قضايا

انواع العقول وعلاقتها بالشخصية والمهنة والدراسة المناسبة

من خلال دراستي لموضوع العقول والقدرة العقلية وخصائصها وقابلياتها والمهن والشخصيات المقابلة لها وعلاقتها بها استنتجت التصنيف اللاحق وهي آراء شخصية فقط واي ملاحظات او نقد يوجه الى هذا التقسيم او التصنيف قد يقنعني بأعادة تقسيمها او تصنيفها اذا استطاع المعترض او المقترح اقناعي بوجهة نظره لان هذا التقسيم غير نهائي وقابل للتغيير ولا يزال قيد الدراسة والبحث.

تعريف العقل : مصطلح يستعمل عادة لوصف القدرة على التمييز والادراك واتخاذ القرار وخاصة تلك الوظائف التي يكون فيها الإنسان واعيا مثل : التفكير، الجدل، الذاكرة، الذكاء، التحليل.

تعريف القدرة العقلية ومظاهرها: في علم النفس تعريفات مختلفة للقدرة العقلية، فهي الإمكانية أو القوة الفعلية على الأداء ،أو هي نشاط معين,ومن مظاهر تلك القدرات، مظاهر خاصة بالأداء الميكانيكي، ومظاهر خاصة بالأداء اللغوي، ومظاهر خاصة بالأداء الرياضي أو الاستنتاجي، ومظاهر خاصة بالإبداع والابتكار، ومظاهر خاصة بالنقد والتحليل، ومظاهر خاصة بالاحساس بالجمال والتذوق الجمالي، وغيرها.

يمكن تقسيم العقول حسب قابلياتها وهذا التقسيم لا يتعارض مع تقسيمات علمية اخرى, الى الانواع التالية:

1- العقل الاستظهاري او الحفظي: هو عقل قابليته تظهر في الحفظ او الاستظهار وهذه العقول لها قدرات يمكن ان تظهر اذا ما درست الطب والآداب والعلوم الاجتماعية والتاريخية والبايولوجية التي تحتاج الى حفظ. يقابل العقل الاستظهاري (الشخصية التنفيذية) او التابعة او شخصية الموظف التنفيذي حيث الترابط يبدو قويا بين الاستظهار والتنفيذ , جميع اصحاب المهن تنفيذيون وقد يكونون مبدعين في ممارستهم لمهنهم ولكنهم لا يخرجون عن الشخصية التنفيذية. تعتمد مواصلة الحياة وبناؤها وادامتها على العقل الاستظهاري والشخصية التنفيذية ,والمهن التنفيذية واغلب البشر يمتلكون عقول استظهارية وشخصيات تنفيذية واغلب المهن التي يمتهنها الناس هي المهن التنفيذية فالموظف الكفوء هو الموظف التنفيذي.

القابلية الاستظهارية للذاكرة تختلف بين الناس وكون الشخص يمتلك عقلا استظهاريا لا يعني انه يجب ان يمتلك ذاكرة قوية حادة وشديدة الحفظ لان التعليم والرغبة تزيد قابلية الذاكرة لذا نرى اغلب اصحاب المهن يمتلكون ذاكرة جيدة فيما يخص عملهم ولا يزيد عن ذلك .اما المهارات الحفظية لبعض الاشخاص على الصعيد المدرسي فهي مختلفة وتتعلق بقابليات مهنية ورغبات وطموحات.كما ان القابلية الاستظهارية قد تتعزز بقابليات اخرى كالاستنتاجية او التخيلية او التأملية لذا قد نجد طبيبا او مهندسا او تاجرا يمتلك عقلا استظهاريا ولديه موهبة اخرى كأن يكون فنانا او اديبا اومفكرا.الموظف الجيد هو الموظف التنفيذي الذي يملك عقلا استظهاريا جيدا وشخصية تنفيذية ولا يشترط أن يكون الموظف الجيد الملتزم ذا عقل استنتاجي او تأملي او تخيلي.

2- العقل الاستنتاجي او التحليلي: هو عقل رياضي قابليته في التحليل والاستنتاج والربط وايجاد النتائج بعد تحليل المقدمات.العقل الاستنتاجي مرتبط بالتطور فالعلماء الذين اكتشفوا او اخترعوا غالبا ما يمتلكون عقلا استنتاجيا والتطور العلمي يقوم على الاستنتاج او التحليل ,لذا قيل ان الرياضيات اساس العلوم.المهن المرتبطة بالعقل الاستنتاجي هي المهن التي تنبع من دراسة الرياضيات والاحصاء والفيزياء والفلك والهندسة وهذا لا يعني انهم غير تنفيذيين بل بالعكس قد يكونون تنفيذيين ويكونون مهندسين او موظفين جيدين , ولكن الدراسة في هذه المهن تحتاج الى عقل تغلب عليه السمات الاستنتاجية.كما انه يمكن للعقل الاستنتاجي ان تكون له سمات تأملية او تخيلية لذا يمكن ان نرى مهندسا مبدعا او رياضيا مبدعا وكذلك لديه موهبة ادبية او فنية. الشخصية المرتبطة بهذا العقل ايضا الشخصية التنفيذية ولكن على درجة اعلى في سلم الشخصيات اي فوق الشخصية التنفيذية المرتبطة بالعقل الاستظهاري.

العقلان الاوليان اي الاستظهاري والاستنتاجي هما اللذان يقودان المهن في الحياة اليومية المنتجة ويشكلان النسبة الغالبة للمهن في جميع المجتمعات.

3- العقل التخيلي: هو العقل الفني والادبي وهو عقل يسرح في الخيال وهو عقل ابداعي يمكنه أن ينتج قصيدة او قصة او لوحة او اغنية او قطعة موسيقية.العقل التخيلي هو عقل فني ابداعي ولكنه قد يواجه مشكلة على مستوى الاستنتاج او الاستظهار لأن الحياة اليومية تحتاج الى ممارسة مهنة لكسب العيش وغالبا العقل التخيلي يرتبط مع شخصية غير تنفيذية (متمردة او منعزلة) ولذا يواجه صعوبات معيشية خصوصا وأنه ليس جميع العقول التخيلية يمكنها ان تظهر بمواهب ابداعية تحقق لها كسب العيش او الشهرة ,على المستوى المهني يكون اصحاب هذا العقل يمتهنون المهن الفنية كالرسم والنحت والتمثيل والغناء والموسيقى والاخراج والآداب ككتابة الرواية والقصة والشعراء .

4- العقل التأملي: وهو عقل يركن الى الزاوية ليتأمل فيما حوله وهو عقل ابداعي ايضا يميل الى الانتاج الفكري او الفلسفي او العلمي الانساني.جميع النظريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية وغيرها انتجتها عقول تأملية وتميل هذه العقول ان تكون في شخصيات ايضا تأملية هادئة ويمكن أن يكون لديها مميزات قيادية واصلاحية ولكن يمكن وجود هذا العقل في شخصيات تنفيذية من الدرجة الاولى في حالة استلامه منصب قيادي ولكن على نطاق محدود. غالبا ما يعمل اصحاب العقول التأملية في مراكز البحوث او اساتذة جامعيين او باحثين او قادة اصليين وليس من الذين يجيئون الى القيادة بشكل طاريء ,اي كشخصية المهاتما غاندي وشخصية نيلسون مانديلا .شخصيات الانبياء والرسل وكبار المصلحين تنطبق عليهم مميزات الارتباط بهذا النوع من العقول.

ملاحظات عامة

1- قد يكون من الصعب التمييز بين مميزات العقل والشخصية في بعض الاحيان لأن صفات الشخصية قد تكون من منعكسات العقل.

2- العقول لاتوجد بشكل منعزل ومتميز ومنفرد في صفاته ,اي يكون هناك عقل من نوع معين لكل شخص بل هناك تداخل في مواصفاتها وقابلياتها فقد يكون استظهاريا وتأمليا او استظهاريا وتخيليا او استنتاجيا و استظهاريا اي الحدود بينها متداخلة وليست اسود او ابيض.ولكن تكون احدى الصفات هي السائدة او المتغلبة وتعطيه سمته الظاهرة والتي تعطي المهارة لصاحبه ,لذا ترى أن البشر متداخلين في قابلياتهم ولا توجد حدود واضحة بين انواعها.

3- المنظومة التعليمية الحالية في العراق وفي الدول العربية تعتمد التلقين والاستظهار كطريقة رئيسية للتعليم ولا تعتمد على المناقشة والفهم وحتى في الامتحانات لا تزال تعتمد اسئلة التعداد والشرح والتي تقوم على الحفظ وليس اسئلة الخيارات المتعددة او اختيار الجواب من بين عدة اجوبة ,كما لاتعتمد التعليم عن طريق التدريب العملي الذي هو ضروري للفهم والتعلم .وهذا يعني تدمير القابليات العقلية للناس وعدم القدرة على استكشافها.

4- التعليم الآن في العالم المتقدم هو عملية تواصلية بين المدرس والطالب وليس عملية تلقين وتلقي بأتجاه واحد أي مدرس يلقي وطالب يتلقى.التعليم اصبح تبادليا بين المدرس والطالب وعصفيا للذهن يثير ذهن الطالب ويجعله دائما مستعدا ومتحفزا للتلقي .

5- منظومتنا التعليمية كبنية تحتية منظومة عفى عليها الزمان ولم تعد قادرة على استيعاب العدد الكبير من الطلبة ولا قادرة على تربيتهم وتعليمهم او تدريبهم . تحتاج المنظومة الى ان تكون منظومة مستقلة كي تكون قادرة على المسير على السكة الصحيحة ,يجب ان تكون المناهج استكشافية وتربوية وتعليمية وتدريبية,و يجب تخيير المدرس بين التعليم العام او الخاص واعطاؤه ما يوازي ذلك في حالة اختياره العمل في التعليم العام فقط .

 

د. احمد عبد الحسن علي - طبيب وباحث وكاتب

 

 

في المثقف اليوم