قضايا
الأيديولوجيا
السؤال الإيديولوجي، لا يخرج عن كونه تساءل حول أحوال المجتمع بصفة عامة، إذ لا دعوة ولاحجة تخدم الباحث في مجال الفكر، لا تجدها ضمن قائمة الجوانب السوسيوثقافي والسوسيواجتماعي، في سياق الترافع عن العنصر البشري المنبوذ والمضطهد، الذي لا يملك درجة عالية من القوة الدفاعية للترافع عن نفسه، إذ لا يمكن أن ينجو من الصراع السياسي لمجرد وجود أحكام جائرة، لا تخلو من عنصر التعصب الايديولوجي المتشبث برؤية واحدة طوباوية، لا محيد عنها.
بمجرد الوقوف على تلك المعاني التاوية في الخطاب الايديولوجي الصائب أحيانا والمجانب للصواب في فترات معينة، فالإنسان المتعصب لموقف واحد، يريد أن يعيش في حضن أفكاره الأحادية، لا يرضى دون ذلك سبيلا للتحرر من الأوهام التي تطال القضايا المجتمعية الناطقة بحال أشخاصها دوي رؤية وبصيرة عامة، تكاد تكون مشتركة بين جميع الظوائف التي يتشكل منها المجتمع الطوباوي، لا ترضى أن تنزل ولو لثانية الأرض الواقع، وتحاول أن تتجاوب وتتساءل مع المعطيات الوجودية بغية الوصول لجل المشاكل المجتمعية ومحاولة إدراك ماهية الحلول التي من شأنها أن ترقى من ناحية التقدم والتطور للمجتمع بتجاوز تلك المشاكل التي تبقى مجرد وقائع تحمل أبعاد نفسية وإجتماعية وثقافية لا مجال لملامستها من وجهة نظر نقدية، لاسيما ونحن نعيش في ظرفية لا تخلو من المشاكل التي لا حل لها لدى الساسة وأصحاب القرار، بينما لا يمكن أن نفرق بين النخبة العالمة صاحبة القرار، والنخبة الشعبية التابعة لقوى تنصب نفسها على رأس السلطة التقريرية والتشريعية دون أدنى شروط الديمقراطية التي تبقى حبرا على ورق، تطبق القوانين على فئة الضعفاء والفقراء والأميين من داخل المجتمع .
في هذا الإطار تبرز إشكالية التفرقة بين فئات عديدة المشكلة للمجتمع المغربي المكون من طبقات اجتماعية لا صلة وصل بينها سوى كونها تقطن في بيئة واحدة وتحت نظام سياسي رائع بالنسبة لفئة الأغنياء وأصحاب المناصب العليا في الوطن، ونظام سياسي يقمع كل الأصوات الحية الحرة المدافعة عن حق الفئة المضطهدة سياسيا وثقافيا واجتماعيا ولغويا بالنسبة لفئة معينة، لا يتسع المقام للحديث عن القمع الممارس على كل فئة، لكن تجدر الإشارة في كل المناسبات لهذا القمع ذو صبغة إيديولوجية تخدم مصالح الفئة الغنية .
في ظل هذا الوضع المتأزم، الغني يزداد عنى، والفقير يزداد فقرا، لا الغني يريد أن يكون فقيرا، ولا الفقير يستطيع أن يصل إلى المستوى المادي المرغوب فيه من ظرف فئات اجتماعية عاجزة عن تحقيق الرقي الاجتماعي والاقتصادي، في ظل تواجد أنظمة سياسية تقمع بشتى تلاوين القمع المادي والمعنوي من خلال القوانين الدستورية الجائرة والخادمة لطبقة اجتماعية معينة .
قد يلاحظ ملاحظ أن الخطاب السياسي المغربي لا يرقى لمستوى الخطاب الديمقراطي المتسم بروح المساواة والعدالة الاجتماعية في إطار دولة الحق والقانون، فشتان بين ما يقال في المنابر الإعلامية الدولية والوطنية، حول حقوق الإنسان والديمقراطية بالمغرب، وما يظهر على أرض الواقع من ظلم وقمع والاضطهاد الممارس على فئة الفقراء، دون المساس بشخص الفئة الغنية ماليا، والفقيرة معرفيا والمتشبعة بإيديولوجية لا صلة لها بالسياق الثقافي والعلمي والمعرفي للمغرب .
سليمان العثماني