قضايا

علجية عيش: حقوق الإنسان ضيّعت الإنسان.. في الحديث عن اغتيال البراءة

eljya ayshلا يهم كم عدد الأطفال الذين اختطفوا واغتصبوا وقتلوا في الجزائر، ذكورا أو إناثا، والطريقة التي قتلوا بها.. بقدر ما يهم معرفة دوافع القيام بمثل هذه الجرائم البشعة التي يكون الأطفال ضحاياها...، هل المال أم الانتقام، وفي كل الحالتين لا ينبغي أن يستخدم المجرم "البراءة" طعما لتحقيق هدفه، الانتقام سلوك غير حضاري، والطمع في المال بأساليب وحشية جريمة إنسانية يعاقب عليها الإنسان، وبين هذا وذاك يوجد خلل ما ، في ما يحدث من جرائم ، إما أن قوانيننا غير فعالة لأسباب عديدة أولها لأننا لا نملك عدالة مستقلة، وأن حقوق الإنسان منعت تطبيق حكم "الإعدام"، واكتفت بحكم "المؤبد" ، لكن هذا الحكم لا يجدي، طالما السجون الجزائرية تحولت إلى فنادق بخمس نجوم، هذا ما جناه "العفو الشامل" على المجرمين، الذين جعلوا من السجن "مَضْيَفَةً" (دار الضيافة) يقيمون فيها مدة ثم يستعيدون حريتهم، وقد يقول قائل أن الجاني مختل عقليّا، ووجب وضعه في مصحة للأمراض العقلية على مدى الحياة، لأنه يشكل خطرا على المجتمع، والحقيقة أن مرتكبي جرائم الاختطاف كما يقول علماء النفس والاجتماع هم شخصيات "سايكوباتية" تمتلك بُعْدًا إجراميا خفيا، تتلذذ بخطف الأطفال واغتصابهم ثم قتلهم، والشخصية السايكوباثية يسعى صاحبها دائما إلى إشقاء الآخرين، وهؤلاء تلقوا تربية قاسية في طفولتهم، أدت بهم إلى الانقلاب على المجتمع.

سؤال جدير بالطرح وهو كالتالي: ماذا حققت منظمات حقوق الإنسان، وبخاصة حقوق الطفل في حماية هذه الشريحة، ليس بالضرورة أن نتكلم عن حق الطفل في التعليم والعلاج المجاني، وحقه في اللعب والترفيه، ونناقش هذه المسائل مرة كُلَّ سَنَة، وننظم لها  الندوات والمحاضرات، ونطوي الصفحة ثم نفتحها في السنة المقبلة،  دون أن نضمن له الحق في الحياة، بمعنى حمايته من شتى الاعتداءات، ثم ألا نلاحظ أن أحزابنا السياسية ومنظماتنا وجمعياتنا جعلت من عيد الطفولة ورقة انتخابية، وتحولت الطفولة إلى قضية  سياسية، لا نتحدث طبعا عن قتل الأطفال في الحروب التي تعتبر حالة استثنائية، وإنما هذه الجرائم التي تحدث هنا وهناك، حسب الخبراء فإن كان موضوع قتل الأطفال لا يشكل ظاهرة، فعدم الوقوف بحزم في مواجهة هذا الخطر تحول إلى ظاهرة حقيقية، تحتاج إلى دراسات علمية بحتة ،  وإعادة النظر في القوانين، ووضع سياسة خاصة لمحاربة هذه الظاهرة، في ظل مجتمع يعيش تغيرات كبيرة متعلقة بالأسرة والتربية وتركيبة المجتمع.

كيف نحمي الأطفال الأبرياء من التعرض للاعتداءات الجنسية وللقتل بدون مبرر، وتمزق قلوب أسرهم حزنا على فراقهم، أو حسرة على إهمالهم لهم، نعم لابد أن نشخص الدّاء من كل جوانبه النفسية و الاجتماعية، فالظاهرة لا تعود إلى غياب الوازع الديني والأخلاقي فقط، بل إلى إهمال بعض الأمهات اللاتي  يتركن أطفالهن يلهون في الشارع دون مراقبة، وفي بعض الأحيان تطردهم حتى لا يزعجنها بصراخهم في البيت، أو تترك طفلها  بين أيدي شخص لا تعرفه بحجة أنه أعجب بطفلها ويريد تقبيله، وكم تحدث هده الحالات في عيادات الطبيب، أو في محل ملابس الأطفال،  قد تكون هذه الأمثلة في نظر البعض تافهة، لكنها خطيرة جدا، بل في غاية الخطورة، لأن الشيء الذي نستصغره،  يؤدي في كثير من الأحيان إلى الندامة، ولهذا لا يجب أن نستصغر المخاطر، ثم نقول قدر الله وما شاء فعل، لاسيما و ظاهرة اختطاف الأطفال انتقلت إلى سرقة الرضع من داخل المستشفيات.

من الضروري القول اليوم أن مواثيق الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان ولجانها ثبت بطلانها،  لاسيما المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنص على عدم تعريض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات والمعاملات القاسية أو الوحشية أو المهينة للكرامة،  ويمكن القول أن هذا الإعلان ساهم في تنامي الجريمة، والسؤال  يعاد طرحه من هم الخاطفون؟ هل هم مجموعة من الأشرار قررت أن تخلق الرعب في قلوب الأسر والعائلات؟، هل هي الحاجة  للمال؟، أم أن الفساد  عمّ في المجتمع فانقلب السحر على الساحر..

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم