قضايا

الجامعات المستحدثة.. ما لها وما عليها (2): الملاكات التدريسية

سلام جمعة المالكيخلاصة الجزء الاول من هذه الدراسة، ان المفترض من استحداث جامعات، في اي مجتمع اكاديمي هو تغطية الحاجة الجغرافية او النوعية وان ركائز الاستحداث الاساس هي الملاك التدريسي المؤهل نوعا وكما، والبنى التحتية من منشآت وتجهيزات، بما يتوافق مع مسوّغات الاستحداث تحت ادارة خبيرة متمكنة ذات تجارب حقيقية في مختلف مجالات العمل الاكاديمي والاداري ناهيكم عن المؤهلات العلمية والاكاديمية على اعلى المستويات... وهذه وحدها مبحث كبير وحسّاس.. مؤجل حاليا!!!!

حيث ان الملف مليء بالمفارقات، المالية والعلمية والاكاديمية...و حيث ان ملف المفارقات المالية هو الاخطر وهو الذي يدخل المتصديين له بالحق عشّ الدبابير وجحور الحيّات ...فلتكن البداية مع الصفحة الاهم حسب رأيي كأكاديمي والاخف ضررا وتعريضا للمخاطر كانسان " مع ارجاء الصفحات الاخطر لاحقا... حسب!!!"....تلك هي صفحة الملاكات التدريسية التي يُفترض ان يتم التعامل معها بدقة عالية جدا لما لهذه الملاكات من آثار خطرة جدا، ايجابا او سلبا، على اداء ومخرجات الجامعات.

تقتضي اساسيات العمل الاكاديمي وبناء المؤسسات الاكاديمية تنظيم ملف تأليف الملاكات التدريسية لمثل هذه المشاريع حسب التخصص والحاجة الحقيقية لكافة المراحل الدراسية، مع امكانية الاستعانة المقننة، بالخبرات العلمية في الدوائر والمؤسسات ذات العلاقة، على ان يكون ذلك على أساس الارادة او الترغيب حيثما أمكن، وذلك خلاف التجميع العشوائي لأفراد من هنا وهناك من مختلف الجامعات والكليات لتشكيل الاعداد الكافية "رسميا وبالحد الادنى" للشروع بعناوين كليات دون ان يكون التخصص او ارادة التدريسيين من المعايير الحاكمة لذلك التجميع. أضافة لذلك، وحيث ان استحداث الجامعات موضوع لا يستوجب التسرّع، خاصة مع امتلاك البلد بنية أكاديمية منذ عشرات السنين تخرّج منها مئات الالاف ، وما زالوا!!!. زائدا قوافل خرّيجي الجامعات الاجنبية من المبتعثين او طلبة النفقة الخاصة، والكفاءات المغتربة العائدة، وما برحت نسبة لابأس بها من المذكورين أسرى كابوس البطالة او العمل في مجالات بعيدة عن تخصصاتهم العلمية. هنا "كانت!!!!!" تكمن واحدة من أكبر مسوّغات استحداث جامعات او مؤسسات اكاديمية أو بحثية، الا وهي استيعاب تلك الكفاءات والافادة منها في مجالات جديدة لم تستوعبها الجامعات والمؤسسات الموجودة، وبالتالي محاربة المعدلات المتضخمة لبطالة حملة الشهادات العليا والاولية...!!!

فأين واقع الجامعات المستحدثة من الصفحة أعلاه؟؟؟

ايضا...و كما تم التنويه عنه في الجزء السابق من هذه المقالة... فان مبدأ الانصاف الذي يتم تطبيقه "بل واعتباره امتيازا" للإدارات العليا للجامعات المستحدثة من حيث التغاضي عن كثير من متطلبات المؤسسات الاكاديمية بعذر "المستحدثة"، يستوجب التطبيق، من باب اولى، بالنسبة للملاكات التدريسية العاملة في جامعات تكاد تفتقر للمختبرات والامكانات البحثية المتقدمة "مكتبات ومجلات وانترنيت وسواها"، هذا ان كانت تمتلك أيا منها.... واقعا، والدراسات العليا والنشاطات والعلاقات العلمية والاكاديمية مع الجهات ذات العلاقة داخليا وخارجيا...كل ذلك يستوجب تخفيفا من نواح عديدة كالاشتراطات المطلوبة للترقيات العلمية والالتزامات الادارية وفقرات التقييم السنوي.... لا ان يتم التعامل مع الملاكات التدريسية بأسلوب "اللطم مع الكبار والاكل مع الصغار!!!" سواء بالمحاسبة على تأخير في توقيع الحضور والانصراف الصباحي او المسائي بما يجعل التدريسي شبه مكبّل الحركة، او بالتشدد في المطالبة ببحوث ضمن مستوعبات ثومبسون او سكوبس او... أو المحاسبة ضمن استمارات التقييم السنوي كما يحاسب نظراؤهم في الجامعات الحائزة كامل تفاصيل العمل الاكاديمي المذكورة اعلاه.....!!! ناهيكم عن المعاناة المذلّة في مطالبتهم بالدوام اليومي شهورا عديدة دون استلام رواتبهم بسبب الروتين المقيت بين وزارات الدولة ودوائرها!!!

منطق بسيط... التساهل مع المنتسبين بذات اسلوب التساهل مع الادارات...

بخلاف ذلك ماذا ستنتج تلك ال"مستحدثة"؟؟ بعد مرور سنوات من عزلة الملاكات التدريسية عن مضان التقدم الاكاديمي والعلمي في مجالات تخصصاتها...ستضاف تلك الملاكات، خسارة اخرى غالية الى رصيد الخسارات الوطنية المتعاقبة، اضافة الى الانحدار المتوقع لدوافع العمل الاكاديمي وما ستعكسه على المخرجات الدراسية والاكاديمية للجامعات المستحدثة....!!!!

فما هو تقييم اداء الجامعات المستحدثة في هذه الصفحة؟؟ والاهم هو من الذي "قد" يقيّم" ذلك الاداء؟؟ هل هم مسؤولو تلك الجامعات، ام الجهات التي كانت وراء استحداثها...أم ؟؟؟؟

 

يتبع.....

أ. د. سلام جمعه المالكي

 

في المثقف اليوم