قضايا

ثقافة الستر بدلا من ثقافة الفضيحة

ثقافة الستر، ثقافة اسلامية، اشار اليها القران الكريم، وتحدثت عنها احاديث الرسول (ص)، والاثار المنقولة عن اهل بيت الرسول (ص) . الستر قيمة اخلاقية محبوبة عند الله تعالى، فالله تعالى لايحب حب اشاعة الفاحشة، فضلا عن ارتكابها ؛ وذلك لان الفاحشة مرض روحي اخطر من الامراض الجسدية، واشاعتها في المجتمع يؤدي الى تمزيق انسجة المجتمع،وتوهين عراه، وفقدان الثقة بين افراده . الدوائر الصحية تحجز المريض مرضا معديا عن الاتصال بالاخرين بطريقة الحجر الصحي،منعا من انتشار العدوى . والامر اشد فتكا واسرع تدميرا،في انتشار الامراض الروحية وعدواها، واثارها الوخيمة على تماسك المجتمع وقوته . يقول الله تعالى: (ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين امنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والاخرة). النور: الاية: 18 . العذاب الاليم في الدنيا والاخرة على مجرد حب اشاعة الفاحشة، فكيف باشاعتها. ونهى الله تعالى المؤمنين عن الغيبة والتجسس حفظا لحرمات الناس، وصيانة لاعراضهم . يقول الله تعالى:

(ولاتجسسوا ولايغتب بعضكم بعضا، ايحب احدكم ان ياكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه) . الحجرات: الاية: 11 .الله تعالى لايحب اشاعة الفاحشة، وكذلك لايحب الجهر بالسوء من القول، يقول الله تعالى في كتابه الكريم:

(لايحب الله الجهر بالسوء من القول) . النساء: الاية: 148 .

ولاجل الستر شرع الاسلام حد القذف للالسنة التي تنال من اعراض الناس، ولاجل صيانة الاعراض، وحفظ كرامات الناس، طلب الاسلام في اثبات الحد في الزنا اربعة شهود . اذن: المسالة خطيرة، ولكنّ النفوس المريضة لاتعرف خطورة هذه المسالة واثارها الاجتماعية المدمرّة فهي تتصور المسالة مجرد كلمات والفاظ تلفظها الافواه دون اية عواقب واثار، ولكنّ الله تعالى يقول:

(اذ تلقونه بالسنتكم وتقولون بافواهكم ماليس لكم به علم وتحسبونه هينّا وهو عند الله عظيم) . النور: الاية: 15 .

النبي الكريم، الذي وصفه ربه (وانك على خلق عظيم) . القلم: الاية: 4 .، كان حين يعظ ويؤشر الى السلبيات والاخطاء، يؤشر اليها من طرف خفي فيقول صلى الله عليه واله وسلم: (مابال اقوام يقولون كذا، مابال اقوام يفعلون كذا ...)، الخطأ يمكن معالجته بهدوء، وباساليب راقية، لاتجرح ولاتفضح، ولاتسيء .

كيف ننظر الى الاخطاء؟

هناك مقاربتان للنظر الى الاخطاء، مقاربة اللوحة، ومقاربة المرآة، مقاربة اللوحة يتم تصويب النظر فيها الى الخارج، فالتلاميذ واعينهم مشدودة الى اللوحة، يرصدون اخطاء المدرس وهو يكتب، الأعين مصوبة الى الخارج، الى عيوب الاخرين . امّا مقاربة المرآة، فالأعين مصوبة الى الداخل الى داخل ذواتنا، المرآة تكشف لنا عيوبنا، وتبرز لنا نقاط ضعفنا ونقاط قوتنا. للاسف اكثر الناس يعتمدون مقاربة اللوحة، وقليل من الناس هم من يعتمد المقاربة الثانيّة.

وسائل الفضيحة

وهذه الوسائل، هي وسائل محايدة، لم تخترع لتكون وسائل فضيحة، ولكنّ الانسان يسقط عليها ماتنطوي عليه نفسه من اخلاقيات، اما ان تكون سمّوا بهذه الوسائل، اوهبوطا بها الى اسفل الدركات، اغلب الفضائيات هي فضائحيات، تصّفي حساباتها مع خصومها، باساليب بعيدة عن الاخلاق . اما وسائل الاعلام الملتزمة بالاخلاق والقيم فنادرة جدا.

نريد لوسائل اعلامنا ان تروّج لثقافة الستر، في المظهر والملبس، وفي الكلمة والصورة، والمعاني السامية، لانريدها، وسائل لنشر الفضيحة . وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي، وجدت ليتواصل الناس فيما بينهم، ويتعارف بعضهم على بعض، من خلال تبادل الافكار والرؤى، ولكن البعض حولها الى وسائل لنشر الفضيحة، واسقاط من يختلف معهم . وفي هذا المقام، وهو مقام تذكير لنفسي ولاخوتي، اذكر رواية مروية عن الامام الصادق عليه السلام: (من ستر على مؤمن عورة ستر الله عليه سبعين عورة من عوراته التي يخافها في الدنيا والاخرة) .

باب التوبة مفتوح امام الخطّائين

الانسان الذي ارتكب معصية، يجب نصيحته برفق، ورده الى الصواب بطريقة هادئة، وليس اسلوب الفضيحة، هو الاسلوب السليم ؛ لان الله قد فتح باب توبته على عباده، يقول الله تعالى: (قل ياعبادي الذين اسرفوا على انفسهم لاتقنطنوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا) . الزمر: الاية: 53 . والله تعالى يحب التوابين والمتطهرين من عباده، يقول الله تعالى:

(ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) . البقرة: الاية: 222.

 

زعيم الخيرالله

 

في المثقف اليوم