قضايا

حبطيش وعلي: الفكر السياسي عند حنة آرنت

وعلي حبطيشمقدمة: تعد المنظرة السياسية حنة أرندت من رواد الفكر السياسي الغربي في القرن العشرين. إن ميلاد أرندت في بداية القرن العشرين حتي وفاتها في النصف الأخير من هذا القرن، جعلها تشاهد بنفسها أو بمعني آخر شاهد عيان علي المصائب الكبرى التي حدثت للإنسانية. مما يجعلنا نذهب إلى القول بأن سيرتها الذاتية تعد تجسيداً حياً لأهم الأحداث الدموية التي حدثت في القرن العشرين. إنها ترفض كل أنواع الاستبداد أيا كان، وتدافع عن حرية الإنسان بصدق. وليس أدل علي ذلك من موقفها المعارض للصهيونية، بعد أن كانت تؤيده في البداية وساعدت في هجرة اليهود إلى فلسطين، ولكن عندما علمت بما يحدث هناك من إبادة كاملة للفلسطينيين أخذت موقفاً عدائياً، واعتبرها الصهاينة معادية لهم.

إن السمة الأساسية والغالبة التي لا يخطئها إنسان هي أن القرن العشرين هو قرن الحروب والثورات، وبالتالي فإنه أيضاً القرن الأكثر عنفاً. ولقد شهد القرن العشرين حربين عالميتين لم تشهد الإنسانية مثلهما في تاريخها. وفي هذا القرن أيضاً ظهرت أيديولوجيا شمولية تزعم في تقديم حلول لكافة الأزمات والمشاكل الإنسانية، وأعطت الأمل للجماهير البائسة في تحقيق مستقبل أفضل. إن فكر حنة أرندت السياسي مرتبط بشكل مباشر بالأزمات التي عاصرتها في القرن العشرين، وعاشت بنفسها تجربة النازية مع هتلر، ولم ينقذها من الموت سوى هروبها خارج ألمانيا. مثل هذه التجربة جعلها تتناول النمطين الأبرز للهيمنة التوتاليتارية ألا وهما النازية الألمانية، والستالينية الروسية. والتوتاليتارية تعني تحكم شخص واحد في جميع السلطات، وبالطبع يتحكم في كل القرارات، ويتمتع بتأييد جماهيري جارف. وهناك اختلاف بين مفهوم الشمولية التوتاليتارية والإستبداد. لأن التوتاليتارية تسعي إلى دمج الجماهير في أيديولوجيا واحدة. والتوتاليتارية تسعي إلى السيطرة علي كل شعوب العالم، وإزالة كل واقع غير توتاليتاري. والتوتاليتارية عند وجودها في السلطة تظل كما هي قبل وجودها في السلطة لا تعرف الاستقرار، أو مراجعة مواقفها.

وهكذا نجد أن أهم المشكلات السياسية التي استحوذت علي اهتمام حنة أرندت هي العنف، والسلطة، والإرهاب، والاستبداد، والحرية، والثورة، والشمولية التوتاليتارية. وهذا ما سوق نتناوله في مقالنا هذا.

السيرة الذاتية والعلمية لحنة آرنت:

حنة اَرنت تعدّ من أبرز المفكرين السياسيين في القرن العشرين ولدت أرنت في ليندن، إحدى مقاطعات هانوفر، عام 1906، لعائلة يهودية. في سن الثالثة، انتقلت عائلتها إلى كونيجسبيرج، عاصمة شرق بروسيا، حتى يمكن علاج مرض الزهري الذي يعاني منه والدها أصيب بول أرندت بالمرض في شبابه، وكان يُعتقد أنه في حالة مغفرة عندما ولدت أرندت. مات عندما كانت في السابعة من عمرها. نشأت أرنت في أسرة علمانية تقدمية سياسيًا. كانت والدتها من أشد المؤيدين للديمقراطيين الاجتماعيين. بعد أن أكملت تعليمها الثانوي في برلين إنتقلت إلى جامعة ماربورغ لتدرس مع مارتن هيدغر وقد كان للقائها مع هيدغر الأثر البالغ على فكرها، والذي أثمر عن "علاقة غرامية قصيرة " ولكنها عنيفة. بعد عام من الدراسة في ماربورغ، انتقلت إلى جامعة فرايبورغ، حيث أمضت فصلا دراسيا كاملا في حضور محاضرات إدموند هوسرل ودرست أيضا في جامعة ماربيرغ وجامعة فرايبيرغ، وحصلت على الدكتوراة في الفلسفة من جامعة هيدلبيرغ، حيث درست تحت اشراف كارل ياسبرز الفيلسوف الذي كوّنت معه صداقة فكرية وشخصية طويلة الأمد. أكملت أطروحة الدكتوراه عام 1929 تحت إشراف ياسبرز، والتي حملت عنوان "الحب والقديس أغسطين-Der Liebesbegriff bei Augustin ".، في عام 1933 هربت من المانيا وذهب الى فرنسا، وفي عام 1941 ذهبت الى الولايات المتحدة الامريكية، وحصلت على جنسيتها بعد عشرسنوات من اقامتها هناك.

أهم مؤلفاتها:

- كتاب أسس "التوتاليتارية" أي أصل المذهب الشمولي

كتاب أزمات الجمهورية

كتاب رجال في عصور مظلمة

كتاب بين الماضي والمستقبل

ثمانية تمارين في الفكر السياسي

كتاب في العنف

كتاب ايخمان في القدس: تقرير في ابتذال الشر

توفيت 1975سنة فجأة بنوبة قلبية عام 1975 عن عمر يناهز 69 عامًا(1).

2- مصادر الفكر السياسي لحنة آرنت:

تعتبر أرندت من رواد الفكر السياسي في القرن العشرين. وتناولت العديد من الموضوعات السياسية مثل: السلطة، والاستبداد، والإرهاب، والثورة، والعنف، والشمولية، والحرية..... الخ.

ويعد فكر أرندت السياسي مرتبط بشكل مباشر بظروف عصرها وانعكاسا للأحداث السياسية التي شهدها القرن العشرين. ذلك القرن الملئ بالأحداث والصراعات السياسية ومن أهم الأحداث المؤسفة التي ظهرت في القرن العشرين، الحربين العالميتين الأولي والثانية، وأن أكثر ما أثار قلقها علي الإنسانية هي الأنظمة التوتاليتارية المتمثلة في النازية الألمانية والستالينيه الروسية تركت هذه الأحداث أثرها علي السياسة العالمية واصطبغت بصبغة إستبدادية. ولقد فقدت الإنسانية حريتها وتخبطت في عالم يسوده العنف واللامبالاة. في هذا المناخ القاتم، والإنسانية المفقودة، والديكتاتورية السائدة، حاولت أرندت قدر استطاعتها لفت الأنظار إلى خطورة ما يحدث وعواقبه السيئة. ومن هنا جاء إهتمامها بالسياسة، ولأنها تسعي إلى تغيير الواقع اهتمت بالفعل الإنساني.

نستطيع القول بأن الفعل عند أرندت ـ كما سنتناول ذلك ـ بمعني الممارسة القديمة. نعني بذلك دولة المدينة اليونانية نموذجاً. ولأهمية الفعل عند أرندت، فإننا نذهب إلى القول بأن الفعل هو أساس النظرية السياسية. وقد تناولت الفعل من خلال فهمها للحرية، والمشاركة، والحوار. لأن الفعل والسياسة ـ من بين كل القدرات وامكانات الحياة الإنسانية ـ هما الشيئين الوحيدين اللذين لا يمكن تصورهما دون إفتراض وجود الحرية. ولا نستطيع لمس قضية سياسية واحدة ضمنياً أو صراحة دون تلمُس قضية حرية الإنسان. وعلاوة علي ذلك، فالحرية ليست مجرد إحدى المشكلات العديدة وأحد ظواهر عالم السياسة ـ عند الحديث بالشكل المناسب ـ مثل العدل، والسلطة، أو المساواة... فبدونها تصبح الحياة السياسية ليس لها معني. إن سبب وجود السياسة هو الحرية، ومجالها في التجربة هو الفعل (2).

ومما لا شك فيه أن القدر قد منح أرندت فرصتين تتمثل الأولي في أنها عاصرت فيلسوفين ألمانيين من أكبر فلاسفتها ألا وهما " هيدجر 1889 ـ 1976 " و" كارل ياسبرز 1883 ـ 1969 ". والثانية أن الظروف أتاحت لها مناقشتهما في أفكارهما، من خلال حضورها لمحاضراتهم(3).

ومما يؤكد علي إنسانيتها وتحيزها الكامل للحرية، وهجومها الشرس على أي سياسة تمارس العنف أو القمع أو الإبادة. يتضح ذلك من موقفها العدائي من الصهيونية.

أدى هذا كله إلي أن تعلن أرندت بصراحة انحيازها إلى السياسة، ورفضت لقب فيلسوفه. نجد ذلك في لقاء مع صحفية ألمانية في منتصف الستينيات من القرن الماضي عندما تحدثت معها بصفتها فيلسوفة فكان ردها المباشر بأنني لست فيلسوفه، ولكنني متخصصة في مجال النظريات السياسية (4) ومن الأسباب التي أدت إلى توجه أرندت إلى السياسة ورفضها لقب فيلسوفه، تأييد هيدجر للنازية، مما جعلها ترى أن الفلسفة لم تمنع فيلسوفا متميزاً مثل هيدجر من معرفة حقيقية النازية. لأن هيدجر عندما إستولى النازيون علي مقاليد الحكم في ألمانيا تم تعيينه مديراً لجامعة فريبورج سنة 1933، وألقى خطاباً بهذه المناسبة عن " وضع الجامعات الألمانية " ولكنه لم يلبث أن استقال من منصبه عام 1934، أي بعد عام واحد أو أقل ! وقد اعتبره الحلفاء من أعوان النازية، فمنعوه من التدريس بالجامعات الألمانية بعد انتهاء الحرب (5). وفي رسائل متبادلة ما بين أرندت وياسبرز، كتب إليها في رسالة من هذه الرسائل أن ما قمت بكتابته في السياسة يعد فلسفياً. وكذلك نجد أن أرندت اصطبغت السياسة لديها بصبغة فلسفية، يتضح هذا في تأثرها بالعديد من الفلاسفة ـ سنتناول البعض علي سبيل المثال ـ ولكننا لن نلتزم بالترتيب التاريخي. ونبدأ بمن تأثرت بهم بشكل مباشر، من خلال المحاضرات، ومشاركتها في مناقشات مباشرة معهم ألا وهما هيدجر وياسبرز.

لقد تأثرت أرندت بالفكر الفلسفي الوجودي عند هيدجر، وقد التقت به للمرة الأولى في عام 1925م وكان عمرها حينئذ سبعة عشر عاماً. فأتاحت لها الظروف أن تأخذ مكانها بين طلابه. وبعد عامين من لقائهما الأول أصدر سنة 1927م الجزء الأول من كتابة الضخم " الوجود والزمان " وهو سبب شهرته، وهو الكتاب الذى لم يصدر له أي جزء آخر.

وأهمية هذا الكتاب نجدها في المفاهيم الجديدة التي كشفت عنها دراسة هيدجر الأونطولوجية لمقومات الوجود الإنساني. والنجاح الذى حققه هيدجر لم يقتصر على الأوساط الفلسفية فحسب، بل انتقل إلى جمهور المثقفين بصفة عامة. وأصبح كتاب " الوجود والزمان " بمثابة حدث هام في تاريخ الفكر الفلسفي المعاصر، ليس في ألمانيا فقط، وإنما في العالم أجمع(6)

وإذا كانت الحرية عند أرندت هي قضيتها الأساسية التي ظلت تدافع عنها بكل ما تملك من إمكانية، ومن لا يمتلك حريته يفقد في اللحظة ذاتها إنسانيته. وهنا نجد تأثرها بالحرية عند هيدجر، لأن الحرية لديه " هي أساس الأساس، وفي هذه العبارة تظهر الكلمة الأخيرة في فلسفة هيدجر "(7) وإذا كانت أرندت دائماً في نضال من أجل الانتصار للقيم السياسية، نجد تأثرها بفلسفة ياسبرز التي تري أن " النضال لا سبيل إلى التحرر منه أو الإمتناع، لأن مجرد الوجود ينطوي علي النضال، وما يسلتزمه من مخاطرة ومن يعش يخاطر علي درجات متفاوتة من المخاطرة، إذ كل عملية من عمليات الوجود تنطوي على مراهنة بالوجود الإنساني في الموقف الناشئ عنه "(8).

وهكذا نجد أن مكانة الحرية عند أرندت كما هي عند ياسبرز. ولا يوجد إنفصال بين الفلسفة والسياسة. ونستطيع القول بأن أي نظرية سياسية في حاجة إلى رؤية فلسفية. ويذهب ياسبرز إلى القول بأن الوجود صوب الحرية تتلاقي كل توكيداتنا. فأنا بإعتبارى حرية أبرهن بنفسي لا على ما أنا عليه فحسب بل أيضاً على ما أستطيع أن أكونه، وما أريد أن أكونه. والفلسفة من خلال هذا الفهم تكون تعبيراً عن الحرية التي يصبح فيها كل شئ أمراً شخصياً. أما فيما يتعلق بالعالم البحت فهو دائما شيء أجوف خادع (9).

وإذا كانت الحرية عند أرندت لا تنفصل عن المجال السياسي، وترفض الحرية الداخلية الذاتية، كذلك يذهب ياسبرز إلى أن الحرية لا تعيش إلا في عالم من الحريات. ويرفض ياسبرز أن يوجد مع ذاته فحسب، بل لابد له من أن يوجد مع غيره، وأن تحقيق الذات لا يتم إلا بالإشتراك مع غيره من الذوات. ولن أكون موجوداً حقاً إلا من خلال التواصل(10).

واتساقاً مع ما سبق يذهب ياسبرز إلى القول بأننا أحراراً في الماضي لأنه حدث وانتهى. ولسنا أحراراً في الحاضر الذى تكون بالفعل، وكلنا أحراراً في المستقبل الذي نصنعه نحن بأيدينا. لأن المستقبل وليس الماضى هو أساس تطلعاتنا(11).

الآراء السياسية لحنة أرنت:

السلطة والعنف:

السلطة عند "حنة أرندت" هي القدرة علي العمل من أجل تحقيق غرض سياسي وتميز أرندت بين السلطة والقدرة والقوة والعنف. فالسلطة تعد علي النقيض من القدرة لأنها ليست فردية لكن لها مؤيديها، ويجمعهم هدف سياسي مشترك. والسلطة علي النقيض من العنف لأنها ليست مؤسسة علي الإجبار، ولكن علي التوافق والاختيار(12).فالسلطة عند آرنت هي قدرة الانسان على الفعل المتناسق الجماعي، لأن الجماعة هي مصدر نشأتها وحين تختفي الجماعة تختفي السلطة، أما العنف فله أدوات بالإضافة إلى القدرة وهذه الأدوات وسيلة لمضاعفة طبيعية القدرة، والعنف يحتاج الى تبرير وتوجيه للهدف الذي يبغي تحقيقه، وتبرير من جانب الطرف المستخدم للعنف الذي لا يعتمد على وجود عدو معين لكي يستخدم تزايد القدرة البشرية، والتي بتزايدها القدرة " تتحول الى عنف فالقدرة تمثل نوع من الاستقلال والتمييز لحاملها.

تنبثق السلطة في كل مكان يجتمع فيه الناس ويتصرفون بالتناسق فيما بينهم. والسلطة ليست في حاجة إلى التبرير ولكن ما تحتاجه هو المشروعية. إن المشروعية حين تجابه تحدياً تسند نفسها بالتوجه إلى الماضي، أما التبرير فإنه يرتبط بغائية متصلة مباشرة بالمستقبل. العنف قد يبرر لكن لن يحوز علي مشروعيته. والتبرير يبدو أقل مصداقية بمقدار ما تبدو الأهداف المستقبلية المتوخاة بعيده في الزمن. إن احداً لن يختلف في ضرورة استخدام العنف عند الدفاع المشروع عن النفس حين لا يكون الحظر بادياً فقط، بل حتمياً كذلك. هنا تكون الغاية التي تبرر الوسيلة واضحة تماماً(13)

المواطن:

المواطن بحسب حنة آرنت هو ذلك الرجل الذي غادر مجاله الخاص ليمارس الحرية السياسية مع نظرائه ويحاول معهم تأسيس حكومة جديدة تمثل الجميع وشرعيتها تأتي من الهيئات السياسية التابعة. يوفر مفهوم أرنت التشاركي للمواطنة أفضل نقطة انطلاق لمعالجة كل من مسألة دستور الهوية الجماعية وتلك المتعلقة بشروط ممارسة الوكالة السياسية الفعالة، ففيما يتعلق بالادعاء الأول من المهم أن نلاحظ أنّ أحد الأسئلة الحاسمة على المحك في الخطاب السياسي هو إنشاء هوية جماعية، و(نحن) التي يمكننا أن نناشدها عندما نواجه مشكلة اتخاذ القرار بين مسارات العمل البديلة. بما أنّه يوجد دائمًا خلاف في الخطاب السياسي حول مسارات العمل المحتملة، فإنّ هوية (نحن) التي سيتم إنشاؤها من خلال شكل معين من الفعل تصبح سؤالًا مركزيًا، ومن خلال الانخراط في مسار العمل هذا أو ذاك، فإننا في الواقع ندخل دعوى نيابة عن (نحن)، أي أننا نخلق شكلاً محددًا من أشكال الهوية الجماعية والعمل والخطاب السياسيان في هذا الصدد ضروريان لتكوين الهويات الجماعية. ومع ذلك فإنّ عملية بناء الهوية هذه لا يتم تقديمها مرة واحدة وإلى الأبد، وهي ليست خالية من المشاكل أبدًا، وبدلاً من ذلك إنّها عملية إعادة تفاوض ونضال مستمرة، وهي عملية يقوم فيها الفاعلون بتوضيح المفاهيم المتنافسة للهوية الثقافية والسياسية والدفاع عنها، ويعتبر مفهوم أرندت التشاركي للمواطنة وثيق الصلة بشكل خاص في هذا السياق لأنّه يوضح شروط تأسيس الهويات الجماعية. فيما يتعلق بالادعاء الثاني المتعلق بمسألة الفاعلية السياسية، من المهم التأكيد على العلاقة التي تؤسسها أرنت بين العمل السياسي الذي يُفهم على أنّه المشاركة النشطة للمواطنين في المجال العام، وممارسة الوكالة السياسية الفعالة، وهذا الارتباط بين الفعل والفاعلية هو أحد المساهمات المركزية لمفهوم أرنت التشاركي للمواطنة. رأت في التمثيل بديلاً عن المشاركة المباشرة للمواطنين، وكوسيلة يمكن من خلالها أن يعيد التمييز بين الحكام والمحكومين تأكيد نفسه، وكبديل لنظام التمثيل القائم على الأحزاب البيروقراطية وهياكل الدولة، اقترحت أرنت نظامًا فيدراليًا للمجالس يمكن للمواطنين من خلاله تحديد شؤونهم السياسية بشكل فعال، وبالنسبة لها لا يمكن إعادة تأكيد المواطنة وممارسة الفاعلية السياسية بفعالية إلّا عن طريق المشاركة السياسية المباشرة، أي من خلال الانخراط في عمل مشترك ومشاورات جماعية (14)

التوتاليتارية:

ترى أرندت أن ظهور النزعة الإمبريالية عند الطبقات الحاكمة كان نتيجة لزيادة الإنتاج الرأسمالي، أي النزوع إلى احتلال بلدان جديدة لتصدير الإنتاج إليها والحصول منها على المادة الخام، وتنفيس الصراع بين الطبقات الثرية والفقيرة داخل تلك البلدان من خلال احتلال بلدان أخرى واستغلالها. كان ذلك بداية التكون الاجتماعي للظاهرة التوتاليتارية بحسب أرندت. ولكن مع زيادة الفجوة بين طبقات الشعب نتيجة لعمليات التصنيع وتراكم رأس المال، حدث انقسام وتصدع داخل البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع.أي أن الحكومات والطبقات الحاكمة لجأت لحلول غير رأسمالية لحماية الدولة من الانهيار نتيجة الانقسام، فعملت على توحيد الجميع، خاصة الطبقات الشعبية، من خلال النزعة التوسعية للسيطرة على أقوات الشعوب الأخرى. وتولّدت عن ذلك الميول العنصرية والاستهتار بالقانون وأرواح المختلفين. شكّل ذلك أرضًا خصبة لظهور الدول التوتاليتارية التي نشأت جميعها من داخل النظام الصناعي الأوروبي.

لطالما كانت المساواة بين المواطنين أحد الهواجس الرئيسية التي راودت الانظمة الاستبداد والمتسلطة التي تعاقبت على البشرية منذ القدم، غير ان لاستبداد التام لا يشفيه تساو مماثل اذ يبقى بين المواطنين بعض الروابط المجتمعية، غير السياسة، من مثل الروابط العائلية والاهتمامات الثقافية، فإذا شاءت التوتاليتارية ان تأخذ على محمل الجد متطلباتها الخاصة، فما عليها الا ان تبلغ النقطة التي تلزمها التخلص من الحيادية، اي ان تتخلص من أي نشاط ذي وجود مستقبل (15) ." تتشكل الحركات التوليتارية من تنظيمات جماهرية تظم اليها افراداً مبعثرين ومعزولين، اما الميزة الا ظهر، تمييزاً لها عن كل الاحزاب والحركات الاخرى، تتمكن في اقتضاد الولاء اللامحدود، وغير المشروط وغير المتبدل من قبل المناضل الفرد ازاء حركته، والواقع ان اقتضاد الولاء المذكور كان قد صاغه قادة الحركات التوتاليتارية انفسهم قبل ان يمسكوا بزمام السلطة" (16). تهدف التوتاليتارية الى القضاء على الفعل الانساني، فسيطرتها تنحوا الى الغاء الحرية الموصوفة بل تميل الى القضاء على كل ظاهرة عفوية بشرية عامة ولا تكتفي بتقلص الحرية، أياً كان مبلغ الاستبداد في ذلك... ان النظام التوتاليتاري هو غياب كل سلطة أوتراتبية من شأنها أن تعين نظام الحكم، وأتمت التوتاليتارية خطتها في الاستحكام والاقالة للفعل السياسي، بخلف تصور لدى الجماهير يقضي بان ثمة أوهاماً وخدعاً جلبتها الديمقراطيات الغربية ويجب فضحها ومحاربتها، وبالنتيجة الانتماء لحركة توتاليتارية بالضد منها (17)

وهنا تبداً الجماهير بتقديم قرابين الولاء والطاعة، تصوراً منها انها بدأت تمسك زمام الامور، ولم يكن ذلك ليحصل الا من خلال منهجيات وبرامجيات صهر وتلقين ودعاية كانت تمثل العمود الفقري للتوتاليتارية، فهذه المناهج من حيث كونها تقنيات في الحكم تتبدى في بساطتها ذات فعالية حاذقة، فهي لا توفر احتكاراً للسلطة مطلقاً فحسب، بل ثقة لا نظير لها في أن كل الأوامر ينبغي ان تنفذ على الدوام. يعتبر الثلاثي: ألمانيا النازية، إيطاليا الفاشية وروسيا الستالينية، العائلة الكلاسيكية للتوتاليتارية. ولكن ببعض الفحص المقارن سيظهر لنا اختلافات بين هذا الثلاثي من حيث الأنظمة؛ أي أن كونها تندرج تحت مظلة مفهوم "التوتاليتارية" لا يعني أنها متطابقة. ولكن هذا لا ينفي وجود العديد من التشابهات الكثيرة والجوهرية بينهم.

في الحالات الثلاث الأشهر، هنالك عدة سمات مشتركة بينهم، وهي:

أولًا: تعبئة جماهيرية شاملة تقودها حركة أيديولوجية ناشطة خلال أزمة شاملة شديدة.

ثانيًا: تميزت الدول الثلاث بوجود منظمة عالية الانضباط من النشطاء المتفانين في العمل، الباحثين عن الحلم الأكبر للدولة وزعيمها.

ثالثًا: للدول الثلاث مسحة «عسكرتارية» (حكم عسكري)؛ إذ يكون للحزب جناح مسلح، وقوة مسلحة تمثل قوته.

رابعًا: تُكنّ هذه الدول الاحتقار والعداء التام للنظرية الليبرالية في الدولة، وتنظر للمفهوم الليبرالي على أنه خيانة للقومية.

خامسًا: كان هذه الحركات تدخل معارك ديمقراطية للفوز بمقاعد وتمثيل داخل الحكومة أو البرلمان، قبل أن يقوموا بإنهاء كافة الأشكال الديمقراطية فيما بعد، والقضاء على أي مساحة للحريات.

وبالرغم من أوجه التشابه القائمة، فإن الأنظمة الثلاثة كان تختلف عن بعضها اختلافات واسعة. فالتوجه الجماعي الروسي كان يستهدف إقامة مجتمع لا طبقي، يرتكز على الملكية الجماعية والإدارة التعاونية للأصول الإنتاجية. أما الفاشيون والنازيون فكانوا يميلون إلى دولة قوية، تسيطر سيطرة كاملة على المجتمع وقواه، وتعمل على اقتصاد سوق يخضع لسيطرة الدولة.ومن الاختلافات الأخرى كذلك الاختلاف الأيديولوجي. فكان الخطاب الماركسي في الاتحاد السوفيتي يسعى للتحرر من جميع القيود المكبّلة للحرية من خلال التحرر الاقتصادي، لأن الاقتصاد هو ما يكبّل الحرية الفكرية والتحرك السياسي. فكانت هذه النزعة التحررية تقف على النقيض التام من التراتبيات العنصرية التي كانت تؤمن بها الفاشية والنازية. (18)

الثورة:

المفهوم الحديث للثورة، بحسب حنة أرندت، يرتبط "ارتباطاً لا انفصام له بالفكرة التي تقول إن مسار التاريخ قد بدأ من جديد فجأة، وبأن قصة جديدة تماماً، قصة لم تروَ سابقاً ولم تعرف قط، هي على وشك أن تظهر". هذا المفهوم لم يكن معروفاً قبل اندلاع الثورتين العظيمتين الفرنسية والأميركية في نهاية القرن الثامن عشر. أما عقدة هذه الحكاية الجديدة فهو ظهور الحرية. وقد عبّر عن ذلك أحد منظري الثورة الفرنسية، جان أنطوان نيكولا دو كاريتا كوندورسيه، بقوله: إن كلمة ثورة "لا تنطبق إلا على الثورات التي يكون هدفها الحرية.تقول أرندت: "إن من الأمور الجوهرية جداً إذاً، في أي فهم للثورات في العصر الحديث أن تتزامن فكرة الحرية مع التجربة لبداية جديدة. وبما أن الفكرة الحاضرة للعالم الحر هي أن الحرية، وليست العدالة والعظمة، تمثّل المعيار الأعلى للحكم على الهيئات السياسية، فإنه ليس فهمنا للثورة وحده، بل مفهومنا كذلك للحرية الذي هو ثوري الأصل، هما اللذان عليهما يتوقف قبولنا ورفضنا لذلك التزامن. ان مطلب الحرية يعود ليظهر بوصفة مطلباً لاعادة الامور لنصابها تقول اًرنت: "ان فكرة الحرية قد فرضت نفسها في السنين الأخيرة على أخطر المناقشات السياسية الحاضرة والخاصة بالبحث في موضوع الحرب وموضوع الاستخدام المبرر للعنف، ان الحروب من الناحية التأريخية هي من أقدم الظواهر في الماضي المدون، في حين ان الثورات بنوع خاص لم تكن موجودة قبل ظهور العصر الحديث، بل انها من أحدث الوقائع السياسية الرئيسية، وعلى عكس الثورة فان الغرض من الحرب لم يكن مرتبطاً بفكرة الحرية إلا في حالات نادرة (19) ولا يكفي العنف وحده لوصف ظاهرة الثورة، فأرنت تلحق ظواهر عدة لتحقيق معنى الثورة:

التغيير، فلا يُمكن الحديث عن الثورة دونما إحداث تغيير، ويكون بمعنى بداية جديدة

يستخدم العنف لتكوين شكلاً جديداً ومختلفاً على مستوى الحكومة لتأليف كيان سياسي مغاير

التحرر فيها يقصد الخلاص من الاضطهاد ونيل الحرية، وتتضمن الثورة فعل التأسيس لكيان سياسي جديد،والذي يعمل على تصميم هيئة جديدة للحكومة، ولذلك يلزم ان يكون ثمة وعي كاف للقائمين بهذا العمل الخطير بالطاقة البشرية، لمطلب التجديد والبداية الدائمة، ولا بد من الاشارة الى أن فهم الثورة بهذه الصورة، هو فهم حديث ارتباط باندلاع الثورتين في أمريكا وفرنسا في القرن الثامن عشر.

الحياة العملية:

مفهوم الحياة العملية عند أرندت يتضمن ثلاثة أنشطة بشرية هي العمل والأثر والفعل. ويرتبط العمل بالمسار البيولوجي للجسم الإنساني، والوضع الإنساني للعمل هو الحياة. والأثر يعني عالماً صناعياً من الأشياء يختلف عما هو طبيعي. بينما الفعل يضع الإنسان في علاقة مباشرة مع الكثرة وليس في حاجة إلى الأشياء أو المادة، وتعد الكثرة هي الشرط الأساسي لكل حياة سياسية(20) .

إن الكثرة هي القرار الأساسي للفعل الإنساني، لأننا جميعاً متشابهون بمعني أننا جميعاً بشر، وفي الوقت ذاته لا أحد منا يماثل الآخر. إن العمل يعتبر الشرط الأساسي ليس لبقاء الفرد فقط بل يتضمن بقاء النوع بأكمله. أما الأثر فيعطي عالماً من إنجاز الإنسان. ولكن الفعل يرتبط مباشرة بالولادة، التي تعني أن القادم الجديد يمتلك الإمكانية في تقديم الجديد أي الفعل. والفعل يعبر بشكل مباشر عن النشاط السياسي(21).

وهكذا نجد أن العمل والأثر والفعل تمثل الأنشطة المتعلقة باستمرارنا في العالم. والعمل والأثر والفعل كل منهم مستقل عن الآخر. فالعمل يرتبط باحتياجاتنا البيولوجية من إنتاج وإستهلاك. والأثر يتمثل في قدرته علي تهيئة عالم مناسب للاستخدام الإنساني. وأما الفعل يتمثل في الإفصاح عن أحقيتنا في الحرية. ومن هذا المنطلق فإن العمل والأثر مختلفين عن الفعل وإن كانا لهما دور مهم في تهيئة المناخ في الفعل خلال الممارسة الإنسانية(22) .

إن جميع الأنشطة الإنسانية ترتبط ارتباطاً ضرورياً بالعيش في المجتمع، ولا يمكن أن يوجد الفعل خارج المجتمع الإنساني، وأن نشاط العمل ليس في حاجة إلى حضور الآخرين. وأن الفعل وحده هو الذي يلتصق بالإنسان، ولا يتم إلا من خلال الحضور الدائم للآخرين (23).

وحتي يكون المرء سياسياً فإن ذلك يعني أنه يعيش في مدينة وأن وسيلة التفاهم تتم من خلال الكلمات، والإقناع بعيداً عن القوة والعنف. فإن الضغط من خلال العنف، وإصدار الأوامر بدلاً من الإقناع، كانت تتم للتعامل مع الناس خارج المدينة، في المنزل، والحياة العائلية، حيث التعامل بسلطة حازمة واستبدادية(24

خاتمة:

نستنتج في الأخير:

تأثرت حنة أرندت بالعديد من الفلاسفة الذين تركوا أثراً واضحاً علي فكرها. ولقد تتلمذت بشكل مباشر علي يد فيلسوفين متميزين ألا وهما هيدجر وياسبرز ثم نجد تحولها إلى الاهتمام بالسياسة، حتي إننا نستطيع القول بأنها مزجت ما بين الفلسفة والسياسة.

رفضت أرندت ربط السلطة بالعنف. لأن العنف عند أرندت يقترن باختفاء السلطة، وأن ممارسة العنف يتم عند الانهيار الفعلي للسلطة. ويعجز العنف في أن يحمي السلطة من السقوط. ويرتبط الاستقرار السياسي ارتباطاً وثيقاً بغياب العنف.

تطور أنماط الحكم، نجد في عصرنا الحاضر ظهور نمط جديد للحكم يتمثل في الحكم البيروقراطي. ذلك الحكم الذي يتم من خلال نظام مكاتب معقد، لا نستطيع أن نضع مسئولية ما يحدث علي أحد. وأن هذا الحكم يمكن أن يطلق عليه حكم لا أحد. وإذا كنا نقوم بتعريف الطغيان علي أن حكومته غير مجبره علي تقديم أي حساب لأحد عما تمارسه نجد في المقابل حكم اللا أحد أكثر طغياناً، لأنه حكم لا أحد.

تدافع أرندت عن التفرد الإنساني، وأن كل ولادة جديدة تعني بداية لشخص ما. وأن مع هذه البداية تتواجد الحرية، التي يتزامن وجودها مع وجود الانسان. والفعل يرتبط مباشرة بالولادة، التي تعني أن القادم الجديد يمتلك الامكانية في تقديم الجديد أي الفعل. والفعل عند أرندت أساس نظريتها السياسية، ويرتبط الفعل بالحرية والحوار والمشاركة.

أرندت تذهب إلى أن هناك نظاماً توتاليتاريا في ألمانيا الهتلرية، وكذلك نظاماً توتاليتاريا في روسيا الستالينية، ولكن ستظل الهتلرية هي قمة ما وصلت إليه التوتاليتارية. نتيجة توافر فيها كل الصفات التوتاليتارية، ولا سيما التأييد الجماهيري الجارف. بينما التوتاليتارية في روسيا الستالينيه ظلت توتاليتارية مترددة بمعني أنها إبان الحرب العالمية الثانية تلاشت مؤقتا صور الاستبداد، ولكن لم يحدث هذا مطلقاً في ألمانيا الهتلرية

أن الفشل قد حدث بالفعل، بعد أن عارضت كثير من دول العالم المخطط الأمريكي، ولا سيما بعد أن بدأت روسياً تظهر كقوة عالمية مؤثرة في مواجهة أمريكا.

 

حبطيش وعلي

أستاذ مرسم في التعليم الثانوي

....................................

(1) آرندت، حنة، في الثورة – ترجمة: عطا عبد الوهاب، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، ط 1، 2008، ص 11-12.

2 ) Arendt،Hannah،Between Past and Future، Six Exercises Political Though، The Viking Press، New York،1961.P،146.

3 ) Young Bruehl، Elisabeth، Hannah Arendt، For the Love of The World، Yale University Press ،1982.P،62.

4 ) Dana R.Villa، Politics،Philisophy،Terror،Essays on The Thought of Hannah Arendt،Princeton University Press، New Jersey،1992،P،3.

5 ) زكريا ابراهيم ـ دراسات في الفلسفة المعاصرة ـ الجزء الاول ـ دار مصر للطباعة ـ 1968 ص 423.

6 ) زكريا ابراهيم ـ دراسات في الفلسفة المعاصرة ص 422.

7 ) إ. م. بوشنكسي ـ الفلسفة المعاصرة في اوروبا ـ ترجمة د. عزت قرني ـ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الكويت ـ 1992 ص 283.

8 ). عبد الرحمن بدوي ـ دراسات في الفلسفة الوجودية ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ الطبعة الأولي ـ 1980 ص 137.

9 ) ريجيس جوليفيه ـ المذاهب الوجودية من كيركجورد الي جان بول سارتر ص 219.

10 ) د. زكريا ابراهيم ـ دراسات في الفلسفة المعاصرة ص 468.

11 ) John Hennah،Karl Jaspers، Attude to Words History the Philosophy of Karl Jaspers، Edited by Paul Arthur Schilpp، New York، Tudor Publishing company، The Library of living Philosophers،1937،P،586.

12 ) Maurizio، Passerin d'Entreves – The Political Philosophy of Hannah Arendt،Routledge،London and New York،1994،P87.

13 ) Arendt،A، On Violence،P46.

قارن أيضاً: حنة أرندت ـ في العنف ص 46.

(14) علوش، نور الدين، فلسفة السلطة السياسية/ عند هيبرماس،دار الرافدين،بيروت، 2016، ط 1، ص 470.

(15) اَرندت، حنة، اسس التوتاليتارية،ترجمة: انطون ابو زيد، دار الساقي،2016، ط2، ص53،54.

(16) المصدر السابق، ص55.

(17) المحمداوي، على عبود، الفلسفة السياسية / كشف لما هو كائن، وخوض في ماينبغي للعيش معاً، دار الروافد الثقافية،بيروت، 2015، ط1، ص172.

(18) المصدر السابق،نفس الصفحة.

(19) المصدر السابق، ص173،174.

20 ) Arendt،Hannah The Human Condition،Introduction By Margaret Canovan،The University of of Chicago Press، Second Edition،1998،P، 7.

قارن أيضاً: حنة أرندت ـ الوضع البشري ـ ترجمة هادية العرقي ـ مكتبة الفجر الجديد ـ لبنان ص 27.

21 ) Ibid،PP،8،9.

المرجع السابق ص 28، 29.

22 ) Maurizio، Passerin d'Entreves – The Political Philosophy of Hannah Arendt،P،66.

23 ) Arendt،A، The Human Condition،PP، 22،23

قارن أيضاً: حنة أرندت ـ الوضع البشري ص 43، 44.

24 ) Arendt،A، The Human Condition،P، 26.

قارن أيضاً: حنة أرندت ـ الوضع البشري ص 48.

 

 

في المثقف اليوم