قضايا

صالح الطائي: توبة الفتى اللعوب وعلاقتها بالتطرف

saleh altaeiهناك نوعان من الفتيان اللعوبين في عالمنا الإسلامي، النوع الأول يتكاثر وجودهم في القسم الآسيوي من العالم وتحديدا في جمهوريتين إسلاميتين متشددتين، خرج منهما عشرات بل مئات الإرهابيين والمتطرفين، هما الباكستان الإسلامية وأفغانستان الإسلامية، وهذا النوع من الفتيان اللعوبين يعرف محليا باسم (Bacha Bazi) أو باشا بازي أو الفتى اللعوب، وهم فتيان حسان يتم انتقائهم بعناية، ويتم تعليمهم الرقص الماجن والغناء والغنج الأنثوي الداعر ليرفهوا عن الأغنياء ليس بالرقص والغناء وحده وإنما وصولا إلى العلاقة الشاذة معهم، وليس للزعيم وحده بل يقدمون هدايا لكبار الضيوف ليقضوا معهم ساعات العبث. وهو تقليد موروث لا يعرف متى بدأ، مع أن هناك إشارات تدل على قدمه. 

ينتشر هذا التقليد المنحرف في هاتين الدولتين بشكل علني مقبول لا يعترض عليه المجتمع ولا يدينه علماء الدين؛ الذين تأثر بعضهم به فمارسه جهارا نهارا. مع أن الديانات القديمة؛ التي لا تزال بقايا منها إلى الآن راسخة في هذه البلدان، ولا تزال رواسبهم الجنسية الفكرية الموروثة فاشية عند بعض سكان هذين البلدين، تدين الانحراف والشذوذ. هذا مع وجود دلائل أخرى على قدم هذا التقليد في ثقافات وأديان تلك الشعوب فالبراهمة الهنود؛ الذين توجد لهم مجاميع صغيرة في هذين البلدين، وهم فئة طبقية في الديانة الهندوسية، وهي واحدة من أقدم الديانات ولا يعرف مؤسسها، كانوا يقومون بخصي  الغلمان ليتمتعوا بما في صباهم من سحر وفتنة وينعموا بأصواتهم الحادة، إذ كان هؤلاء المخصيون محط رعايتهم وتدليلهم"(1)

إن طرق الحصول على (Bacha Bazi) كثيرة جدا منها اختيارهم عن طريق الإقناع وغسل الأدمغة، أو شرائهم ببعض المال من العوائل الفقيرة، أو حتى اختطافهم وإجبارهم على ما يقومون به، وجميع هؤلاء يخضعون إلى تدريب مكثف على أيدي مدربين مهرة، تخصصوا بهذا الفن، يقومون بتعليمهم أداء الحركات المثيرة للشهوة، والحركات الأنثوية، واستخدامهم للرقص في جلسات لهو جماعي يقيمها المترفون، وفي هذه الجلسات، يستخدمون للرقص وإثارة الغرائز، ولتقديم الشاي لعلية القوم وخدمتهم، ومن ثم ممارسة المثلية معهم. حيث يتم خلال الحفلات اليومية غالبا الاتصال بالفتيان جنسيا من قبل عدة أشخاص بالتتابع، ثم يغسل الوجيه غسل الجنابة ويذهب ليصلي صلاة الجماعة، وقد يكون هو إمام الجماعة، وغالبا ما يكون الذين اشتركوا في جلسه لهوه العابثة يقفون في الصفوف الأمامية لأن الدين الحنيف الذي يتعبدون به حثهم على التقاتل للوقوف فيها ليكون الثواب أكثر!.

بعد أن قويت التنظيمات المتطرفة في باكستان وأفغانستان، وبعد أن قامت بعض بلدان الخليج الغنية بدعم تلك التنظيمات، وبسبب فقر تلك البلدان، تم انتشار التطرف حتى مع وجود (الباشا بازي) لكن التثقيف العقدي المستمر أشعر هؤلاء الفتيان المنحرفين بالدونية، ودفعهم إلى طلب التوبة، ولم يكن أمامهم سوى القدوم إلى العراق وسوريا للقيام بأعمال انتحارية لكي يسامحهم ربهم، ويغفر لهم ما قاموا به من أعمال

أما القسم الثاني من الفتيان اللعوبين فيتواجدون في القسم الأوربي من العالم، فهناك جمهوريات إسلامية أو مختلطة فقيرة، كانت من ضمن جمهوريات الاتحاد السوفيتي، ثم لما تفكك الاتحاد السوفيتي و(تحررت) هذه الجمهوريات، وجدت نفسها مثل حال (الموالي) الذين حررهم المسلمون بعد أن كان البعض يستخدمهم للهو والعبث والمجون: لا أصل ولا ثقافة ولا أهل ولا ثروة ولا خبرة عمل ولا مقومات حياة مما دفع الكثير منهم لامتهان الشذوذ الجنسي للحصول على لقمة العيش، كذلك هذه الجمهوريات وجدت نفسها ولاسيما الإسلامية منها عاجزة عن توفير مستلزمات الحياة الكريمة، فقامت بتشجيع السياحة الجنسية، وبدأت أكثر النساء فيها يعملن بالبغاء لكسب المال، بعدما أسهمت الدول نفسها في تنمية ما يعرف بالسياحة الجنسية حيث فتحت أبواب بيوتها للوافدين من طالبي المتعة الرخيصة.

كرد فعل معاكس نشطت بالتزامن مع هذا الانحلال وبدعم من دول عربية غنية الكثير من الحركات الإسلامية المتطرفة المدعومة ماديا وفكريا، فأخذ بعض شبابها الذين يشعرون بالعار لأنهم كانوا يرون أمهاتهم وأخواتهم في أحضان مختلفة يفكرون بأعمال متطرفة، ولكي يتخلصوا من عارهم هذا، حملوا أحلامهم بالتوبة والأمل بالحصول على الحور العين الطاهرات اللواتي (لم يطمثهن قبلهم إنس ولا جان) وهاجروا إلى العراق وسوريا ليفجروا أنفسهم بين الأبرياء عسى أن يغفر ربهم لهم.

النكاية الكبرى أن لا هؤلاء ولا أولئك نجحوا في أن يقدموا للبشرية ما يخدمها بقدر إسهامهم في تردي العلاقات الاجتماعية والروابط الإنسانية بين الشعوب، لكن في كلتا الحالتين كان للإسلام السياسي دورا كبيرا في وجود هاتين الفئتين في مجتمعاتنا الإسلامية!. 

 

..........................

(1)  ويتاكر، براين، الحب الممنوع، حياة المثليين والمثليات في الشرق الأوسط، ترجمة ف. إبراهيم،  دار الساقي، بيروت، 2007.

 

في المثقف اليوم