قضايا

مع الإسلام لن تجوع النساء للحرية

تتكرر حالات هروب المرأة من الإسلام معتقدة أنّ الأخير يشكل عائقاً أمام تطلعاتها وأحلامها بفضاءات كافية من الحرية لتستأنف رحلة الهروب غير واعية أنّ العادة القبلية والنهج الفكري الضيق للعقل العربي هما الحاكمان على الحياة الأجتماعية في اللحظة الراهنة .

ثمة المرأة المسكينة وهي مرتهنة بقيود وأصفاد غليظة على فطرتها وغرائزها تحت أعتبارات المجتمع المحافظ الذي يزعم إلتزامه الثوابت والتقاليد والسنن الإسلامية، بينما الحق المنكشف عند الواقع يُدلي بفراغ هذا الواقع من معنى المحافظة ثم فراغه من العمل بالسنن الإسلامية وإن تم الأدعاء بها.

ينشد الاسلام للمجتمع حياةً خالية من التعطشات مملوئة بالامن والاستقرار على كافة الأصعدة، يتكشف ذلك لمن يتابع دلالات الأحكام والتشريعات المعقولة، ومثال ذلك تشريعاته التي وضعها لمحق حالة التعطش الجنسي والتي جاء بها تحت مسمى زواج المتعة، فليس من دليل ليدل عل تمكين الإسلام للمرأة وبذلها الحق في أخذ مساحتها الواسعة أجتماعيا أدل من هذا التشريع الدقيق والمُذهل من جميع زواياه، تخطى الإسلام خطوط الإحراج العريضة ليصل لأبعد النقاط خصوصية في حياة المرأة ليمنحها حرية القرار في ذلك ضارباً بتمنعات الأسرة ذات النزعة العقلية القبلية عرض الحائط، أذ أنّ الراشدة الماسكة زمام أمرها في نظر الإسلام أمرأة لها الحق في المواعدة لأجل قضاء فترة جنسية مع من تهوى من الرجال دون أن ترى أحداً يمنع عليها طريق الوصول لذلك، والفتاة اليافعة أو تلك القابعة داخل منزل والدها ولازالت جديدة على الحياة الجنسية قد أولى القرار لسيد منزلها للبت في الأمر، وفي هذه التفصيلة بالذات لربما نجد الأعتراضات لكن التأمل والتروي سيُفهمان العاقل أن ذلك لايُعد حجراً لقرارها للفتاة، إنما الأمر له بعدُ أخر، أذ يبغي الأسلام الوصول بالعقل الذكري المؤمن لتلك المنطقة التي يبدأ يتقبل فيها أتخاذ مثل هذه القرارت الخارجة لأجل حاجة بشرية غريزية لا يمكن الأحتيال عليها،  ثم أنه يروم أنّ يخرج الأمر عن دائرة السرية ويشيع في وسط الأسرة لينسف من الأذهان ان الاتصال الجنسي بهذه الطريقة شيء أشبه بالجريمة، ويمكن إحالة ذلك لأعتبار ثالث أذ أنّ المرأة بهذا العمر والسعة الضيقة لا تكتنز لتجربة تؤهلها لأتخاذ القرارات الصائبة دائماً، لذا أوعز التشريع بأنّ تتشاطر مع وليها أتخاذ القرار ليخرج الأخير مرناً وليتحمل تكاليفه بجانب الفتاة الأسرة أخر الحال، إنه برنامج مواعدة يشبه برنامج المواعدة الغربية في هذا العصر غير انه منضبط بقالب إلهي دقيق يكفل عدم خروج التصرف عن أطار الفضيلة والاخلاق.

جاء الإسلام بهذا التشريع ليلفت الأنظار لمدى الاطار الواسع لحرية المرأة في المجتمع الدائن بهذا الدين الحنيف، ليضع ما يوافق تطلعات المرأة الحالمة بالقسط الوافي من الحرية داخل المجتمع المسلم ،بجانب ذلك أراد أحكام القبضة على مُعّقدات الحياة مثالها في ذلك الكبت الجنسي، ليمنح البشرية المؤمنة فرصة أكبر تحيد بها عن الخضوع لهكذا أزمات عبر طرق الحرام والرذيلة.

ضمن دائرة حقوق المرأة كانت نية الإسلام أنّ تمضي الأمور بهذا الشكل بيد أنّ المجتمع في اللحظة الراهنة يتضاد سلوكاً وعادة مع هذه الرؤية السماويَّة،  التقليدوية الزائفة والنابعة من أهواء ونزعات فردية وقبلية مخالفة لذائقة السماء هي الحاكمة الأن، ولن يتغير في الأمر شيء وإن كثرت الشعارات القائلة بحاكمية المجتمع المحافظ على السنة الإلهية، لا يعدو الأمر كونه خدعة وضيعة تمت صياغتها مع الزمن حتى باتت شيئاً يضاهي شرب الماء، وترك شرب الماء جنونٌ يا سادة.

في المثقف اليوم