كما أن للعوامل الغذائية دور مهم جدا، وتؤكد الدراسات أن حياة الشعوب الخاضعة لأنظمة غذائية خالية من الدهون أعلى من حياة الشعوب ذات الأنظمة الغذائية غير المنظمة، وإن كانت الشيخوخة في بعض الدول المتقدمة مثل الصين تصاحبها ارتفاع في المكانة، حيث يعامل الأفراد الأكبر سنا بالتبجيل والاحترام، ففي بعض البلدان وبالخصوص العربية منها ينظر إلى الشيخوخة بوصفها تمثل مشكلة اجتماعية، وتجد الدولة تسهر على بناء دور العجزة ومراكز المسنين، لإيواء هذه الشريحة وحمايتها من التشرد، في ظل المشكلات الاجتماعية التي تعيشها الأسرة والشجارات التي تتكرر بين "الكنّة" و"الحماة"، أين يجبر الإبن على التخلي عن أمّه ورميها في مؤسسات الدولة، و وصول الأمور إلى العدالة وأحيانا تنتهي بالطلاق، ولم يجد علماء الاجتماع حلا لهذه المعضلة التي هدمت كيان الأسرة المسلمة.

و الجزائر كعينة، فقد لوحظ  تراجع في معدل الحياة، بالنظر إلى عدد الوفيات المسجلة والتي بلغت السنة الماضية نسبة 5,2  بالمائة، بمعدل 183 ألف حالة وفاة في سنة 2015 ، حسبما كشف عنه الديوان الوطني للإحصاءات في تقرير له، ومسّ الانخفاض  في معدل الحياة بالدرجة الأولى الرجال والذين بلغوا  76 سنة، كما سجل الديوان تراجع نشاط الأفراد في سن ما بين 15 إلى 59 سنة، حيث تراوحت النسبة بين 62 إلى 63 بالمائة في الفترة ما بين 2014 و2015 ، ويتوقع الديوان نموا كبيرا في السكان في سن الـ: 15 ، حيث وصلت النسبة إلى 28,8 بالمائة في 2015 ، و11 بالمائة بالنسبة لأقل من 05 سنوات  في نفس السنة، أما الإناث  في سن ما بين 15 إلى 49 سنة وصل عددهن 10 مليون فتاة وامرأة، فيما بلغ عدد المواليد  البالغين في العمر أقل من عام،  32 ألف  في سنة 2015 ، ذلك بنسبة 3.9 بالمائة ، في حين لوحظ انخفاض في وفيات المواليد الحديثي الولادة، بمعدل 15 ألف حالة ( 14620) ، وبالمقابل ارتفاع في عدد الولادات.

  ومن جانب آخر كشف تقرير الديوان أن عدد عقود الزواج في 2015 وصل إلى 40 ألف عقد مدون في سجلات الحالة المدنية على المستوى الوطني، مسجلا في ذلك انخفاض بنسبة تقارب 05 بالمائة، في حين أن عدد المواليد الجدد بلغ مليون و40 ألف حالة ولادة، بمتوسط 2800  ولادة حية في اليوم، وهو ضعف ما سجلته سنة 2014 ، ويلاحظ أن مواليد الإناث أكبر من الذكور، وخلص التقرير إلى أن حجم الولادات بلغ 26 ألف في الفترة ما بين 2014 و2015 ، بنسبة ارتفاع قدرت بـ: 2,6 بالمائة،  وهذا يعني أن المرأة في الجزائر لها قابلية الإنجاب كل سنة، وهذه الظاهرة لها خلفيات وأبعاد نفسية واجتماعية، أهمها منع ظاهرة " تعدد الزوجات" والاحتفاظ بالزوج، ولذا هي تعمد إلى إبقائه في عصمتها وحماية أبنائها، في ظل خروج المرأة للعمل، ويتوقع أن يزداد عدد السكان بمليون نسمة أو أكثر مع بداية 2017 ،  ويربط علماء الاجتماع التغيير التقني التكنولوجي المتطور إلى حد كبير بالتغيير الاجتماعي،  وخارج المجال الديني، واعتبار أن الموت حتمية وواقعة طبيعية،  لا يمكن تفاديها،  فتطور الطب  مثلا ساهم في مجال أمد الحياة بقاء كبار السن على قيد الحياة والتكيف مع مرحلة الهرم، والعديد من الدراسات  كذلك كشفت أن الموت في البيت أصبح نادر الحدوث، فالناس وخاصة كبار السن يموتون في المستشفيات.

كما نرى اليوم احترام كبار السن وتبجيلهم محصورة في إبقائهم في مناصب المسؤولية، فغالبية الذين يُسَيِّرُونَ الشأن العام، ويهيمنون على مقاليد الحكم تجاوزوا سنّ التقاعد، وأصبحوا غير قادرين على تسيير شؤون البلاد، ولو أن القرآن لم يربط هذه المهام  بالعمر لأنه ذكر  أنبياء تقدمت بهم السن وطالت بهم الدعوة إلى الله، ولكن لكل زمن خصوصيته، وقد اعتبر بعض المهتمين بظاهرة الشيخوخة على أنه لا يمكن عدّها كحالة مرضية، وظهر ما يسمى بـ: "طبّ الشيخوخة"، والحقيقة أن المختصين تحدثوا عن الأمراض التي تزامن الشيخوخة،  والسؤال الذي يمكن أن نطرحه هو هل يكفي إنشاء منحة شهرية للمسنّ بموجب المرسوم التنفيذي تم إعداده طبقا للمادتين 7 و24 من القانون المتعلق بحماية الأشخاص المسنين الصادر في 29 ديسمبر 2010؟ خاصة وأن هذه المنحة أصبحت لا تغني ولا تسمن من جوع في ظل غلاء المعيشة في الجزائر، وتعرض هذه الشريحة إلى أمراض مزمنة، تجدر الإشارة ان عدد المسنين في الجزائر بلغ 03 مليون  شخص ، دون حساب عدد المسنين المقيمين بمراكز الأشخاص المسنين التابعة لقطاع التضامن الوطني.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم