قضايا

عقيل العبود: بين مؤتمرات الطب ومؤتمرات السياسة حياة تبتدئ واُخرى تموت

akeel alabodنبتتان بالحياة ينبضان؛ طفلتان يحمل انفاسهما قلب عراقي، المسافة مكان يستحيل احصاء مديات امياله، مستشفى الولادة في ساندياكو، تلك البقعة الآمنة من عالم، تفاصيله تدنو عبر احلام ضفة من الارض يسكن أرجائها الأمل، لولا هذه المسحات، التي يكاد ان يتضايف حزنها مع بصمات ابتسامة يطرق ابوابها الشحوب.

غرفة العمليات اجهزة طبية تزهو بتقنياتها كما بطاقمها، الذي إكراما لقدسية المهنة، تراه يتجاوز هذا الجدار الذي يعيش بين ضفتيه فريق طبي واحد، ناهيك طبعا عن هذا الذي لا اريد تسميته بقسم الممرضات، اي ليس كما يتم تسميته في عالمنا الشرق- أوسطي، حيث انما احتراما، اطلق عليه حلقة طبية، باعتباره كادر يتم تعيينه أصلا من قبل المشرفين والمتخصصين في باب الجراحة.

العمليات الخاصة بالنساء، حتما صنف له معانٍ، ومسميات تكاد ان تأتي بمفردات جديدة، تضم بين دفتيها أصابع عاملة تجيد برقصة اصابعها فن الطبابة والتضميد.

هؤلاء ليس اعتباطا يحق لي، كما لغيري ان انحني لعقولهم، ولمشاعرهم التي تتصف بهذا النوع من الرقي، فهي عبقرية يتوزع بين أنحائها مبضع جراح يقود بمهارته هذا التوزع الذي على اساسه، وفقا لحركة الزمن، عالم ترتاده الملائكة.

المشهد، طفلة يتم إنقاذ حياتها، كما شقيقتها، مع أمها التي تكاد من الخوف ان تفقد بعض انفاسها.

حين سألوها عن اسماء بناتها التوأم؛ الوليدتان اللتان لم يكتمل عمرهما، رغم ان المسافة بينهما وبين ضفاف الدنيا لم يبلغ حينه المقرر بعد، كان القرار ان تحمل الاولى اسما يرتبط بعراقيتها، وتبقى الثانية هكذا ترتدي ازهار الورد، تحمله بعطره، قلادة لهؤلاء الذين نذروا أنفسهم فقط لخدمة الحياة؛

الصالة وغرفة الانعاش، بما فيها الجهاز الذي تم إلصاق اسم المولود الاول فوق سقفه الزجاجي، ليتبعه بعد لحظات اسم المولود الثاني، بما يشير الى ان هنالك تتابعا وتعاقبا حركيا، من خلاله تختصر بضم التاء حركة الزمن؛ حلقاته ترتبط هنا بناء على هذا النوع من الاتساق، اذ كما دستور الهي، القوانين يجب الالتزام بفقراتها تحت اي ظرف كان.

الجراح، طريقة الفحص الطبي للمولود، جميع الإجراءات، تشير الى ان هنالك تالفا ليس على شاكلة التالفات، التي يجري العمل بها بناء على ما تفرضه قوانين الاجتماعات العامة ومؤتمرات السياسية،

انما هي يصح تسميتها بالتعاضد؛ كونه على شاكلة تكامل مهني يشبه البناء الهندسي الذي وفقا اليه، تجتمع الانسانية في بيت واحد،

 هو لقاء على طريقة اصحاب الخبرة والكفاءات؛ هو هذا الذي على أساسه ترتبط مفردات الخلق؛ الأبوة، الأمومة، الاخوة، اضافة الى رابطة الانتماء التي بموجبها يصبح للحفيد علاقة بمفردات تنتمي في موضوعاتها الى صفحات تواريخ شتى؛

جميع حلقات النمو والتوزع، الاجتماعي، والاقتصادي على اساسه تكتمل، فالأسرة كما شجرة تتفرع، لتثمر أغصانا جديدة، هو تحالف تسكنه البهجة والجمال، هذا الذي يعيش الحب فيه، ولهذا السياسة تماما تستقيل، بل تغادر مفرداتها اشفاقا لمثل هذا النوع من الفضاءات.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم