قضايا

صادق السامرائي: العقل العربي وغرابة التحليل!!

ما قرأت كتابا أو دراسة لمفكر عربي ومنذ عصر النهضة وحتى اليوم، إلا ووجدت آلية التفكير تدور في نمطية واحدة راسخة متكررة مفادها، أن أسباب التخلف تضرب بجذورها في أعماق التأريخ العربي ولقرون عديدة، ويتم ربطها بحالة أو بأخرى حصلت قبل أكثر من أربعة عشر قرنا.

وتتعجب من هذا الإقتراب والقالب الذي لا يمكن الخروج منه، فأبرز المفكرين والمصلحين ساروا عليه وما إستطاعوا الفكاك من قيوده، ولا أدري لماذا لم يتساءلوا: ماذا فعلت المجتمعات الأوربية عندما إستشعرت تخلفها وظلام عصورها أمام أنوار الحضارة العربية؟

هل أنها فكرت مثلما نحن نفكر؟

إن المفكر العربي ربما يبدو وكأنه في إنقطاع عن واقع حاضره وعاجز عن النظر بمفرداته، والتفاعل معها وتحويلها إلى قدرات ذات قيمة إستنهاضية وإرتقائية نحو الأفضل.

وما يدور في الواقع الفكري العربي أن التبرير والتسويغ والإسقاط والإنكار يهيمن على معظم الرؤى والتصورات، وأدبياتنا الفكرية ترسيخية وتعزيزية للحالة القائمة وتنفي أية قدرة للخروج منها.

هذا واضح في كتابات المفكرين والمصلحين منذ القرن التاسع عشر وحتى اليوم، ولهذا فهم أسهموا بإستنقاع الأمة وتعفن ما فيها وعجزها، وفقدانها لطاقات التوثب والتحدي والإيمان بالذات والأمل على الإنجاز برغم ما تمتلكه من مصادر هائلة للثروات.

ولا يزال العقل العربي ينسج بذات المنوال، ولا يمكن تحقيق التقدم وصناعة الحياة، إلا بالتحرر من هذا القيد الماضوي العجيب وإمتلاك العقل المعاصر، الذي ينشغل بالإبداع والإبتكار ويؤمن بالعمل الجاد والقدرة على تواصل العقول وتزاوج الأفكار وصيرورتها الفعالة، المؤسسة لمنطلقات تساهم في الوصول إلى إمتلاك خبرات ومهارات تحويل الأفكار إلى موجودات حية مشاركة في الحياة.

أما الركون لآليات التفكير العاجزة، والإرتهان بما مضى وما إنقضى فأنه مساهمة سلبية لتوريط الأمة في أوحال الهزائم والخسران والغياب الأليم.

إن الإقرار بهذا المفهوم يعني التعبير عن العجز وتأكيده والقول بأن التغيير مستحيل!!

فهل من نهضة عقلية يا أمة "يعقلون"؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم