قضايا

كيف تصنع من نفسك قائدا مميّزا

nabil ahmadalamirإن انسان بطبيعته يميل إلى ممارسة فن القيادة على الآخرين، وإن كان بنسب متفاوتة، تُحدِّدها سمات شخصيته وقدرته على ممارسة هذه القيادة بكل أنواعها، وقدرته العقلية على إقناع الآخرين بأنه قائد، غير أن صفات القيادة النموذجية والمتميزة لا تتوفر في جميع البشر بنفس الدرجة والقوّة، لأن هناك صفات مهمة محددة ومعقَّدة لابد أن تتوفر في القائد ليكون قائداً متميز .

يقول نابليون .. لا يستطيع أحد أن يقود أفراداً دون أن يقوم بتوضيح المستقبل الخاص بهم، فالقائد هو بائع الأمل ..

ومن خلال هذا القول الحكيم يتضح لنا أن الدور الأعظم للقائد هو بلورة الرؤية والأهداف البعيدة ورسم المستقبل الزاهر لأتباعه .

فتعريف القيادة وبشكل مُبسّط هو تحريك الناس نحو الهدف، وبرؤية واضحة ومحددة .

عندما تتضح في ذهن القائد صورة المستقبل، وينتقل ذلك الاتضاح بالتالي إلى الأتباع ويصبح أملاً، تتولد لديهم الرغبة الأكيدة في تحقيقه، كما يتولد لديهم الشعور الحقيقي بالأهمية والعطاء، ويظل هذا الشعور يتغلغل في قلوبهم وأرواحهم حتى يخرج أفضل ما لديهم، ولذلك حرص سيد القادة محمد صلى الله عليه وآله وسلم على أن يوضح لأصحابه صورة مستقبل الدعوة الإسلامية من أول يوم بشكل يُعلّي هٍمٙمِهم، ويذكي طموحهم .

أما جوهر الإدارة .. فهو قوة التنبؤ قبل حدوث الأشياء، فلا بد أن يكون لدى القائد بُعد النظر، وقدرة على توقع المستقبل، بحيثيستطيع أن  يقدّر أغلب الاحتمالات، من خلال رؤية مستقبلية مبنية على قراءة واقعية للحال الجغرافي والإجتماعي والإقتصادي والسياسي .

وهناك عدّة أنواع من القيادة .. فهناك قيادة يمارسها الرجل على زوجته وأبنائه، وقيادة يمارسها المعلِّم على تلاميذه، وقيادة يمارسها المدير على مرؤوسيه، وأخرى يمارسها الطالب على بعض زملائه في المدرسة ...

وعموماً ما نقصده في هذا المقال، هو أن القيادة التي يمارسها المدير أو المسؤول في الشركات والمؤسسات الاقتصادية الكبرى، والتي أثبتت نجاحها في الأوساط المحلية أو العالمية، تُشير إلى أن من يقف خلفها هو قائد يستحق هذا اللقب بجدارة .

ومن هنا، أستطيع التأكيد على أن مسألة صناعة القائد من المسائل الحسَّاسة والمهمة، التي قد يتفاوت فيها الاهتمام والدعم من دولة إلى أخرى، ومن مكانٍ إلى آخر، وهذا يدعونا إلى التنبيه إلى أن صناعة القادة وتأهيلهم ليس بالأمر السهل أو المتاح لأي شخص أو جهة ما، خصوصاً إذا كان هذا القائد سيتولَّى زمام مؤسسات عملاقة، تبني مستقبل الموارد البشرية، وتستثمر فيها، أو أنها تتحكم في الملايين أو المليارات من عملة هذا البلد أو ذاك .

ويتعقَّد الأمر أكثر إذا كان الحديث على قائد يقود جماعة من البشر، لهم متطلبات كثيرة ومتنوِّعة، كما هو الحال في قيادة الدول أو قيادة الاحزاب والتكتلات السياسية أو المؤسسات التعليمية الكبرى، أو الشركات العملاقة، وهذا الأمر يتطلَّب تأهيل وتوفير المناخ المطلوب لصناعة القائد النموذجي .

وتحدِّد النظريات العلمية وبدقة متطلبات صناعة القادة، وتطرقت هذه النظريات إلى الخطط والبرامج التي تساعد في تأهيل القادة .

وهناك عدّة خطوات مهمة لصناعة القائد على الساعي للقيادة معرفتها ليكون قائداً ناجحاً ومميزاً، منها:

- الخطوة الأولى .. الإهتمام بالأساس العقائدي والأخلاقي للقائد، الذي يضم تحته مواضيع مثل العقيدة والإيمان بالله تعالى وأركان الإيمان، والأخلاق .

- الخطوة الثانية .. الإهتمام بأهمية بناء العقل والوعي لدى القائد، وتضم تحتها دراسة المنطق والفلسفة السليمة والتاريخ والتعلُّم من دروسه، وتعلُّم الإبداع وقواعد التفكير السليم، وفهم منهجية التغيير .

- الخطوة الثالثة .. الإهتمام بإدارة الذات، وذلك عبر تحديد الأهداف الثابتة في الحياة، وعدم الانحراف عنها، وتحديد الأهداف المشتركة مع الأتباع، وإدارة الوقت بفاعلية وفهم الأولويات .

- الخطوة الرابعة .. يتركَّز الحديث فيها عن الإهتمام بالثقافة الواسعة، وأسس العلوم الشرعية مثل السيرة، والتفسير، والحديث، والفقه، والأصول .

- الخطوة الخامسة .. الإهتمام بفن بناء العلاقات، ويتم التركيز فيها على تعلُّم بناء الأسرة وتربية الأولاد، ودراسة فن التعامل مع الناس، وتعلُّم فن بناء فريق العمل وإدارة العمل الجماعي .

- الخطوة السادسة .. وتُشدد على تعلُّم فن التأثير، وفن الحوار والإقناع، وفن تحليل الشخصيات وكيفية التعامل مع الأنماط المختلفة، وكيفية تنمية الولاء .

- الخطوة السابعة .. الإهتمام بفن الريادة، وفيها يتم التركيز على أهمية العمل بوضوح وأمام الأنظار، والتركيز على الأهداف المشتركة، وتعلُّم فن الإلقاء والمقابلات .

أمّا عناصر نجاح القيادة فهي ...

1. أن يتّسم القائد بشخصية مؤثرة ومهارات لتحقيق هدف محدد .

2.  ضرورة إختيار مجموعة المعاونين حسب الخبرة والكفاءة من ضروريات عناصر نجاح القائد والقيادة، حيث إن هؤلاء الأفراد يجب أن يكونوا هم اللازمين بالمكان المناسب لتحقيق الهدف المنشود .

3. إن إختيار الموقف والزمن الصحيح، الذي تمارس فيه المجموعة عملها هو أيضاً من عناصر النجاح .

 أما المبادئ الأساسية للقيادة:

1. القوة التي تتدفق بين القائد ومجموعته بطريقة مقنعة، يترتب عليها توجيه طاقات مجموعته بأسلوب متناسق ومتناغم باتجاه الأهداف التي حددها القائد .

2. القوة التي تتفاعل (الأخذ و العطاء)  مع المحيط والجو العام الذي يعمل فيه القائد ومجموعته .

3. إن القوة التي يعمل بها القائد ومجموعته يجب أن تكون دائبة الفعالية والحركة، ولا تتوقف إلاّ بصعوبة، لأن توفقها يعني عدم النجاح .

4. يجب أن تكون القوة التي توظف المبادئ والوسائل من أجل غايات محددة، واضحة ومتناسقة .

5. فالقائد هو الرأس المفكر لكل تنظيم، وإسلوبه هو من يبعث روح الحياة فيه .

نرى من خلال الدراسة والتجربة أن هناك أنواع من القادة فمنهم:

1. الديكتاتور .. الذي يفرض خطته على العاملين معه ويلزمهم بالتنفيذ حيث يتصرف بمفرده، ولا يخضع لرغبة أو رأي أحد من معاونيه او مجموعته العاملة معه، ويفرض على الجميع أن يخضعوا له ولرأيه .

2. البيروقراطي .. اللوائح المكتبية بالنسبة له أهم من العمل ذاته، فهو يهتم أكثر بالإجراءات والروتين أكثر اهتمامه بنفس وروح العمل .

3. الفوضوي .. حيث كل فرد يعمل ما يراه مناسبا، ولا يوجد نظام ولا مسؤوليات ولا أهداف .

4. الديموقراطي .. هو الذي يتفاعل مع العاملين معه ويصبح واحد منهم، بل يصعب أن تميز بين القائد والعاملين معه، وتنبع القرارات من الجماعة نفسها فكل فرد يدرك مكانته ومسئوليته .

 أما أنواع القيادة فهي:

1- القيادة بالأهداف ..

وتركز على وضوح الأهداف وتحديدها وقابليتها للقياس، وتبدأ بتحديد الأهداف بدقة، ثم توضع الخطط الكفيلة بتحقيقه، والاعتماد على التغذية الراجعة  المستمرة في قياس الإنجاز، ثم تقييم الخطة أو الأهداف لتفادي القصور .

تعريف القيادة بالأهداف ....

هي نظام إداري يهدف إلى زيادة فعالية كل من المؤسسة وصاحب الإدارة عن طريق مشاركة جميع الأعضاء في وضع الأهداف التي يراد بلوغها  بحيث تكون الأهداف محددة زمنياً وقابلة للقياس والتحقيق .

أما مبادئ القيادة بالأهداف:

- مبدأ المشاركة .. ينتج عنه تحمّل المسؤولية .

- مبدأ تحديد الأهداف .. وينتج عنه معرفة النتائج والإنجازات والمراجعة الدورية لها

2- القيادة الموقفية ..

وهي من أنماط القيادة التي تعتمد على المرونة والتغيير في أسلوب القائد وذلك حسب ظروف المجموعة التي يقودها من حيث النمو والتطور والالتزام بأداء العمل، رغبة في تحقيق الأهداف المنشودة .

تكون مميزات القائد الموقفي ...

- له القدرة على تكييف وتغير أسلوبه القيادي لإعطاء المجموعة الأمور التي لا تستطيع الحصول عليها .

- يكون ماهراً في التشخيص وتحديد احتياجات التنمية والتطور .

- تكون له القدرة على المرونة في استخدام متنوع للأساليب القيادية .

- يستطيع الوصول إلى اتفاق مع المرؤوسين في أي من الأساليب الأربعة التي توافق مستواهم التطوري في المهمة والأداء .

أما سمات القائد فهي:

1. لقدرة الذهنية .. ليس من الضروري أن يكون عبقريا 2. اهتمامات وطاقات واسعة .. ليس القائد أسير تخصص معين بل يمتلك فهما عاماً وثقافة واسعة .

3. القدرة على التخاطب والتفاهم .. فالأقدر على التعبير هو الذي يقنع وبالتالي يقود .

4. النضج .. ويُقصد به النضج العمري والفكري والإجتماعي .

5. همة نفس عالية .. قوة الشخصية والإقدام وروح المبادرة والشجاعة وهمة النفس والعزم والتصميم من صفات القائد الناجح .

6. مهارات اجتماعية .. القيادة أساسا هي تحقيق العمل من خلال الآخرين، فلابد للقائد أن يعتمد على المهارات الاجتماعية ليقدّر مشاعر الآخرين وميولهم ويحترمها .

للقائد قدرات إدارية يجب معرفتها والوقوف عندها لتقييمها مثل:

- التخطيط .. السليم .

- التنظيم .. النموذجي .

- التوجيه .. الصحيح .

- التحليل .. الواقعي والمنطقي .

- التأمل .. من الاحلام والإمنيات .

- التفكير .. من المعرفة والثقافة .

- الإبداع .. من سعة الأفق .

- بعد النظر .. من معرفة الواقع .

- القدرة على التحسين .. من الرؤية  

- إعداد التقارير .. من التدريب المهني والإداري .

- اتخاذ القرارات .. من الشجاعة والجرأة .

- تقييم الآخرين .. من فهم النفسي .

أما الخبرات العملية المطلوبة للقائد فهي:

١- الصفات .. وتشمل:

- سلامة الخلق .

- العدالة والإنصاف .

- القدرة على التأمل والتصور .

- الجد والمثابرة .

- الحماسة .

- النشاط والطاقة .

- تحمل المسئولية .

- تدريب الآخرين  .

- القدرة على التعبير .

- التطلع نحو الأفضل .

٢- المعرفة .. وتشمل:

- أهداف العمل ومبادئه وغاياته .

- الهيكل التنظيمي وتوجيهاته .

- الواجبات والمسئوليات .

- سياسات العمل وأساليبه .

- لوائح العمل وإجراءاته .

- متطلبات الجودة والتحكم بها .

٣- المهارات .. وتشمل:

- تزويد الآخرين بالمعلومات أولا

بأول .

- العناية بسلوك العاملين ومصالحهم .

- التفويض الناجح .

- مداومة الدراسة والتعلم لتحسين

الأداء .

- تقديم قدوة حسنة لغيره .

- إدارة الوقت بكفاءة وفاعلية .

- معالجة مشكلات العاملين .

- مراعاة مشاعر الغير .

- عدم التعصب وضبط النفس .

إضافة إلى هذا كله يحتاج القائد أيضا إلى بعض السلوكيات الأساسية في تعامله مع الآخرين منها:

1- التواضــع ..

ويمكنك أن تختبر مقدار تواضعك إذا سلبت منك القيادة، فإن وجدت في نفسك شيئا، فإن هذا دليل على أن تواضعك يحتاج إلى تأكيد .

2- التجاوب المشترك والمتبادل ..

تجاوب القائد مع تابعيه يلعب دورا كبيرا في نجاح العمل .

إن المقدرة على كسب محبة رجالك ليس معناها أن تستسلم لأفكارهم وإنما تتعاون وتتفاهم معهم .

3- الحكم الصائب على الأمور ..

هو خبرة تنمو للقائد من المواقف والأعمال، وبالتالي يمكنه حل المشكلات بيسر .

4-  الانطلاق ..

روح المرح والانطلاق في الحديث والقدرة على التعبير على ما يجول في نفسه تعبيرا منطقيا سليما، واليقظة لكل ما يدور بما حوله، والإسهام بحماس في كل ما يتعلق برجاله ويندمج معهم حتى يصير واحدا منهم . وإياك أن يخل ذلك بوقارك أمام رجالك .

 5- المظهر الخارجي ..

القائد الذي له مظهر جيد ومنسق له أثر طيب في نفس رجاله، والمظهر هنا لا يعني الملبس فقط وإنما أيضا النظافة والتناسق والتعبير والانطباع، ولا تعبس في وجه رجالك فهم ثروة فحافظ عليها .

وللموضوع بقية بإذن الله ...

 

والله من وراء القص

د. نبيل أحمد الأمير

 

 

في المثقف اليوم