قضايا

التوتاليتارية والاستبداد في العراق (18)

ميثم الجنابيالمحور الرابع: الأسس الاجتماعية والسياسية للظاهرة الصدامية (7)

• تعتبر الدولة العراقية الحديثة وليدة الإرث الكولونيالي. ثم جاءت دولة الاستقلال التي ورثت هذا التكوين السياسي. هل يمكننا القول أن الظاهرة الصدامية هي الوريث الشرعي لتاريخ الدولة المركزية العراقية؟

إن الدولة العراقية ليست وريثة الإرث الكولونيالي. إذ لا ارث كولونيالي في العراق باستثناء حدوده الجغرافية الحالية. وهي حدوده الذاتية القديمة (العثمانية) أي العربية والعراقية القديمة (البصرة وبغداد والموصل). بعبارة أخرى، إن بريطانيا لم تبعث أو تخطط للعراق الحالي، بقدر ما أنها اقتطعته كما هو من خارطة السلطنة العثمانية. وبالتالي فإن ظهوره الحالي هو نتاج تاريخه الذاتي ومساعيه الخاصة.

أما ما يسمى بدولة الاستقلال، فإنها مجرد صيغة قيميية أيديولوجية. إذ لا اعتقد أن العراق "الصدامي" أكثر استقلالا وحرية وإخلاصا للعراق من أتعس مراحل العهد الملكي. وفيما لو أهملنا هذه المقارنات ووضعنا القضية ضمن سياق التاريخ الفعلي، فإن مما لا شك فيه هو أن تاريخ العراق الحديث تاريخ واحد، لكنه متقطع من حيث بنية نظامه السياسي. ومن الناحية السياسية الشكلية ينبغي تقسيمه ليس على أساس "الخضوع" و"الاستقلال" بل على أساس طبيعة النظام السياسي، أي الملكية والجمهورية. فالعهد الملكي واحد، أما العهد الجمهوري فانه يحتوي على أربع مراحل أو أربع جمهوريات هي على التوالي جمهورية عام 1958 وجمهورية 1963 وجمهورية 1968 وجمهورية 2003.

والجمهوري الصدامي أطولها وأشقها وأتعسها وأرذلها. انه التعبير الخالص عن سيادة الرذيلة السياسية لراديكالية الأحزاب الهامشية والحثالة الاجتماعية. الأمر الذي يعطي لنا إمكانية القول، بأن الصدامية ليست وريثا شرعيا لشيء! بقدر ما هي المغامر وغير الشرعي بالنسبة لكل شيء فيه، وبالأخص على تاريخ العراق وفكرة مركزية الدولة.

إن فكرة الدولة المركزية ومركزية الدولة شرط ضروري للحداثة وإقرار القانون والتطور الديناميكي للدولة والمجتمع في كافة الميادين. وما زال العراق يعاني من ضعف شديد في إرساء أسس الدولة المركزية ومركزية الدولة. فالسائد فيه في المرحلة الجمهورية هو مركزية السلطة وليس الدولة. وهو اختلاف كبير وجوهري ومنظومي. إن العراق بحاجة إلى مركزية دولة من طراز جديد مبني على أسس الشرعية والقانون واحترام حقوق الإنسان الشاملة، أي انه بحاجة إلى منظومة عقلانية وواقعية ومرنة لمركزية الدولة والدولة المركزية. وبدونها لا يمكنه إرساء أسس الاستقرار الديناميكي والتطور المستديم.

• الم تكن الصدامية من حيث كونها ظاهرة سياسية ضحية للرؤية الطوباوية للتاريخ، بمعنى إنها نتاج التناقض الفعلي ببن دولة تغذيها أيديولوجية قومية، وذاكرة خيالية، ومأزومة، وهامشية في النظام العالمي؟

الصدامية ليست ضحية بأي شكل كان من الأشكال! نعم إنها النتاج المشوه للانحراف الراديكالي عن مجرى التاريخ الطبيعي لتطور الدولة والأمة. فتجارب الأمم الناجحة في اليابان عند بدء تطورها الطبيعي وتراكمها القومي لم تكن أفضل من مصر زمن محمد علي باشا. على العكس! لقد كانت مصر أكثر تطورا من اليابان بكثير. والعراق كان أكثر تطورا ويمتلك احتياطي بشري وعلمي واقتصادي وثروات طبيعية أكثر بكثير من كوريا الجنوبية في منتصف خمسينيات القرن العشرين. والمقارنة نفسها يمكن إطلاقها على ما يسمى بالنمور الآسيوية والهند والصين أيضا.

إن المشكلة ليست في الفكرة القومية وتغذيتها للدولة! كما أنها ليست في الذاكرة الخيالية، وذلك لأن الصدامية بلا ذاكرة ولا خيال! إن المشكلة في طبيعة الأزمة البنيوية التي تفجرت في العراق من خلال تضافر أزمة الدولة والنظام السياسي والمجتمع والثقافة بعد انقلاب الرابع عشر من تموز عام 1958. فقد كانت الصدامية إحدى نتائج ومظاهر هذه الأزمة. كما أنها الصيغة الأكثر تخلفا وانحطاطا لها. وإن احد مظاهر هذه الأزمة المريعة بالنسبة للتطور التاريخي للدولة تقوم في تمهيدها وشرعنتها لفكرة المغامرة. فالصدامية احد نماذج المغامرة الخطرة للهامشية والحثالة. فقد كانت الصدامية وقبلها البعثية وقبلها انقلاب الرابع عشر من تموز هي الحلقات التي صنعت سلسلة الهامشية. بعبارة أخرى، إن الصدامية والبعثية هي التي أدت إلى تهميش الدولة العراقية بكافة المقاييس. بينما كان العراق من حيث ممهدات صعوده الحديث وتاريخه الكامن في حال توظيفه العقلاني والواقعي الأكثر استعداد للدخول في عالم الحداثة وتجاوزها صوب تكامله الاجتماعي والوطني والقومي. ومن ثم الدخول المؤثر على النطاق العالمي من خلال المساهمة في حل إشكالاته العديدة والعالقة.

• فشل مشروع الحداثة في العراق منذ الخمسينيات أدى إلى ظهور التسلط الإرادي الخالص كما نراه في الصدامية بوصفها ظاهرة لازمت حالة الصيرورة التاريخية للمجتمع العراقي. كيف يمكننا تفسير سر العلاقة القائمة بين فشل مشروع الحداثة ونمو الدولة التوتاليتارية البعثية الصدامية؟

لقد أشرت مرارا إلى أن فشل مشروع الحداثة في العراق كان مرتبطا بصعود الراديكالية السياسية والحثالة الاجتماعية والهامشية. والحداثة كما هو معلوم ليس واقعا معطى ومرحلة زمنية بقدر ما هي منظومة من المفاهيم والمبادئ والقيم المتعلقة بكيفية بناء الدولة والمجتمع والقومية والثقافة. وهو مشروع مرتبط بكيفية إيجاد النسبة العقلانية والواقعية والديناميكية بين الدولة الحديثة والوحدة القومية. وهو المشروع الذي اخذ بالتراكم المعقول في المرحلة الملكية. غير أن انقلاب الرابع عشر من تموز قد قطع مساره الطبيعي من خلال إبراز أولوية وجوهرية السلطة وفكرة الإرادة الحزبية.

إن حصيلة المعطيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية للعراق قبل الرابع عشر من تموز عام 1958 تشير إلى ظاهرة التراكم الطبيعي المتصاعد. كما أنها تشير إلى وجود رؤية مستقبلية وآفاق واقعية جيدة. إذ كانت تحتوي على خطط مستقبلية كبرى ورؤية إستراتيجية فيما يتعلق بالتطور الذاتي استنادا إلى تنشيط القوى الاجتماعية والاقتصادية المنتجة إضافة إلى محاولة تفعيل دور العراق الإقليمي ضمن منظومة مصالح جديدة (حلف بغداد). بينما ألغى انقلاب الرابع عشر من تموز هذا المسار الطبيعي. ومعه انفرطت حلقات السلسلة الأولية للحداثة الفعلية بوصفها منظومة.

لقد كان مشروع الحداثة في العهد الملكي يعاني من نقص تاريخي وليس جوهري. على عكس ما سيحدث لاحقا في المرحلة الجمهورية. إذ اخذ يعاني من خلل جوهري، وذلك بسبب نفسية وذهنية القطيعة الراديكالية الفجة التي ميزت مرحلة الانتقال من الملكية إلى الجمهورية. وذلك لأن نفسية وذهنية الانقلاب وفكرة الثورة جعلت من القطيعة مع التاريخ الواقعي باسم قيم سياسية مجردة وأوهام أيديولوجية شعارها الأكبر. وليس مصادفة أن تصبح الشيوعية والبعثية قطبا الخراب الفعلي لفكرة الحداثة. فقد كان التنافس بينهما يقوم في وضع كل شيء في مزاد الغلو الأيديولوجي. بينما شكلت فكرة الإرادة الثورية، أي المتحررة من كل قيود علمية، مصدر التسلط. مما أدى إلى أن تصبح قوة ما فوق الواقع والاحتياط التاريخي للمجتمع وشروط وجوده الفعلي وقدراته الحقيقية والقانون والقيم الأخلاقية.

إن المفارقة الجديد للعهد الجمهوري تقوم في أن الجميع كانت تناضل من اجل الدكتاتورية! وهو الشرط الخفي والمجهول حتى بالنسبة لأصحابه في إفشال مشروع الحداثة. وذلك لأن التسلط يستمد مقوماته من فكرة أيديولوجية صرف. الشيوعيون يطالبون بدكتاتورية البروليتاريا! والبعثيون يطالبون بدكتاتورية حزب البعث، والإسلاميون يطالبون بدكتاتورية الشريعة والدين! بمعنى أن الجميع تعيش وتنتعش على فكرة التسلط ومركزية السلطة. وهو شيء يعادل نفي وإلغاء القانون والحرية والعقلانية. بينما هي الأسس الكبرى والضرورية للحداثة. وبما أن القوى الحزبية "الكبرى" (الشيوعية والبعثية) تتميز بنزوع توتاليتاري من هنا فشل مشروع الحداثة. فالحداثة غير معقولة بدون منظومة الفكرة الليبرالية، أي فكرة الحرية والنظام ومنظومة قيم النشاط الاقتصادي الحر والعقلانية السياسية والاجتماعية. في حين تتعارض هذه المفاهيم والقيم مع تصورات وأحكام الأيديولوجيات الشيوعية والبعثية في عراق الخمسينيات ولحد الآن. لكنها ساهمت آنذاك بصورة حاسمة في إرساء أسس الدكتاتورية أولا والتوتاليتارية لاحقا. أما خصوصية التوتاليتارية البعثية الصدامية، فإنها تقوم في جمعها بين نزوع توتاليتاري ودكتاتوري مغذي ومحكوم بنفسية وذهنية الأقلية والجهوية والطائفية والهامشية والحثالة. وهذه كلها لا يمكنها أن تصنع حداثة. بل إنها كلها لا تعمل إلا على قتل كل جنين من أجنة الحداثة الممكنة. مع أن الحداثة منظومة.

• اعتمد البعث العراقي على "تبعيث" المؤسسات الاجتماعية وعسكرة المجتمع. بحيث قام جوهر النظام البعثي على إستراتيجية محددة هو بناء المجتمع المعسكر والتحكم به من خلال مختلف الخطط والمشاريع والقوانين والأحكام. هل كان تكريس التربية العسكرية داخل المجتمع جزء من الأيديولوجية الفاشية؟

لا تستطيع الأيديولوجية العيش دون تجييش العقل وعسكرة النفس الغضبية. وبدونها تضمحل وتتلاشى كما لو أنها غبار الزمن! والأيديولوجية التوتاليتارية تعادل عسكرة الوعي والنفس الاجتماعية. ويرتبط ذلك أولا وقبل كل شيء بفكرة النظام وأولويتها في الأيديولوجية التوتاليتارية. فالتوتاليتارية واحدية. ومن ثم فإنها لا تعترف، بل تلغي وتنفي بقوة وحزم كل ثنائيات الوجود، بوصفها "تناقضات سخيفة" لا معنى لها ولا اثر. من هنا واحدية النظام بوصفها حرية، وعسكرة الجميع باعتبارها انضباطا وما شابه ذلك. باختصار إنها تريد وتسعى لإرساء أسس الوحدة في كل شيء وعلى كل مستوى وفي جميع الميادين. وعادة ما يتخذ هذا الفعل في جميع التوتاليتاريات بلا استثناء هيئة إخطبوط السيطرة التامة. حيث يبدأ بالجسد لينتهي بالروح. وذلك لأنه لا يقر بثنائية الروح والجسد. من هنا عمل التوتاليتارية الدائب من اجل تذليل هذه الثنائية وصنع الوحدة فيها من خلال تحييد العقل (لنقدي) وتمويت الضمير الفردي. وليس هناك من أسلوب امثل لتجسيد هذه الغاية أكثر من العسكرة. إذ يجري من خلالها عسكرة الجسد عبر تحويله إلى آلة متحركة بصورة ميكانيكية. واستكمالها بعسكرة الوعي (عبر الأيديولوجية وغسل الأدمغة بمساحيق القمع والإكراه). وتحويلها إلى "عبادة" الفرد.

واتخذت هذه العملية في العراق احد أتعس وأبشع الأشكال والممارسات والنماذج. وذلك لأن البعث فيه كان أيديولوجية مبتسرة، وحزبية ضيقة من حيث أسسها الاجتماعية والفكرية والروحية. وليس مصادفة أن تصبح الحزبية الضيقة والمغامرة السياسية للحثالة الاجتماعية أسلوب البعث وصفته الأساسية. وهو السبب القائم وراء سعيه الأيديولوجي والعملي الحثيث للعسكرة المتحزبة. إذ فيها تنعكس أولا وقبل كل شيء محاولات التعويض عن هذا النقص الجوهري لفكرة وأيديولوجية البعث وأسسه الاجتماعية.

لقد كانت العسكرة مجرد أسلوب السيطرة وليس أسلوب التكامل القومي بمعايير البدائل الكبرى كما هو الحال بالنسبة للتوتاليتاريات الكلاسيكية. فالبعث (الصدامي) كان نتاج المغامرة والمؤامرة الحزبية للحثالة الاجتماعية المتربية بتقاليد الراديكالية السياسية. من هنا تحول التوتاليتارية إلى غلاف ضروري لاستكمال واستحكام دكتاتورية الأقلية والجهوية والطائفية والفئوية. وليس هناك من سبيل أكثر إحكاما لبلوغ هذه الغاية من العسكرة. حيث ابتدأ حزب البعث بفكرة "التبعيث"، أي إجبار الجميع على اعتناق فكرته. وهذا شيء يعادل قتل العقل الحر وحرية الاختيار والإرادة الإنسانية وقيمة الضمير. مع ما ترتب عليه بالضرورة من تجييش العقل. واستتبع ذلك بالضرورة عسكرة الجسد عبر تشكيل جيوش (عامة وخاصة ومختلف أصناف الجيوش). بحيث لم تترك فئة اجتماعية دون أن يجري إدراجها وإجبارها على الانخراط في تشكيلة عسكرية مهمتها الأولى والأخيرة إشراك الجميع في حركة لا معنى وقيمة لها باستثناء الهاء العقل والضمير عبر إرهاقهما الدائم وإشغالهما في كل ما لا علاقة له بالسلطة والدولة والمجتمع.

بعبارة أخرى، إن مهمة التبعيث والعسكرة تقوم في إلغاء الضمير الفردي والعقل النقدي والحرية عن المشاركة في إدارة شئون الدولة والمجتمع. وقد كشف الاحتلال الأمريكي للعراق عن أن هذه الجيوش العديدة والهائلة لا قيمة لها ولا معنى ولا اثر في الحرب! جيش هائل لا يحارب، بل يأكل ويشرب وينام. واستعداده الوحيد هو الهرب في المعركة!!

• استطاع النظام الصدامي أن يسيطر على الإدارات العسكرية ويخضعها لحكم المجموعات القبلية وتحت ظل أيديولوجية قومية في إعادة إنتاج الدولة التوتاليتارية في العراق وتحولهم إلى الطبقة – القبلية. ما مدى صحة هذه الفرضية؟

إن إحدى الصفات الجوهرية للصدامية التي طبعت بنفس القدر خصوصيتها في السيطرة هو خضوعها نفسها لهاجس الأمن. من هنا سيادة مبدأ القوة والعنف والبطش، بوصفه التعبير المناسب عن خلل الرؤية والكينونة الاجتماعية للصدامية. إذ ليست الصدامية في الواقع سوى التعبير الأشد غلوا عن نفسية وذهنية الأقلية والجهوية والطائفية المسبوكة بمقومات الحثالة الاجتماعية والراديكالية الحزبية السياسية. بمعنى أنها نتاج أشد العناصر تخلفا وانحطاطا وتخريبا لواقع العراق آنذاك.

إن الصدامية هي التعبير النموذجي والتام عن كل البنية التقليدية والبدائية للمجتمع العراقي في مراحل صعوده. فقد كانت تحتوي في ذاتها على إفرازات تحلل البنية التقليدية التي وصلت إلى السلطة عبر المغامرة الحزبية التي فتح انقلاب الرابع عشر من تموز عام 1958 الطريق أمامها. وهو أمر جلي من خلال استحكام السيطرة الجهوية والفئوية التي لازمت تثبيت الحكم الدكتاتوري، كما نراه على سبيل المثال في عسكرة المناطق التقليدية المحكومة بتكريت. لقد تحول لقب التكريتي إلى هوية قائدة وسائدة محكومة ومتحكمة بالسلطة والقوة، أي رمي القانون والشرعية في المزبلة. وليس مصادفة أن يتحول كل ما لا يدخل ضمن هذه الصيغة إلى مزبلة. بحيث تحول العراق إلى مزبلة فعلية. وهي الصيغة النموذجية لنفسية وذهنية الأقلية الجهوية الفئوية الطائفية التي لا تعترف بفكرة الوطن والمجتمع والدولة والقانون. وهذه بدورها ليست إلا بقايا القبلية أو أنها القبلية بأشد أشكالها صعودا في "الدولة الحديثة"! وليس مصادفة أن يدمر ويقتل صدام بصورة تدريجية تاريخ الجيش الوطني العراقي ويدمر بصورة شبه تامة روح الاحتراف العسكري الوطني فيه وأخلاقه الخاصة. بمعنى أنه قطع تراكم هذه المكونات الضرورية للدولة الحديثة والفكرة الوطنية والقومية.

لقد جرى تثبيت دكتاتورية الجهة والفئة والطائفة عبر العائلة والقبيلة. مما أدى إلى صنع سبيكة يمكن أن نطلق عليها عبارة الطبقة القبلية! وهو "انجاز" صدامي متميز يمزج بين نظام الطبقات الهندوسي والماركسي والنازي، أي خليط ليس له مثيل في التاريخ القديم والحديث! وقد أشرت في أكثر من موضع إلى أن خصوصية التوتاليتارية في العراق تقوم في أنها كانت مجرد استكمال لاستحكام الدكتاتورية الصدامية، وليس بالعكس. فتاريخ التوتاليتاريات "الكلاسيكية" يكشف عن أنها تؤدي بالضروري إلى الدكتاتورية، أما في العراق فقد جرى العكس، أي أن الدكتاتورية هي التي أدت إلى التوتاليتارية. من هنا طابعها المشوه والمدمر بالنسبة للنظام السياسي والدولة والقومية.

***

 

ميثم الجنابي

 

في المثقف اليوم