قضايا

الفتاوى وما أدراك ما هي؟!!

sadiq alsamaraiالفُتيا والفتوى: الرأي والإجابة

أفتى الفقيه في المسألة:إذا بين حكمها

واستفتيت: إذا سألت عن الحكم

الفِقه: العلم بالشيئ والفهم له

فَقِهَ فِقها: عَلِمَ عِلما

رجل فقيه: عالم

وكلّ عالمٍ بشيئ فهو فقيه.

المختص بأي موضوع يمكنه أن يبدي رأيه في مسألة لها علاقة بموضوعه، أو يجيب على سؤال في حقل إختصاصه، لكن ما يبديه من رأي وإجابة لا يمكنه أن يكون حكما وقانونا يوجب التنفيذ والإتباع، لأن هناك مختص آخر وآخر، يعطون آراءً ويأتون بإجابات وفقا لتجربتهم وما عندهم من العلم وقدرات الإدراك، قد تخالف ما جاء به المختص الأول، وهذا يعني أن فتواه في إختصاصه لا تلزم الإتباع والأخذ وإنما يقرر ذلك المُتلقي أو السائل.

ولا تختلف الموضوعات الدينية عن ذلك، لأن الشخص الذي يفتي ويجيب يُحسب على أنه عارف بعلوم الدين الذي يمثله، لكنه ليس كامل المعرفة، وإنما يعرف على قدر إستطاعته وفهمه، ولهذا يكون رأيه وجوابه مقرونا بهما، ومعنى ذلك أن أي فتوى وجواب يكونان ضمن تلك المحدودية والخصوصية، ولا يمكن أن يمتلكا قدرات الإطلاق، فلا يوجد عالم دين يعلم كل شيئ عن دينه، وفي زمننا المعاصر يكون الرأي الفردي محض هراء وجنون ، وتعبير عن الأمية بأفصح صورها.

ومشكلة الأديان أنها تميل إلى إضفاء القدسية على بعض رموزها وتحيطهم بهالة لا تمت بصلة إليهم، وتبقى تقدسهم حتى عندما تتجاوز أعمارهم سن الشيخوخة ويتكبلون بتداعيات أرذل العمر.

وقد أسهم هذا الإضفاء بتدمير الواقع وسحق الأجيال، ذلك أن الشخص المُضفى عليه آيات القدسية، من بني البشر الذين تضمحل قواهم العقلية بتقدم العمر، فتكون آراءهم ذات محدودية وإنحسار، لأن قابلياتهم العقلية والنفسية قد ضعفت ورؤيتهم إنغلقت، لكن التابعين لهم يأخذون بما يقولون ويترجمون رؤاهم ولو كانت خطايا وآثاما.

وبعض الذين يعطون الرأي وإن علموا بالدين لكنهم يسخّرون علمهم لإرضاء نوازع دفينة في أعماقهم، مما يجعل فتواهم وإجاباتهم مريضة وذات توجهات سيئة ومغرضة.

فهناك ميل عند البشر لإخراج بعضهم من آدميتهم وتحويلهم إلى آلهة أو أصنام نفسية وفكرية وروحية، فيتبعونهم ويخنعون لهم ويتنازلون عن عقولهم وإراداتهم وحياتهم في سبيلهم، وما هم إلا بشر مثلهم لا غير.

ومن مصلحة أي دين أن يمنع الفتاوى الفردية وأن يقرنها بمجالس علمية جامعة ذات قدرات تشريعية وآليات توصيات متوافقة مع عصرها بزمانه ومكانه، لكي يتم القضاء على هذه الفوضى الدينية، التي تتسبب بها نزعات الفتاوى ورغبات التبعية والتحرر من المسؤولية.

فهل من تدبّر وتعقّل وصوت نُهى؟!!

و"ما أنزلنا عليكَ القرآن لتشقى" 20:2

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم