قضايا

قاسم حسين صالح: رأي الأكاديميين والمثقفين في اداء الحكومة وتوقعاتهم لعام 2017.. دراسة علمية

qassim salihyاعتدت من ربع قرن ان استطلع توقعات العراقيين وامنياتهم في كل عام جديد، لهدفين رئيسين: تنوير الرأي العام العراقي، واطلاع متخذي القرار على رأي الناس لتعزيز ما هو ايجابي في ادائهم ومعالجة ما هو سلبي فيه.وقد توجهنا في الأسبوع الأخير من عام 2016 باستطلاع رأي اكاديميين ومثقفين تضمن هذين السؤالين:

• ما هو تقييمك لأداء الحكومة ممثلة برئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي في 2016؟

• ما هي توقعاتك الايجابية والسلبية لعام 2017؟

 

اولا: تقويم أداء السيد حيدر العبادي.

  توزعت اجابات المستجيبين على جميع مستويات التقويم، من ممتاز الى رديء، غير ان معظمها تركز في مستويين:جيد ومقبول. وكان الغالب على الاجابات الايجابية وصفها للسيد العبادي بأنه: (هاديء، يدير الأمور بروية، قدرته على احتواء الازمات السياسية داخليا وخارجيا، اكثر رزانة من سابقه المالكي في تعامله مع الأزمات، خطابه هاديء غير متشنج على عكس سلفه، استطاع ان يمسك العصا من الوسط مع كل الأطراف، نواياه افضل من غيره من السياسيين، يمتلك خبرة سياسية وتربية نضالية وثقافية مكنته ان يحلل ويستنبط ويندمج مع المجتمع بطريقة ذكية جعلته عنصرا تكنوقراطيا مقبولا..).واتفق الجميع على انه كان ناجحا في اداءه العسكري وما حققه من انتصارات في الانبار والفلوجة والموصل.

 وفي الجانب السلبي، اتفقت الغالبية على انه: اضاع الكثير من الفرص للأصلاح والأعمار، لم يستجب لمطالب المتظاهرين ولم يستغل الانتصارات العسكرية في محاسبة الفاسدين واتخاذ قرارات شجاعة بتقديم الحيتان منهم الى القضاء، ضعفه امام اركان حزبه ورضوخه لضغوط كتلته والحشد الشعبي، عدم محاسبته لمن كانوا السبب في سقوط الموصل، هشاشة قدرته على فرض سيادة القانون، ممارسته لمجاملات سمجة على حساب الوطن، متردد وهياب في اتخاذ القرارات، متخبط بين ولائه لحزبه وادارته للحكومة، قطعه رواتب الموظفين في الأقليم وعدم مراعاته لظروف الشعب الكردي، سياسة اقتصادية فاشله، افتقاره لفريق كفوء من المستشارين، عدم تمتعه بالحنكة في استقطاب من يقف الى جانبه، ضعفه امام تدخلات خارجية..فيما حدد آخرون بان اداءه اقترن فقط بما حققه الجيش من انتصارت وعدا ذلك فانه لم يقدم شيئا على الصعيد الحكومي، معللين ذلك بأن الفساد ما يزال يستشري في كل مفاصل الدولة واغلب الدوائر الحكومية لا يقودها مؤهلون.

 ولقد وصفه آخرون بصفات بعضها ساخرة واخرى مشفقة عليه وتمنيات: (رجل عادي وليس فلتة زمانه، الله يكون بعونه، الرجل ادى ما عليه وتجرّع المر، نظيف يحاول ان يقدم الاحسن لكنه مقيد بحزبه، كان من الافضل له لو انه فك ارتباطه بحزب الدعوة، يريد ينهزم بس لازميه من سترته!).

 وعن الصعوبات التي سيواجهها السيد العبادي في العام الجديد، فقد حددها المستجيبون بأن اهمها تتركز في الوضع الذي سيؤول اليه حال العراق بعد القضاء على داعش، وكيفية التعامل مع اقليم كوردستان والمحافظات الغربية بشكل خاص، ومطالب محافظات ترى نفسها انها الخاسرة مثل البصرة، واستمرار تدهور الوضع الاقتصادي، ونفاق القوى السياسية وتزلفها له..وان اداء الحكومة سيكون فاشلا لاسيما في مجال تقديم الخدمات والأعمار.

 

ثانيا: توقعات العراقيين في العام الجديد

 حدد المتفائلون توقعاتهم بأن السنة الجديدة (2017) ستكون افضل من سابقتها ، ستحمل مفاجئات سارة للعراقيين، الأنتصار على داعش، انفراج العملية السياسية بعد تحرير الموصل، ومغادرة نظام المحاصصة الطائفية التي دمرت العراق..فيما حدد المتشائمون توقعاتهم بالآتي:لا يوجد امل في تحسن الأوضاع، اضطرابات في الجنوب، تفاقم الأزمات وخاصة مع اقليم كوردستان ودول الجوار، صراع بين الكتل وداخلها قد يصل حد التصفيات، استمرار المآسي والفواجع.

 والملاحظ ان اجابات المستجيبين كانت في اغلبها تميل الى التشاؤم.. وانها لم تختلف عن توقعاتهم قبل سنتين. ففي نهاية عام 2015 كنّا توجهنا في استطلاع الى القرّاء تضمن هذين السؤالين:

• بماذا تصف عام 2015 بايجابياته وسلبياته؟

• ما هي توقعاتك الايجابية والسلبية في العام 2016؟

 وقد توزع المستيجيبون في حينه على صنفين (أسود وابيض).. حيث وصفه الفريق الاول بأنه: (عام الحروب والفقر والألم، والتوتر والصراعات، وقلّة الخبرات وتقشف الحكومات، وعام الحزن على هجرة الشباب العراقي..وعام ماساة النازحين..ومنهم من سخر قائلا:الله يخليك دكتور..ليش هي اكو ايجابيات). فيما وصفه الفريق الثاني بأنه عام: (الانتصارات على الارهاب، عام انتصار القوى المدنية من خلال حراكها الشعبي المستمر، وتزايد التظاهرات الاحتجاجية، وتسمية الفاسدين..وعام تقديم حزم الأصلاح..و..عام النجاح والغربة).

وكان الهدف من السؤال الثاني معرفة حجم التفاؤل والتشاؤم لدى العراقيين بخصوص ما سيحدث في عام 2016..وتوزعوا ايضا على صنفين، اذ رأى المتفائلون ان العام الجديد سيشهد: (تغييرا على الصعيد السياسي افضل بفعل زيادة الوعي الشعبي لصالح القوى المدنية، وسيكون الاحتجاج اكبر، وستنهار المحاصصة، والعام الذي سيؤدي فيه السخط الشعبي الى ان يتوحد العراقيون، والعام الذي سيشهد هزيمة القوى الطائفية).فيما توقع المتشائمون بان العام الجديد سيكون: (أسوا من سابقه..وسيكون عام قحط، وحالة من اليأس على الصعيد الاجتماعي، وزيادة معاناة الناس وحالات القتل والتهجير، والعام الذي سيشهد الصراع بين الكتل بسبب تردي الوضع الاقتصادي).

 ان القراءة السيكولوجية لما حدث ويحدث توصلنا الى النتيجة الآتية:

 ان مزاج العراقي صيرته الأحداث ان يكون أشبه بـالأرجوحه.. (رايح.. جاي) بين أزمة، انفراج، أزمة... وأن عدوى التشاؤم لدى العراقيين سريعة الانتشار في أوقات الأزمات، وعدوى التفاؤل سريعة الانتشار في اوقات الانفراج.    

 وما حصل ان القليل من توقعات المتفائلين تحققت، فيما اكثر توقعات المتشائمين كانت هي الغالبة في المشهد السياسي العراقي..ما يجعلك تميل الى ان تردد في نهاية كل سنة عراقية وبداية اختها، هذه (الحسجة السوداء):

 (سنة جديده

 والعراقي على كلبه حاط ايده

كضه عمره..وين ما يلتفت سطره

يمنه ..سطره

يسره..سطره

ينطي وجهه للسما..أهل السما يجيبوه بدفره

ينطي وجهه للأرض..بعد خطوه يشوف كبره.

 هيّ شنهي المسألة؟

كلها مثله الناس..لو وحده ابتله؟!

بكل سنه جديده..العراقي على كلبه ..حاط ايده).

*

 ملحوظة: جزيل شكري وامتناني لكل من ساهم في الاجابة على هذه الاستطلاع..فلولاهم ما كانت هذه الدراسة التي نامل من الذي يعنيه الأمر الأفادة منها بما يحسّن أداءه ويخدم شعبه.

 

أ.د.قاسم حسين صالح

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

 

في المثقف اليوم