قضايا

هُناك بعض من المُثقفين

علي المرهج

هُناك بعض من المُثقفين من الذين يحملون راية الدعوة للوطنية ونقد الفساد الحكومي، بل ومحاربته وينتقدون الساسة الذين يدينون بالولاء لأجندات خارجية، ولربما بعضهم ينتقد حمل السياسي لجنسيتين، وهو من الذين يملكون جنسيتين وعائلته تقطن في بلاد الغرب، ولا يتحملون العيش في العراق وهو يروم لهم الراحة والرفاهية وهذا من حقه كأب، وهو يُسافر بن الفينة والأخرى لزيارة عائلته التي تتنعم برغيد العيش في بلاد الثلج، وليعش (ولد الخايبة) تحت سماء مُلبدة وفي بلاد مُستعرة.

وهُناك بعض من المُثقفين يخرجون في ساحات التظاهر تحت شعار (الإصلاح) أو التغيير، ولكنهم من أكثر المُستفيدين من عطايا الحكومة ورجالاتها، والغريب انهم يعملون في مراكز ومؤسسات وفضائيات تابعة لساسة عُرفوا بفسادهم.

وهناك بعض من المُثقفين يتظاهر لا لأنه يحمل همَ إصلاح الوطن بقدر ما هو يجعل من التظاهر وسيلة لابتزاز بعض مافيات الفساد من سياسيي الصدفة.

وهناك بعض من المثقفين من الذين يعملون في مؤسسات الدولة وقريبين من بعض الوزراء، فحصلوا على بيوت للسكن وهم في بدايات حياتهم الوظيفية، وغيره من زملائه أكمل سنوات الخدمة ولم يحصل على دار سكن تأويه هو وعياله، وذات هذا المثقف المدني وبعلاقاته الحميمية مع الوزير أو من هو مُقرب منه حصل على زمالة للتدريس في غير اختصاصه، وهو يحمل راية الإصلاح ويتصدر مشهدية التظاهرات، بل هو فاعل رئيس فيها.

وهناك بعض من المُثقفين من الذين تصدوا للتظاهر بل ومن قادته، فأعطوه وظيفة لكسب سكوته، وقد قبل الوظيفة ذات الراتب الأثير، ويقبض الشهر بشهره كما يُقال، ولكنه لم يلتزم بشروط العمل الوظيفي والتواجد في مكان عمله، واستمر بسب الحكومة وخداع المُتظاهرين من بُسطاء الناس من الذين وضعوا ثقتهم به وهو يعيش حياة ترف وبذخ ويتنقل في سيارات دفع رباعي فارهة (Vib) بوصفه ناطق بإسم المُتظاهرين.

وهناك بعض من المُثقفين من الذين يُتقنون مسح الأكتاف وهز الأرداف والتهليل والتطبيل والتزمير لصاحب القرار إن كان وزيراً يستحق الاحترام او حمار، فتجدهم يقفون أسراباً على بابه يبتهلون إلى الله أن يحفظ له (حميريته) ليختار من هو أكثر (حميرية) منه لمنصب عسى ان يكون لهذا المُطبل او ذاك المُزمر.

وهناك بعض من المثقفين يُنظرون ويكتبون في الدفاع عن التسامح والحرية وينتقد الفساد وهو من أكبر المُستفيدين من نظم الحُكم هذا، بل لم يكتف بذلك فقد سعى بعلاقاته لإيجاد فرص عمل لبعض بناته وبنيه عبر علاقته، فكان له ما أراد وهو يعلم علم اليقين أن أبنه للم يُوظف لكفاءة فيه ووجوده في مكان عمله كعدمه ويرتضي هذا المثقف لنفسه أن يأخذ أولاده بغير حق راتباً يفوق قدراتهم بسنين ضوئية، ويعلم علم لليقين إنما هُم عُينوا لانهم أبناء فلان أو هذا المثقف.

وهناك بعض من المُثقفين يعملون ليل نهار لكسب قوتهم اليومي وهم مُشاركون في التظاهرات بفاعلية، وهم من الذين صدقوا ما عاهدوا الناس عليه في الدفاع عن قضيتهم وقضية وطن ضيعه المُدعون الأفاقون المنافقون من الذين في مساء التظاهر هم من يرتفع صوتهم ولكنه بليل اليوم ونهاره إنما هُم يُجالسون فُسَاد السياسة ويقبضون الثمن.

ولأن صوت المُثقفين الصادقين لا صُراخ فيه ولا نباح، لأن في صمتهم كلام، وقولهم كتابة أو نُطق وتعبير بنغم شفيف ولحن حزين فيه الكثير من نوتات الرفض.

لكن من تصدر المشهد هو صاحب الصوت العالي من الذين يُتقنون اللعب على حبال سرك الدعوة لمجتمع مدني.

ولا أستثني نفسي من هذا الخراب الثقافي والإنساني الذي نعيش فيه، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.

 

د. علي المرهج

 

في المثقف اليوم