قضايا

الثقافة الكوردية المتميزة من مقومات بناء الكيان الخاص به

emad aliان كانت الثقافة هي مجموع الانتاح العمل والفكر والمعرفة والعلم المتوارث من جيل لاخر عبر التاريخ الانساني للمجتمع، وخصوصياته المعيشية التاريخية تجعل ثقافته خاصة ولا يمكن ان تشبهه الاخريات لما تتصف بها المجتمعات الاخرى من ثقافات مختلفة مهما كانت قريبة منه  نتيجة الظروفالعامة  والخاصة المختلفة لدى كل مجتمع، او ان لم نكن على الخطا لدى كل مجموعة معينة في كل بقعة معينة ايضا . او ان كانت الثاقفة هي اعداد شيء او اداة من معدنه الصرف او المجرد لانتاج حال او عقلية جديدة تختلف عن الاخر الذي يمر بظروف ووقائع وتاريخ مختلف في جغرافيا خاصة به في ظل عوامل ومقومات خاصة مختلفة به ايضا .

وان كان الكورد في تاريخهم يتمتعون بالافكار والعقائد والتوجهات والاخلاق والفن والقوانين الاجتماعية العامة والعادات والتقاليد واسلوب العمل والفن واللهو والتمتع بخصوصية العيش والسعادة الخاصة بهم دون المكونات الاخرى وممكن التميز بينهم والاخرين بشكل جلي، نتيجة ما يمكن ان يكتشف منه مما يضمر ويميزه في لحظة معينة دون جهد يذكر، فانهبثبت بما لديه انه يمتلك ويتصف بثقافة خاصة به لا يمكن باي شكل كان ان تتطابق مع ما يمتلكون من الاخرين من المكونات الاخرى . وهذا ينطبق على البقع او الدول الاخرى التي تحوي شعوبا وكيانات ومكونات مختلفة وبالاخص في دول الشرق الاوسط والبلاد النامية نتيجة الفرق الواضح بين القوى السائدة والمسيودة التي اصبحت متمايزة ومختلفة فيما بينها بشكل كبير وواضح بعد مسيرة غير عادلة في حكم المنطقة. 

من هذا يمكن ان نقول ودون تعصب بان ثقافة الكورد اخذت قالبا وشكلا خاصا به، كما هو حال المكونات الاخرى، ويمكن ان نجد الاختلاف الجوهري في فحوى كل منها من ما نمسيها الثقافة العامة والخاصة نتيجة اختلاف الارضية والبنى التحتية والفوقية لما يمس كل منهم .

ان كانت هناك علاقة جدلية واضحة بين الوضع الثقافي والسياسي والاقتصادي لكل مجتمع او مكون على حده ومختلف عن الاخرو هو يتاثر بالبعض، اي الثقافة بالسياسة والوضع الاقتصادي، فاننا لا يمكن ان نجد مكونات او مجتمعات مختلفة مهما تقدمت في مسيرتها ان تكون ثقافتها موحدة متلازمة او موحدة ان حسبنا للجغرافيا والتاريخ تاثيراتهما كعوامل لبيان الثقافة العامة للمجتمع، اوفى ما يتصف به الشعب خلال مراحل حياته من كافة النواحي  . فكيف بشعوب ومكونات لا نجد انسجاما او تلاقيا ولو بنسبة معينة  في التاريخ السياسي والاجتماعي والجغرافي بينها . 

هنا نتكلم بصراحة ولا يمكن ان تؤثر الايديولويجا على تفكيرنا في هذه الناحية، ونقول؛ ما لا يمكن ان نجده على ارض الواقع ولم تتاثر به الثقافة العامة هو ما يتصف به معدن المجتمع الاصيل بعيدا عن المظهريات او القشرة التي تنزاح في مهب نسمة بسيطة فقط. ومن خلال الاعتبار للعقيدة او الفكر العام التي تعلمناه وهو ما يفرض الاطار الضيق للكلام عن الاختلافات الموجودة اصلا بين ثقافة المكونات من اجل الوحدة السياسية فقط فاننا لا يمكن ان نجد حتى نافذة لندخل منها كي نؤكد بانه من الممكن ان تكون هناك ثقافة عامة موحدة للمكونات المختلفة للشعوب المختلفة في العالم . وهذا ما ينطبق على الشعب الكوردي، فان ندع الاختلافات حتى بين المدن والمحافظات والمذاهب في جوهر ثقافتهم جانبا، لو قيمنها بشكل علمي وواقعي بعيد عن المحددات والشروط الايديولوجية والسياسية المفروضة فاننا نعيش في عوالم مختلفة.  ومختصر لما تكلمنا عنه، بكل ثقة نقول بان لكل مكون عراقي هويته الثقافية الخاصة وفي مقدمتهم الشعب الكوردي الذي يتميز بشكل واضح وصريح وبيّن عن الاخريات بنسبة كبيرة . ولهذا لا يمكن ان يحس اي فرد من اي مكون بانه يمكن ان يحتويه المكون الاخر في كل مسار حياته وبثقافة واحدة، ونتكلم هنا بعيدا عن المصالح الخاصة التي تفرض احيانا تهميش ما يمكن ان تؤمن به او تتمتع به اساسا في عقليتك ومعدنك وتفرض ما يهمك على ما تؤمن به وتتصف به عفويا كما حصل لدى المستعربين من الكورد لجى الاحيال المتلاحقة في المناطق العربية اوالتركية او الفارسية او في اية دولة اخرى .

وياتيك احد ويقول فكيف يمكن ان نتلكم عن الدول المتقدمة التي اندمج فيها حتى اللاجئون مع السكان الاصليين، فاننا نقول ليس هذا صحيحا في الجيل الواحد، لان هناك فروقا شاسعة بين حياة اللاجيء المولود في بلده مع الاخرين، الى ان ياتي الجيل التالي ويتخذ ثقافة البلد المولود فيه، ويمكن ان يندمج نسبيا ايضا بما تتمتع به عائلته من الثقافة المختلفة . فهذا في الدول المختلفة، فكيف بدولة متخلفة متعصبة قوميا ودينيا ومذهبيا وما تتمتع به من ثقافات تضع حدا للاندماج، وكما نشاهده في اجيال متتالية في منطقتنا نتيجة الارضية والتاريخ والجغرافيا المختلفة غير المتلاقية مع البعض في اي جانب او زاوية كانت .

ربما يتعجب بعض عما نتكلم عنه في وقت نعرّف فيه المرحلة بعصر الذي يدعونه بالعولمة وما وصل اليه العالم من اعتباره اصبح قرية واحدة، فهذا صحيح ضمن التقنيات الالكترونية والتقدم الصناعي وليس الثقافة الخاصة والعامة، ولا يمكن ان تندمج الثقافت طالما بقت اللغات والعادات والتقاليد والخصوصيات المختلفة عن البعض على حالها . وعليه فان لم تندمج مكونات متعايشة مع بعضها لقرون نتيحة عدم التلاقح او التواصل بسبب الخصائص المختلفة التي تفرض الاختلاف في الثقافة فيما بينها وتمنع معها التلاقي الثقافي والاندماج باي شكل كان، فكيف يمكن ان تتوحد ثقافاتهم العامة .

 وعليه، عندما نجد ان التاريخ والجغرافيا التي صنعت الكورد في اكثر الاحيان متمردا وقويا ولا يمكنه الا ان يكون كوردا، فانه له ثقافة خاصة به وبما يمتلك من المؤثرات الذاتية على بقاء تلك الثقافة على حالها مهما كانت التاثيرات الخارجية التي تهدد انسلاخه من ثقافته، كما حصل خلال السنين العجاف للحكام المسيطرين على السلطات التي مكنت من تهميش الثقافة الخاصة للمكونات البعيدة عن المركز، ولم تتمكن في نهاية الامر من مسحها، وبانعطافة سياسية  عادت حتى التغييرات البسيطة التي حدثت لها الى اصالتها، هذا في العهود الغابرة والحديثة ايضا، فهل تمكن الاسلام من تغيير الثقافة الخاصة بالكورد ومسحها من اصلها ام لازالت تتمتع بما لا يمكن لاي دين ان يزيحها عنهم .

اذن، الثقافة العامة المختلفة التي لها خصوصياتها التي لا تشابه الاخريات لدى المكونات الاخرى، هي الداعم والدافع والعامل الاهم لبناء كيان خاص لكل شعب او مجتمع اومكون، والكورد في هذا الوضع الذي يتمتع بالمقومات العديدة ومنها الثقافية التي تمهد لما يامله ابناءه من تحقيق ابنائهم مهما طال الزمن به.

وعليه صدق الاولون عندما قالوا ان الكورد لا يمكن ان ينصهر طالما تمتع بمميزات وافعال وطقوس وتقاليد وعادات وتوجهات وثقافات خاصة به، والاقدمون قالوا لا تخافو على الكورد طالما كان لديهم دبكتهم الخاصة بهم، وهذا تعبير خاص بالثقافة الخاصة في مفردة منها، وتنطق بها العامة من الشعب دون اي تعمق وتحليل وتقييم فكري علمي مستند على الاسس الخاصة الساندة له .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم