قضايا

الموقف من الدين في فكر علي الوردي

ali almirhig"ان النفس البشرية تهوى الأيمان بدين فأذا فقدت ديناً جائها من السماء التمست لها ديناً يأتيها من الأرض"(1)       

كما هو معروف أن الوردي ينطلق في رؤيته لكل قضية في ضوء مرجعيته الاجتماعية ونظرته للدين تنطلق من هذه الرؤية فهو يرى انه ظاهرة اجتماعية عامة موجودة في جميع الشعوب حتى اشدها بدائية فطلما كان للأنسان مهدداً بالأخطار ومحاط بالمشاكل دائما فهو اذا بحاجة الى عقائد وطقوس دينية تساعده على مواجهة نلك الأخطار والمشاكل وتبعث في نفسه الطمأنينة ومعنى هذا ان التقديس ليس امرا طارئا في حياة المجتماعت بل حاجة ملحة تقتضيها طبيعة الانسان.

ان الانسان حينما يرى الموت لابد وأن يبحث عن طريقة للمواجهة ومن طرق المواجهة هو اللجوء الى عقيدة وطقوس تعطيه الامل بحياة اخرى ثانية بعد الموت(2).

يرتبط مفهوم الدين عند الوردي بالنظرية الاجتماعية القائمة على الدمج بين الخير والشر بين قيم الخير وقيم الشر اي النسبية القائلة بان الحقيقة متغيرة في ضوء المصلحة فما هو خير يمكن ان يكون شر في وقت اخر حينما يتعارض مع مصلحتنا والعكس صحيح لذلك فالقيم متغيرة عند الشخص نفسه ومن شخص الى ومن مجتمع الى أخر وهذا التصنيف للإنسان على انه خير أو شر غير واقعي لان الانسان باعتقاد الوردي "مزيج من الشر والخير"(3) فطالما كان الفرد مقياس الأشياء جميعا كما ذهب الى ذلك اصحاب الفلسفة السفسطائية الذين لهم الأثر الكبير في فكر الوردي فبالتالي يكون كل ما يلائم مقياس الأنسان فهو خير وكل ما لا يلائمه فهو شر.

لذلك يمكن القول ان الوردي ينظر الى الدين في ضوء نظريته المرادفة بين المصلحة والحقيقة، بمعنى ان الرسل أو المصلحين حينما جاءوا برسالاتهم او بدعاواهم انما كان حضورهم وتأثيرهم في المجتمع في ضوء المصلحة . فالدين كما هو معروف جاء لنصرة الضعفاء وجميع الرسالات السماوية والديانات الوضعية انما جاءت ونصرت من قبل الضعفاء لانها كانت تهدف خلاصهم من سلطة المترفين لذلك نجد في المقابل ان المترفين كانوا في صراع مع المجددين  الأنبياء.

إن الدين عند الوردي يقوم بوظيفة اجتماعية كبرى حينما يكافح من أجل العدالة وتحقيق المساواة، وهو في الوقت نفسه يحقق نوعا ً من أنواع التوازن الاجتماعي لاسيما حينما يفتح الباب أمام الصراع بين الفئات المغلوبة والفئات الغالبة، لأنه بذلك يُحرك الحياة وهذا الصراع هو الذي يمنحنا الأمل بتحقيق عالم متوازن، لهذا يعتقد الوردي بأن "الدين لا يقوم إلَا بالكفاح والتسامح الاجتماعي"(4)، وهذا الكفاح والتدافع هو طريق تحقيق العدل الاجتماعي الذي هو غاية الدين وهدفه، وهذا ما يبرر النزعة الثورية للدين، لذلك نجد الوردي يواشج بين تعريف نتشه للدين بأنه " ثورة العبيد" وتعريف ماركس بأن الدين أفيون الشعوب، فيقول الوردي" أن الدين ثورة وأفيون في آن واحد فهو عند المترفين والأنبياء ثورة وكل يبدأ على يد نبي ثورة ثم يستحوذ عليه المترفون بعد ذلك ويحولونه الى أفيون"(5) وهذا ما جعل علَامتنا يعتقد بأن الثورة تفسد إذا نجحت.

صنف الوردي الدين الى صنفين : "الدين الكهاني" و"الدين النبوي" الدين الكهاني هو "الدين الذي ليس له مؤسس بل ينشأ تلقائياً حيث يبتدعه العامة تدريجياً حسب تطور حاجاتهم النفسية والاجتماعية "  أما الدين النبوي فأمره يختلف كل الاختلاف، وقد وصفه الوردي بأنه "دين ثوري" أذ  يأتي به نبي من أجل أصلاح الأحوال الفاسدة في المجتمع (6).

أما الناس فهم صنفان، حينما يأتي الدين الثوري فمنهم من يتبع النبي مؤمناً به راغباً في الأصلاح ومنهم من يتبعه بدافع الإنتهازية وطلبا للدنيا وهؤلاء يصلون الى مواقع الحكم، مُتخذين من الدين أداةً لتحقيق مصالحهم الدنيوية، الأمر الذي يُحول الدين النبوي الثوري الى دين كهاني أفيوني(7)، "فأذا منعنا الشعوب عنه لجأت الى مُنحدر آخر للإستعانة على مواجهة الحياة وأخطارها"(8).

السبب في هذا التحول هم أصحاب المصالح (المترفين)  الذين تسلقوا على أكتاف الثوار، فضلا عن دور كثير من رجال الدين من الذين يُسايرون العامة فيما يعملون. اذ جعلوا من الدين يبدو وكأنه دين طقوس وعقائد وتعبد لا دين تغيير وثورة وإصلاح، ولهذا فأن إنحراف الدين عن طبيعته الثورية الإصلاحية ليس لعيب في الدين، بل لعيب في السلاطين ورجال الدين الذين جاروا السلاطين في ترفهم وتعسفهم وجاروا العامة في خُرافاتهم،"الأمر الذي جعل الدين وكأنه مهنة يُرتزق منها، فهو (أي رجل الدين)  مُضطر الى مدارة مصدر رزقه سواء كان ذلك من الحكام أو العوام"(9).

الموقف من الأسلام

ينظر الوردي الى الإسلام بوصفه دين العدل والمساواة، ودين الضعفاء والمغلوبين بل جاء من أجل نشر الفضيلة بين الأُمم، وهو ثورة كبرى على صعيد القيم الإنسانية، فهو بمثابة قلب لقيم الجزيرة العربية التي كانت تعيش على الغلبة والقتل، لذلك يرى الوردي أن الإسلام " بدأ في أول أمره نظاماً ديمقراطياً، لا سيما مع النبي محمد(ص)  والخلفاء الراشدين(رض) ،فالمسلمون الاولون كانوا يكافحون الظلم والترف والتعالي"(10). وقد إستطاع النبي أن ينتقل بهذا المجتمع من حال الفرقة والتشرذم الى حال الوحدة والعدل.

لقد كان في بعث لرسالة الإسلام النبي محمد (ص) إيقاضاً للعقل ودفعاً للهمم، فخلق بذلك ـ كما يرى الوردي- تدافعاً اجتماعيا حرك الأذهان وأغنى الحضارة " لقد كان محمد ثائراً وبقي ثائراً حتى مات"(11)،  بمعنى أنه كان مصلحاً وبقي مصلحاً حتى مات، ومن الممكن أن يُعَد من أهم دُعاة الإصلاح في العالم، مع إختلاف وجهات النظر حوله، لأن المصلح هو الذي" يأتي بالفكرة البسيطة جداً، ولكنه يقلب بها وجه العالم، لأنه يأتي بها عملية تؤثر في حياة الناس وتدفعهم نحو الحركة الاجتماعية التي تلعب دورها في صياغة التاريخ "(12). فهو ليس فيلسوفاً طوباوياً يعيش حلماً بعيداً عن الواقع، بل هو جزء من المجتمع، يعيش الواقع بكل تمضهراته وتحولاته الاجتماعية، ويحاول التعبير عن رؤيته الإصلاحية عبر إحداث ديناميكية تُحَرك الوعي الاجتماعي وتنبه الفرد الى ضرورة الإصلاح والتغيير من أجل تحقيق المجتمع المتوازن، وهذا ما كان يعيه النبي محمد(ص)  لأنه " كان ثائراً ومُجدداً يدعو الى للتقدم الاجتماعي في أقصى معانيه، وهو مجدد هذه الأمة وهو المؤمن بالتجديد"(13)، وهو الذي قال " أن الله يبعث عند رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" فهو المؤمن بإمكانية الإنسان على التغيير وقابلية الدين للتجديد والتطور والإستمرارية، كي يكون ديناً اصلاحياً، حتى يتلائم مع التطور الحضاري وتحولات المعرفة في الأزمنة المختلفة. وهذا ما تقتضيه طبيعة الدين الثورية، لأن الدين وحسب قول الرسول السابق " لايمنع من قيام حركات دينية جديدة بين حين وآخر، تحاول العودة الى ثورة الدين من حيث محاربة الظلم والخرافات"(14)، وهذا يقتضي دعوة من يتبنى الدين نمطاً في الحياة الى ضرورة التخلص من الركود والثبات الذي يُصيب المعتقدات ويجعلها تصبح وكأنها مقدسات لا يمكن المساس بها مما يجعل الدين يبدو وكأنه جاء للمحافظة على مجموعة من القيم والتقاليد والمعتقدات التي ليست من أصل الدين، الأمر الذي جعل النبي يدعو الى ضرورة التخلص من الجمود والقول بأهمية التجديد والأصلاح، وكأنه كان يعلم بتكلسنا الفكري يوماً ما، ولعله كان يأمل من المسلمين إستيعاب فحوى الرسالة الإسلامية القائمة على ضرورة الايمان بالإختلاف ونبذ الخلاف والإيمان بأن سنة الإسلام كامنة في قبولنا للتجدد والتطور والتقدم، و"لن تجد لُنة الله تبديلا".

الموقف من الطائفية

مما يلفت النظر أن الوردي تنبه لآثار الطائفية أو الإنتاء الطائفي على المجتمع منذ بواكير كتاباته، فقد عدَ الطائفية نمطاً معينا من العصبية(15)، لأنها تقوم على أساس من الإنتماء الاجتماعي أكثر مما تقوم على أساس من الدين والحرص على سلامة تعاليمه(16)، لذلك نجد الوردي ينتقد بشكل مستمر كل من ينتمي الى جهة ما انتماء ايديولوجياً أو عصبياً، لأنه هذا النوع من الإنتماء إنما هو أحد أهم أسباب التدهور الرئيسة للأُمم، وهو نفسه السبب الحقيقي للصراع الإسلامي الإسلامي، لا سيما بين السنة والشسعة.

لا يُنكر الوردي وجود هذا الصراع، ولا يقفز على الواقع العراقي والإسلامي كما هو حال كثير من الكُتاب العراقيين والعرب، بل هو يحفر في التراث للكشف عن أسبابه الحقيقية، لذلك نجده يُجذر لتاريخ هذا الصراع في العودة به الى ما بعد الخلافة الراشدية، حينما سيطر المترفون (الأمويون)  على مقاليد الحكم، الأمر الذي حدى بالوردي الى الاعتقاد بأن هذه السيطرة حولت الدين الإسلامي من دين يحمي الضعفاء الى دين يحمي المترفين، فتحول الى أداة بيد الأرستقراطية القرشية لتحقيق مطامحها ومطامعها والإستحواذ على السلطة حتى "أصبح دين محمد العوبة بيد السلاطين ونسي الناس ان محمداً كان من ألد أعداء السلاطين"(17)، وبدل من أن يصبح الدين دين عدل ومساواة بين الناس أصبح دين طقوس وشعائر بل" ديناً طبقياً يُحافظ على أموال الأغنياء ويحتقر غير العرب ويأمر بالجزية ثم يُطَلق لفظ الموالي أي  العبيد على غير المسلمين"(18)، وكأن النجاح الذي حققه المسلمون الأولون مع الثورة المحمدية أصبح مقبرة لهذه الثورة.

بدأ الصراع الإسلامي الإسلامي حينما شعر المستضعفون أن حقوقهم التي اعادها لهم النبي محمد قد سلبت حينما سيطرت الأرستقراطية القرشية على الثورة النبوية، وكأنه جاء رسولاً للقرشيين دون غيرهم فأصبح الإسلام بعد أن كان يعيش حرباً مع القرشيين، صار لُعبة  بيدهم وحكراً لهم، لا سيما حينما إستغلت هذه الطبقة حب الخليفة الراشدي الثالث لأل بيته ومحاولة الإستحواذ على السلطة(19)، حتى أصبح الأمويون هم من يُسَير أمور المسلمين وشاعت النظرية الكلامية القائلة بالجبرية، وأن الله هو المُريد  وهو الذي يُحدد للإنسان أفعاله وأن الإنسان مجبور في فعله وفي طاعته لأولي الأمر، وان الله هو الذي يختار الحاكم ويُفضَله على باقي المسلمين، فالخليفة هو الحاكم بأمر الله، وهو من له الحق بالتصرف بأموالهم وأمورهم، وكأن الحكم قميص يُلَبسه الله لمن يريد، بحسب عبارة الخليفة الراشدي الثالث "عثمان ابن عفان" "أن الحُكم قميص قمصنياه الله"، ومعنى هذا ألَا حق لأحد بنزع هذا القميص، أي الحُكم، سوى الله الذي قمصه لمن يُريد.

أفاض الوردي في قراءته للتاريخ الإسلامي، وحاول أن يوضح أسباب الخلاف الإسلامي الإسلامي مُعتقداً أنه مُتعلق بالميول الغريزية لدى الإنسان والقائمة على أساس الغلبة والإستئثار والتعصب لمعتقداته وميوله لأنه (الإنسان)  لا يقبل أن يخرج من "قوقعته الفكرية" أو "إطاره الفكري" الذي أطر به  نفسه والذي يدفعه بشكل مستمر للإعجاب بأفعاله والتباهي بها، وهذه هي طبيعة المجتمع القبلي إذ "ينشأ فيه الفرد في تقاليد وعقائد وقوالب فكرية ثابته نسبياً وهو يقع تحت تأثير تلك القوالب ويتبناها وينظر الى الدنيا من خلالها من حيث لايشعر"(20) وهذا ما كان واضحا في الشخصية العراقية التي تتميز بشدة النزعات العصبية والطائفية لانها كانت نتاج الصراع بين البداوة والحضارة من جهة ونتاج الصراع الحضاري الإسلامي من جهة أخرى.

كانت أرض العراق هي محطة الصراع بين قيم البداوة وقيم الحضارة، الأمر الذي جعل الوردي يحكم على الشخصية العراقية بأنها تعيش إزدواجية اجتماعية(21)، والسبب الآخر في إستمرا الصراع في أرض العراق هو أن هذه الأرض كانت ولا زالت أرضاً للصراع  بين دولتين إسلاميتين كل واحدة منهما تُمثل طائفة مهمة من طوائف الإسلام: الدولة الفارسية وتمثل الطائفة الشيعية، أما الثانية فهي الدولة العثمانية والتي تمثل الطائفة السنية "الأمر الذي أدى الى إستعمال الصراع الطائفي في العراق الى درجة لا تُطاق ـ لذلك يعتقد الوردي ـ ان الصراع بين السنة والشيعة خرج من كونه نزاع حول المبادىء العامة وصار نزاعاً على الرئاسة"(22)" فلم يكن الشيعة (روافض)  في أول أمرهم، وكذلك لم يكن السنة (نواصب)، إنما هو التطرف ... فإذا أراد الشيعة أاهل السنة في هذا العصر أن يتوحدا، فليرجعوا الى شعارهم القديم الذي إتخذه زيد بن علي وأبو حنيفة، أي شعار الثورة على الظلم في شتى صوره، لا فرق في ذلك بين ظالم شيعي أو ظالم سني"(23)."والمشكلة أن الناس قد نسوا أن إمام السنة أبو حنيفة وإمام الشيعة موس الكاظم قد ماتا في سجن الخلفاء العباسيين"(24) . ونسوا "أن التشيع كان ثورة اجتماعية في سبيل العدل والمساواة، وقد إنشطر الى شطرين مع الدولة العباسية، فأصبح هناك تشيع عباسي وتشيع علوي، وحينما جاء الصفويون خدروا مذهب التشيع وروضوه فازالوا عنه النزعة الثورية التي كانت لاصقة به"(25)وحينما دعى مذهب التشيع الى مبدأ العصمة إنما كان وراء ذلك مغزى اجتماعياً"، فهو عبارة عن إنتقاد غير مباشر لما كان عليه سلاطين الإسلام من شغل وتفسخ"(26) فقد كان هذا المبدأ يحمل في طياته نقداً حقيقياً للسلطة التي خرجت عن مقتضيات الدعوة المحمدية وفي الوقت نفسه دعوة لإحقاق الحق ونشر العدالة والبحث عن إنسان عادل يتجاوز ظُلم السلاطين ويملأ الأرض عدلا بعد أن ملات جورا .

ينظر الوردي الى الدين بصورته الثورية المتجددة التي تنقلب على الثبات والركود في كل زمان ومكان، ولم تكن النزعة الثورية التي يتكلم عنها الوردي في الدين بشكلها السلبي، بوصفها محاولة لإلغاء الآخر والهيمنة على كل ثرائه وتنوعه، إنما هي ثورة على الظلم والتجبر والطغيان لا على الفكر وتنوعه الذي يؤيده قول الرسول "إختلاف أمتي رحمة".

ما تجدر الإشارة اليه أن الوردي حينما تنبه للصراع الطائفي في العراق، لم يذهب الى البحث عن أسبابه الخارجية، بل ذهب الى نقد الأطراف العراقية التي إنساقت مع هذا الصراع "ولم تكن تعتبر الإيرانين أو الأتراك أجانب هدفهم إحتلال البلاد والإنتفاع بخيراتها، و(المشكلة)  هي إن كل فريق منهم كان ينظر الى الدولة التي تنتمي الى مذهبه كأنها حامية للدين ومنقذة للرعية"(27).ولا خلاص لهذا البلد باعتقاد الوردي من هذا الصراع الطائفي إلَا باعتماد " طريقة التصويت والإنتخاب المباشر التي تسمح للمجددين من أبناء الأمة أن يحققوا رغبتهم"(28) وهو السبيل للخلاص من العنف " لأن الحكومة الديمقراطية تنبعث من صميم الشعب"(29)، مع ضوررة تنبه الوردي لتنمية الوعي بالتعليم والتربية، كي يكون الفرد قادراً على إختيار من يُمثله، ولابأس من وجود صراع بين إتجاهين داخل المجتمع، كأن يكون هناك إتجاه يُمثل المحافظين وآخر يمثل المجددين، والديمقراطية تحافظ على وجود الإتجاهين، بل أن وجودهما مع بعض يحافظ على النظام والتوازن في المجتمع فالمحافظ يكبح جماح المجدد والمجدد يكسر ثبات المحافظ ن وعلى الرغم من ان النصر ـ لربما- يكون في يوم ما للمجددين ولكن ربما يكون المجددين يوم ما محافظين، فإنهم والى هذا الحال يحتاجون الى مجددين لأن هؤلاء هم من تقوم على أكتافهم الديمقراطية.

مع الوعي الديمقراطي الذي يعتقد الوردي بقربه من طبيعة الدين"يستطيع الإنسان أن يخرج من "قوقعته الفكرية" الى عالم واسع يكون فيه التنازع والتعاون صنوين لا يفترقان"(30) .

والحكومة العادلة هي التي "تطمئن لها قلوب الأكثرية من رعاياها ولا يهم بعد ذلك أن تغضب فئة صغيرة ولعل غضب هذه الفئة إنما يُزيد العدل قوة ووضوحاً"(31) وهذه هي طبيعة الحكم الديمقراطي مع مشروطية أن تتحقق الثقة بين الحكومة والشعب.

 

د. علي المرهج 

............................

الهوامش                                                            

(1) علي الوردي : وعاظ السلاطين،دار كوفان، لندن،ط2 1995 ص 261

(2)  ينظر علي الوردي :لمحات أجتماعية من تاريخ العراق الحديث ج5 ملحق2،بيروت دار الراشد ط2/2005 ص 394.

(3) علي الوردي : وعاظ السلاطين،ص261

(4) علي الوردي، مهزلة العقل البشري، مطبعة الرابطة بغداد، ط1 1954،ص250

(5)  المصدر نفسه ص339.

(6) ينظر علي الوردي : لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ج2،ص342- 343

(7) يسميه الدكتور علي شريعتي الدين الافيوني لاسيما حين يكون الدين أداة لاخضاع الناس للذل والهوان والتخلف والدين الثوري هو الذي يواجه الطاغوت والمترفين ويدعو الناس الى النهوض والتمرد على جبهة المترفين .وهنا نحن نعتقد باطلاع شريعتي وقراءته للوردي على الرغم من عدم الأشارة اليه في طرحه لهذه الافكار التي لا تختلف عا طرحه الوردي،ينظر علي شريعتي دين ضد دين دار الامير، بيروت ط1 2003،ص40 وما بعدها.

(8) علي الوردي:  لمحات اجتماعية، ج5 ملحق 2 مصدر سابق ص 394.

(9) المصدر نفسه: ص399.

(10) ينظر علي الوردي: مهزلة العقل البشري، مصدر سابق،ص231.

(11)المصدر نفسه: ص250.

(12)المصدر نفسه: ص94.

(13) علي الوردي: وعاظ السلاطين ص104.

(14) علي الوردي : لمحات اجتماعية، ج5 ملحق2، مصدر سابق ص399

(15) التعصب كما يرى الوردي، يعني الميل الى التمسك بالمعتقدات والعادات والقيم والاعراف التي نشأ عليها الفرد منذ الطفولة ويتصور بأنها أفضل المعتقدات حتى وأن كانت مليئة بالخرافات والاباطيل: ينظر الوردي: في الطبيعة البشرية مؤسسة المجين، ايران.

(16) يعتبر الوردي الطائفية نوع من الانتماء القبلي الى مذهب او شخص معين و الفرد الطائفي حين يتعصب لمذهبه لايهتم بما في المذهب من مبادىء خلقية او روحية فذلك أمر خارج عن نطاق تفكيره كل ما يهتم به التعصب من ولاء لجماعته وعداء لغيرهم أنه بعبارة أخرى ينظر الى طائفته كما ينظر البدوي الى طائفته. ينظر لمحات اجتماعية  ج2 مصدر سابق ص62، أيضا لمحات أجتماعية ج1 ص24 نفس المعطيات.

(17)  علي الوردي: وعاظ السلاطين  ص271.

(18) المصدر نفسه ص210.

(19) ينظر المصدر نفسه ص214 وما بعدها

(20) ينظر علي الوردي، خوارق الاشعور، دار الوراق، لندن، ط2 1996 ص45 وكذلك وعاظ السلاطين،ص 198، ولمحات اجتماعية، ج1 ص6، ولمحات أجتماعية ج2 ص339 نفس المعطيات.

(21) ينظر علي الوردي دراسة في طبيعة المجتمع العراقي، مطبعة العاني، بغداد ط1 1965 ص12.

(22) علي الوردي، وعاظ السلاطين،ص247 .

(23) المصدر نفسه،ص246-247

(24) المصدر نفسه،ص249.

(25) المصدر نفسه، ص248 ينظر مشابهة الدكتور علي شريعتي لهذا في كتابه التشيع العلوي والتشيع الصفوي وكأنه طور بحث الدكتور علي الوردي

(26) المصدر نفسه،ص251

(27) علي الوردي، لمحات أجتماعية،ج1 ص15

(28) علي الوردي، وعاظ السلاطين، ص102

(29) المصدر نفسه ص266

(30) ينظر علي الوردي، مهزلة العقل البشري،ص156،أيضاً وعاظ السلاطين ص268 نفس المعطيات

(31) ينظر علي الوردي : مهزلة العقل البشري ص281

 

 

في المثقف اليوم