قضايا

انتشار العرقية (الكردية) السياسية واندثار الأبعاد الوطنية (العراقية) (3)

ميثم الجنابيالقضية الكردية- أفق مغلق وبدائل محتملة (6)

لقد اشرت في المقال السابق إلى أن حصيلة الرؤية السياسية الكردية وانعكاسها في الوثائق الرسمية للحركات القومية الكردية نفسها تقوم ان الحد الاقصى لرغباتها وهمومها، كما صورته وثيقة «البيان السياسي لمؤتمر المعارضة العراقية المنعقد في لندن نهاية عام 2002»، يقوم في «تطبيق وتطوير بنود اتفاقية 11 آذار سنة 1970 نصا وروحا»، بينما ظهرت لاحقا فكرة الفيدرالية السياسية والقانونية وحق تقرير المصير وإعادة النظر بتغيير التركيبة القومية لبعض المناطق وكثير غيرها.

بينما نراها تخفف بشكل درامي قبل الغزو الأمريكي وظهور خطر التدخل التركي من سقف مطالبها. ففي البلاغ الختامي للاجتماع الأول للجنة التنسيق والمتابعة للمعارضة العراقية المنعقد في أربيل في نهاية شباط بداية آذار عام 2003، أي قبيل الغزو الأمريكي بأسابيع نقرأ ما يلي:«نمد يد الصداقة والتعاون إلى الجمهورية التركية ونؤكد لها أن إخوتنا الكرد وسائر الأطراف المعارضة العراقية يرفضون تقسيم العراق ويؤمنون بعراق موحد». وإن المؤتمر يؤكد على «رعاية اهتمامات تركيا الأمنية المشروعة» و«يدعو الحكومة التركية إلى حوار مباشر وصريح وبمشاركة أميركية لنؤكد لها حقيقة أهدافنا المتمثلة في العراق الموحد» و«تعزيز وحدته الوطنية على الأسس الديمقراطية والفدرالية وحق المواطنة».

بعبارة أخرى، إن الأحزاب القومية الكردية لا تجرأ على الحديث باسمها، بل يجري توكيل الأمر للعراقيين (العرب) حالما تحس بعنف القوة المعارضة. وهو أمر يشير إلى الضعف التاريخي الذاتي للحركة القومية الكردية، أكثر مما يشير إلى «تكتيك» السياسة العقلانية، كما سيجري الحديث عنه بعد سقوط السلطة الصدامية والإعلانات العديدة عن «إقامة الدولة الكردية» و«الانفصال» وما شابه ذلك. لكنها إعلانات ليست غريبة أو أنه كان يستحيل توقعها، بقدر ما أنها كانت تتراكم في مجرى الزمن اللاعقلاني للدولة العراقية، التي جعلت من العرقية المبطنة أسلوب القوة المفتعلة للأحزاب القومية الكردية. ولعل من بين أهم الأفكار التي تراكمت في مجرى التسعينيات من القرن العشرين، التي ساهمت في إذكاء الأيديولوجية العرقية عند الأحزاب القومية الكردية (والتي وجدت طريقها إلى «الوثائق» المشتركة للقوى السياسية المعارضة المكتوبة باللغة العربية) تجدر الإشارة إلى خمس وهي:

1- فكرة الاضطهاد العنصري والتصفية العرقية والتهجير ضد الأكراد (لا وجود لكلمة تعريب)،

2- فكرة الاتحاد الفيدرالي ضمن المؤسسات الشرعية الدستورية العراقية (وليست القومية)،

3- فكرة الاتحاد الاختياري (دون حق الانفصال)،

4- فكرة حق تقرير المصير على أساس المبدأ القانوني الدولي (مع الإقرار بمبدأ وحدة أراض العراق)،

5- فكرة ضرورة إعادة النظر بتغيير الواقع القومي لمناطق معينة (دون فكرة الاستفتاء حول مرجعية كركوك أو ضمها إلى «كردستان» العراق، أو فذلكة «كردستانية» كركوك!!).

لقد كانت هذه الأفكار جزءا من زمن الانحطاط الشامل للدولة العراقية. وبهذا المعنى تتمثل بعض جوانب الرؤية "البراجماتيكية" في الموقف من تحصين النفس ضد ظاهرة الخروج على منطق العدل والمواطنة والحقوق التي جسدتها مركزية السلطة (وليس الدولة) في احد نماذجها الأكثر همجية. وهو تحصين يعكس ما أسميته بالمسار الذاتي أو الداخلي لتراكم «الانفصال» القومي الكردي. وفيها ومن خلالها تراكمت أيضا نفسية وذهنية الغنيمة، والوساطة والوصاية الأجنبية، والتجزئة والانعزال. وهي نفسية وذهنية تعبر عما يمكن دعوته بالقوة الضعيفة، أي الحالة التي تجتمع فيها مظاهر القوة المستلبة. بمعنى وحدة الابتزاز والخنوع. فكلما يزداد ضعف الدولة وقوى المعارضة، كلما تزداد مطالب الأحزاب القومية الكردية. والعكس بالعكس. وفي هذا يكمن سر ما أسميته بانحطاط الأحزاب السياسية القومية الكردية. وليس اعتباطا أن نرى هذا الرمي السريع للأبعاد القانونية والوطنية العامة والعراقية بعد أول شعور بالنصر (وليكن مزيف من حيث قدرته الذاتية)، والإبقاء على «الأبعاد الكردية» و«تطويرها» في مطالب جديدة في مجرى الفوضى التي لفت العراق وما تزال تلف مرحلته الانتقالية من تقاليد الاستبداد إلى الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي. وهو السر الذي يفسر المغامرات والمؤامرات والتصعيد المستمر من جانب الحركات القومية الكردية (والبارازانية بشكل خاص او بشكل علني) لفكرة مركزية الدولة.

ونعثر على هذه الظاهرة في «تطور» الأفكار الخمس المشار إليها أعلاه، بحيث تحولت فكرة محاربة الاضطهاد العنصري التي سلكتها السلطة ضد الأكراد إلى سياسة عنصرية كردية ضد العرب والتركمان والآشوريين. حيث اتخذت أبعادا تكشف حقيقة المجرى المبطن للادلجة السياسية التي سلكتها الأحزاب القومية الكردية في مجرى عقد من الزمن. بحيث استطاعت أن ترسي أسس ما يمكن دعوته بنفسية الانغلاق والعداء (للجميع). إذ لم تعد تفرّق، كما هو جلي في الخطاب الجماهيري والنفسية الاجتماعية للقومية الكردية الواسعة الانتشار، بين سياسة السلطة والقومية. مما جعل من الفكرة القومية الكردية مجرد نفسية عداء تجاه العرب والعروبة، التي أصبحت تتماهى في العبارة الكردية مع ظاهرة سلبية!! رغم أن كل ما يمتلكه الأكراد في العراق هو من فضيلة وجودهم فيه. بل يمكن القول، بأن وجود الأكراد بمقاييس التاريخ والثقافة غير معقول بدون العرب والعروبة بوصفها فكرة ثقافية. بينما تحولت كلمة العربي والقومي العربي والعروبيين والشوفينية والفاشية إلى مترادفات في الخطاب القومي الكردي!! بل أنها أصبحت محل اتهام سياسي شنيع، بحيث نرى نموذجها الخفي يظهر للعلن في مجرى الصراعات الكردية الكردية، كما هو الحال على مثال الخلافات بين الأحزاب القومية «العلمانية» و«الإسلامية» في انتخابات نهاية 2005، حيث نعثر على العبارة الأكثر انتشارا واتهاما ودعاية في موقفهم من خروج الحزب الإسلامي من القائمة الكردستانية، هو وصفه بعبارة «عميل للعرب»!! وان الإسلام ليس إلا الصيغة الظاهرية للسيطرة العربية!! وهي أوصاف تطلقها أحزاب لم يكن تاريخها بهذه المعايير أكثر من زمن الخضوع لأكثر السلطات العربية والتركية والإيرانية والأمريكية والإسرائيلية، التي مارست مختلف أصناف التنكيل والخديعة بالأكراد أنفسهم!! وهي صيغة لا علاقة لها بالفكرة القومية، بقدر ما أنها تعكس مستوى الانحدار صوب الفكرة العرقية.

بينما تحولت فكرة الاتحاد الفيدرالي ضمن المؤسسات الشرعية الدستورية العراقية إلى «فيدرالية عرقية»، بحيث يمنع على العربي أو غيره شراء دكان في «كردستان» التي تعيش بأكملها على مساعدات العراق!! بينما تحولت فكرة الاتحاد الاختياري إلى أسلوب الابتزاز السياسي الفارغ بحق الانفصال، وذلك ليس فقط لصعوبة بل ولاستحالة القيام به، لأنه يعادل من حيث الجوهر الانتحار، خصوصا بالنسبة لأحزاب لم يشكل الهمّ الاجتماعي بالنسبة لها بعدا جوهريا.

في حين تحولت فكرة حق تقرير المصير على أساس المبدأ القانوني الدولي إلى صيغة أيديولوجية للمؤامرة والمغامرة. بمعنى أنها لم تعد جزء من تعميق وتنظيم فكرة النظام والحرية على مستوى الوعي الفردي والاجتماعي، بقدر ما أصبحت أداة للابتزاز السياسي والقومي.

 بينما تحولت فكرة ضرورة إعادة النظر بتغيير الواقع القومي لمناطق معينة من قضية حقوق المواطنة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والقيم الإنسانية إلى مطلب الاستفتاء حول مرجعية كركوك وضرورة ضمها إلى «كردستان» العراق بوصفها «قدس الأقداس» الكردية! وليس اعتباطا أن تتحول «قضية كركوك» والمادة 58 من القانون المؤقت وحشرها في «الدستور الدائم» (المادة 140) (حشر مطلب مؤقت في دستور دائم!!) سوى الصيغة الأكثر فجاجة لمعالم الانحطاط السياسي للأحزاب القومية الكردية.

أما ذروة هذا الانحطاط فهو تغلغل السيطرة العرقية بوصفها الصيغة الأكثر تخلفا للنزوع التوتاليتاري القومي. وإذا أخذنا بنظر الاعتبار مستوى وطبيعة الحالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للاكراد، فمن الممكن توقع نمو إخطبوط الرذيلة السياسية المترامية ما بين القمع المباشر وغير المباشر والتحكم بالروح والجسد إلى الرشوة والسرقة والابتزاز السافر. ولعل انتخابات نهاية 2005 والفوز «الساحق» للحزبيين الكرديين بين الأكراد، الذي يصل إلى نسبة 95% هو الوجه الآخر لهذه الحالة. بمعنى إننا نقف أمام حالة صلبة صلدة لا تنوع فيها ولا اختلاف، أي لا حياة فيها لغير الكبت المرفوع، تحت يافطة الإكراه والتزوير والضغط العرقي، إلى مصاف «الوحدة القومية». ومن ثم لا يعني «الفوز الساحق» سوى السحق التام لفكرة الديمقراطية والتنوع الاجتماعي ومضمون الحياة المدنية والحرية. بعبارة أخرى، لم يكن «الفوز الساحق» سوى بداية الانكسار التاريخي للفكرة العرقية الكردية. وهي عملية يمكن رؤية ملامحها الأولية في البرنامج الانتخابي لقائمة التحالف الكردستاني لانتخابات نهاية 2005. حيث نعثر هنا على بروز وتنامي خجول للفكرة العراقية العامة من خلال تعميم الموقف المتعلق بحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتربوية والاتصالات، بحيث يشمل العراق كله. غير أن «البرنامج السياسي» مازال يعاني من ثقل «مرحلة الانفصال» وبروز العقدة العرقية. ففيه نرى أولوية العمل من «اجل تعزيز أواصر الصداقة والمحبة والإخوة بين الشعبين العربي والكردي وسائر المكونات الأخرى في العراق»، والعمل من اجل «استتاب الأمن والاستقرار في أنحاء العراق»، و«إدانة جميع أشكال الإرهاب في العراق». إلا إننا نرى في نفس الوقت نفسية الاستحواذ على الأقليات الأخرى من التركمان والآشوريين والأرمن واليزيديين والشبك من خلال تبني مهمة الدفاع عنهم. بينما هي مهمة هذه "المكونات". كما لا يحق للعرب تبني قضية الأكراد. فنسبة هذه الأقوام للأكراد هي أكثر من نسبة الأكراد للعرب في العراق!

بعبارة أخرى، إننا نقف أمام نفسية الوصاية المخفية بحب الاستحواذ وذلك لأن فكرة الحرية تفترض نشاط "المكونات" العراقية من اجل الخير العام، وليس تبني مصالحها بالضد من الآخرين، كما نراه على سبيل المثال في الفقرة التي تقول باعتزاز التحالف الكردستاني(!) «بنضال الايزديين ومقاومتهم الباسلة ضد مشاريع التعريب وبرامج إلغاء الهوية القومية». وهي صيغة مبتذلة لمحاولات «تكريدهم»!! والقضية هنا ليست فقط في حماقة الصياغة بل وفي جعل الاعتزاز «بمقاومة التعريب» مادة من مواد «البرنامج السياسي»!! غير أن هذه القضايا تبقى جزئية ويمكن فهمها بمقاييس الصراع السياسي من اجل كسب الأصوات في زمن الانتخابات، مقارنة بقضية «كركوك» وإعادة ربط مناطق معينة بإقليم «كردستان»، أي بحصيلة روح الغنيمة التي سال لها لعاب الغدة العرقية الكردية بعد سقوط السلطة الصدامية. والقضية هنا ليست فقط في كونها لم ترد في أي من مواد الاتفاقات السياسية (وليس القانونية) التي تراكمت في وثائق «المعارضة العراقية»، بل وفي بروزها المفاجئ، الذي يعكس تراكم نفسية الانغلاق والانعزال والغنيمة. وهي مكونات لا يمكنها الصمود طويلا في واقع العراق الحالي والمستقبلي.

مما سبق تتضح بعض معالم العملية المتناقضة لصعود وهبوط الأحزاب السياسية القومية الكردية. وهو صعود كان يلازم من الناحية التاريخية هبوط الدولة العراقية وانحطاطها المادي والمعنوي. من هنا يمكن النظر إلى صعود وبأس الأحزاب القومية الكردية الحالية على انه الوجه الآخر لهبوط الدولة العراقية وبؤس الجماهير الكردية. وهي نتيجة يمكن رؤيتها بجلاء في كل من انحسار الفكرة القومية الكردية في نزعة عرقية ضيقة، واختزال برامجها السياسية العملية إلى كركوك + حلبجه + الفيدرالية الكردية + المادة 58 من القانون المؤقت (أي كركوك أيضا) (او المادة 140 في القانون الدستور الدائم!). إضافة إلى خلو الخطاب والممارسة العملية لهذه الأحزاب من مهمة تعميم التجارب السياسية بالشكل الذي يسهم في بناء الدولة الشرعية.

أما الهمّ الدفين الأكبر فهو محاولة توظيف كل ما يمكن توظيفه من اجل جني أرباح وهمية يحددها بقاء وفاعلية نفسية وذهنية الغنيمة والعداء العنصري للآخرين بشكل عام والعرب بشكل خاص. وهي نفسية وذهنية لا يمكنها أن تؤدي في نهاية المطاف لشيء غير العداء للعراق. وفي هذا يكمن مضمون الانحطاط التاريخي للأحزاب السياسية القومية الكردية الحالية. وشأن كل مضمون تاريخي فإنه رهن الإرادة السياسية والرؤية النقدية ومنظومة القيم الواقعية والعقلانية. بمعنى أن السقوط ليس مصيرا ملازما لها، ومن ثم يمكن تذليله في حال إعادة النظر النقدية بمجمل الفكرة القومية الكردية ونموذج تجسيدها على أسس الواقعية والعقلانية العراقية (الوطنية العامة)، وليس القومية الضيقة او العرقية (الكردية او الكردستانية). وهي قضايا سوف اتناولها في مقالات لاحقة.

وفيما لو جرى تعميم وتدقيق حصيلة هذه العملية لانحطاط الفكرة القومية الكردية واحزابها السياسية، فمكن الممكن ملاحظة ذروتها الاولية في استفتاء 2017 للانفصال. وهو مشروع يهودي صهيوني خالص لم يفهم الاكراد مضمونه وغايته. فقد تعودت الاجزاب السياسية القومية الكردية على الخضوع للاخرين ولعب دور البيدق النشط في تمرير سياسة الغرباء متوهمين الحصول على ارباح اضافية. وهي فكرة تعكس نوعية الغباء الكردي، الذي يعتقد، بأن أفضل السبل للحصول على "حقوق" تقوم في العداء للعراق. وهي حالة غريبة لا نعثر على مثيلها في التاريخ العالمي الحديث والمعاصر. وينطبق هذا على كل القضايا المغلوطة المتعلقة "بالفيدرالية" و"المكونات" و"حق تقرير المصير" و"التغيير الديموغرافي" و"الاراضي المتنازع عليها" وما شابه ذلك.

اذ لا يوجد في العراق أرض كردية، بل اكراد فقط. وذلك لأن الأكراد ليس قوما عراقيا أصيلا، بل مغترب عنه وقادم عليه بأثر موجات الهجرات التاريخية للقبائل الجبلية في مجرى السياسة العثمانية في مجرى القرون الثلاثة الأخيرة. (وسوف اتناولها في مقالات لاحقة). وهو احساس دفين في الوعي "القومي" الكردي، الذي جعل من الأرض غاية رؤيته السياسية.

وهي نفس الذهنية اليهودية الصهيونية. وبالتالي، فإن العمل المشترك بينهما ليس غريبا! وفي كلتا الحالتين هي مجرد أوهام "تاريخية" مؤقتة. من هنا يمكن فهم الأسباب القائمة وراء تشبث الأكراد بالأرض، لأنهم يعرفون إنها ليست لهم، وانه يمكن اقتلاعهم منها بسهولة كما نراها في الوقع السوري الحالي. إذ مجرد هجمة تركية صغيرة ذابت بأثرها "كردستان الغربية"!! وبأثر ذلك ظهرت حالة الكراهية العارمة والشاملة في سوريا تجاه الأكراد بشكل عام. والمصير التاريخي هنا بعد القضاء على الوجود الأمريكي هو تنظيف سوريا من "الضيوف الغرباء".

وفيما يخص العراق، فإن كل ما يسمى بكردستان العراق وكردستان تركيا، هي من الناحية التاريخية أراضي وادي الرافدين وسكنتها الآشوريون، الذين تعرضوا إلى إبادة تاريخية كان الأكراد طليعتها بفعل السياسة العثمانية (كما فعلوا نفس الشيئ تجاه الأرمن. والأرمن يكنون كراهية شديدة للأكراد اكثر مما تجاه الأتراك أنفسهم) ويطلقون عليهم عبارات قاسية جدا. ولاحظت نفس الحالة والموقف عند الجورجيين والتركمان والكازاخ والاوزبيك. بمعنى إن المواقف لا علاقة لها بالقومية والدين. وهي قضية سوف اتناولها لاحقا. أي لماذا يظهر العداء للأكراد في كل مكان. ولماذا لم يجر اعادة النظر النقدية في السلوك الكردي. هذه قضية مصيرية وغاية في الخطورة بالنسبة للأكراد انفسهم. لقد وضعوا انفسهم في عداء تجاه الجميع باستثناء ممن لا علاقة له بالمنطقة ومعاد لها كما نراه على مثال خنوعهم وعبوديتهم وارتزاقهم أمام الامريكيين والصهاينة. وليس غريبا أن نرى ملامح الصيرورة الجديدة في النفسية والذهنية الكردية التي تجعلهم أكثر فأكثر "أكرادا صهاينة"!! الأمر الذي سيجعلهم مع مرور الزمن غرباء في المنطقة ومعادين لها. مع ما يترتب عليه من نتائج وخيمة ومدمرة بأشد الصورة قسوة.

***

ا. د. ميثم الجنابي

 

في المثقف اليوم