قضايا

اسماعيل البديري: هل نحتاج لكاسحة الغام في لجنة تعديل الدستور العراقي؟

ismaiel albdairiقررت هيئة رئاسة البرلمان العراقي تشكيل لجنة مكونة من 27 عضواً تشترك فيها اللجنة القانونية في مجلس النواب مع ممثلين منتخبين من قبلِ الكتل السياسية ويتركز عملها على تعديل مواد الدستور العراقي  و مراجعة جميع مواده والمكون من 144 مادة دستورية.

الدستور العراقي الذي كُتب في عام 2005 في حالة مرتبكة نتيجة الوضع الامني والسياسي ووجود تدخلات اقليمية ودولية وبالرغم من ان لجنة كتابة الدستور تكونت من مجموعة كبيرة من السياسيين ممثلين عن مكونات الطيف السياسي العراقي الا ان السمة البارزة التي اتسمت بها اللجنة هي عدم وجود الثقة المتبادلة بين اطرافها لما انتجته من مواد دستورية تفتقد للترابط اللغوي وتعكس هيمنة جهات كانت تحاول تثبيت غلبتها .

  بعد مرور اكثر من عشر سنين اصبحت الحاجة ماسة وملحة لتعديل و تنظيف الدستور العراقي من قنابله الموقوتة وفتح حقول الالغام الموضوعة بقصد او بدون قصد نتيجة التجربة السياسية والقانونية والتي كانت تصطدم بمواد دستورية قابلة للتفسير الغير منصف والعادل ولا اقول ان مهمة لجنة التعديلات الدستورية مفروشة بالورود وستكون سالكة لكن يجب ان تكون هناك محاولات جادة لتعديل الدستور العراقي وهو القانون الاسمى والاعلى في البلاد.

 هناك مواد دستورية تسمح بالتعديل المشروط حتى يتبين ان الدستور العراقي هو من الدساتير الجامدة التي لايمكن تعديلها وكما جاء بالمواد التالية:

 

  المادة (126)

 اولاً:ـ لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين، أو لخُمس (1/5) اعضاء مجلس النواب، اقتراح تعديل الدستور. 

ثانياً:ـ لا يجوز تعديل المبادئ الاساسية الواردة في الباب الاول، والحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور، الا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين، وبناءاً على موافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية، خلال سبعة ايام                                                                                                        

ثالثاً:ـ لا يجوز تعديل المواد الاخرى غير المنصوص عليها في البند "ثانياً" من هذه المادة، الا بعد موافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية، خلال سبعة ايام.

وقد قيدت هذه المادة بالمادة (142) خامسا وانها جاءت في فصل الاحكام الختامية مما قد يدل دلالة مباشرة على الارتباك ووضع الاستثناءات نتيجة التدخلات وفقدان الثقة المتبادلة وقيدت الموافقة على التعديل الدستوري بعدم رفض محافظتين او اكثر وحسب ماجاء في رابعا من المادة (142).

 

المادة (142)

اولاً – يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من اعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسة في المجتمع العراقي , مهمتها تقديم تقرير الى مجلس النواب , خلال مدة لاتتجاوز اربعه اشهر , يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجراؤها على الدستور , وتحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها .

ثانيا: تعرض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة دفعة واحدة على مجلس النواب للتصويت عليها وتعد مقرة بموافقة الاغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس.

ثالثاً: تطرح المواد المعدلة من قبل مجلس النواب وفقا لما ورد في البند (ثانباً) من هذه المادة على الشعب للاستفتاء عليها، خلال مدة لا تزيد على شهرين من تاريخ اقرار التعديل في مجس النواب.

رابعاً: يكون الاستفتاء على المواد المعدلة، ناجحاً بموافقة اغلبية المصوتين، واذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات او اكثر.

خامسا: يستثنى ما ورد في هذه المادة من احكام المادة (126) المتعلقة بتعديل الدستور، الى حين الانتهاء من البت في التعديلات المنصوص عليها في هذه المادة.

 

ان الواقع العراقي نظرا للظروف الامنية والسياسية يجعل من مهمة اللجنة المقترحة صعبة للغاية وعليها استخدام كاسحة الغام لضمان السلامة وعدم الانفجارالذي قد يسبب تراجعا كبيرا في الحالة الامنية والسياسية لاسيما بعد تحرير مناطق مهمة من قبضة داعش وتحقيق انتصارات على المستوى العسكري والمشكلة الاخرى التي ستواجه اللجنة هي مصطلح (وينظم بقانون) فاينما تجد هذا المصطلح فانت امام قنبلة  وكما جاء بالمادة (18) بالنسبة لمزدوجي الجنسية فالسمة الغالبة هي مخالفة الدستور رغم وضوح المادة لكن يتم الدفاع عن المخالفة بعذر عدم وجود القانون الخاص بتنظيم المادة ، وهذا امرا بالغ الخطورة حيث ان المادة قد نصت على عدم تولي مزدوجي الجنسية منصبا سياديا او امنيا رفيعا واعنقد ان القانون ينظم من يعتبر ذا منصب سيادي وامني فكيف اذا كان رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء يحملان الجنسية البريطانية .

 

المادة (18)

رابعاً:ـ يجوز تعدد الجنسية للعراقي، وعلى من يتولى منصباً سيادياً أو امنياً رفيعاً، التخلي عن اية جنسيةٍ اخرى مكتسبة، وينظم ذلك بقانون.

 القنبلة أو المشكلة الاخرى التي ستواجه اللجنة  الدور الكبير للقوات المسلحة في التصويت لقيادتها وما جرى سابقا من فوز القائد العام للقوات المسلحة المدني وهو رئيس مجلس الوزراء والامثلة واضحة والتساؤل الاخر هو موقف اللجنة من الفقرة ب بالنسبة للمليشيات  ونحن امام نص دستوري واضح.

 

المادة (9)

 اولاً:ـ أـ تتكون القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييزٍ او اقصاء، وتخضع لقيادة السلطة المدنية، وتدافع عن العراق، ولا تكون اداةً لقمع الشعب العراقي، ولا تتدخل في الشؤون السياسية، ولا دور لها في تداول السلطة

ب ـ يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة

 على اللجنة المعنية بالتعديلات الدستورية ايجاد تعديل  لانهاء حالة التداخل بين صلاحيات الرئاسات الثلاث على الرغم من ان المادة الدستورية تنص على مبدأ الفصل بين السلطات لكن الواقع الفعلي هو تداخل للصلاحيات مما يجعل التوافق السياسي اسمى من الدستور نفسه.

 

المادة (47)

  تتكون السلطات الاتحادية، من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على اساس مبدأ الفصل بين السلطات

 

المادة (61):

 يختص مجلس النواب بما يأتي:

اولاً:ـ تشريع القوانين الاتحادية .

ثانياً:ـ الرقابة على اداء السلطة التنفيذية.

ثالثاً:ـ انتخاب رئيس الجمهورية.

رابعاً:ـ تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، بقانونٍ يسن بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب.

خامساً:ـ الموافقة على تعيين كلٍ من:

أـ رئيس واعضاء محكمة التمييز الاتحادية، ورئيس الادعاء العام، ورئيس هيئة الاشراف القضائي، بالاغلبية المطلقة، بناءً على اقتراحٍ من مجلس القضاء الاعلى.

 ب ـ السفراء واصحاب الدرجات الخاصة، بأقتراحٍ من مجلس الوزراء.

ج ـ رئيس اركان الجيش، ومعاونيه، ومن هم بمنصب قائد فرقة فما فوق، ورئيس جهاز المخابرات، بناءاً على اقتراحٍ من مجلس الوزراء.

القنبلة الاخرى التي ستواجه اللجنه هي هل سيتم تحديد ولاية رئيس مجلس الوزراء ام لا حيث نصت المادة الدستورية (66) على ان تتكون السلطة التنفيذية من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء بينما تم تركيز السلطات بيد رئيس مجلس الوزراء وحسب المادة (78) وكذلك تم تحديد ولاية رئيس الجمهورية بدورتين فحسب ولم تحدد ولاية رئيس مجلس الوزراء برغم سلطاته الواسعة والكبيرة.

 

المادة (66)

 تتكون السلطة التنفيذية الاتحادية، من رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء، تمارس صلاحياتها وفقاً للدستور والقانون.

 

المادة (72)

   اولاً:ـ تحدد ولاية رئيس الجمهورية باربع سنوات، ويجوز اعادة انتخابه لولاية ثانيةٍ فحسب.

 

المادة (78)

 رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، والقائد العام للقوات المسلحة، يقوم بادارة مجلس الوزراء، ويترأس اجتماعاته، وله الحق باقالة الوزراء، بموافقة مجلس النواب.

من القنابل والمشاكل الاخرى عند  تشكيل الحكومة  عندما يقوم رئيس الجمهورية بعد انتخابه بتكليف مرشح الكتلة الاكثر عددا لتشكيل الحكومة والمهلة المعطاة له هي ثلاثون يوما لكن اذا فشل في تكوين كابينته  هل يكلف شخص اخر من نفس الكتلة ام من الكتلة الفائزة الثانية حيث لم تضع المادة  الدستورية جوابا وترك الموضوع مبهما قابلا للتفسير وهو من الاهمية بمكان ان يذكر صراحة وبتفصيل اكثر.

 

المادة (76)

 اولاً:ـ يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الاكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.

ثانياً:ـ يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف، تسمية اعضاء وزارته، خلال مدةٍ اقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ التكليف.

ثالثاً:ـ يُكلف رئيس الجمهورية، مرشحاً جديداً لرئاسة مجلس الوزراء، خلال خمسة عشر يوماً، عند اخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة، خلال المدة المنصوص عليها في البند "ثانياً" من هذه المادة.

رابعاً:ـ يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف، اسماء اعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري، على مجلس النواب، ويعد حائزاً ثقتها، عند الموافقة على الوزراء منفردين، والمنهاج الوزاري، بالاغلبية المطلقة.

خامساً:ـ يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشحٍ آخر بتشكيل الوزارة، خلال خمسة عشر يوماً، في حالة عدم نيل الوزارة الثقة.

القنبلة او المشكلة الاخرى التي تواجه لجنة التعديلات الدستورية هي التجاوز على التوقيتات الدستورية وما المادة (140) الا مثالا واضحا لذلك التجاوز والمخالف للدستور  وانتج خلافا مستديما بين المركز واقليم كردستان المطالب بتطبيق المادة هنا يجب على اللجنة ايجاد حلا منطقيا يرضي جميع الاطراف واعتقد من الصعوبة بمكان ايجاد ذلك الحل المرضي بدون تدخل خارجي وذلك لان الخلاف وصل حدا كبيرا اوصل رئاسة اقليم كردستان للتلويح بالانفصال على الرغم من ان الاحزاب الكردستانية كان لها الدور الفعال في كتابة الدستور.

 

المادة (140)

اولاً:ـ تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، بكل فقراتها.

ثانياً:ـ المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية، والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، تمتد وتستمر الى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور، على أن تنجز كاملةً (التطبيع، الاحصاء، وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها، لتحديد ارادة مواطنيها) في مدةٍ أقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الاول سنة الفين وسبعة.

هناك الكثير من المواد الدستورية واجبة التطبيق ولم تطبق تماشيا مع المزاج السياسي وارضاءا للتوافقات السياسية حتى أصبح التوافق السياسي اسمى من الدستور ذاته والا كيف نبرر عدم تطبيق المواد الدستورية الخاصة بتاسيس مجلس كمجلس الاتحاد مثلا  والذي يعتبر الغرفة التشريعية الثانية لكنه لم يرى النور بعد اكثر من عشر سنين على انشاء الدستور العراقي وكما جاء في المادة (48) تكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد. كما العديد من المواد الدستورية التي لم ترى نور التطبيق والتي تكفل حق الموطن بالحرية والمساواة مثل تكافؤ الفرص وكما جاء بالمادة ( 16) تكافؤ الفرص حقٌ مكفولٌ لجميع العراقيين . وهنك الكثير من الامثلة على تجاوز الدستور وعدم تطبيقه لكن نتمنى ان نرى عملا مثمرا من اللجنة يعيد للدستور العراقي هيبته وسموه .

 

القانوني: اسماعيل البديري - دبلن

 

في المثقف اليوم