قضايا

"حبكة لامبيدوز" لعبة ألمانيا الجديدة تجاه "الجالية المسلمة"

علجية عيشلماذا لا تعترف ألمانيا بالإسلام كديانة؟

تصر ألمانيا على أن لا تعترف بأن الإسلام دين عالمي كبقية الأديان السماوية العالمية الأخرى (اليهودية والمسيحية)، وأن انتشاره بلغ المعمورة كلها، والإكتفاء بأنه إيديولوجية سياسية لا تتوافق مع الدستور الألماني، فقد صرح هورست زيهوفر وزير الداخلية الألماني الجديد أن الإسلام لا ينتمي إلى ألمانية، وأن ألمانيا بلد شكلته التقاليد المسيحية، وأضاف أن هذه التقاليد المسيحية تشمل الراحة من العمل أيام الأحد، والاحتفال بالأعياد الكنسية والطقوس الدينية، مثل أعياد الفصح والعنصرة والميلاد، وعلى المسلمين أن يعيشوا معنا وليس إلى جانبنا أو ضدنا، فقد تجاهل وزير الداخلية الألماني الجديد أن الإسلام كدين معترف به عالميا، واعتنقته غالبية الشعوب، له تقاليده أيضا، وأن المسلمين لهم أعيادهم وطقوسهم الدينية، بل يشتركون الشعوب التي على غير دين الإسلام أعيادها (اعياد الميلاد أو ؤاس السنة الميلادية) من باب التعايش، والعلاقات الإنسانية، وبقوله (أو ضدنا) أراد وزير الداخلية الألماني الجديد تحذير المسلمين بعدم الوقوف ضدها في علاقاتها مع الدول الأخرى، مثلما وقف الجزائريون مثلا ضد ألمانية في حربها مع فرنسا، من أجل نيل الاستقلال حسب الاتفاق المبرم بين فرنسا والجزائر وهو ما عرف بأحداث 08 ماي 1945، وهذا يعني أن ألمانيا تضع شروطا لكل من يرغب العيش فوق أراضيها، وهو أن لا يعمل بتقاليد الدين الذي ينتمي إليه، في محاولة منها ترويج فكرة "الإسلاموفوبيا" في الوسط الألماني، وقد وعد زيهوفر أيضًا باتخاذ إجراءات صارمة ضد من يرتكبون الجرائم من المهاجرين، والتعجيل بترحيلهم.

كما أن وزير الداخلية الألماني الجديد يلغي ما على المسلمين الألمان (الذين اعتنقوا الإسلام) أو المسلمين الحاملين للجنسية الألمانية من حقوق مدنية وسياسية، وكأنه يرفض فكرة السلام والتعايش، ونلاحظ هنا أن السلطة في ألمانيا تتفق مع المعارضة في بعض القضايا، خاصة إذا تعلق الأمر بالإسلام، الذي يرونه وكأنه شبح مخيف، ووجب حماية سكان ألمانيا الأصليين (المسيحيين) من أي اعتداء قد يهدد سلامتهم وسلامة التراب الألماني، فهذا بياتريس فون شتورخ عن حزب البديل من أجل ألمانيا يبدو أنه أكثر عدائية للمهاجرين، بحيث يدعو لحظر بناء المآذن وارتداء النقاب، يقول أن الإسلام ما هو إلا إيديولوجية سياسية لا تتوافق مع الدستور الألماني، في حين نجد أن مطلب الكنيسة يتمثل في تدريس الإسلام للتلاميذ المسلمين في جميع مدارسها الرسمية، وهذا من باب تطبيق مفهوم التعايش وحرية الأديان، كما تُصَوِّرُ ألمانيا المسلمين على أنهم الخطر القادم عليها، ولهذا فهي تحرص على أن يسود الأمن في البلاد، وإبطال الرؤية الدفاعية للمسلمين عن الإسلام والتوهم بأن الإسلام في خطر وفي ضرر.

فمخطط ألمانيا في نهاية المطاف هو تطبيق ما سماه الخبراء بـ: "الحبكة اللامبيدوزية"، وهي عبارة عن لعب استراتيجي تلعبه ألمانيا، في إطار الضغط على الجماعات، لتحريم جيل من المسلمين اكتساب الوعي بذاته ومكوناته، حتى يتسنى لها ترويج أفكارها وعقائدها، وجعل من الجالية المسلمة كالعبيد تخدم أسيادها، وكلما كانت الاستجابة قوية، كان الضغط أقوى جراء غياب الوعي والفهم والإحاطة لدى من بلعوا الطعم، ولهذا ترى ألمانيا مسألة "الهجرة" الحجرة التي تقف في حنجرتها، وتأبى أن تخرج، حيث ارتفع عدد أصوات الذين يطالبون بمنع دخول المسلمين ألمانيا، ولا يهم هنا أن تكون تصريحات المسؤولين الألمان متطابقة مع من سبقوهم، طالما قضية الهجرة واللجوء ما تزال تشكل محو نقاش على مستوى دولي في ظل التحولات التي يشهدها العالم وما تمر به الشعوب من ثورات شعبية وحرب أهلية أجبرت بعض السكان اللجوء إلى بلدان أكثر أمنا واستقرارا.

و حبكة لامبيدوز formule de lampedosa هي حبكة دعائية شرحها المحللون في جملة واحدة هي: "يجب أن نحرك شيئا ما، حتى تبقى الأشياء كلها في مكانها" il faut que quelque chose bouge pour que tout reste en place، ولهذا نجد كثير من القضايا تثير جدلا وتعطى لها صبغة سياسية أكثر ما هي دينية، مثل قضية الحجاب والنقاب وتطبيق الحدود، ثم أخيرا قضية إمامة النساء في المساجد، يقول بعض المحللين ان حبكة لامبيدوزا تدخل في إطار صدام الحضارات والأديان، وغالبا ما تحرك أيادي المخابرات هذه اللعبة لإعادة قراءة الأحداث، أخر التقارير تقول أن عدد المسلمين في ألمانيا بلغ 04 مليون مسلم بنسبة تمثل 05 بالمائة من إجمالي عدد السكان، وأن اغلب سكان ألمانيا اعتنقوا الإسلام عن حب وطواعية، وبعضهم أسلموا عن طريق التزاوج، كما يوجد حوالي 300 مسجدا ومراكز إسلامية تعمل في هذا الشأن، رغم ذلك فإن المسلمين في ألمانيا يعانون من أزمة عميقة في ممارسة شعائرهم الدينية.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم