قضايا

هل حان الوقت لإعادة كتابة التاريخ العربي؟

eljya ayshتحدث الزعيم العربي جمال عبد الناصر رائد القومية العربية عن المبادئ السّتّة  المشهورة (06) للثورة وهي: القضاء على الاستعمار، القضاء على الإقطاع، القضاء على الاحتكار ورأس المال على الحكم، إقامة عدالة اجتماعية، إقامة جيش وطني وإقامة ديمقراطية سليمة، وانطلاقا من هذه المبادئ بدأت المعركة ليلة 23 يوليو،  لمجابهة مشكلة التخلف والفقر، فالشعار الذي رفعته الثورة "الخبز للجميع " كان مقدمة " لـ: "الحرية للجميع"، وانتقل النبض الثوري بالثورة من معركة إلى أخرى، وتجنب الخطأ الذي يريد منه البعض الاستغناء عن خبرة غيرهم، وعن الأخذ بالمكاسب الثورة المختلفة لاسيما ميثاق طرابلس لجبهة التحرير الوطني  (الجزائرية)

انطلاقا من مقولة ميخائيل غورباتشوف  بأن "العالم سيتحول بأجمعه إلى برازيل كبيرة، أي إلى دول تسودها اللامساواة، مع وجود أحياء مغلقة تسكنها النخب الثرية، وضمن هذه المعمعة لا أحد يستطيع إنقاذ نفسه، وسوف تضمر الطبقة الوسطى ويبزغ نجم المتطرفين أو سيطرة الدكتاتورية العسكرية، وهم من سيضعون القوانين التي تناسبهم بحيث تقوي من سلطتهم وتُضعف الآخرين"، فكانت الانتفاضة هي الحل للخروج من المأزق، ففي ظل التحركات التي تفرضها العولمة، أخذت النظريات والتحليلات تشق طريقها عبر المنظرين من العلماء والمفكرين و الكتاب وحتى الإعلاميين، حول ما سمي بثورات الربيع العربي، هذه الثورات كانت نقطت تلاقي مع الثورات المتلاحقة في الإنترنت والمعلوماتية وما أحدثته من انفجار معرفي، أصبح فيها العالم عبارة عن قرية يمتلكها أصحاب المال والشركات والقوة، وما يمتلك أصحابها من مقدرة فائقة على التحكم في حياة الشعوب والأنظمة، فتجبر الدول والحكومات على الانصياع لسياستها، لأن في وسعهم استثمار أموالهم في أي مكان من العالم، ولذا كان الاهتمام الدولي بحقوق الإنسان في إطاره العربي وحرياته الأساسية  فكرا وممارسة والعمل على ترقيتها،  نقطة فاصلة في قيام الثورات لإعادة توزيع السلطة على مواقع النفوذ وصناعة المجتمع الحر القادر على إنجاز التقدم.

وكما يقول المحللون، فقد اعتمدت هذه الثورات بشكل أساسي، على الحس العفوي كمصدر أساسي لنظرية الثورة وعلى خفّة الحركة كأسلوب أساسي لممارسة الثورة، وقد كان القهر والحرمان بمثابة الوقود الذي فجر وأشعل شرارتها، بدءًا من الجزائر ثم تونس وزودها بالاستمرار والانتشار السريع والواسع باقي الأقطار العربية، حيث ساد الغضب العربي الكامن وعمَّ في نفوس المواطنين، فكان أحد محركات الثورات الأساسية، هذا الحراك الشعبي العربي الهائل، الذي حطم جدران الخوف، لدى الشباب  الذي نزل إلى الميادين والساحات، واستطاع أن يحول الغضب الجماهيري إلى قوة سياسية فاعلة، حركت عجلة التغيير في بعض الأقطار العربية، وأجبرت بعض الأنظمة الدكتاتورية على التنازل عن السلطة والتخلي عن مناصبهم، المنظرون اعتبروا أن ما حدث في 2011  لم ينته بعد، بل لا يزال قائما، وسيستمر، رغم ما تسجله هذه الثورات من خسائر، إن إعادة كتابة  علمية جديدة للتاريخ  العربي حسب المحللين يتطلب البحث عن باحثين يمتلكون ناصية الفكر الاجتماعي العلمي، باحثين يؤمنون بعمق الجماهير الشعبية، ويرفعون كل الشوائب التي تحط من قيمة تاريخها والتي ينبغي التخلص منها،  حان الوقت لكي يبرز الباحثون دور الجماهير الشعبية على كل الأصعدة السياسية، الاقتصادية والثقافية، وأن تحمل هذه الجماهير الراية الثورية وتلعب دورا نشيطا في صنع نفسها وصنع نظامها الجديد، وتحقق وحدتها، والرد على الذين يحاولون إخراج التاريخ من رؤوسهم، ويزرعون بذور التجزئة والانقسامية، والحقيقة أن ثورات الربيع العربي أثبتت تضامن شعوب العالم ضد الاستعمار والأنظمة الدكتاتورية، فكان نضالها نضالا مشترك في مختلف أقطارها.

فالعمل الثوري مثلما أشارت بعض  الدراسات ليس قانونا لينفذ بضربة واحدة ثم ينتهي الأمر، بل هو عمل بعيد عن الصخب السياسي و"الثرثرة الثورية"،  فثورية العمل الإيجابي تستلزم تحريك أوسع الجماهير التي تتحمل عملية البناء الثوري للمجتمع،  والتي لها القدرة على تنفيذ أهداف ثورة لم تنفعل بعد، كما أن بناء دولة عصرية وتنظيم مجتمع ثوريّ يقضي فتح الطريق أمام الجماهير الشعبية هكذا قال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر زعيم القومية العربية، وقد اعترف  جمال عبد الناصر بهذه الحقيقة بقوله : كنا نشعر بالحاجة إلى الثورة.. إلى تغيير جذري، وإنما كنا لا ندرك الطريق إلى هذا التغيير ولا الوسائل لتحقيقه، ويقارن بعض المحللين بين ثورة 23 يوليو وثورة يناير 2011، بحيث الأولى كانت ثورة بلا نظرية، أما ثورة 25 يناير كانت تملك منذ البدء  قناعات فكرية وسياسيةـ أو كما سماها المحللون بالـ: "إيديولوجية" ولو أنها كانت تختلف باختلاف التيارات (اليمين واليسار)، كما ان الجماهير أعطتها مفاهيم مختلفة: إيديولوجيا محافظة، وإيديولوجية ثورية، وإيديولوجية تقدمية وأخرى رجعية، ويرى المحللون أن ثورة أيلول (سبتمبر) 1961  في دمشق كانت نقطة تحول هامة في تطور هذه الإيديولوجية، ومنها تمكنت ثور يناير 2011 من المضي قدما فعكست عقلية الجماهير ونفسيتها ومطامحها،  خاصة وأن الشعار الذي رفعته الثورة الخبز للجميع كان مقدمة للحرية للجميع.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم