قضايا

الشعب قائد الثورة.. السلمية الاصلاحية

مهدي الصافيالمقدمة: ليس معروفا ان تقود الشعوب الثورات وصولا الى سدة الحكم، فقد كانت التجارب الاكثر ثورية في العالم، هي تجربة الثورات الشيوعية الدموية، حيث طرحت فكرة ان الشعب بطبقاته العاملة هي من يحكم الانظمة السياسية بدلا من البرجوازية الفاسدة، الا انها وصلت في اواخر القرن الماضي الى طريق مسدود، بعد ان عجزت عن اقناع شعوبها من ان دكتاتورية الطبقة العاملة هي المثال النموذجي للحكم بدلا من الديمقراطية الرأسمالية الامريكية-الاوربية، حتى بدأت دول المعسكر الاشتراكي تنسلخ عن المبادئ والاسس الماركسية المتبعة في بلدانها، مرتمية في احضان الاتحاد الاوربي، كالطفل الظمأ لحليب الرأسمالية التكنولوجية، ثم بدات تظهر المصاعب والعثرات والازمات الاقتصادية الغير متكافئة بين بلدانهم وبقية دول اوربا الغربية..

نعتقد اننا في هذا البحث المختصر نطرح خطوط ثورية عريضة تختلف عن نظريات الحكم السائدة، بعد ان ثبت فشل الديمقراطية الرأسمالية مع ازدياد عدد الاثرياء في العالم، وبات من الممكن شراء الاصوات واغلب السلطات الدستورية بغية الامساك بزمام الدولة الرأسمالية..

نظرية ديمقراطية النخب العامة التي تشمل جميع طبقات الشعب دون استثناء، لكنها لن تجعل للمال دورا في رسم النموذج او النمط السياسي في الحكم، انما اصوات النخب المفكرة والمثقفة والمتعلمة مع بقية طبقات المجتمع..

كان دائما مايتم تغييب اصوات الشعوب الثورية، وسرعان مايتم مصادرتها وازاحتها عن المشهد السياسي الرسمي، بعد نجاح الثورات او الانقلابات العسكرية المؤيدة من قبل الشعب، الا اننا نطرح في عصر الالكترون النموذج الثوري الديمقراطي الشعبي النخبوي، والذي سيتم من خلاله اعطاء اولوية اختيار انظمة الادارة والحكم للنخب الاكاديمية والعلمية والثقافية والاجتماعية، بدلا من ان يصبح امر ادارة الدولة بيد عوام الشعب او اصحاب رأس المال السياسي، هذه المحاولات الجادة لابد لها ان تهيأ الارضية المناسبة قبل التطبيق المباشر لها، عبر توعية الشارع وحث النخب على اخذ زمام المبادرة وعدم الابتعاد او الوقوف على مسافات الحياد والتراجع او الانطواء والانغلاق لصعوبة المهمة وهي كذلك، لكن الامر سيصبح كارثيا ان ترك المجتمع والدولة للشارع المتخلف، اذ لابد من ايجاد صيغ وادوات علمية ومنطقية لتغيير الواقع، واعطاء رسائل مهمة للشعب من ان نتائج تلك المحاولات هي تصب في نهاية المطاف بمصلحة الجميع دون استثناء .....

الباب الاول: السلطات الدستورية الاربع في الدولة

السلطة القضائية

السلطة التشريعية (العليا) الاولى

السلطة التشريعية (الرئيسية) الثانية

السلطة التنفيذية

كما هو معروف ان الانظمة السياسية الديمقراطية في مختلف دول العالم تعتمد في سلطاتها الدستورية على الثالوث (السلطة القضائية والسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية) ، الا بعض الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الامريكية لديها سلطة تشريع عليا مهمتها المصادقة وقبول التشريعات التي تصدر عن البرلمان ( الكونكرس) او رئيس الجمهورية، هذا ما نطلق عليه هنا في هذا البحث او التقرير السياسي التأسيس لقيادة الشعب للثورة الاصلاحية"بالسلطة التشريعية العليا الاولى، من الطبيعي ان تطبيق الانظمة الديمقراطية تختلف من بلد لاخر، ومن شعب او بيئة لاخرى، حيث تلعب بعض العوامل الثقافية والتراثية والدينية المهمة تأثيرا مباشرا في صيغ وانماط وممارسات الافراد لتلك التجارب السياسية المدنية الحديثة، مما تجعلها عرضة غالبا للفشل والعودة الى مربع الولاءات الدينية او القبلية والعشائرية او الاثنية، وهي غير قادرة كذلك على ضبط مسألة ادارة موارد الدولة المالية بشكل نزيه، وبالاخص انها دول ريعية غير منظمة اقتصاديا اوتجاريا او ماليا، مسجلة تراجعا ملحوظا حتى في اهم قطاع حيوي مهم كقطاع الزراعة والصناعة النفطية (كالدول العربية)، لسنا بحاجة ان نتوقف في هذا البحث عند تلك المسلمات الدستورية للانظمة الديمقراطية، انما اردنا الاشارة اليها كمدخل مباشر لنظرية قيادة الشعب للثورة الاصلاحية الديمقراطية، والتي لن تكون فيه بحاجة الى احزاب او تيارات او كتل سياسية او جماعات قبلية او عشائرية من اجل التغيير، لكنها بالطبع ستسلم الامانة المحكمة التنظيم الى اصحابها، فأن فشل هؤلاء في اداء الامانة والمهمة، فعليهم ان ينظروا الى نظريات سياسية ثورية اخرى، يمكن لها ان تصلح الاوضاع وتصحح اوتتجاوز الاخطاء بشكل منظم، بعيدا عن الفوضى والتخريب.

اطلاق مصطلح الثورة بدلا من استخدام مصطلحات اقل شمولية او شعبية، جاء من اجل ان تقتلع الشعوب النموذج السياسي الفاسد للانظمة الشمولية (مع انها اصبحت قليلة في العالم) او لتغيير اساليب وممارسات الديمقراطية الرأسمالية، التي ثبت عبثها ونزعاتها الفردية او الراسمالية (البرجوازية الحديثة) المتوحشة في قيادة الشعوب والمهيمنة على موارد بلدانها الطبيعية، فبعد نهاية الحرب الباردة الاولى، تحولت النماذج الديمقراطية المتقدمة"امريكا واوربا"الى سلطات مركزية متوارثة بشعة، ليس لها هم الا احكام القبضة الحديدية على فقراء المجتمع والطبقة المتوسطة فيه، من اجل رفع الارباح وثروات الرأسماليين واحكام السيطرة على الشارع ونخبه المثقفة، وعزلها تماما عن الاعلام ومؤسسات الدولة، بالتزامن مع تقليل الخدمات الحكومية المجانية (كالصحة والتعليم) المقدمة لتلك الطبقات المضطهدة ماليا، وقطع الكثير من المعونات والمساعدات الحكومية المقدمة للعاطلين او كبار السن او الفقراء عموما، تحولت حياة المجتمعات الحديثة الى تكنولوجيا باردة بلا عواطف او احساسي او مشاعر انسانية روحية تعشق التمتع برفاهية العيش، ترى فيها العمر يجري بسرعة الالكترون، لا شعر ولا ادب ولا فن ولا ابداع اجتماعي انما مجرد محاولات فردية مقموعة، يخرج منها ماهو قريب من الايديولوجيا الرأسمالية وسياسة البقاء للاقوى...

الباب الثاني: نظرية ديمقراطية النخب: الاسباب والدوافع

هناك بالفعل اسباب منطقية لابد ان تعرفها المجتمعات المغلقة على النموذج السياسي الرسمي الاحادي، بضرورة مناقشة ودراسة الدوافع الانسانية والاخلاقية الواقعية، وكذلك الحاجة بالنظر في النماذج السياسية المتقدمة، كي يتسنى لها العمل على تعديل المسارات السياسية المنحرفة بشكل كبير عن المبادى والاسس والاعراف الديمقراطية السليمة،

هذه الخطوات عليها ان لاتهمل مايحصل في الولايات المتحدة الامريكية من تراجع كبير في النظام الديمقراطي الواقعي هناك، حيث شكل صعود بوش الابن لقمة هرم السلطة في الولايات المتحدة الامريكية، وانتخاب الصدمة ترامب لرئاسة البيت الابيض، تؤكد الحاجة الجذرية نحو الاصلاح والتغيير السياسي الديمقراطي العالمي، بحيث تغلق ابواب رأس المال واحتمالية تصاعد او ترجيح كفة اصوات الطبقات المتدنية المستوى (الثقافي والعلمي) في التحكم بمصير الامة ومسارات او مجالات حياتها، فقد تحولت او دخلت حياة الشعوب المرفهة تكنولوجيا وماديا مرحلة الروتين ورتابة الحياة، وحالة من الجمود الفكري امام الابداع الالكتروني المتقدم، فقد تحولت حالة التطور تلك الى نقمة عصرية، فتحت افاق سيطرة الدولة على الخصوصيات الفردية والاجتماعية للمواطنين، تارة بحجة حماية الخصوصيات من الاختراقات المتطفلة المزعجة، وتارة اخرى الى ضمان حماية الامن القومي للدولة من الانظمة الالكترونية من الهجمات التخريبة، بحيث نجد ان الحريات بدأت تتقلص وتقيد رسميا، دون ان يسمع راي الشارع في كل تلك المتغيرات الامنية وكذلك بقية المجالات الاقتصادية والتجارية الخ.

من خلال تلك النافذة نحاول ان نذكر الاسباب والدوافع المتعلقة بهذه الاطروحة او النظرية السياسية الحديثة من هذه الاسباب..

اولا: حالة الصعود التاريخي لحجم الثروات للاثرياء على حساب زيادة نسبة الفقر وانتشار الاوبئة والامراض في مختلف دول العالم بما فيها الديمقراطيات المتقدمة

ثانيا: زيادة عزل المجتمعات وتجاهل الرأي العام عبر صناعة رأي عام كاذب عبر وسائل الاعلام الخاصة

ثالثا: زيادة حالات الشذوذ الجنسي والانحراف الاخلاقي وزيادة العنف المتأثر بثقافة العنف الالكتروني للالعاب الالكترونية

رابعا: استحواذ الرأسماليين على القرار السياسي والاقتصادي والعسكري والاعلامي للانظمة الديمقراطية

اما بخصوص الدوافع نذكر منها:

اولا: فشل الانظمة الديمقراطية الرأسمالية التي اوصلت العالم بعد نهاية الحرب الباردة١٩٩٠ وبداية مشروع الشرق الاوسط الجديد بعد عام٢٠٠٣الى حافة الهاوية، فما يحصل في سوريا يمثل قمة المهزلة السياسية الدولية، حرب عبثية من اجل بسط النفوذ والهيمنة في المنطقة، ومواجهة مايسمى بالهلال الشيعي الروسي الصيني، اي كلا من ايران وسوريا والعراق مع القوتين الصاعدتين عالميا (روسيا والصين مع تركيا التي لازالت متأرجحة في قراراتها)

ثانيا: فشل النظام الديمقراطي المشروط، اي الذي تهيمن عليه الاحزاب والنخب السياسية القديمة او الامنية او العائلية او العسكرية

ثالثا: عجز النظام الراسمالية عن الحفاظ على الطبقة المتوسطة الدخل في المجتمع، فنظرية رأس المال تعني زيادة الارباح في قبال الخدمات والكفاءة والاداء المقدم للمواطنين، تحت حجة اننا نعيش في عصر السرعة، وهذا الامر يتطلب ان تتحول جميع الصناعات والابداعات والابتكارات والحاجات الى الظرف الاستهلاكي اليومي او المحدود وفق جدول زمني مدروس بعناية حتى لايصطدم مع فلسفة زيادة نسبة الارباح...

لقد ناضلت البشرية منذ فجر الحضارات الاولى من اجل الهدف الاسمى للحياة، وهو العيش من اجل تحقيق هدف بناء الدول والانظمة للمدن الفاضلة، اذ لايعد سرابا وحلما بعيدا عن ان تفكر البشرية بعد مرور كل هذه الازمنة والعصور بالرفاهية الانسانية، وان ترى ثمارممارسة البشرية لمختلف النشاطات الاجتماعية والسياسية والتجارية عبر تاريخها الطويل، ودخولها في مراحل وتجارب حضارية بدائية متواصل، ثم تطورت بالتدريج بعد مجيء الانبياء والرسل والمصلحين لجميع الامم والشعوب، وزيادة الوعي الانساني بالابتكار والتصنيع وتكوين الاسس الطبيعية للحياة الاجتماعية المنظمة، فقد ظهرت التشريعات والقوانين والصناعات والمدن البدائية بعد ان كانت قرى متخلفة متناحرة او متناثرة، كل هذه التحولات والمتغيرات جاءت كحصيلة فطرية لصيرورة التكوين والتكاثر والانتشار البشري عبر العالم الارضي، سرعان ماتصاعد الوعي الانساني في التفكر والتحليل والاكتشاف والابداع، حتى وصلت البشرية الى مستويات انسانية متقدمة، في الحياة المتحضرة التي سخرت كل ماتجود به الارض لخدمة الانسان ورفاهيته، وبعد ان اقتربت من حدود المدينة الفاضلة، ظهر شياطين راس المال وبرزت قوتهم وقدرتهم على التحكم بأكثر الانظمة السياسية تطورا في العالم منذ خلق البشرية، الا ان ذلك النموذج السياسي الذي اتبعته اغلب دول اوربا، فشل في زيادة نسبة الرفاهية للمجتمعات امام زيادة ثروات الاثرياء بشكل خرافي، حتى باتت ثروات احدهم قادرة ان تشتري ولايات او جزر او دول صغيرة بالكامل، هذه الحالة تمثل تراجعا كارثيا لثقافة ووعي المجتمعات الانسانية، وبالاخص انها بدات تؤمن ان الدين او الاخلاق او القيم الانسانية الموروثة ليس له اي تأثير في حياة الشعوب كتأثير رأس المال، ازدادت حالات التدني الاخلاقي الرسمي بزيادة مجالات المغامرات في اللهو واللعب الالكتروني والمراهنات، انتشرت صالات القمار في كل انحاء الحضارة الغربية، وصارت وباء خطير،

كالمخدرات المنتشرة هي ايضا بشكل مخيف بين فئة الشباب، وتعد تلك الاماكن جزء حيوي من روافد الرأسماليين المالية، ولم يعد هم النخب السياسية من كل تلك الانحرافات غير الاموال، التي تدخل خزينة الدولة من ضرائب النوادي الليلية والكازينوهات وصالات القمار، فهي تصب في مصالحهم ومصالح الوظائف المحتكرة المتوارثة لابناءهم واحفادهم، مع كل هذا تجد ان الدول الرأسمالية الكبرى لاتهتم كثيرا لانتشار الفقر والجريمة في مجتمعاتها، معتبرة ذلك تغيرا طبيعيا في سلوك المجتمعات الالكترونية، الا ان الحقيقة انهم يتعمدون زيادة نسبة التخلف والجريمة في المجتمعات لمحاربة رسالة الثقافة والوعي التي تهتم بها النخب المفكرة والاكاديمية في بلدانهم، بل قل الاهتمام ايضا بالدراسة الجامعية مع زيادة اعداد المعاهد الفنية والتقنية والتكنولوجية، وذلك لتحويل الطبقات الاجتماعية المختلفة الى طبقة مجتمع عمالي، يسهل السيطرة والتحكم به من خلال رأس المال، بينما احتكرت الشركات العملاقة وحتى المتوسطة لبعض الاختصاصات المهمة، واصبحت لديها جامعات واكاديميات ومعاهد خاصة لهذه الاختصاصات الاستراتيجية المهمة، هذه النظرية لاتتحدث ولاتقارن بين الرأسمالية والنظريات الاخرى كالاشتراكية على سبيل المثال، انما هي انطلقت من المبدا السياسي الديمقراطي الرافض لسيطرة او هيمنة راس المال على الاصوات الانتخابية، ومصادرة حقوق المواطنين بمجرد خداعهم عبر الماكنة الاعلامية التي تم الاستيلاء عليها من قبل هؤلاء الثرياء الجشعين، ومع اننا نؤمن بماطرحناه ايضا عبر نظرية تحديد الثروات للاغنياء او الاثرياء عبر تحديد نسب رسمية لزيادة الثروة نسبة للدخل العام للدولة والمواطن، بمعنى اخر ان كانت موازنة الدولة السنوية خمسين مليار دولار لايحق للاثرياء ان تزداد ثرواتهم عن عشرة مليارات اي على سبيل المثال ثروة الاثرياء لاتزيد عن ربع موازنة الدولة السنوية، اضافة الى النظر الى مستوى دخل الفرد للطبقة المتوسطة، وبالتالي ستكون هناك انظمة رقابية خاصة تراقب نسبة الارباح مقارنة بالكفاءة والخدمة والانتاج المقدم

المستهلك او المواطتين بصورة عامة، نحن ننظر بطريقة فلسفية رياضية الى مكامن الخطا الكارثي الذي بات واضحا للجميع، حول تراجع الحالة الروحية والانسانية للمجتمعات الراسمالية، فهي تعد نظام الضريبة الجهاز الامني المالي الرقابي الاول في الدولة، لكنه تجد ان عمله الدؤوب ملاحقة الفقراء وابناء الطبقة الاقتصادية المتوسطة، ولايعد غريبا ان تسمع من المواطن الغربي مرددا القول ان الاثرياء لايدفعون الضراىب مثلنا، في تعبير واقعي عن حالة عدم الرضا عن الحالة الحديدية المقيدة لحركتهم لمثل هذه الانظمة الضريبية الصارمة، التي تجعل المواطن مشدود ليل نهار لشروط المؤسسة الضريبية، يحذر من الاخطاء المقصودة وغير المقصودة، فالعقوبات الصارمة التي تجعل من صاحب الاعمال والمصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة قلقا من اية اخطاء تجعل منه مدانا لهم بكمية عرق الجبين المتساقطة فوق جسده، وهذا الاسفاف والاستخفاف بعقول الناس، وصل حد تشريع ضريبة غريبة انتشرت في مختلف دول العالم، بعد ان ابتدعها طواغيت الرأسمالية، وهي ضريبة السلع والخدمات والبضاىع، بحيث ان هناك نسب ضرائب مختلفة لكل دولة على حجم المال الذي يخسره الفقير او اصحاب الدخل المتوسط، فكلما ازدادت المشتريات بسبب عدد افراد الاسرة او العائلة تزداد نسبة الضريبة بينما من المفترض ان يحصل العكس، او مثلا انك تدفع كثيرا لخدمات البلدية والماء والكهرباء مع زيادة نسبة هذه الضريبة الغريبة، او تذهب لاصلاح عطل ما في سيارتك فتجد ان العطل لو كان كبيرا ستدفع ضريبة اكبر الخ.

لايمكن القبول بفلسفة التأويل الشيطاني لطواغيت راس المال، والاستعداد لقبوله على انه امر واقع مفروغ منه، ولايجوز تعديله او تغييره او حتى اصلاحه، فبعد الازمة العالمية التي عصفت بالطبقة المتوسطة للمجتمع الامريكي قبل عدة سنوات، بعد ان عجزالملايين عن مواصلة دفع ديون المنازل للمصارف والبنوك، اتضحت صورة الكارثة الاخرى من حياة تلك المجتمعات، فحتى ارض الوطن تم السيطرة عليها من قبل الاثرياء سابقا، ومن ثم بات سوق العقارات والاراضي حكرا عليهم، ثم قامت الحكومات والراسماليين بفتح نافذة القروض المنزلية التي ترهن حياتهم لاكثر من عقدين او ثلاثة حتى يتمكنوا من سداد تكلفة البيت المنزلي الاول، وعند اكمال سداد القرض ستجد انك دفعت لهم ضعف المبلغ الذي اقترضته منهم لشراء هذا الوطن الصغير اي المنزل الاول، مع ان هذه الفئات تبقى طيلة هذه السنين مقيدة بشروط سداد القرض مع فوائده، هو بنفس الوقت يدفع سنويا ضرائب للدولة بينما من المفترض ان عليه قرضا كبيرا يثقل كاهله امام غلاء المعيشة ومتطلبات الحياة العصرية، يعامل معاملة الاثرياء في قوانين دفع الضرائب،، صحيح ان احد مصادر دخل الدولة هي الضرائب، لكن لينظر العالم للفقراء والمشردين في الولايات المتحدة الامريكية، وحجم الاموال المصروفة في الانفاق العسكري والحروب الامبريالية الخارجية، سيجد ان الدولة ليست بحاجة لضرائب اصحاب الدخل المتوسط ان كان نظامها المالي والاجتماعي والضريبي عادلا واكثر واقعية.

تعد ثلاث ركأئز اساسية او ثوابت وطنية عليا للطبقات الفقيرة والمتوسطة عليهم المحافظة عليها واعتبرها خط احمر لايسمح بتجاوزها مهما كانت الظروف والاسباب، وهي اولا الخدمات العامة المجانية المتمثلة بالضمان الاجتماعي والصحي والتعليمي، ثانيا التوظيف الحكومي، وثالثا: توفير المساكن الشعبية ومنح قطع الاراضي المجانية او الرخيصة الثمن مع منح مالية للبناء،

ورابعا: ضمان عدم زيادة الضرائب والرسوم بشكل مضاعف او غير مقنع او مقبول، هذه الثوابت وجدناها تحصل حتى في بعض دول العالم الثالث عندما تقرر بعض الدول رفع الدعم بشكل جزئي بسيط عن عدد من المواد الغذائية (مادة الطحين) والاستهلاكية، وكذلك مختلف انواع الوقود، تخرج الجماهير معترضة على تلك الخطوات المؤثرة في ميزانيتها الشهرية...

الفكر السياسي الشامل:

لكل امة او شعب او حضارة خصوصية تاريخية وثقافية واجتماعية ودينية، بالرغم من ان عصر الحضارة الالكترونية لم يعد بحاجة الى تلك المقومات الاجتماعية المهمة، على اعتبار ان العلم والمعرفة وحاجة الناس هي من يحدد الضرورات الحياتية اليومية والمستقبلية المهمة، وبالتالي فالمجتمعات البشرية تجاوزت تلك المفاهيم والمبادئ التاريخية المتعلقة بالهويات والعادات والتقاليد والمعتقدات الكوروثة، الا اننا نؤكد ان الحضارات ليست جميعها قائمة على اسس ومبادئ متقاربة، بل هناك عدة عوامل رئيسية تلعب دورا مباشرا

في صياغة ثقافة وشخصية المجتمع والافراد، فالدين والقومية والطائفة والمبادئ الاشتراكية والرأسمالية هي التجارب المتناقضة التي عاشتها اغلب المجتمعات الانسانية، الا ان بعض الانظمة والدول العلمانية غادرت معظم تلك الازمات، وبقيت ثابتة نسبيا في اغلب دول العالم الثالث والدول النامية او الناشئة (وكذلك في روسيا والصين) ، ومع ان العلمانية غيبت تلك المفاهيم او القيم الاجتماعية

في قمة هرم السلطة او القرار السياسي الرسمي، الا انها اعطت مساحات واسعة لممارسة كل انواع المعتقدات والثقافات والفعاليات التراثية او الفلكلورية، لكننا ننظر الى تأسيس قاعدة ثقافية تراثية لاتمارس عمليات تغييب او انقطاع تاريخي شامل عن الموروث الانساني المشترك، لهذا لابد ان تحترم جميع تجارب المجتمعات وموروثها الاخلاقي، تحت مظلة غربلة التراث بطريقة علمية اخلاقية تاخذ مايفيد الحضارة الانسانية المدنية وتعديل او اصلاح مايضر بالمعنويات الشخصية للافراد والمجتمعات عموما،

نعتقد ايضا ان نظرية ديمقراطية النخب لايمكنها تجاوز الخصوصيات التراثية لاي بيئة او تجمعات سكانية، انما تمارس عملية الاحتواء الشامل وفق مبدا احترام حرية الرأي ومبادئ تكوين المجتمعات المتعددة الثقافات الحديثة، بأن تعطى مساحة دستورية كافية لجميع الاديان والاثنيات والثقافات والمعتقدات، وفق مبدا احترام وتقديس الخصوصيات الفردية او الاجتماعية،

لكنها يجب ان تعامل بنفس الطريقة التي تعاملت معها الانظمة العلمانية المتقدمة، اي انها لاتمثل الصفة او الحالة او الشكل الرسمي للقرار السياسي لنظام الدولة، تحت مبدأ فصل الدين والاثنيات والاعراق والقوميات والمعتقدات عن الدولة، ليس بطريقة الحجر او العزل او المنع، انما من باب ان القرار والنظام السياسي الاداري الرسمي ليست من صلاحياته التدخل في تلك القضايا والحاجات الاجتماعية الضرورية، فقد اشرنا الى ان هذه الجوانب تدخل في المبادئ الاساسية للدستور، من هنا تصبح جميع الحقوق والواجبات والممارسات والاراء مصانة دستوريا، فعندما اعترضنا على اداء بعض الانظمة السياسية العربية او الاسلامية التي حاربت النظام الاقتصادي الاشتراكي، منتقلة عبر فهمها الخاطئ للفقه والتشريعات بأن الراسمالية هي الاقرب لهم من المفهوم الاشتراكي،

لعدة اعتبارات ومعتقدات خاطئة اعتمدت على تأويل بعض الايات القرانية التي جعلت الرزق مقسم مسبقا من قبل الله وحده سبحانه وتعالى، بينما نحن ننظر الى ان اي تجربة انسانية متقدمة وناجحة هي النموذج الفطري الصحيح، الذي يجب ان تتبعه البشرية جميعا، فكل شيء على هذه الارض وفي الكون عموما يتحرك ويتطور ويتقدم بأرادة الله عزوجل وليست ارادة البشر او الطبيعة او اية قوى اخرى، وهذا يجعلنا امام مسؤولية النظر الى الحجة الالهية الظاهرة للانسان، على سبيل المثال ان نظام الضمان الاجتماعي والصحي والتعليمي الغربي هو المثال الواقعي الذي يرد على من يدعي ان المجتمع والدولة ليست مسؤولة مسؤولية مباشرة عن الحالة المعاشية للفرد والمجتمع ككل،

الباب الثالث: اسس تطبيق نظرية ديمقراطية النخب:

الحياة السياسية الحزبية هي عماد واساس النظام الديمقراطي الرأسمالي، حيث تتنافس بعض الاحزاب الكبيرة في الفوز بنتاىج الانتخابات ومن ثم تشكيل الحكومات، وقد تكون حكومات الحزب الواحد او عبارة عن حكومة ائتلافات حزبية، هذه الاليات الروتينية المكررة، سيطر عليها رأس المال، وتحولت بشكل مباشر الى ديمقراطية رأسمالية، تتحكم بقوة في المجتمع وارادته الفكرية والثقافية والاجتماعية، عبر تسيس الاعلام وتجييره لصالح تلك المؤسسات المالية الكبيرة، وبات الناخب لاينظر الى شيء غير الوعود الاقتصادية والتجارية ومشاريع خلق فرص العمل، مع ان كل شيء في الدولة مترابط ومتداخل، اذ لايمكن فقط النظر للدولة على انها بنك او مؤسسة رأسمالية او شركة عملاقة يعمل فيها المواطنين، بل دولة شاملة ومسؤولة اخلاقيا ودستوريا عن كل المجالات والقضايا والحاجات والضروريات الوطنية العامة، لايعامل المواطن فيها على انه مجرد مادة مرقمة الكترونيا لاحياة او روح فيها.

البحث عن نظام ديمقراطي متقدم لابد ان تفكر المجتمعات برفض النهج الحزبي او الحركي في ممارسة التجربة الديمقراطية، تحت مبدأ طرحناه سابقا في عدة مقالات دولة بلا رئيس، ليس المقصود ان لايكون هناك رئيسا مسؤول عن الادارة المباشرة للدولة او الوزارة او المؤسسات والاجهزة الحكومية الرسمية، الا اننا نؤمن بالقرار الجماعي وفق مبدأ اختيار الاراء من قبل لجان الرأي المنتخبة بعناية، وهذه الحالة اطلقنا عليه الشعب قائد الثورة الاصلاحية بدلا من الانغماس في تكرار التجارب الحزبية الرأسمالية الفاشلة، التي ظهرت بشاعتها ووحشيتها في محاربة الفقراء والطبقة المتوسطة، عبر الاستمرار بالهيمنة على مقاليد الحكم والسيطرة على مصادر الثروات والاقتصاد والتجارة ودوائر الرسوم والضرائب..

اليات تطبيق النظام الديمقراطي النخبوي:

والذي سيكون على مرحلتين كما نعتقد

المرحلة الاولى: هي المرحلة التي تسمح للكفاءات الفكرية والعلمية والبحثية والاكاديمية والقضائية والقانونية بالحصول على النسبة الذهبية من الاصوات والتي تعتمد على عدد السكان وبنسبة التمثيل الخاصة بالمقاعد البرلمانية، وتنبثق في هذه المرحلة مايسمى بالمجلس الاستشاري الدستوري بحيث يتم تعيين في كل تلك المناصب المتقدمة في الدولة منصب فخري للمستشار الدستوري، اي عندما يتفق الجميع على منهج محدد لاعادة طرح فكرة تعديل مواد الدستور او اضافة مواد اخرى كل ثلاث او اربع دورات برلمانية من اجل الاستمرار بالاستماع لصوت العقل والعلم ونتائج التجارب السابقة، فما يعاني منه على سبيل المثال الشعب الامريكي العجز الكبيرعن ايقاف جرائم استخدام السلاح الناري في قتل الابرياء عشواىيا (كظاهرة القتل في المدارس مثلا) سببه القيود المتوارثة التي تمنعهم من ايجاد اليات قانونية لتعديل الدستور، من اجل رفع مادة حيازة السلاح ومنع السماح ببيعه واقتناءه من قبل اي مواطن، في حين لو كانت هناك مادة دستورية تسمح بتشكيل مجلس دستوري اعلى يراقب عمل الدولة وفقا للدستور، ورصد او ايقاف اية مخالفات دستورية، ليس على غرار مايحصل في العراق حيث ترسل الاعتراضات الى المحاكم الاتحادية، والتي غالبا ماتأتي التفسيرات مقاربة او متوافقة لماتطرحه الكتل المعترضة، لانها لاتملك اليات تفكيك المعاني الدستورية وفقا للخبرات الاستشارية المختصة بهكذا امور وقضايا مهمة،

المرحلة الثانية: اي الدورة الانتخابية الثانية يتم اضافة النسبة الذهبية للاصوات الانتخابية للمناصب الحكومية العليا بدا من مدير عام فما فوق، اضافة الى رؤساء المؤسسات والجمعيات الاعلامية والاجتماعية والثقافية والمدنية المسجلة رسميا، كي لايشعر المواطن انه يسلم نصف القرار الانتخابي او اكثر للنخب الفوقية في المجتمع، والتي من المحتمل انها تتحول تدريجيا الى طبقات ارستقراطية او برجوازية او راسمالية صغيرة تتحكم بمصير الفقراء واحتياجاتهم، على العكس تماما ان هذا الطرح هو ياتي في سياق علمي لابعاد سلطة راس المال عن القرار السياسي واستبداله بلغة العقل والعلم والمعرفة، والتي لايمكن لها ان تكون مستبدة او منحرفة عن انسانيتها واخلاقياتها المعرفية.

نظرية تعديل الدستور

يعد امر تعديل الدستور في اغلب الديمقراطيات المتحضرة من الامور المعقدة او الشبه مغلقة بالكامل، الا ان الحضارة الانسانية اثبتت فطرة التغير والتطور والاختلاف، وهذا يحتم على الخبرات والعقليات الدستورية والمفكرين النظر كل ثلاث او اربع دورات برلمانية كما ذكرنا سابقا الى فكرة وحاجة او ضرورة تعديل الدستور، اذ لايعد مقبولا ان تصبح اراء السابقين هي المعيار والاساس الواقعي الملزم للاجيال القادمة بضرورة الاخذ والعمل به، فالعلم والمعرفة والتجارب والخبرات والكفاءات تتراكم وتتطور، وعليه لايعد الامر طبيعيا ان يتبع الاحفاد ماقرره الاجداد قبل عقود، من هنا يتم طرح فكرة التعديل وليس الالغاء، على ان يتم تغييره كل نصف قرن تقريبا، بمعنى اخر التعديل سوف لاتشمل جميع مواد الدستور انما من الممكن اضافة مادة جديدة او تعديل اخرى او حذفها، عبر الاستفتاء الشعبي العام، صحيح ان اغلب المجتمعات والشعوب ترفض المساس بالدستور خوفا من ان يخترق من قبل جماعات او احزاب او قوى سياسية متطرفة او مستبدة، الا ان الثوابت الدستورية ستبقى كما هي (الانتخابات والتصويت الحر، حرية الفكر والتعبير والرأي والمعتقد والدين، التداول السلمي للسلطة، رفض الانقلابات العسكرية، واحترام وتقديس الحقوق العامة والشخصية)

كما يجب ان لايسمح الدستور بتكرار منح المناصب السيادية العليا في الدولة لاكثر من دورتين، مع التأكيد على ان الدورة البرلمانية المخصصة بأربع سنوات تعد طويلة نسبيا في عصر السرعة الالكترونية او التكنولوجية، اذ من الممكن تحويل فترة الدورات البرلمانية او الرئاسية او الحكومية لثلاث سنوات، وبالتالي يمكن تشريع مادة دستورية لاتسمح بالبقاء في المناصب الوزارية او الرئاسات الدستورية الثلاث (السلطة التنفيذية والبرلمانية والقضائية) السفارات والقنصليات لاكثر من ثلاث دورات انتخابية (اي يصبح تسع سنوات بدلا من ثمانية) ، بغية اعطاء الفرصة للشعب من اجل التفاعل مع السلطات الدستورية، والمساهمة في الاصلاح سريعا بدلا من حالة الخدر والياس الذي يصيب المجتمعات احيانا لطول فترة الحكم (اربع سنوات)، الغاية من تلك الاليات العلمية والنفسية في تبادل وتداول المناصب بين النخب والكفاءات العلمية والادارية في مؤسسات الدولة كافة، هي لتحريك المجتمع وجعله عنصر فعال في صناعة القرار

الحكومي، على ان يتم استيعاب كل الطاقات والخبرات السابقة في مراكز الاستشارة والبحوث الحكومية والمدنية، فقد تقدمت الحضارة الغربية عبر مراكز البحوث والاستشارة الاستراتيجية وماطرحه الفلاسفة والمفكرين والمبدعين عبر قرون، ففي كل وزارة او سفارة اومؤسسة حكومية عليا لابد ان يخصص مكتب استشاري حكومي اعلى، يمكن ان يشغله اي موظف حكومي لازال داخل الخدمة او ممن احيل على التقاعد بضمان تعيينه بعقد رسمي لكنه شرفي (اي من الممكن ان يكون مجاني وليس مقابل المال خدمة للصالح الوطني العام) الخ.

هناك حاجة الى ادخال سلطة الشعب الى السلطات الدستورية الثلاث لمتابعة اي حالات خرق تحصل من قبل السلطات الدستورية الثلاث للدستور نفسه، بأن تضاف مادة ستورية تجعل من حق نسبة معينة من المواطنين بالتقدم بشكوى رسمية ضد الحكومة في اي محكمة من محاكم الدولة (كان يكون الف او خمسة الاف مواطن) ، تحت دعوى او شكوى او الاتهام بوجود خرق دستوري من قبل الحكومة، تتحمل الدولة تكاليف تلك الدعاوى ان قبلت او اقرت المحاكم بشرعية الشكوى او الطعن الشعبي العام بالحكومة، بغية اسقاط الشرعية عنها وتحويلها لحكومة تصريف اعمال، والدعوة لاجراء انتخابات مبكرة، هكذا يمكن ضمان ان يكون الشعب والقضاء الرقيب الرسمي المباشر على النظام السياسي الديمقراطي الرسمي، والا يمكن لاي برلمان ان يتفق اعضاءه على مصادرة حقوق السشعب، والعمل على تقاسم الثروات والوظاىف والاموال فيما بينهم، اذ لايمكن اعتبار ان الرادع او الوازع الاخلاقي او الشرعي هو القوة الملزمة لهذه الطبقة الحاكمة ان تكون حكومات وسلطات دستورية نزيهة، غير سلطة القضاء والشعب، ولماذا نضع الشعب شريك للقضاء في متابعة تطبيق الدستور من قبل النظام السياسي، لاننا وجدنا حالات كثيرة يتم فيها ادخال السلطة القضائية كطرف محايد او فاسد في عملية التقاسم والمحاصصة، من هنا اعتبرنا ان سلطة الشعب هي المسؤول والرقيب الاول والاخير على مجمل العملية الدستورية في البلاد ....

التطبيق النسبي للديمقراطية النخبوية

ان الاساس الذي اعتمد في طرح تلك النظرية السياسية الحديثة، هو فشل النظام الديمقراطي الرأسمالي في حماية الطبقات المتوسطة والفقيرة والنخب والكفاءات، مما جعل هناك حاجة وضرورة ملحة لطرح البدائل العقلانية العلمية، وذلك عن طريق احتساب النسب المتفاوتة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، كالطبقات المثقفة والاكاديمية (التي باتت تشكل نسبة كبيرة من الطبقة المتوسطة) وبقية طبقات الشعب العامة، بحيث تصبح اما نسبة الثلث الى بقية طبقات المجتمع او مناصفة، وتكون على سبيل المثال لا الحصر

وفقا للتقسيم او الجدول الاتي:

{في البدء وقبل ان نطرح مسألة الترتيب النخبوي لاصوات الناخبين، نود ان نركز على ان الاستخدام الامثل لهذه النظرية ليست الغاية منها خلق طبقات اجتماعية متسلطة او فوقية، انما جعل مهمة بناء الدولة ووضع اسس التطورات التنموية والبرامج المستقبلية على عاتق علماء ومفكري ونخب المجتمع او الدولة، وبالتالي تختفي اية مخاوف من ان يتم تجاهل وتهميش او اضطهاد الطبقات الفقيرة او العاملة في المجتمع، بل ان هذه النظرية هي تقدم حلولا جوهرية للتفاوت الطبقي بين الاثرياء او الراسماليين وبقية طبقات المجتمع، لهذا نود ان نطرح تلك النظرية وفق ثوابت دستورية وحكومية ثابتة لايمكن تغييرها مطلقا وهي مجانية التعليم والصحة مع وجود مؤسسات الضمان الاجتماعي وحماية الطفولة وتوفير السكن الحكومي او قطعة ارض مجانية للفقراء والطبقة المتوسطة، اضافة الى دعم بعض المواد والاحتياجات الاستهلاكية الضرورية}

اولا: تحسب اصوات الناخب الاكاديمي من حملة الشهادات العليا البروفسور والدكتوراه والماجستير ورؤساء الاحزاب والكتل السياسية والجمعيات والمؤسسات المدنية والصحفية والثقافية والاعلامية المسجلة رسميا (من حملة الشهادات العليا) وفق نسبة الاصوات الذهبية كأن تكون القائمة التي يتم التصويت فيها بلون وبهيئة خاصة او عبر اعتماد التصويت الالكتروني الحصري لهم او العام، ويكون الصوت بمعدل سبعة (اكثر او اقل تعتمد على النسب السكانية ونسبة النخب المثقفة والاكاديمية فيه) اصوات الناخبيين الاخرين من الطبقة العاملة او الامية، وبعد اتمام المرحلة الاولى من التطبيق الناجح لهذا النظام، يتم الاضافة تلقائيا لبقية المناصب المهمة، اي مدير عام فما فوق في المرحلة الثانية للقائمة الذهبية، على اعتبار ان المرحلة الاولى هي ستكون بمثابة معيار تقييم واختبار نجاح الحكومة النخبوية، التي يمكنها ان تستمر بتطوير هذا النموذج الديمقراطي المتقدم وعليه يمكن ان تختار لتلك المناصب شخصيات وطنية من اهل الخبرة والكفاءة والنزاهة، قد يطرح تساؤل حول امكانية استغلال تلك المناصب بشكل دوري بغية اضافة العديد من الاصوات الانتخابية الى القائمة الذهبية، نعتقد ان الاساس هو احترام تلك المراكز والمواقع الادارية والحكومية المهمة، ولكن يمكن ان تقيد بشروط خاصة، تمنع التلاعب بتلك المناصب، بحيث تكون لمن مضى عليه في منصبه اكثر من دورتين او ثلاث دورات برلمانية او ادارية حكومية او مدنية...

ثانيا: تحسب نسب الاصوات في القائمة الفضية بنسبة ثلاث اصوات للشخص الواحد لمن يحمل شهادة البكلوريوس والدبلوم وشهادات الاعدادية او مايعادلها

ثالثا: صوت واحد لكل ناخب من بقية مكونات وطبقات المجتمع (العمال والفلاحين ومن لايقرأ ولايكتب ) .

الممارسة الديمقراطية في الشارع

تعد تجربة تخصيص ساحات عامة

مفتوحة في مراكز المدن والمحافظات للممارسة الديمقراطية العلنية المباشرة، كالحالة المعروفة منذ عقود في ساحة الهايد بارك في لندن، هي المجال المناسب لحث المثقفين من الادباء والفنانين والاعلاميين والمواطنين عموما للمشاركة الفعالة في توعية الشارع، واضافة عرف ديمقراطي عام لاي تجربة سياسية حديثة في البلدان التي تعرضت لحقب استبدادية وانظمة شمولية دموية مظلمة، كان يكون على سبيل المثال لا الحصر يوم الجمعة يوم الوعي والثقافة والفن والسياسة والاحتجاج والنقد البناء في المجتمع، كما تخصص ايضا مساحات ثقافية توعوية في المدارس والمعاهد والجامعات لطرح الاراء والمشاكل والقضايا الوطنية العامة، واعتماد اسس جديدة في سماع رأي الشارع، وقبول او التجاوب مع بعض مايطرح من قبل جميع فئات الشعب على اعتبار انهم ادرى بشعاب مدنهم ومشاكلهم واحتياجاتهم، اذ ليس من المعقول ان تكون الديمقراطية عبارة عن نظام روتيني جامد، لايجوز ان تتحرك فيه ومن خلاله العقول الواعية بحرية بغية اصلاحه او تحريك مواده والياته الراكدة، اغلب شعوب العالم تعاني من حالات تراجع كبيرة في المسار الديمقراطي الحاضاري لبلدانهم ومؤسساتهم الحكومية، وهناك عزوف واضح عن المشاركة في تلك الممارسات كالانتخابات، وانتشار ثقافة الاحباط وانعدام الثقة بين المواطن والنظام الديمقراطي، الذي بدى عاجزا عن ايقاف عجلات الجشع والاستحواذ البشع للرأسمالية الرسمية على ثرواتهم ومؤسسات بلدانهم المالية والتجارية العابرة فوق حقوقهم ومبدأ التكافل الاجتماعي وعدالة توزيع فرص العمل والوظاىف المهمة بحيادية...

قوة الشعب الثورية

من المعروف او المشهور في الاوساط الاجتماعية قول ان الشعب او الفقراء هم وقود الثورات، وذلك لانها قوة عظيمة لكنها مشتتة وغيرمنظمة، ولاتملك قوة تنظيم الاحزاب او الحركات السياسية او الفكرية، انما هي عادة ماتكون قوة كامنة لاتنطلق او تندفع الى الشارع الا بعد ان تصل الى مرحلة الانفجار النفسي والمادي الداخلي، اي بعد ان يشعر المواطن بضنك العيش وصعوبة ايجاد قوت يومه، اضافة الى زيادة حالة الظلم الرسمي والتفاوت الطبقي الذي يشعر به بشكل متدرج، لهذا نحن نود ان نطرح او نناقش الاليات التي تساعد الشعب من ايجاد قوة داخلية تسبق الانفجار الثوري، تجعل من قوته الهائلة سببا لاعادة البناء والاعمار وتوزيع الثروات بطريقة عادلة بين الجميع، بدلا من ان تصبح قوة تدمير واشاعة للفوضى، بحيث تكون هناك خطوط حمراء، هي تعد بمثابة الحد الفاصل بين مهادنة السلطات الرسمية وغض الطرف عن التجاوزات والاخفاقات و، وبين ضرورة النزول للشارع من اجل ازالة الفساد والفشل والانتهاك الحكومي للدستور والشعب، وهذه العملية لابد ان تكون فيها ثوابت اخلاقية وشرعية ووطنية، اذ يعد اختراق الدستور سببا كافيا للخروج الى الميادين العامة للاعتصام والثورة، فمع المحرمات الثلاث التي يجب ان لايتم التجاوز عليها، مجانية التعليم والصحة والخدمات الحكومية العامة والحريات الشخصية، يأتي الدستور ليكون الغطاء الشرعي الذي يتحرك من خلاله الشعب لايقاف مهازل التجاوزات والاختراقات والتلاعبات بمصير الوطن والمواطن، فهي خط احمر للامن القومي والوطني والاجتماعي، اي عندما يحترم الدستور اي المرجع القانوني الوحيد لعمل الدولة والشعب، يحصل اطمئنان شعبي عام بأن ديمقراطية النخب لايمكنها ان تتحول بالتدريج الى نموذج دكتاتوري متطور (دكتاتورية النخبة) ،

فلابد ان يحترم الدستور على انه الكتاب المقدس الارضي، هو المرجع الوطني الذي يصون ويحمي الممتلكات والثروات والعائدات والاموال والارواح والانفس والحقوق العامة والحياة الخاصة للافراد الخ.

متى ماشعر المواطنين ان تحديد نقطة الصفر في ساعة انطلاق الثورة اصبحت شبه موحدة لجميع المدن والمحافظات والاقضة والنواحي، اي جميع ابناء الوطن دون استثناء، عليه ان يتحرك سلميا لانهاء الفوضى والتخريب المتعمد للدولة ومؤسساتها وهيئاتها المسنتقلة، على ان يعطي الجميع ووفقا للدستور احقية التحرك الاولي للسلطة القضائية بالتعاون مع الشعب في حال ثبت وجود شبه تجاوز او خرق دستوري كبير، بأن يطلب مجموعة من القضاة او اي قاض لوحده من المحاكم الاتحادية او الدستورية العليا بالنظر في بالطعون المقدمة من قبل الشعب او مجموعة مواطنين (يمكن تحديد اعداد المواطنين الذين يجبرون القضاء على فتح تحقيق عالي المستوى بالنظر في دعوى الخرق الدستوري كأن يكون الف مواطن او خمسة الاف الخ.)

بوجود خرق دستوري من قبل الحكومة او اي مسؤول اخر بما فيه رئيس الجمهورية، من هنا نقول ان الاعداد للمرحلة الديمقراطية النخبوية تحتاج الى عدة مراحل ومقدمات دستورية، اذ ان الاعتماد على قوة النخبة المستقلة المنتخبة من الشعب والفاعلة في المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني يمكن ان تشكل صمان امان مع السلطة القضائية لحماية الدستور من التجاوزات الحكومية، ولضمان حيادية الحكومة والسلطات الدستورية وبقاء اداء المسؤولين فيها خاضعا لسلطة نخب الشعب، ومؤسسات مراقبة نزاهة موظفي الدولة، تجربة العراق بحق تعد مثال لاية دولة يراد لها ان تقوم بأصلاحات جذرية للنظام الديمقراطي المتعثر فيها، اذ لم يعد ممكنا البقاء داخل حدود الديمقراطية الراسمالية المتراجعة كثيرا امام التطور التكنولوجي والثقافي والانساني العالمي، ثم ان الامم والشعوب بحاجة كل عدة عقود الى عملية مراجعة شاملة للاوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية العامة، وكأنها مران فكري مفتوح لحماية المنجزات الانسانية، العلمية والثقافية والابداعية، والتمييز بينها وبين الجوانب السلبية التي ترافق عمليات التغيير الاجتماعي المتسارع .

لايمكن ان يبقى مفاهيم وادوات الثورة والاصلاح مغلقة على حث عوام الشعب للقيام بها، انما يمكن ان تكون اداة نخبوية للثورة السلمية من اجل التغيير واحداث طفرة نوعية في الاداء السياسي الديمقراطي...

 

مهدي الصافي

 

 

في المثقف اليوم