قضايا

في معنى الاصلاح

akeel alabodمما لاشك فيه ان مقولة الاصلاح التي أراد لها الامام الحسين (ع) ان تنتصر في معركة ألطف، انما تم التصريح بها حصرا، بغية العودة الى الدين الذي بشر به نبي الاسلام محمد (ص)، والذي من شروطه ان يتم تطبيق مبادئ العدالة السماوية في عالم الارض، فلا يوجد مستعبد بكسر الباء، وَعَبَد، كما يفعل الطغاة، فالانسان كائن تم تكريمه بحسب شررط معناه الإنساني، والذي يقول بان العبودية خالصة لله وحده، لا غيره، وهذا معناه، ان الانسان بجب ان يكون حرا في دنياه، لعله يحرز الفوز بمراتب السمو الأخروي، وهو الهدف المبتغى.

 هنا وللإشارة لا بد من الوقوف على سؤال مفاده يقول: هل ان الاصلاح الذي صرح به قائد ألطف، له معنى سياسي-ديني، ام ان هنالك اصلاحا آخرا، يتعلق بمبادئ التغيير الذاتي للإنسان؟

ان النفس، لكي تصل الى اعلى مراتب وجودها، وخلودها الإنساني، عليها ان تتنحى عن شروط انانيتها، ذلك من خلال التمسك بأولوية القيم، كونها من خلالها تحقق  شروط سموها الالهي.

هذا النوع من السمو، هو الذي نادى به الامام الحسين (ع) يوم عاشوراء، فالنفس يمكن لها ان تصل الى اعلى مرتبة الخلود، حين تقف بشجاعة وحزم ضد ما يريد ان يفرضه الطغاة في عالم الارض، وهذا ليس بالأمر السهل، كونه يفرض المواجهة، هذا النوع من المواجهة يحتاج الى اناس اشداء، لا تهزهم دعوات المستبدين، والمستكبرين.

لذلك ومن باب المثال، تجد ان ابي الفضل العباس (ع)، كان قد تنحى عن ذاته تماما، حين لم يهزمه العطش، حيث ابى ذلك اليوم ان يذوق الماء، اكراما لاخيه الحسين(ع) الذي بقي ينتظر القدوم، لعل عائلته التي فيها الطفل الرضيع، يصل اليهم هذا الذي لاجل إيصاله، سقط لواء ابي الفضل،، صريعا على ارض الفرات، حتى تحققت شروط الشهادة بأعلى مراتبها.

اذن الاصلاح ليس متعلقه فقط بالجانب السياسي والديني، انما بالجانب الإنساني، ذلك باعتبار ان على الانسان الوصول الى اعلى مراتب الذروة، وصولا الى مرتبة البحث عن الشهادة، لذلك يوم قال الحسين(ع) لقومه بان الأعداء يريدون قتلي، وهذا الليل اتخذوه جبلا، كان رد القوم ان لا حياة لنا بالهزيمة.

فالحياة لا تتحقق الا بالكرامة، وكرامة الانسان، لا يمكن ان تكون الا من خلال هذه الصِّلة والعزيمة، ونكران الذات التي امتلكها اصحاب الحسين(ع) يوم كربلاء،

والحكمة من الموضوع، انه كم عظيم ان يتصف القائد السياسي، والعسكري ومن معه، بشروط الرفعة والترفع هذه.

 

عقيل العبود/ ساندياكو   

 

 

في المثقف اليوم