قضايا

التوحيد بين الديانة الاتونية والموسوية

يرى فراس سواح ان الديانة اتون هي اول ديانة توحيدية معروفة تاريخيا *.واخناتون صاحب اول رسالة توحيدية في تاريخ الديانة المصرية. ومما ترويه لنا الاخبار و الاساطير ان امنحوتب الرابع قد بنى اول معبد لإلهة اتون في العاصمة طيبة، وغير اسم المدينة من طيبة الى (الق اتون) واتبع ذلك بإعلان الهه اتون الها اوحد لمصر بكاملها، كما غير اسمه الى (اخن-اتون) أي فرح اتون، ثم قام بعدد من الاجراءات الجذرية الهادفة الى محو ذكرى العبادات القديمة من النفوس، فاغلق معابد الاله الاعلى (امون- راع) وسرح كهنته من الخدمة، كما اغلق معابد بقية الالهة وحطم تماثيلها ومحا اسماءها وصورها انى وجدت. وقد قام معتقد اخناتون على الايمان باله واحد للبشرية جمعاء، هو طاقة صافية لا تتخذ شكلا ما، ولكنها تتبدى في عالم الظواهر بقرص الشمس الذي يعطي الحياة والحركة للجميع، من هنا فان الشعوب والامم جميعا تتساوى امام اتون . وبذلك يكون هذا الفرعون هو اول مؤسس للديانة التوحيدية فكانت اول خطوة نحو توحيد حقيقي لرب مجرد تمام التجريد هي الخطوة التي حققها اخناتون فيلسوف الفراعنة بحق . وقد ورث اخناتون عبادة الشمس عن اجداده، وما لبث ان ثار على تلك العبادة الشمسية مقررا ان الشمس ماهي الا مخلوقة هي الاخرى، وان الخالق الجدير بالعبادة هو القوة التي ابدعتها، وجعل من قرص الشمس مجرد رمز لتلك القوة الواحدة المستترة اتون الواحد القادر على كل شيء. يقول هيرودوت ان المصريون كانوا اول الموحدين في العالم، وان بقية العالم اخذت الدين عنهم. ويشير اكثر من باحث الى ان ما نادى به اخناتون في مصر الفرعونية هو في نظر جمهرة العلماء اول نداء بالوحدانية. يعتقد أن فكرة التوحيد في الديانة الآتونية لها علاقة بنشأة الدين اليهودي وانها هي الاصل في فكرة التوحيد *. يتبوأ بعض الباحثين والكتاب تلك النظرة، ومن ضمنهم مؤسس علم النفس سيجموند فرويد، وهو يهودي، الذي يعتقد أن إخناتون سبق بفكرة وحدانية الإله وأن موسى اعتقد في أفكاره وفلسفته، وكتب عن ذلك في كتابه :"موسى والوحدانية " ويدرس فرويد في هذا الكتاب موسى ونشوء الديانة التوحيدية من وجهة نظر التاريخ ومن جهة نظر التحليل النفسي يرجع فرويد ظهور التوحيد الى العقدة الجنسية الاولى او الى الجريمة الاولى في تاريخ البشري جريمة قتل الاب البدائي على يد ابنائه الطامعين في نسائه وسلطته. ان كتاب موسى والتوحيد كتاب بالغ الخطورة الى حد ان فرويد نفسه لم يجرؤ على نشره الا في عامه الاخير. حيث ان النبي موسى مصري الاصل وليس عبرانيا، وانه قائد عسكري من اتباع ديانة اتون، ولما هلك اخناتون ودمر كهنة الديانات التقليدية كل ما بناه، تفرق اتباعه واهله. الا ان موسى التابع المخلص لاخناتون اخذ على عاتقه متابعة الرسالة والتبشير بها بين تلك الفئة الغريبة المضطهدة . وتتابع هذه النظرية منطقها فتقول ان اليهود بعد خيباتهم المتلاحقة وضياعهم الطويل، قد قتلوا قائدهم في ثورة من ثورات الغضب .ورغم قلت ما نعرفه عن الديانة الاتونية، بسبب الانتقام الشامل الذي تعرضت له من قبل الكهنة الثائرين فأننا نستطيع ان نلمح اوجه التشابه بين الديانتين، الاتونية والموسوية*

اولا:- تصر الديانتان ولأول مرة في التاريخ على وحدانية الاله،الا ان وحدانية اخناتون اعم واشمل، لأنه يرى اتون الها للأمم كلها، بينما بقيت اليهودية فترة طويلة من تاريخها، على الاعتقاد بيهوه الها للشعب اليهودي.

ثانيا:- تمنع الديانتان أي نوع من انوع التصوير او النحت للإله الواحد

ثالثا:- لا نجد في الديانتان اثر لفكرة البعث والحساب والحياة الاخرة

رابعا:- نظرا لاتصال الديانات المصرية بالسحر، فقد حاربت الديانة الاتونية السحر والسحرة وابطلت تأثيرهم في المجتمع . كذألك الامر في الديانة اليهودية حرمة السحر

ان تأثر الديانة اليهودية بالديانة الاتونية هو امر منطقي وممكن. فالديانة اليهودية نشأت في زمن لا يبعد كثيرا عن زمن ازدهار الاتونية. وان الديانة الاتونية بعد انهيارها قد تحولت الى ديانة سرية انتشرت بين المضطهدين والغرباء وخضعت لتحولات اساسية عبر الوقت الى ان اتخذت شكلها الجديد على يد موسى.

 

احمد حامد

.....................

*فراس سواح، مغامرة العقل الاولى، ص 131

*عفاف مطيراوي،مفهوم التوحيد في المتخيل الاسلامي ص5

*فراس سواح،مغامرة العقل الاولى، ص132

 

في المثقف اليوم