قضايا

المواطنة الإنسانية والمواطنة الإبداعية لم تُخلقا بعد في بلدان العالم الثالث!!

هناك مثل فرنسي شائع يقول: "إذا أردت أن تصبح شهيراً متْ أو فلتُسافرْ"

من دارك لن تحصد الشهرة فالبيت الذي يختبئ خلف أزمانٍ من الماضي وأحقابٍ من الحاضر وتنبُّؤاتٍ من المستقبل لن يخرج من عيشه المرّ ذاك المارد الذي يعيش داخلك ولا يجرؤ على البوح بنفسه ربَّما لأنَّك لا تجرؤ حتَّى على مكاشفة نفسك أو الخلوة بها خشية تمزُّق غشاء الخوف الذي  ما هو إلا غشاء بكارتك التي لم تجرؤ على افتضاضها بيد الزمن بل آثرتَ الانكفاء عن خوض حداثتها التي لم تعدْ تحتمل عذريَّة الأفكار ولم تعد علقة الدم الحمراء تسعف بوصلتها التي أعلنت تمرُّدها على كلِّ الجهات !!

عندما ترى أقزاماً يعتلون سدَّة العمالقة في بلدانٍ أصابها داءُ أو سياسة التعملق لا تعودُ مستغرباً كيف أنَّ أحمقاً يقود قطيعاً من الأذكياء وكيف أنَّ مزمار الفئران ما زال يبدِّلُ قومه فبدل أن يستجرَّ الفئران بات يستجرُّ الفيلة الذين يبحثون عن ذاك النهر كي ينضب بخراطيمهم ربَّما انقلب السحرُ على الساحر فما ظنَّه العازف فأراً بات فيلاً وربَّما خُدِع بمزماره فبدلَ أنْ يسحر الفئران لتغرق في النهر سحرته الفيلة كي تفرغ النهر من كلِّ منجزاتنا التي كلَّما تقدَّمت في بلدان العالم الثالث تزيد عليك عبْء الكيد وتكلِّفك أعواماً من البقاء في الصفوف الخلفيَّة المنسيَّة كمبدعٍ كاد يكون إنسانا !!...............

عندما ترى ظاهرياً للوهلة الأولى  في مؤسَّسات الإبداع العربيَّة عصا موسى تلقف كلَّ أفاعي السحر والشعوذة يتراءى لك أنَّ يد موسى البيضاء الناصعة ستخرج من جيبك فإذا بك تكتشف بعد حينٍ أنَّ مؤسَّسات الإبداع هي وكر الأفاعي ووكر الشعوذة ووكرُ القرارات والمصالح السياسيَّة ووكر التظهير والتلميع للبعض الذين يحملون فيزا كارد سياسيَّة من هذا البلد أو ذاك  ووكر طمس البعض وتسلُّق البعض الآخر عليه وحينما تبحثُ عن يدك البيضاء تجدُ لدغة الزمن البليغ وقد قال لك أنْ لا بياض ولا نصوعَ في زمنٍ تدور فيه رحى المصالح لتطحن كلَّ إبداعٍ خالصٍ مستقلٍّ غير مبرمجٍ ليكون سلعة يقتاتها الجميع بخبز الأفكار التي لا يضير الحكَّام إن زادت جرعة السمِّ فيها إلى حدِّ تدمير المجتمعات وتقوُّس وانحناء ظهرها وهي في ريعان الفتُّوة والشباب هذا لا يعني أنَّنا مع قبول انحدار الذائقة الوطنية إلى ومع  شخصٍ أخرق إبداعياً مهما كانت أحاسيسه الوطنية متقدّة ومشتعلة وهذا للأسف ما تقع به المؤسَّسات الثقافيَّة في بلدان العالم الثالث أو الشرق أوسطية وهي تفتح الباب لما تسميهم مواهب وما هم إلا غرائب وعجائب من الانحدار الذي وصلنا إليه في ذائقة التقييم وانتقائيتها المبرمجة سلفاً على الرداءة والبشاعة   وكأنَّها تفتح على عيوننا مظهر قبح وعلى أنوفنا رائحة نتنة ربَّما لا بدَّ منها من أجل أن نميِّز جمال التغيير وندرك رائحة الحداثة وعبيرها الفوَّاح !!!.....................

الشهرةُ التي تتأتَّى من موتك أفضلُ من الشهرة التي تقتات على مبادئك فتجدها متلاشيَّةً حتَّى تدرك ذات يومٍ أنَّك مضمحِّلٌ لا وزن لك في ميزان الغدر الذي إن جعلك ثقيلاً يوماً فلكي يجني وزنك ذهباً وعندما يفرغك من كلِّ حمولتك فسيعيدك بلا وزنٍ ويبحثُ عن غيرك ممَّن تغشُّهم الشهرة البرَّاقة ولا تعنيهم صومعة المبادئ التي لا تشفي كؤوسهم ولا تغري تطلعاتهم الآنية إلى البريق الذي سينطفئ إلى الأبد ما لم يكن آتياً من طاقة الحقيقة الراسخة فما كان سلعة سيبقى سلعة وهنا عدَّاد الزمن كفيلٌ ببقائنا أو بسفرنا فمنْ لم يعشْ مواطنته الإبداعية كمبدع لن يعيش مواطنته الإنسانية كفردٍ من أفراد الشعب ومن تسقط مواطنته الإنسانية لن تسعفه كل مواطنةٍ يزينها الإبداع فالإنسانُ  هو مشروع مبدعٍ إن أدرك ما تضمره سرائره وما تخفيه قدرات نفسه وعقله وروحه وجسده ومن يبحث عن مواطنته الإبداعيَّة ربَّما يجدها إن أدرك أنَّه إنسان في وطنه لا تحصره عمامة ولا تأسره قمامات وتفاهات المغرضين وإلا فعليه بالسفر كي يدرك مواطنته الإنسانية علَّه يعود إلى وطنٍ شغوفٍ به  يحترم إنسانيته وإبداعه ولا يصنِّفه بين الحمقى ومتسولي الشهرة والمال !!

 

بقلم الكاتب المهندس ياسين الرزوق زيوس

سورية حماة

 

 

في المثقف اليوم