قضايا

قاسم حسين صالح: النازحون والدعم النفسي المفقود

qassim salihyيعدّ العراق البلد الأول في العالم من حيث عدد النازحين فيه الذي يتراوح بين اربعة الى خمسة ملايين نازح يعيشون (اوضاعا كارثية مفجعة لأبعد الحدود) بحسب منظمة حقوق الانسان، إضافة (لانتشار القوارض والعقارب والأفاعي السامة في مخيماتهم، وفقدان الرعاية الصحية والخدمات الأساسية ومخاطر احتراق الخيام) بحسب الشرق الأوسط، ومواجهتم (انواع التعذيب النفسي والاظطهاد والحرمان من الكرامة والعيش الرغيد، والقتل والاختطاف وموت كثيرين بالسكتة الدماغية والجلطة القلبية جراء سماعهم خبر مفاجىء بقصف المنزل او موت احد افراد الاهل او الاصدقاء او خسارتهم كل ما يمتلكون في طرفة عين) بحسب تقارير صحفية.

وتوثيقا لحقيقة وتوكيدا لها، نورد هنا شهادات من نازحين يسكنون المخيمات:

• خرجنا من البيت بلا شعور، هربنا مع الهاربين من المعارك، وبعد ساعتين عبرنا الفرات بزورق، وأمضينا خمسة أيام في التنقل والمبيت بمناطق مختلفة، وافترشنا الأرض في العراء إلى ان وصلنا اربيل.

• خرجت من المدينة برفقة زوجي وأولادي الأربعة بعد أن خيم الرعب على المدينة، ووجدت نفسي بين خيارين: إما البقاء ومواجهة الموت بعد وصول المعارك بين القوات الحكومية ومسلحي تنظيم داعش إلى أزقتنا .. أو الرحيل.

• منذ حلول الشتاء أصبحت المعاناة أكبر بسبب غرق الخيام في مياه الأمطار واقتلاع العواصف الكثير من الخيام.

• أبرز معاناتنا تكمن بافتقار المخيم لأبسط الخدمات الضرورية وغياب الرعاية الصحية وعدم وجود مرافق صحية وأماكن للاستحمام.

• كنت قبل نزوحنا أعمل بخياطة الملابس لأوفر لأولادي احتياجاتهم وتفوقهم الدراسي بعد وفاة والدهم، فتحول حلمي إلى كابوس، وها أنا أعيش مرارة الحرمان في هذا المخيم ويعيش أطفالي في وضع غير الذي تمنيته لهم وأفنيت أيامي لأجله.

ووفقا للسيد جوزيف ميركس، المنسق العام للمفوضية العليا للأمم المتحدة، فان احتياجات النازحين (ضخمة ولا نهاية لها – لاسيما الدعم الصحي والنفسي للذين تعرضوا لصدمات نفسية وذهنية)، وعند هذه القضية سنتوقف.

نلفت الانتباه الى حقيقتين، الأولى:ان الدعم النفسي للنازحين يعدّ مطلبا اساسيا يكون احيانا اكثر ضرورة من الدعم المادي، لأن غيابه او عدم ايلائه نفس اهمية الدعم الغذائي، يؤدي الى شيوع الاضطرابات النفسية والعقلية بين النازحين:القلق والاكتئاب والتفكك الاسري على صعيد الكبار، والكوابيس والتبول الليلي على صعيد الاطفال، فضلا عن زيادة معدلات الجريمة وانتهاءا بحالات الانتحار التي وصلت الى ثلاث حالات في شهر واحد في احد المخيمات.

والثانية: ان اللاجئين في العراق يحظون بالدعم النفسي، اذ يوجد في كل مخيم خدمات للصحة النفسية بشكل متكامل (طبيب نفسي، معالج نفسي، باحث اجتماعي، ادوية نفسية مجانية) اضافة الى منظمات دولية تعنى بالخدمات النفسية والاجتماعية مثل منظمة ( save the children )، واخرى تعنى بالعنف ضد النساء، فيما لا توجد مثل هذه الخدمات في مخيمات النازحين العراقيين.

ونعيد لفت الانتباه الى ان غياب الدعم النفسي عن خمسة ملايين نازح عراقي يؤدي الى شعور من هم بعمر الدراسة الى ضياع مستقبلهم الدراسي والحياتي وفقدانهم الصبر والتحمل والقنوط وقلة الايمان.ولقد وجدنا بين النساء النازحات من هي مصابة بالهلع الناجم عن قتل زوجها او ابيها امامها بيد داعشي متوحش، وبين الاطفال من هو مصاب بالرعب الناجم عن مشاهدته لداعشي حقير يغتصب عرضه أمامه.فضلا عن اصابة عدد كبير من الشباب والكبار باليأس من طول مدة النزوح بلا حلول .. الذي يؤدي بعدد كبير منهم الى ان يختاروا بين العجز بوصفه احدى الراحتين وبين من يجد في انهاء حياته .. راحته الأبدية.

اننا نضع قضية تأمين الدعم النفسي امام وزارتي الهجرة والصحة ، وندعو المنظمات المعنية ووسائل الاعلام والمواقع العراقية الالكترونية .. الى الاهتمام بخدمات الدعم النفسي للنازحين .. فبدونه لن تبلغوا تحقيق أهدافكم الانسانية النبيلة.

 

في المثقف اليوم