قضايا

التوتاليتارية والاستبداد في العراق (الحلقة الاخيرة)

ميثم الجنابيالمحور السادس: الشخصية التوتاليتارية وظاهرة القادة والجماهير (5)

• عادة ما تستعمل مقولة "التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية" في مختلف كتاباتك وبحوثك كيف يمكننا قراءة هذه المقولة المركبة؟

إن الصدامية دكتاتورية وليست توتاليتارية. بمعنى إنها لم تؤسس لمنظومتها الأيديولوجية التوتاليتارية الخاصة. لكنها طوّعت الكمون التوتاليتاري في الفكرة البعثية. فالعقيدة البعثية هي عقيدة البدائل القومية الكبرى (الأيديولوجية) وليست الفلسفية. أما الصدامية فإنها النموذج الكلاسيكي للحثالة الاجتماعية والهامشية الثقافية المعجونة براديكالية الانحطاط السياسي.

وقد أشرت مرارا إلى أن استتباب الصدامية بوصفها دكتاتورية حزبية فردية عائلية قبلية جهوية فئوية طائفية قد أغراها بتنظيم مستوى السيطرة بحيث بلغ أيضا باطن الفرد والمجتمع، أي السيطرة على الروح والجسد بعد أن جرى مصادرة الدولة والثروة والقضاء على كل معارضة أيا كان شكلها وحجمها ومستواها ونوعيتها. من هنا تطويع الأيديولوجية البعثية بالشكل الذي جعل منها فكرة توتاليتارية بحتة مع أن أصولها وغايتها مرتبطة بتأسيس الفكرة القومية الحديثة.

بعبارة أخرى، إن التوتاليتارية البعثية لا تعني الأيديولوجية البعثية، مع أن هناك ترابط جلي وعضوي لحد ما بينهما. أما التغيرات التي طرأت على الأيديولوجية البعثية فإنها لم تمس جوهرها، بقدر ما كانت تمس كيفية توظيفها في إرساء أسس الدكتاتورية الصدامية. ذلك يعني أن هذه التحولات هي مجرد مظاهر أو حلقات أو أجزاء من صيرورة السلطة الدكتاتورية الصدامية، بوصفها سلطة الحثالة والهامشية والمغامرة والمقامرة. وهنا يكمن سبب القوة الفاعلة في هذا التغير والتبدل.

لقد صنعت الصدامية دكتاتورية جرى تغليفها أو إلباس لباس التوتاليتارية عليها أو تطويع التوتاليتارية لخدمة دكتاتورية العائلة والقبيلة والجهة والفئة والطائفة. من هنا اختلافها الكبير والجوهري عن التوتاليتاريات الكلاسيكية. إنها توتاليتارية الحثالة الاجتماعية والهامشية الثقافية المتربية في تقاليد المؤامرة والمغامرة للراديكالية السياسية (البعثية).

• "الراديكالية السياسية" احد المفاهيم التأسيسية فيما تتناوله بالشرح والتحليل والنقد حالما تتناول التاريخ الاجتماعي والسياسي في العراق. ما هي الراديكالية السياسية؟ وظهورها كممارسة في تاريخ السياسة العراقية؟ وما هو المعنى الأيديولوجي لهذا المفهوم؟ وهل ترتبط الراديكالية بالغلو السياسي؟

الراديكالية السياسية هي أحد الأنماط السياسية "الجذرية"، أي تلك التي تتعامل مع الواقع والبدائل بمعايير ومفاهيم التغيير الجذري. ومن ثم فهي أحد النماذج السياسية الداعية إلى القطع المباشر والتام مع تقاليد الماضي. ومن الناحية التاريخية والنظرية ليس في الراديكالية ما هو معيب بحد ذاته. كما أنها بحد ذاتها ليست رذيلة أو فضيلة. مما يجعل منها كيانا متقلبا يصعب إطلاق الحكم السلبي أو الايجابي عليه بصورة مجردة. إذ ليست الراديكالية سوى النزوع الهائج للتغيير الجذري، وبالتالي السعي الحاسم لتغيير الواقع والمؤسسات والأفكار والقيم بصورة جذرية وسريعة. من هنا تحول أسلوب التغيير الشامل إلى نموذجها الأمثل في العمل. وعادة ما يؤدي هذا الأسلوب إلى تدمير تجارب الماضي وخزين الذاكرة التاريخية ومرتكزات التقاليد الكبرى والقيم والمؤسسات. مما يجعل منها الطرف النقيض للإصلاح الحقيقي.

فمن الناحية الواقعية لا يمكن للدولة والحضارة والحركات الفكرية والسياسية الكبرى أن تظهر دون أن تتعايش معها مختلف أصناف الراديكالية. فصعلكة الجاهلية وأوائل الخوارج وفرق الغلاة الشيعة والسنّة و"حلاج" المتصوفة هي نماذج متميزة ورفيعة للراديكاليات الإسلامية الكلاسيكية. إلا أن نشوءها وتطورها ودورها الفكري والسياسي والثقافي كان يظهر على خلفية الثبات الهائل في التقاليد والمنظومات الفكرية والمؤسسات والقيم والمفاهيم.

فالإبداع الراديكالي يصب عموما في اتجاه تحسين وترسيخ وتوسيع المدى الثقافي للتقاليد العقلانية الكبرى ونماذج الاعتدال فيها. وذلك لأن الراديكالية عادة ما تلعب دور المستفز الدائم والعقل النقاد والنزوع الشكاك تجاه ما هو موجود من قيم ومفاهيم وما يجري من أحداث. كل ذلك يعطي لنا إمكانية القول، بأنه كلما كانت منظومة العلاقات الاجتماعية والسياسية والثقافية أكثر سعة وعمقا وثباتا من حيث تقاليدها، كلما كانت الراديكالية أشد فاعلية وأسرع زوالا. وهي سمة يمكن ملاحظتها في تاريخ جميع الحضارات الكبرى القديمة منها والمعاصرة.

فالحركات اليمينية واليسارية المتطرفة في التاريخ الأوربي المعاصر من قومية وإرهابية وفوضوية وغيرها، كانت تظهر بصورة مستمرة وتزول سريعا على خلفية الثبات الكبير في منظومة العلاقات البرجوازية وتقاليد الدولة ومؤسساتها والنظام الديمقراطي والحقوق. وإذا كانت الحركات الراديكالية اليسارية تركز اهتمامها النظري والعملي على جوهرية وأولوية فكرة الحرية والتحرر، فإن نقيضها اليميني كان يركز على جوهرية وأولوية فكرة النظام. وهما الوجهان الضروريان للاعتدال. من هنا اضمحلالهما مع انتهاء كل مرحلة حادة في الصراع ليصنعا بدورهما عناصر الاعتدال والعقلانية في الفكر السياسي. ولعل ظهور وترسخ تقاليد الفكر الاجتماعي الديمقراطي (الأوربي) هو أحد نماذجه الرفيعة. ذلك يعني، أن التيارات الراديكالية تظهر على ضفاف التيار الحي للحياة السياسية والفكرية والثقافية. إنها تعطي للتيار العام إمكانية توليف الحرية والنظام بالطريقة التي تهذب تقاليد العقلانية والاعتدال.

أما في العراق، فإنها تحولت بسبب غياب تاريخ الدولة وتقاليدها السياسية لقرون عديدة في ظل السيطرة التركية، والانكسار المفاجئ للتقاليد المتراكمة في أواخر المرحلة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، إلى صعود النفس السياسية فقط. وبالتالي تحول السياسة إلى الميدان الأوسع واليومي لتقييم مفاهيم الدولة والحق والجمال والأخلاق. وبهذا تكون قد اختزلت كل الأبعاد المتنوعة وغير المتناهية للوجود الاجتماعي إلى ميدان هو نفسه ليس إلا إحدى وسائل تجسيدها. وعوضا عن أن تتحول السياسة إلى ميدان تختبر فيه مفاهيم الدولة والحق والجمال والأخلاق، تحولت إلى معيار شبه شامل وأوحد لحياة الفرد والمجتمع. مما أفرغ حياة الفرد والمجتمع والدولة من أهميتها وقيمتها، بوصفها غاية الفعل العقلاني للسياسة. ومن ثم افقد السياسة نفسها من معاييرها الاجتماعية. وفسح بالتالي المجال لظهور مختلف أشكال وأصناف الراديكالية. بحيث أصبحت الراديكالية نفسها أسلوبا لامتصاص الحثالة الاجتماعية ورميها إلى "مدن" السياسة. الأمر الذي جعل من القبيلة (العشيرة) قوة "ثورية" في العشرينيات، ومن شيوخ العشائر "إمعات" سياسية في الثلاثينيات، ومن جهلة "الدنيويين" و"رجال الدين" قيادات سياسية في الأربعينيات، ومن "الضباط والجنود" زعماء في الخمسينيات، ومن خليطها رؤساء في الستينيات، ومن أنصاف المتعلمين وأنصاف الكادحين وعرفاء الجيش والشرطة "قيادات الضرورة". وأصبح مألوفا كون أغلبية هؤلاء "القادة"، إن لم يكن جميعهم، لم يقرأ مقالا أو كتابا عن "نظرياتهم" الجاهزة. أما النتيجة "التاريخية" لذلك فهي ترّبع "أبناء العوجة" على سدة الحكم وما ترتب عليه من كارثة بالنسبة للدولة والحق والمجتمع والأخلاق والجمال.

بعبارة أخرى، لقد تحولت الراديكالية السياسية بمختلف أطيافها وما تزال إلى التيار الساري في تاريخ العراق المعاصر، والعنصر المكون لأغلب الرؤى السياسية "اليسارية" و"اليمينية"، "الدينية" و"الدنيوية" (العلمانية)، والفاعل المؤثر في تركيبة الحركات السياسية ومواقفها من النفس والآخرين. كل ذلك جعل ويجعل منها ظاهرة تاريخية سياسية وثقافية غاية في الخطورة والتخريب.

فالتجربة التاريخية للعراق المعاصر تبرهن بصورة قاطعة على أن خطورة الراديكالية تقوم في رفعها قطع العلاقة بالتاريخ والتقاليد إلى مصاف العقيدة المقدسة. بينما يفترض المقدس هوية الثبات. وهو فرض تمارسه الراديكالية بحمية بالغة عبر مطابقته مع التجريب الخشن المبني على احتقار الشكوك والاعتراض. كما أنها تطابق بين فكرة الثابت – المقدس ويقينها الخاص عن أن الفعل التجريبي هو المطلق الوحيد. مما يجعل منها في الأغلب قوة مدمرة لا تنتج في نهاية المطاف سوى الخراب والتوغل الدائم فيه. وفي هذا يكمن ترابطها العضوي مع الغلو واللاعقلانية.

كل ذلك يجعل من الضروري تحويل العقلانية إلى فلسفة الاعتدال العام والسياسي منه بالأخص، أي قطع الطريق على الراديكالية، بحيث لا يؤدي حتى ظهور مختلف أشكالها وأصنافها وأطيافها، إلا إلى ترسيخ الرؤية العقلانية وفكرة الحقوق والدولة الاجتماعية. وهي غاية يستحيل بلوغها دون تذليل الراديكالية بشكل عام والسياسية بشكل خاص.

• ما هي الهوية؟ وكيف نحدد البنية الفلسفية للهوية العراقية؟ وهل الهوية العراقية في طور التكوين؟ أم في مرحلة الانحلال والتفكك؟

الهوية هي مضمون الشيء أو حقيقته. وبالتالي فإنها تحتوي على وحدة الثبات والتغير. والثابت فيها هو تراكم حقائقها، أما المتغير فيها فهو أشكالها ووظائفها التاريخية. وينطبق هذا الحد بالقدر نفسه على الشجر والحجر والإنسان والآلهة والدولة والأمة والثقافة.

وليس مصادفة أن تتحول قضية الهوية الوطنية العراقية إلى إحدى الإشكاليات الكبرى، بل الأكثر جوهرية بعد سقوط الدكتاتورية الصدامية والتوتاليتارية البعثية. فقد وقف العراق أمام نفسه للمرة الأولى بعد عقود عديدة كما لو أنه عار من ذاته الحقيقية. بمعنى وقوفه أمام عمق وانحطاط وحدته الذاتية. ويشير هذا الواقع إلى افتقاد العراق إلى ذاته الأصلية أو هويته الخاصة، بسبب الانتهاك السافر لمكوناتها من جانب التوتاليتارية والدكتاتورية. وليس المقصود بالذات الأصلية والهوية الخاصة كيانا مستقلا قائما بذاته، بقدر ما هي الكينونة المتراكمة تلقائيا من مجرى معاناة الأمم حل إشكاليات وجودها الطبيعي (الاجتماعي والسياسي والاقتصادي) والماوراطبيعي (الروحي). وبالتالي، ليست الذات الأصلية والهوية الذاتية سوى التاريخ المتجسد في صيغ معقولة وعملية لوعي الذات التاريخي والثقافي للأمم في الدولة والثقافة. كما إنها صيغ وثيقة الارتباط بكيفية تجسيد المكونات الجوهرية لوعي الذات التاريخي عند الأقوام والأمم. وليس مصادفة أن تسعى الأنظمة التوتاليتارية والدكتاتورية على الدوام إلى عزل الأمة عن تاريخها عبر صنع "تاريخ مقدس" للاستبداد والإرهاب، هو تاريخ مزيف بحد ذاته سرعان ما يتهدم ويندثر مع أول خرق لجدران سجونها ومعتقلاتها.

غير أن هذا الاستنتاج العام يفترض تدقيقه الملموس فيما يتعلق بفكرة الهوية العراقية. ولعل الصيغة المعقولة والواقعية بالنسبة للعراق في الظرف الراهن تقوم في تأسيس رؤية بديلة يمكن أن نطلق عليها اسم "حكمة الاستعراق". وهي فلسفة حاولت التأسيس لها بإسهاب في (ثلاثية العراق والمستقبل) الذي يحتوي على كتاب (العراق ومعاصرة المستقبل) و(العراق ورهان المستقبل) و(العراق والمستقبل – زمن الانحطاط وتاريخ البدائل) وغيرها من الأعمال الفكرية. لهذا سوف اكتفي هنا باستعراض مكثف لأهم الأفكار والمرتكزات التي تقوم عليها فكرة الاستعراق.

إن المقصود بفكرة الاستعراق هنا هي الفلسفة التي تستمد مقوماتها من التاريخ الذاتي للأقوام والأمم العراقية، من خلال جعل العراقية أسلوبا لتذليل العرقية، وبالتالي رفع الجميع إلى مصاف القومية الثقافية. ذلك يعني أن مضمون الاستعراق يتطابق مع فلسفة الفكرة الوطنية، التي تشكل غايتها الكبرى تمثل مضمون الارتقاء من مختلف الأشكال والصيغ التقليدية (العرقية والطائفية وأمثالها) إلى مصاف العراقية.

ولا تهدف فكرة الاستعراق إلى تصنيع عقيدة أو إيديولوجية صارمة، بقدر ما تسعى إلى تأسيس المبادئ العامة للرؤية الثقافية للفكرة الوطنية بشكل عام والعراقية بشكل خاص. ومن بين أهم مبادئها:

1. العراق ليس تجمع أعراق،

2. العراق هوية ثقافية سياسية،

3. العراق غير معقول ولا مقبول خارج وحدة مكوناته الرافدينية العربية الإسلامية،

4. العربية – الإسلامية هي جوهر ثقافي،

5. الهوية الثقافية المفترضة للعراق والعراقية هي الاستعراق،

6. الاستعراق هو الحد الأقصى للقومية في العراق،

7. الاستعراق هو البيت الذي تتعايش فيه جميع القوميات في العراق بصورة متساوية ومنسجمة،

8. الاستعراق هو ضمانة البقاء ضمن الهوية التاريخية الثقافية للعراق والاحتفاظ بالأصول القومية الذاتية له،

9. الخروج على الاستعراق هو رجوع إلى العرقية، ومن ثم فهو خروج على منطق الهوية الثقافية للعراق والعراقية وعلى مكونات وجودهما الجوهرية،

10. الخروج على الاستعراق هو خروج على الحكمة الثقافية والسياسية لتاريخ العراق، ومن ثم فهو خروج على القانون أيضا.

وليس المقصود بأن العراق ليس تجمع أعراق، نفي التمايز العرقي والقومي فيه، بقدر ما يعني الإشارة إلى خصوصية تكون الأقوام والأمم فيه. فالعراق هو موطن التاريخ المدني العريق، وصاحب التراث الحضاري الهائل. ومن ثم فهو قادر على صهر مختلف الأقوام في بوتقة كينونته الثقافية. أما مضمون الهوية الثقافية للعراق، فإنه تراكم تاريخي من حضارات سومرية وبابلية وآشورية وعربية، إضافة إلى مكونات جزئية عديدة شارك فيها مختلف الأقوام والشعوب قديما ومعاصرة من عبرانيين وإيرانيين وتركمان وأكراد، وكذلك مساهمات تنوعت من حيث مداها ونوعيتها من جانب أقوام وأمم وثقافات اضمحلت مكوناتها المباشرة كما هو الحال بالنسبة للحيثيين والإغريق والتتر المغول والأتراك العثمانيين وكثير غيرهم. كل ذلك يشير إلى تنوع وتداخل مختلف المكونات في نسيج وعيه الذاتي. مما أدى إلى أن تتبلور في مزاجه الاجتماعي وعقائده الكبرى نظرة ثقافية إلى جميع مكوناته، باعتبارها أجزاء منه، وفي نفس الوقت لكل منها قيمته التاريخية والوجدانية.

إلا أن الحلقة الرابطة لسلسلة تصيره التاريخي بوصفه كينونة ثقافية هي الحلقة العربية الإسلامية. إذ استطاعت هذه الحلقة أن تتمثل تقاليد العراق القديمة عن أولوية وجوهرية المكوّن الثقافي على المكونات الأخرى أيا كان نوعها. وهو مضمون المبدأ المشار إليه أعلاه من أنه من غير المعقول ومن غير المقبول إدراك ماهيته وحقيقته خارج أو بدون وحدة مكوناته الرافدينية العربية الإسلامية. فهي هو وهو هي! فهي المكونات التي صنعت خصوصية العراق الجوهرية، التي جعلت من العربية الإسلامية جوهرا ثقافيا نعثر على أثره في كل مكونات الدولة والمجتمع والتاريخ.

إن التجربة العراقية في كل مجرى النصف الثاني للقرن العشرين تبرهن بشكل قاطع على أن الخروج عن هذه المرجعية التاريخية الثقافية يؤدي بالضرورة إلى الخراب والموت الفاضح.

***

 

ا. د. ميثم الجنابي

 

في المثقف اليوم