قضايا

عقيل العبود: الصبر والحزن كمقدمتين لبناء المجتمعات

akeel alabodوانا أتأمل هاتين المقدمتين، يتبادر الى ذهني قصص تفوق في خيال موضوعاتها موضوعات الأبطال الذين هم على شاكلة هرقل، وما يروج اليه في عالم الحكايات المعتادة.

هنا حيث وانت تبحث في قصص نبي الله يعقوب وصبره على فراق ابنه يوسف، وكذلك قصة نبي الله يونس وهو في بطن الحوت، وقصة ابراهيم ونوح، بل وجميع الانبياء والصالحين، بما فيهم صبر الأئمة ومن حذا حذوهم، حيث السيدة زينب عليها السلام، هذه المرأة التي بقدر صبرها، تفتح في كل ان بوابات المعاني الخاصة بالتحرر من العبودية وربق الخضوع الى الأمراء والطغاة.

 كما وتستقرىء منها كذلك فلسفة الشجاعة، ذلك بناء على مفردات المواجهة أولا، والأحزان والإيمان ثانيا.

 والأخير، اقصد عامل الايمان هو اللغز الذي تفهم من خلاله مشخصات الارتباط مع حقيقة الاله، هذه الحقيقة التي على أساسها منظومة الحياة الانسانية تتكامل، تتسع مدياتها؛ كبريائها يتجدد، تتجلى بناء عليها، هيبة الخالق في المخلوق.

فالكائن البشري يتجاوز هنا حدود إمكانياته، لتتجسد في اقصى أعماقه هيبة خالقه، فكما يفيض الله من علمه في عقول وبصائر العلماء وضمائرهم من الخارج، بحسب ما يتناوله موضوع الفلسفة الإشراقية، كذلك يفيض بحبروته وعظمته وكبريائه في ذات المخلوق من الداخل، ليصبح المخلوق انذاك كائنا سماويا وأرضيا في ان واحد، وهذا على غرار ما يتم تداوله مع بعض مسميات الميثولوجيا الاغريقية.

والمعنى انما يراد به، هو ان تكون هنالك أمثلة لكائنات، او مخلوقات إنسانية في عالم الارض والحياة الدنيا، هذه الكائنات منها يفهم معنى الجبروت والعظمة الخالقية، ذلك على اساس ما نراه اونسمع  به في ذات المخلوق.

هذا الجبروت به تبنى المجتمعات، وعلى اساسه تفهم حقائق القيم والأخلاق الحية، فبالصبر يتم تجاوز الضعف والهزيمة، وبه تقوى العزيمة، وعلى اساسه كلمة الحق تصارع ارادة السلاطين.

والتاربخ حافل بمسميات لا حصر لها في هذا الباب، اما القران فقد ذكر لنا نماذجا حية وسور مليئة بالأمثلة في هذا المضمار، وسورة الكهف نموذج لهذا النوع من التصنيف، حيث ورد في آياتها " الم اقل انك لن تسطع معي. صبرا".

والصبر والحزن كما يبدو مقولتان متعينتان في رموز، اراد الله لها ان تبلغ مراتب الخلود لكي يتم اعتمادها فيما بعد، هذه المدارس من خلالها تصاغ منظومة أخلاقية وفكرية متكاملة، هذه المنظومة منها تستمد المجتمعات قوتها الاخلاقية، ليصار الى اتباع دساتير،  ديباجاتها تتبنى مقولة الصبر كونها الطريق الى الكرامات وصيانة المجتمعات من النفاق والكذب والتزوير.

 

 

في المثقف اليوم