قضايا

قاسم حسين صالح: لنتقن الدعاية ونحذرالشائعة

qassim salihyيخوض العراقيون الآن حربهم المقدسة ضد أبشع واقوى تنظيم ارهابي في العالم. ومع ان الحرب العسكرية هي العامل الحاسم، الا ان الاشاعة تكون اقوى من البندقية احيانا، ولنا ان نتذكر كيف سقطت مدن عراقية في ساعات بعد احتلال داعش لمدينة الموصل.

 وبعيدا عن تفاصيل انواع الدعاية والاشاعة، وبهدف حصر الموضوع بالحدث الذي نواجهه الآن، فان الدعاية تعني ازالة غموض، وتحشيدا معنويا يكون هدفها في اوقات الحروب والازمات:تغيير السلوك الفعلي للناس وحصول اقتناع لديهم بقضية مصيرية تخص الوطن ومستقبل اجياله، الذي يعتمد نجاحها على جودة صياغتها علميا وواقعية اجراءاتها عمليا.

اما الاشاعة فهي خبر او حدث يجري تداوله شفاها بين الناس، قد يكون مختلفا وقد يتضمن حقيقة او جزءا منها، يجري تضخيمه بطريقة تشبه رسم فأر صغير يتحول عبر سلسلة من الرسامين الى بعير كبير..هدفها الرئيس خلق فوضى معلوماتية وتشوش فكري تفضي سيكولوجيا الى شعور المتلقي بالخوف او الرعب الناجم عن توقع الشرّ، وخفض المعنويات وتفريق الناس بين مصدّقين مرعوبين وخائفين ومحبطين.

 وعلينا ان نعلم ان هنالك ثلاثة قوانين تتحكم في انتشار الشائعة، هي:اهمية الحدث، وصدمة المفاجأة، والغموض.. بمعنى: كلما كان الحدث كبيرا، ووقوعه مفاجئا، واكتنفه الغموض.. انتشرت الاشاعة في علاقة طردية بها.

بهذا المعنى، نفهم الآن بأن الدعاية تعني فن إقناع الآخرين والتأثير في وعي الجماهير لتنفيذ مهمة الدفاع عن الوطن.وهي علم يتناول فن قيادة العقول والنفوس والإرادات، وتعتمد على الاقناع العقلي من مصدر معروف بالمصداقية، تعتمد على الأدلة المقروءة والمسموعة والمرئية، فيما تعني الشائعة كل قضية أو عبارة مقدمة للتصديق يتناقلها شخص لآخر بالصورة او الكلمة، وتزدهر في ظل غياب معايير الصدق والتأكد من الحقيقة.

 نقول هذا لنعيد في الذهن ان الاعلام العراقي ارتكب في العام 2014 اخطاءا فادحة.لم يتعلم ان الدعاية والاشاعة في زمن الحرب يجب ان تفند الخبر بصورة من موقع الحدث او بشهادة متحدث يتمتع بالمصداقية، لا بكلام معظمة فائض معنى. ومارس حينها دور "تقبيح" وجه العدو و "تجميل" وجه الحاكم. واعتمد في دعايته على وجوه مستهلكة "مكروهه" لدى الناس انطباع عنها بانها تنافق وتكذب..فشتان بين ان يظهر في وسائل اعلام السلطة من هو محسوب عليها وآخر مفكر مستقل يعرف كيف يحلل بموضوعية وكيف يبطل مفعول الاشاعة التي اصابت الناس في وقتها بالانكسار والخوف وتوقع الشر.

 ولكي تواصل القوات العسكرية والشعبية انتصاراتها التاريخية في ساحات المعارك، ولكي نكون ماهرين في اتقان الدعاية واذكياء في تفنيد الشائعة، فانه يتوجب على الاعلام العراقي ان يمارس دوره في رفع الروح المعنوية، وتشكل غرفة دعاية اعلامية تجيد صناعتها عقول متخصصة في الاعلام وعلم النفس والاجتماع، يمتد عملها من اجراء بحوث ميدانية سريعة تستقرأ الحالة النفسية للشارع العراقي والجندي، الى انتقاء وجوه جديدة تتمتع بالرصانة والمصداقية والحب الصادق للعراق واهله.فالحرب لها وجهان عسكري نحن مطمئنون اليه، ونفسي يشيع في الناس روح التفاؤل واليقين بان العراقيين مهما اختلفوا فانهم على حب العراق.. متفقون.

 

أ.د.قاسم حسين صالح

 

في المثقف اليوم