قضايا

هل الكلام مع الغيب ممكن؟

عماد عليعند التوصل الى حالة التامل والتعمق مع جوهر وعمق الذات وقطع التواصل الفردي مع خارج الذاتا ومع الذات الخاص واحلال البديل للتماهي مع العام، اي فقدان الخاصية الذاتية في لحظة بلوغ القمة من الوصول الى حالة يمكن ان نسميها غريبة عن الواقعية المادية لو تكلمنا عنها مظهريا او عدم تجربة من قبل او عدم معرفة تلك الوضعية بالتداخل مع الذات في حال الصحوة العقلية، فلا يمكن التعبير عنها او ايصالها اي الحالة بشكلها وجوهرها الخاص بها، اي بلوغ حال المتامل الى وضع خارج ادراك المادة او الوسط او ايصال النفس بواسطة التفكير العقلاني اي المادي الى البلوغ التام لما يمكن ان نسميها بالروحانية النابعة من التفاعلات المعقدة للمادة وهي العقل او الدماغ مع تفعال الفرد في حالته او الطقوس التي تمارس للخروج من الواقع. ويمكن القول ان هذه هي الحالة القصوى من التامل التي تصل اليها الشعراء عند التفكر او التامل ومجيء اللحظة لاستلام ما توحيه النفس او الاستلهام. وهكذا للمتامل العرفاني او الصوفية والدراويش التي تتحرك بشكل ما وتتفاعل في التعمق بالتفكير لقطع الصلة مع الواقع, اي عند الوصول الى قمة التامل في لحظة كي تتماهى مع العام وبها يمكن ان يتهيا لاي ممارس في حالات عديدة ومنها في التمارين الخاصة باليوغا ان يتمايل الشخص باتجاهات مختلفة اثناء الطقوس دون تمييز, ومن خلال الاستنتاح او الاستقراء لتفاعل الذات مع العام او التماهي مع التامل في المامول لينتج الممارس ما يشبه فكر الممارس قبل العملية قعليه انه يستلهم شعرا ان كان شاعرا وهدفه الشعر او فكرا او حلا لمن يتامل في قضية او وحيا لمن يعتقد بانه يتواصل مع الرب، اي انها استنتاجات خاصة بالنتامل اما عملية فكرية او ادبية او دينية او عقيدية معينة يمكن تسميتها بانها قولا مقدسا او شعرا او نثرا او كتابة عميقة في الفلسفة ومكونات الحياة العميقة، والا لم يوحى لمن تامل شعرا يوما بانه اوحي اليه نصا دينيا مقدسا او لم يدعي نبي انه استوحي بشعر عميق جميل على الرغمن من كونه شاعرا كان ام لا.

و به يمكن لاي كان ومن خلال خلفيته الفكرية العقيدية وتاريخه وعقليته ان يتصور ما يقع فيه من الحالة وفق ايمانه ومعتقداته في الحياة وليس وفق الحالة بحد ذاتها, اي يمكن ان يعتبر الممارس بانه خرج من الواقع ودخل عالم الغيب وتكلم مع الروح او المقدس الذي يؤمن به قبل التامل والدخول في عمق الحالة في لحظات وربما تطول الحال وفق الوسط او نظرته للحياة وما فيها او مدى اعتقاده بالمثاليات او الميثولوجيا او على العكس من ايمانه بالمادية وما توارثه في حياته المييوة ووسطه من الماديات التي تعتبر عائقا امام مجيء وحي الهي. اننا في عصر لا يمكن ان نعتقد باننا يمكن ان نتامل ونصل الى حالة مشابهة لما وصل اليه الاخرون في الازمنة الغابرة لما كانوا عليه من حيث عقليتهم ووسطهم وثقافتهم ومعلوماتهم عن الحياة وما فيها وعن الكون والمؤثرات او الرواسب المعلوماتية التي وصلت اليهم طوال تاريخهم والتي هي في ساساها فقيرة لم تبلغ الحالة العقلانية المفروضة في التعمق في الحياة بعقلانية. لو قارنا ما يجري من ايصال الايعازات العصبية والشحنات او الفوتونات والاشعة المنبعثة من فعالية الدماغ الواصل مع الذات والجسم بواسطة الاعصاب في لحظة الوصول الى حالة عمق التامل والتماهي مع العام بعد الانقطاع مع الذات الخاص, فيمكننا ان نؤمن بانه من الممكن ان نصل الى حالة المسماة الان بالوضع الروحي المتموج في فضاء اثيري خارج اللمس المادي، او الغور في حالة غيبية او ما تشبه الحلم في ارضية مبنية على فكر وعقيدة مثالية بعيدة عن الاعتقادات المادية. وهذا الكلام يمكن ان يكون مفهوما لدى العقلاني اكثر من الروحي البحت المؤمن بالتواصل بين الروح والمادة بشكل منفصل وليس كناتج فعالية مادية والتفاعلات الذاتية للدماغ في حالة خاصة كما تحثل في قمة التامل وما ينتج من فعاليات الطقوس المعينة للتوصل الى نسبة كبيرة من الانقطاع مع الذات للممارس كما في الصوفية وايضا الممارس في عملية اليوغا في درجاتها العليا . وهذا ما يرشدنا الى انه الممكن العقلي المستنتج للتماهي مع العام والانقطاع مع الذات ان تسمى بالنبوة ووصول رسالة خارج الكيان الذاتي وهو في حد ذاته انبعاث ذاتي عبر التفاعلات المتعددة مع الذات من خلال العقل والطقوس مع التواصل مع المستقر في جوهر العقلية المؤمنة بايمان الشخص بوجود الروح خارج المادة او الجسم. فان العقل التاويلي الذي يمكن ان ينسبه الكثير من العقلانيين الى الروحانيين، من كانوا واين وكيف توصلوا الى حالة التماهي مع العام او في حالة الهلوسة التي تنتج فكرا او نظرة او رسالة من الذات باعتبارها خارج الذات من قبل المتامل الواصل الى القمة التاملية.

هذا في حال من كان صادقا مع نفسه ووصل الى تلك الحالات ولم يكن يهدف لامور دنيوية باسم الحالة, وعليه فان التواصل العقلي للمتامل باية طريقة كانت يمكن ان ينستنتج حالة او يتسلم ثمرة تفاعل الذات مع الذات وفق التفكير الذاتي والايمان العميق بوجود الغيب والتواصل معه في حالة ما او لحظة الوصول الى قمة التامل والحالة الخاصة للتواصل والانقطاع مع الواقع في لحظته.

لذا الكلام مع الغيب ممكن لدى المؤمن به في عمق تفكيره ومعتقداته وعقليته ونظرته الى الحياة او يتوقف ذلك على مدى تارجحه بين المادية والمثالية في سلوكه وتفكيره. وهذا بعيد الحصول في حال وجود الايمان المطلق او بنسبة كبيرة بالمادية لدى المتامل وعدم وجود المثالية او الروح خارج نطاق المادية او التفكير والتامل والتعمق والخروج من الذات المادي في لحظة ما مع بروز اشارات الهلوسة والتفاعل بين الحركات التاملية والوسط المتفاعل مع المتمرن والمتامل المتعمق في تلك الحالة. ومن هذا المنطلق يجب ان نتامل مجيء الوحي او تفاعل الذات مع الذات في لحظته لاستنتاج ثمرة التعمق سواء كان من الفكر او العقيدة او دين او مذهب او حل لعقدة او مشكلة او قضية وكما هو الحال المشابهة لدرجة كبيرة مع التنويم المغناطيسي.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم